منذ نشر مقالى الأول عن اقتراح دونالد ترامب استيعاب الأردن ومصر لمزيد من الفلسطينيين والرئيس الأمريكى يضيف الزيت على النار ويبلور ويتوسع فى اقتراحه الغريب.
وذكر أنه يريد إخلاء قطاع غزة من كافة الفلسطينيين وليس جزءا منهم، وبشكل نهائى ولا عودة، قبل أن تقوم المتحدثة الرسمية بتوضيح أن المقصود هو التهجير المؤقت، والحقيقة أن ترامب كان صادقا فيما قاله، لأن غرضه هو إخلاء القطاع من سكانه كلية، متجاهلا وغير معنى بأن الشعب الفلسطينى له الحق فى الحياة على أرضه وفى وطنه، وأن العالم يسعى إلى حل للنزاع الفلسطينى الإسرائيلى بتمكين الشعبين الحياة بسلام فى دول مستقلة، وليس تصفية شعب لصالح الآخر، ولم يكن التهذيب الرسمى الأمريكى سوى بغرض تجنب فجاجة تعارض الاقتراح مع القانون الدولى صراحة، حيث سبق واعتبرت محكمة نورمبرج المشكلة أمريكيا بعد الحرب العالمية الثانية التهجير القسرى والإبادة الجماعية مخالفة صريحة للقانون الدولى وجريمة ضد الإنسانية.
ووسع ترامب الاقتراح من استيعاب دولتين للفلسطينيين بما قد يوحى أنها عملية محدودة مؤقتة، وأن تظل غير مشروعة، ثورة بأن الترحيل قد يكون إلى حوالى عشر دول من داخل الشرق الأوسط وخارجها، تأكيدا على رغبته فى القضاء على العنصر الإنسانى الفلسطينى الضاغط، وبما يتماشى مع توجه الإسرائيلى بالحفاظ على إسرائيل الكبرى لليهود.
وفى تطور إضافى أوضح ترامب أن الولايات المتحدة ستتملك قطاع غزة بعد إفراغها من سكانها، وهو موقف غريب وخال من أى أساس سياسى أو قانونى، لأن هذا يفترض أن تتسلم الولايات المتحدة بشكل غير مشروع الأرض من دولة الاحتلال الإسرائيلية، لتصبح أمريكا هى دولة الاحتلال، حيث لا توجد سلطة أو حكومة أو تيار سياسى فلسطينى متماشٍ مع الاقتراح وموافق أو قادر على تسليم الأرض لغير الفلسطينيين.
وأوضح ترامب أن المشروع لن ينفذ بأموال أمريكية وإنما بتمويل عربى، ولن تستخدم فيها القوات العسكرية الأمريكية، رغم أنه من وحى الخيال أن يغادر سلميا شعب فلسطينى كافح أكثر من سبعين عاما تحت الاحتلال حماية لأرضه، أو أن العرب على استعداد لتمويل تصفية القضية الفلسطينية ومواصلة الاحتلال تحت غطاء أمريكى.
وردا على سؤال حول ما يتردد عن تطور الموقف الأمريكى من الاعتراف بضم إسرائيل للضفة الغربية لنهر الأردن أشار ترامب أنه سيتخذ قرارا فى هذا الشأن خلال الأسابيع القادمة، وهو مؤشر خطير آخر أن موقفه من التهجير الفلسطينى من القطاع ليس منفصلا عن تحرك وخطة أوسع حول النزاع الفلسطينى الإسرائيلى، وأن هناك خطوات إضافية تستدعى تهجيرا فلسطينيا حفاظا على الهوية اليهودية لأرض إسرائيل الكبرى، والمستهدف هنا صراحة الأردن.
منذ انتخابه ومواقف الرئيس الأمريكى تجذب المجتمع الدولى حتى قبل توليه السلطة، إنما رد الفعل تجاه اقتراحه حول غزة تجاوز المخاوف حول مواقفه من بنما، جرينلاند، كندا، المكسيك.. وغيرها، وكانت ردود الفعل جميعا دون استثناء عدا إسرائيل ضد مقترح التهجير بما فى ذلك حلفاء أمريكا فى الغرب.
اقتراح ترامب حول غزة يقضى على القضية الفلسطينية كاملة ويتجاوز ساحة قطاع غزة، ويمس الأمن القومى للأردن ومصر مباشرة، بالإضافة إلى أمن ومصالح مختلف الدول العربية، حيث سيدخل الشرق الأوسط مجددا فى حلقة من الغضب والرفض وسيخلق حساسيات جيوسياسية فى علاقاتها الدولية.
خطورة الاقتراح تفرض على الكل التحرك بشكل أقوى وأشمل وأعمق وغير تقليدى عربيا وإقليميا ودوليا.
مطلوب من الفلسطينيين لم الشمل والتحدث بصوت واحد بصرف النظر عن اختلافاتهم الأيديولوجية، لأن قضيتهم على مشارف اللا عودة والموقف من الأهمية والخطورة تتجاوز كثيرا الخلافات الأيديولوجية أو أى تنافس حول السلطة والمناصب، والمطلوب فورا تشكيل حكومة فلسطينية مشتركة.
وعربيا مطلوب من الأردن ومصر الاستعداد لاتخاذ إجراءات سياسية وأمنية واقتصادية محددة إذا ما تمت محاولة تنفيذ الاقتراح، خاصة ومتوقع من ترامب ممارسة مزيد من الضغط عليهم فى هذا الصدد.
ومطلوب من دول الاتفاقات الإبراهيمية الاستعداد لاتخاذ مواقف معبرة عن تأييدها للقضية الفلسطينية وضرورة التمسك بها.
يجب أن يكون هناك تحصين عربى واسع وعملى للفلسطينيين وللموقف المصرى والأردنى الرافض للتهجير، وذلك بإصدار بيانات وطنية عربية واضحة وقاطعة مثلما صدر عن دول الجوار العربى مصر والأردن والمملكة العربية السعودية، تؤكد على رفض المقترح الأمريكى شكلا وموضوعا. إن السعى للسلام العربى الإسرائيلى، والذى تأكد مرارا وخاصة فى قمة بيروت لعام ٢٠٠٢ مرهون بحل القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية، ويجب أن يكون الموقف واضحا وقاطعا أن العالم العربى رافض كل الرفض تصفية القضية الفلسطينية والموقف الأمريكى.
وعلى العرب رفع مستوى وتسريع التحرك السياسى من خلال تحرك قممى عربى جماعى، وعقد قمة عربية فورية حضوريا أو إلكترونيا لإصدار بيان وموقف قاطع فى هذا الموضوع .
يجب أن نشهد تحركا عربيا جماعيا لعدد من رؤساء الدول أعضاء اللجنة العربية السداسية المعنية بالقضية الفلسطينية، يشمل طلب مقابلة مع الرئيس الأمريكى لتوضيح الموقف العربى، ومخاطبة وحضور اجتماع لمجلس الأمن وتقديم موقف، يتمسك بمضمون قمة بيروت حول القضية الفلسطينية وأن السلام الشامل مقابل الحفاظ على القضية الفلسطينية، ويرفض فكرة التهجير.
يجب أن يكلف وزراء خارجية المجموعة العربية السداسية بزيارات واتصالات سريعة لدى بقية الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن والتواصل مع المجموعات الإقليمية المختلفة، مؤكدين على رفض المقترح الأمريكى وبغرض الدفع بموقف قوى فى مجلس الأمن، وخاصة من الدول دائمة العضوية حتى إذا واجه بفيتو أمريكى، وأسجل هنا أن على الدول دائمة العضوية اتخاذ مواقف أكثر جدية من واقع مسئولياتها الأممية.
كما على المجموعة العربية ذاتها التحرك سريعا دوليا، والتقدم بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لإثبات الرفض السياسى الدولى لأى محاولة لتهجير الشعب الفلسطينى أو لتصفية القضية على حسابهم، والدعوة للتحرك سياسيا وقانونيا لتنفيذ هذه الاقتراحات وتثبيت عدم شرعيتها.
وأتفق مع من يرون أن هذه الخطوات غير كافية، إنما آمل أن تساهم وغيرها فى بتر المقترح الخطير الذى يهدف إلى القضاء على القضية الفلسطينية كلية، وهو ما صرح به وزراء بالحكومة الإسرائيلية، موقف يفرض علينا كعرب والمجتمع الدولى وقفة جادة، حفاظا على حقوق الفلسطينيين واستقرار الشرق الأوسط، لأن البديل جد خطير علينا جميعا، بل على المجتمع الدولى بأكمله، لأن تجاوز القانون الدولى وتغليب قانون القوة على قوة القانون سيمس الكل دون استثناء.
(الشروق المصرية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب الفلسطينيين التهجير العرب فلسطين العرب تهجير ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
حزب الإصلاح والنهضة: المصريون يرفضون تصفية القضية الفلسطينية بأي شكل
شدد الدكتور هشام عبد العزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، على أن القيادة السياسية الحالية تملك شرعية تاريخية وشعبية، وتتمتع بدعم غير مسبوق من الأحزاب والنقابات وكافة مؤسسات الدولة، مؤكدًا أن "كل مواطن مصري ملتف اليوم حول خيارات الدولة المصرية والإرادة السياسية التي أعلنت منذ البداية رفضها لكل محاولات التهجير أو العبث بالحقوق الفلسطينية."
وأشاد في مداخلة هاتفية لبرنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، بالموقف الثابت والتاريخي الذي يتبناه الرئيس عبد الفتاح السيسي تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن هذا الموقف يعكس بوضوح المبادئ الراسخة للدولة المصرية، ويمثل امتدادًا طبيعيًا لحماية الأمن القومي المصري والعربي.
وأضاف: "ما نشهده الآن هو موقف عروبي وإنساني بامتياز، يعبّر عن قيم الدولة المصرية، ويتسق مع ضمير الأمة، ويأتي في لحظة فارقة تتقاطع فيها الإرادة الشعبية مع الإرادة السياسية الممثلة في شخص الرئيس والمؤسسات السيادية وعلى رأسها القوات المسلحة المصرية."
وأضاف: "اليوم يمكننا القول إن الشعب المصري يتمتع بدرجة عالية من الوعي، وهذا ما تجلى بوضوح بعد أحداث 2011. أصبحنا وطنًا موحدًا، هدفنا واحد، ورؤيتنا واضحة، والجميع يلتف حول القيادة السياسية الوطنية، التي تعبر بالفعل عن الوجدان العميق للمصريين وتتشبث بالمبادئ الأصيلة التي نشأ عليها هذا الشعب."
وتابع رئيس حزب الإصلاح والنهضة قائلاً: "خروج الشعب المصري في المشهد الأخير يؤكد رفضه القاطع لأي مخطط يستهدف تصفية القضية الفلسطينية أو يمثل تهديدًا للأمن القومي المصري والعربي، وهو ما رأيناه جليًا في صور وحدة الصف التي برزت في صلاة العيد، وفي الفعاليات السياسية والشعبية على حد سواء."
واعتبر الدكتور هشام أن ما يحدث الآن لحظة فارقة في مسار الشعوب، وأنها "بداية انطلاقة كبيرة لحلم مصري قومي"، مضيفًا: "مصر، من خلال تحركاتها في الملف الفلسطيني، تخوض الآن مواجهة شرسة أمام مخطط التهجير الذي تسعى إليه إسرائيل بدعم أمريكي غير محدود، لكنها تقف بثبات وبوصلة واضحة لصالح القيم والحقوق العربية."