يمانيون:
2025-02-11@06:40:49 GMT

التهجير في زمن التهريج

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

التهجير في زمن التهريج

إيهاب زكي
قد تبدو تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تهجير الغزيين إلى مصر والأردن فعلاً تهريجياً، ولكن المعضلة الكبرى هي أنّ هذا المهرج هو رئيس أكبر إمبراطورية في التاريخ، كما ترافق وجوده على رأس هذه الإدارة مع زمن التهريج، حيث كانت شعوب عربية تُذبح على البث المباشر، فيما يتلّهى الحاكمون العرب بسخافاتهم، وتتلّهى الشعوب باستهلاك تلك السخافات والتفاهات.


ينطلق ترامب بتهريجاته تلك من كونه رجل عقار أولًا، وشخصية استعراضية ثانيًا، وعلاقته الوطيدة بمجرم الحرب بنيامين نتنياهو ثالثًا، فهو يتعامل مع الأمر باعتباره نزاعاً عقارياً، وبالتالي فهو قابل للحلّ بأسهل الطرق، حيث المال مقابل الأرض، أو الفرصة مقابل الأرض، وهو يعتقد كذلك بأنّ الزعماء العرب ليسوا أكثر من موظفين لديه، خصوصًا أنّه خبِرهم في فترته الرئاسية الأولى.
كذلك فهو يرى أنّ سهولة توقيع اتفاقات “أبراهام”، تنسحب على مشروع التهجير سهولةً ويسرًا، كما يرتكز إلى تجربته بقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، حين تم تحذيره من أنّ الأمر قد يفجر المنطقة برمّتها، ولكن بعد صمت دكّة غسل الموتى الذي مارسه العرب حكامًا ومحكومين، قال أرأيتم! لم يحدث شيء، فلماذا سيحدث الآن؟
وترامب لا يكتفي بالتهريج في منطقة الشرق الأوسط، بل يمارس التهريج أينما حلّ وارتحل. تصريحاته عن ضم كندا باعتبارها الولاية 51، والاستيلاء على قناة بنما وغرينلاند، هذا يعطينا قرينة على أنّ الرجل لا منطلقات أيديولوجية لديه، بل هي أفكارٌ مستوحاة من حياته الاستعراضية أولًا، ومن طبيعته التجارية ثانيًا.
ولكن، بما أننا نعيش زمن التهريج، فإنّ أفكاره تلك لن تكون حفلة مدفوعة الأجر تنتهي بانتهاء العرض، بل سيكون لها تداعيات خطرة على مستقبل المنطقة، لأنّ المستهدفين باستقبال الفلسطينيين، يعتبرهم ترامب أوهن من رفض أوامره أو حتى أمنياته بل وخيالاته، وكما ألمح للمعونات والحماية التي تقدمها لهم أمريكا حين قال “سيفعلون ذلك، فنحن نفعل الكثير من أجلهم”، وطبعًا، هذا الكثير قد يتوقف في حال رفضهم.
المهرجون العرب تسقط من لغتهم حروف الرفض، إن كان ترامب هو الآمر الناهي، وتتلعثم ألسنتهم بحرفي اللام والألف “لا”، حين يكون لسان ترامب من يخاطبهم، لذلك فإنّ الاعتماد على مواقف أولئك المهرجين في إفشال تصورات ترامب، هو رهانٌ خاسر وبلا معنى، إنّما الاعتماد فقط على المقاومة والتمسك بها كسبيلٍ وحيد لمجابهة المهرجين وزمنهم.
فالوزير مجرم الحرب سموتريتش، يقول “إنّ المعتدلين في الإقليم، يطلبون منّا في الاجتماعات المغلقة سحق حماس”، وهو يدفع باتجاه العودة لحرب الإبادة، لأنّ هذه هي الطريقة الوحيدة لسحق حماس، وبالتالي فهي الطريقة الوحيدة ليلبّي المهرجون العرب كل مطالب ترامب وأمنيات سموتريتش بإفراغ غزة من أهلها.
في ظلّ حرب الإبادة على مدار ستة عشر شهرًا، حاول الكيان العدو بكل ما أوتي من إجرامٍ وهمجية، تطبيق خطة التهجير، لكنه اصطدم بعدة وقائع قاسية وبعض الحقائق الصلبة، تتلخص جميعها في بندين، الأول هو صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على البقاء في أرضه، أمّا الثاني فهو عدم قدرة العدو على سحق المقاومة، بل على العكس، فإنّ ما سُحق هو أهداف العدوان، وقدرة جيش العدو على تحقيقها.
وبالتالي طالما هناك من يمتشق بندقيته، ويتنقل من شارعٍ إلى زقاق، لا يستطيع المهرجون العرب إعلان انصياعهم لأوامر ترامب بالتهجير، لأنّه حينها سيكون تهجيرًا لمقاومين لا للاجئين، وبالتالي سيكونون بمثابة قنابل موقوتة، ستنفجر في وجوه الجميع، خصوصًا وجوه المستقبلين، وهذا سبب طلبهم من الكيان سحق حماس وفصائل المقاومة، حتى يستقبلوا لاجئين معذبين، في صورة عملٍ أخويّ إنقاذيّ إنساني، يستحقون عليه شكر الاستضافة والحماية والإجارة.
لا يجب أن نطمئنّ لمجرد أنّ هذا كلامٌ تهريجيّ، بل يجب إعادة تقييم قدرة المقاومة على الديمومة والبقاء، بل وتطوير القدرات التسليحية، كذلك إعادة الروح لمحور المقاومة الذي شكّل ولا يزال النواة الصلبة لمواجهة كل مشاريع التصفية، لأنّ المستهدف هو الجميع دون استثناء، بمن فيهم المهرجون.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

العرب يملكون إفشال مخطط ترامب إن أرادوا!

ربما لم يحظ أمر في الآونة الأخيرة بقدر واسع من الضجة السياسية والإعلامية غير المسبوقة على مستوى الشرق الأوسط والعالم، قدر ما حظي به إعلان ترامب عن مقترح يقضي باستيلاء الولايات المتحدة على غزة وإدارتها على المدى الطويل، والذي أعتقد أنه كان مقصودا ليس لذاته ولكن ربما لأغراض أخرى يتشابك فيها الداخل الأمريكي مع الخارج. وقد أطلق ترامب إعلانه في حالة انتشاء ونرجسية غير مسبوقة، باستعراض سينمائي، على طريقة "الكاوبوي" الأمريكي، وصُدم به العالم خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

مخطط ترامب استدعى سؤلا وهو: هل يملك العرب إفشاله؟ الحقيقة هي، إن العرب يملكون إفشال أي مخطط إن أرادوا.

حفاوة إسرائيلية غير مسبوقة بوعد ترامب

مثّل إعلان ترامب بخصوص غزة خطوة تُعد الأكثر إثارة للجدل بعد أيام قليلة من ولايته الثانية، تكشف بجلاء عن المخططات الأمريكية الإسرائيلية الصهيونية، التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما يستوجب استنفارا عربيا لبحث مواجهة المخططات العدة للمنطقة.

بعد إعلان وعد ترامب بخصوص غزة، من الأهمية بمكان أن تدرك الدول العربية والإسلامية أن الصهيونية الدينية تكشر عن أنيابها لتنهش في جسد المنطقة، وهو ما يعني أن واجب الوقت هو كسر هذه الأنياب وتحطيمها
وعلى جانب آخر، يمكن القول إن "وعد ترامب الخيالي" بخصوص تفريغ غزة من الفلسطينيين قد حظي بقدر غير مسبوق من الاهتمام والترحيب داخل إسرائيل، حيث استقبلت معظم الأحزاب الإسرائيلية "وعد ترامب" بارتياح كبير وسرور، واهتمام غير مسبوق.

"هناك الكثير من الإثارة والدعم والحماس، وهناك من يقول إن هذا الأمر كأنه جلسة لحزب الصهيونية الدينية"، هذا ما أجابت به "ليئور كينان" مراسلة شؤون الكنيست الإسرائيلي في القناة 13 العبرية، عندما سألها المذيع عما سيؤدي إليه إعلان ترامب بخصوص غزة للائتلاف الحكومي والمستوى الحزبي في إسرائيل، خاصة أن هناك الكثير من الإثارة والحماس في اليمين!

ربما يلخص المتطرف الصهيوني ذو الأصول المغربية "أرييه مخلوف درعي"، رئيس حزب "شاس"، حجم الحفاوة بوعد ترامب -المثير للجدل بخصوص غزة- داخل المجتمع السياسي الإسرائيلي، لا سيما اليمين المتطرف، حيث وصف درعي ترامب بأنه "رسول الله للشعب اليهودي"، على حد تعبيره!

الصهيونية الدينية تنهش في جسد المنطقة

وبعد إعلان وعد ترامب بخصوص غزة، من الأهمية بمكان أن تدرك الدول العربية والإسلامية أن الصهيونية الدينية تكشر عن أنيابها لتنهش في جسد المنطقة، وهو ما يعني أن واجب الوقت هو كسر هذه الأنياب وتحطيمها.

ويمكن القول، إن تولي ترامب الرئاسة للمرة الثانية في الوقت الذي تتولى حكومة يمينية شديدة التطرف في إسرائيل، يمثل التقاء تاريخيا على هدف واحد بين النخب الفاشية المسيحية الإنجيلية الأمريكية وغلاة الصهاينة اليهود. ويُعد مخطط ترامب بخصوص غزة تجسيدا لهدف جيوسياسي على أرض الواقع، التقت عليه الصهيونية المسيحية والصهيونية الدينية اليهودية، في طريق تحقيق نبوءة "أرض الميعاد" المزعومة.

مواجهة مشروع ترامب وإفشال المخطط

منذ عام 1948، وعلى مدار تاريخ القضية الفلسطينية، لم تتوقف المحاولات المتكررة لتهجير الفلسطينيين، ولكن جميع هذه المحاولات كان مصيرها الفشل، بفضل الرفض الحاسم من قبل الفلسطينيين، إضافة إلى رفض الدول العربية تصفية القضية الفلسطينية.

وبعد إعلان ترامب عن مخطط إخلاء غزة انطلقت العديد من التكهنات حول جدية خطة ترامب الغريبة، وما إذا كانت مناورة سياسية أم استراتيجية جديدة، وما إذا كانت هذه الخطة للتغطية على مخطط آخر أكثر شرا. وبحسب تقرير "سي إن إن"، فإن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين أبدوا قدرا هائلا من التشكك تجاه مخطط ترامب، كما قال السيناتور الديمقراطي كريس كونز: "إنه عاجز عن الكلام، وقال إن هذا جنون"!

على المستوى الإقليمي، فإن موقف الدول العربية والإسلامية كان بالغ الوضوح في معارضة فكرة تهجير سكان غزة؛ مما يجعلها مجرد خيال لن يجد طريقا نحو التطبيق.

وحسنا فعلت دول المجموعة السداسية العربية، عندما أعلنت خلال 48 ساعة من إعلان ترامب رفضها التام لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين وتقسيم القطاع، خلال الاجتماع الوزاري الذي انعقد بالقاهرة، وضم وزراء خارجية مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وقد جاء البيان الختامي للسداسية العربية متضمنا مجموعة من المواقف المحددة، حملت قيمة سياسية هامة، وعكست تفاعلا عربيا إيجابيا في مواجهة تهديدات ترامب.

ورغم ما عكسه بيان السداسية العربية من وضوح الموقف العربي بالرفض التام لخطة ترامب إلا أن الأمر يحتاج حراكا أوسع وأكثر فاعلية على الأرض، وذلك في إطار ما تملكه الدول العربية من أوراق يمكن أن تغير كثيرا، وتقف في وجه هذا الانحراف الأمريكي، المتجاوز لكافة القواعد والأعراف الدولية، والذي يمثل تهديدا وجوديا ليس للفلسطينيين فحسب ولكن لدول الجوار، وعلى الأخص مصر والأردن المعنيان بإعلان ترامب الغريب والخيالي، والذي ينطلق من فهم سطحي لطبيعة الصراع بين العرب وإسرائيل.

ماذا يمكن أن يفعل العرب لوقف تهجير الفلسطينيين؟

أعتقد أن الدول العربية لا بد أن تدرك يقينا أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن أن تكون وسيطا موثوقا به، ولكنها شريك كامل للاحتلال الإسرائيلي.

كما يجب أن يدرك العرب أن المشروع الصهيوني ما كان له أن يحيا ويستمر لولا ما يوفره له الدعم الأمريكي، ومن ثم فإنه لا تجدي أية مناشدات أخلاقية للولايات المتحدة، التي أطاحت نخبتها بكافة أحكام القانون الدولي والإنساني، وتؤسس إدارتها في ظل المبادئ الترامبية لعالم جديد وعنيف.

ما تريده الولايات المتحدة وإسرائيل ليس قدرا مقدورا، ولكن يسهل مواجهته حال توفرت الإرادة، فمشكلة الأمة العربية في إرادتها وليس في قوة أعدائها، فهناك أوراق قوة لدى العرب تمكنهم من وقف ما يخطط له ترامب أو غيره، ولكنها لا تحتاج سوى الإرادة لتفعليها والتلويح بها.

خاتمة

إن دول العالم العربي من مصلحتها جميع قول "لا" واضحة صريحة،والوقوف في وجه مخططات ترامب الصهيونية، وخيار الفشل في المواجهة لا بد ألا يكون مطروحا بحال من الأحوال.

لا بد من استثمار الرفض المعلن من قبل المجتمع الدولي لخطة ترامب في غزة، وذلك عبر تفعيل خطوات عملية تمنع تمرير مثل هذه الخطة
إن واجب الوقت يتطلب من العواصم العربية الاصطفاف والتوحد ونبذ الاختلافات، ولذلك تبدو الحاجة لعقد قمة طارئة على وجه السرعة تعلن أن غزة وإعمارها شأن عربي خالص، وتوجه إنذارا واضحا للاحتلال الإسرائيلي وخاصة من الدول التي طبّعت مع دولة الاحتلال. ولا بد من بناء تحالف إقليمي يجمع الدول المتضررة من السياسات الأمريكية والإسرائيلية.

كما يجب على الأطراف الفلسطينية تحقيق توافق داخلي يضمن تمثيلا سياسيا لكافة الفلسطينيين، ويبقى الحل الأمثل مصالحة فلسطينية شاملة تقطع الطريق على أي تدخلات خارجية.

يُعد الموقف المصري والأردني حجر ارتكاز في إسقاط أي مشروع للتهجير، ومن ثم يجب دعمهما عربيا وإسلاميا، كما يتعين دعم الفلسطينيين داخل القطاع عبر التعاون مع المنظمات الدولية، وحشد موقف عربي موحد يعزز عزلة إسرائيل على الساحة الدولية.

ومن ناحية أخرى لا بد من استثمار الرفض المعلن من قبل المجتمع الدولي لخطة ترامب في غزة، وذلك عبر تفعيل خطوات عملية تمنع تمرير مثل هذه الخطة.

ستفشل خطة ترامب بخصوص غزة حتما لا محالة، كما فشلت مثيلاتها من قبل؛ لأنها ستصطدم بصخرة كؤود لا تلين وهي صمود الشعب الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • مصر تبلغ الولايات المتحدة برفض العرب خطة ترامب بشأن غزة
  • وزير الخارجية المصري يؤكد لـروبيو رفض العرب لخطة ترامب
  • ما أوراق الضغط لدى العرب لمواجهة خطط تهجير الغزيين؟
  • الغزاويون ومشروع التهجير الأمريكي
  • التهجير القسري للفلسطينيين
  • التهجير القسرى للفلسطينيين
  • العرب يملكون إفشال مخطط ترامب إن أرادوا!
  • أحمد قذاف الدم: فكرة التهجير تستهدف إنهاء القضية الفلسطينية لغير رجعة
  • العرب يقولون لا لترامب ونتنياهو!