وديع العبسي
غابت القيادة الجامعة وحضرت قيادة متعددة الرؤوس تحت مسميات لا تتقاطع مع الأخرى إلا عند مستوى الولاء الذي تبديه هذه القيادات للداعمين الخارجيين من المحتلين، وعدا ذلك فإن بعض المكونات تحاول ممارسة السلطة الأبوية على الأخرى في مسعى لتصدر المشهد كواجهة ممثِلة للجميع.
يحدث هذا في المناطق اليمنية المحتلة، حيث انتهج المحتلون عن قصد وتعمد خلق حالة الشتات بين هذه المكونات ما يبقيها باستمرار في صراع معلن وخفي، الأمر الذي انعكس بدوره وبشكل مباشر على خدمة المواطنين الذين ما عاد لهم جهة تمثلهم أو تدافع عن مصالحهم، فالمكونات الهزيلة شكلا ومضمونا اقتصر هدف كل منها على تأمين واقعها وبيئتها خشية وقوعها فريسة للمكونات الأخرى.
وفي كل حين وبدفع خارجي واضح، تبرز التحرشات بين المكونات، ليبدأ كل منها بشحذ سيوفه وتفعيل أوراقه، وفي الخِضم تبرز النعرات بين أبناء المجتمع تحت عناوين الحقوق ورفض الإقصاء والتهميش والمطالبة بالعدالة والمساواة إلى آخر ذلك، وجميعها عناوين برّاقة إلا أن طريقة توظيفها يحيلها إلى سيوف تُفرق بين أبناء المجتمع الواحد وتُعمق من آفة الانشداد والارتباط بالمجتمعات الصغيرة والأطر الضيّقة، لترى أبناء المديرية الفلانية تتظاهر من اجل واقعها وترى أبناء المربع الفلاني يتظاهر لتزويد مناطقه بالخدمات وحق المشاركة في رسم ما يسميه خطط المستقبل، ثم تدخل المكونات لتُزايد على مصالح هؤلاء في محاولة للتشكيك في قدرات مكونات أخرى قريبة أو مرتبطة بسلطة الاحتلال، وصولا إلى توتير كل بيئة الناس الذين تظل أولويتهم، توفير الأمن وتأمين لقمة العيش في ظل واقع الاستهداف الذي يتعرضون له من تحالف العدوان.
كل هذا والمحتل يشاهد ويتابع تنفيذ السيناريو المرسوم لهذه الأدوات، وإذا شعر بخروج عن النص، دفع بمن يلفت انتباههم، كما يؤكد واقع الحال، أن هناك أيادي تتعمد خلق مثل هذه الأجواء المتناحرة المسمومة وتوتير الحياة لصرف الناس عن الالتفات والاهتمام بالحياة السياسية كي يسهل للمرتبطين بالخارج المحتل تكييف واقع المناطق المحتلة وفقا لما يناسب مصالحهم.
في ظل هذه الأجواء يغيب المسؤول المعني بالدرجة الأولى بالتقصير في توفير الخدمات وتضيع مصالح الناس، وما كان انفجار بركان الغضب الشعبي في عدن الخميس إلا دليلاً على أن المخطط الاحتلالي لإذلال الناس يسير وفق ما هو مرسوم تماما، وسيظل هذا الحال ما بقي المسؤولون المنضوون في مسميات بلا سلطان كمجلس القيادة أو حكومة بن مبارك، فضلا عن مسميات الكيانات الصغيرة، في حالة ارتهان للمحتل.
تحرُك «ثورة الجياع» منذ ما قبل تأطُرها في إطار حركة تحمل نفسها الاسم، لم يأت لأهداف سياسية أو سلطة وإنما سعيا لتامين لقمة العيش، ومطالبة من هم في إطار المسؤولية بموجب قرارات دول الاحتلال، بالوفاء بواجباتهم تجاه الوطن والمواطنين وهي ابسط ما يمكن العمل به كالكهرباء والماء وصرف المرتبات وضبط انهيار العملة، ولا إعجاز أو تعجيز في مثل هذه المطالب لكنها تصير كذلك لدى المسؤولين حين لا تكون أولوية بالنسبة لهم.
صحيح انه يجري التعامل اليوم مع بركان «ثورة الجياع» بصورة ترقيعية إسعافية بلا رؤية أو خطة استراتيجية تضمن ديمومة الخدمات وصرف المرتبات وإيقاف التعامل بالعُملة، إلا أن ما شهدته عدن وعدد من المحافظات المحتلة سواء بمساره التنظيمي أو شكل الخروج الهادر، يشير إلى انطلاق بداية النهاية لهذا الواقع، فالناس ضاقوا ذرعا من واقع لا تتوافر فيه ابسط مقومات الحياة، ومن حالة العجز عن الوفاء بالتزاماتهم تجاه من يعولون.
لا شيء يبرر العجز في استمرار تيار الكهرباء وصرف المرتبات والسيطرة على سعر العملة، ولا تفسير لهذا الجمود في تحريك الأمور في اتجاه التخفيف من وقع الأزمات، فما تسمى بالوديعة السعودية تصل، وفي اللحظة التي كان امل الناس أن تؤدي إلى رفع شيء من ثقل الهموم، اذا بمؤشر سعر الصرف يرتفع إلى (2250) للدولار الواحد و(600) ريال للريال السعودي، واذا بجرعة جديدة للمواد النفطية تأخذ مسارها ليصل سعر جالون البنزين سعة (20) لتراً إلى (32) ألف ريال، واذا بأسعار المواد الغذائية ترتفع بشكل جنوني والكهرباء تنقطع، ولا تفسير لذلك إلا بكونه تعمداً في استهداف حياة المواطنين.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
الصبيحي يحذر .. (7) سنوات وتتساوى نفقات الضمان مع إيراداته التأمينية.!
#سواليف
نحن الآن أقرب إلى #الخطر دولة الرئيس عمر؛
(7) سنوات وتتساوى #نفقات_الضمان مع إيراداته التأمينية.!
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية الإعلامي والحقوقي/ #موسى_الصبيحي
مقالات ذات صلة تفاصيل جديدة عن مجزرة المسعفين في رفح تكشف دموية وقتلا عشوائيا للفلسطينيين 2025/04/13بعد (6) إلى (7) سنوات تقريباً، أي في سنة 2031 أو سنة 2032 ستتساوى نفقات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي مع إيراداتها التأمينية وفقاً لتوقعات نتائج الدراسة الإكتوارية المنتظرة وبالتالي لن يكون هناك أي فائض مالي تأميني (فائض من الاشتراكات المدفوعة للمؤسسة) ولن يتم تحويل أي مبالغ فائضة إلى صندوق استثمارأموال الضمان. لا بل ستبدأ المؤسسة بعد تلك السنة بالأخذ من عوائد الاستثمار لكي تدفع رواتب التقاعد وغيرها من النفقات التأمينية لمستحقيها.
هذا ما أتوقّع أن تؤشّر له الدراسة الإكتوارية الحادية عشرة التي ننتظر نتائجها حالياً، لذا فإن الأمر يتطلب اتخاذ العديد من التدابير المهمة لإبعاد هذه النقطة إلى سنة أمان أبعد.
ما أردت تأكيده هو أن وضع الضمان الآن أكثر حرجاً مما كان عليه في العام 2006 الذي حذٌر منه الدكتور عمر الرزاز في تلك السنة. وإذا كان الرزاز قد شرح واقع الحال أمام جلالة الملك في ذلك الوقت، فمن يشرح واقع الحال اليوم لجلالته..؟
شو بتستنّو.؟!