عربي21:
2025-04-17@17:58:51 GMT

غطرسة لا بدَّ من إيقافها

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

منذ بدء ظهورِ ملامح الحرب الإسرائيلية التي انطلقت إثر هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تنامت الخشيةُ لدى العديدِ من المراقبين بأنَّ حصولَ إسرائيلَ بقيادة نتنياهو وحكومة اليمين المتطرف على نصرٍ ساحق في هذه الحرب، ستكونُ له آثارٌ كارثية، ليس فقط على فلسطين، شعباً وأرضاً وقضية، وإنَّما على كلّ المنطقة العربية.



كانت أهمُّ الأهداف المعلنة للحرب تحريرَ المختطفين بالقوة وتدميرَ حركة «حماس» وإنهاء حكمِها في غزة، إلَّا أنَّ هذا اليمين المتطرف رأى فيما حدثَ فرصة لتنفيذ مخزونه من الأفكار والأهداف التي طالما حلم بها، والتي تشمل المنطقة كلَّها، بهدف «إعادة رسم خريطتها».

ووسط التحليلات العاطفية الرائجة في الجانب العربي يمكن سماعُ العديد من الآراء في تعريف كل من النصر والهزيمة. صحيح أنَّ إسرائيلَ لم تتمكَّن من تحرير المختطفين (أو الأسرى أو الرهائن وفقاً للتعريفات المختلفة) بالقوة، ولم تتمكّن تماماً من اقتلاع حركة «حماس» بصفتها تنظيماً في غزة رغم حرب الإبادة والدمار شبه التام، إلا أنَّه لا يمكن القولُ إنَّها لم تحقق أهدافاً فاقت كثيراً تلك الأهداف المعلنة.

فبالإضافةِ إلى عشرات آلاف الضحايا المدنيين وتدمير البنية التحتية وكل مرافق الحياة في غزة، وإلحاق خسائرَ فادحة في الهياكل التنظيمية، فإنَّها تمكَّنت أيضاً من تحقيق أهداف مهمّة نتيجة ضرباتها الساحقة ضد لبنان، التي أضرَّت بشكل عميق بقدرات «حزب الله» وإمكاناته، وأدَّت - ولو مرحلياً - إلى تحجيم قدرة إيران بصورة كبيرة في التأثير على الأوضاع في المنطقة. هذان الأمران أحدثا فراغاً نتج عنه سقوط نظام الأسد.

إنَّ مجملَ ما حدث شجع هذه الحكومة المتطرفة وداعميها، خاصة في الولايات المتحدة، على إطلاق العنان للطموحات المتطرفة المريضة، كمَا أدَّى إلى إضعاف وإرهاب الأصوات التي تتساءل حولَ تبعات وآثار ذلك على استقرار المنطقة كلّها وعلى الوضع الدولي.

في ظلّ هذه الظروف يمكن النظر إلى بروز فكرة تهجير الغزيين بحجَّة إعادة إعمار ما دمرته حرب إسرائيل عليهم وعلى أرضهم، هذه الفكرة التي زرع بذرتَها الأولى نتنياهو في أول لقاءٍ له مع بلينكن بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بحجة إنشاءِ ممرٍّ إنساني لنقلهم إلى سيناء، ثم طرحت بصورتها العقارية في لقاءٍ في جامعة هارفرد لم يتم النظر إليه بجديَّة كبيرة في حينه، إلى أن وصلت إلى حدّ تبنّيها من الرئيس الأميركي وإعلانها بعد أسبوعين من تسلّمه مهامَه. كما لا يمكن عزل هذه الفكرة الخبيثة عن هدف عرض نتنياهو خريطتَه الشهيرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وتواصل تبجّحه بنجاحه في إعادة رسم المنطقة.

لقد أدَّى ارتفاع منسوب الغرور والغطرسة، ليس فقط للترويج لفكرة تهجير الغزيين إلى مصر والأردن ودول أخرى، بل إلى القولِ إنَّه إذا ما كانت السعودية ترغب بإقامة دولة فلسطينية، فلتأخذِ الفلسطينيين وتقمْ لهم دولة على أجزاء من أراضيها.

إنَّ ما تتبنَّاه هذه الحكومة المتطرفة ينسفُ في الواقع كلَّ ما قيل على مدى العقود الماضية حول رغبة إسرائيلَ بالعيش بسلام في هذه المنطقة، من خلال التوصّل إلى معاهدات سلامٍ مع دولها. وسيكون من شأنِ السَّير بتنفيذ هذه الطروحات إعادةُ المنطقة إلى زمن ما قبل البدء بالتوصل إلى اتفاقيات سلامٍ عربية إسرائيلية وإلى العودة إلى نقطة الصفر.

وبعيداً عن أي انفعال، فإنَّ ذلك سيعيد فتح الصراع على آفاق واحتمالات خطيرة لن تستطيعَ المنطقة ولا المجتمع الدولي تحمّل تبعاتها.

ويجب أن تكونَ هذه المخاطر والتحديات كفيلة بدفع الدول العربية القادرة والفاعلة إلى العمل على مواجهتها بصورة مشتركة؛ إذ إنَّها في الواقع أكبر من قدرة أي دولة على مواجهتها لوحدها.

وإذا كانت حلقة الاستهداف تضمُّ اليوم كلاً من مصر والأردن والسعودية، فإنَّ إمكانية توسيعها يجب ألا تكون مستغربة. إنَّ عملَ هذه الدول الثلاث معاً، وبدعم فعلي من دول الخليج العربي، كفيل بتوفير غطاء دولي فاعل؛ فهذه المجموعة هي في الواقع دعامة الاستقرار والاعتدال في المنطقة، ولديها أدوات اقتصادية وسياسية وشبكة كبرى من العلاقات، سيكون لها تأثيرها في تشكيل موقف دولي يؤدي إلى كبح جماح هذه الغطرسة، وما أنتجته من طموحات لا يمكن للعالم تحمّل تبعاتها. ومن دون ذلك، فإنَّ الغطرسة ستتحوَّل إلى سَعْيٍ لاستباحة المنطقة كلّها.

(الشرق الأوسط اللندنية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين فلسطين الاحتلال السلام مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

هل يمكن “نزع سلاح المقاومة” بغزة؟.. محللون يجيبون

#سواليف

أثار المقترح الذي نقلته الوسطاء المصريون إلى حركة #حماس – والذي تضمّن نصا صريحا بشأن “نزع #سلاح_المقاومة” – ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية والفكرية الفلسطينية والعربية، وسط تساؤلات حول جدوى التفاوض على هذا الشرط الذي وصفه مراقبون بأنه “دعوة للاستسلام تحت غطاء الوساطة”، وليس خطوة نحو #التهدئة.

ففي حين أكدت “حماس” رفضها المطلق لأي نقاش حول سلاح المقاومة، اعتبر سياسيون ومحللون أن إدراج هذا البند يمثل انحرافًا خطيرًا في مسار الوساطة، بل ومساهمة في شرعنة الحرب المستمرة على #غزة، واستهدافًا مباشرًا لأحد أركان الهوية الوطنية الفلسطينية.

المحلل السياسي محمد الأخرس علّق بالقول: “من المخزي أن يتبنى أي فلسطيني أو عربي مطالب الاحتلال بشأن سلاح المقاومة”، مشيرا إلى أن الاحتلال نفسه كان قد عرّف هذا السلاح – منذ بداية الحرب – بأنه يشمل الأنفاق الهجومية، وصواريخ الكورنيت المضادة للدروع، والصواريخ التي تستهدف العمق الإسرائيلي.

مقالات ذات صلة  المخابرات تحبط مخططات تهدف إلى المساس بالأمن الوطني 2025/04/15

وأضاف في منشور على حسابه بـ”فيسبوك” أن ” #الاحتلال زعم في منتصف عام 2024 أنه حيد هذا السلاح ودمّر كتائب المقاومة، لا سيما عندما أعلن في 12 سبتمبر القضاء على “لواء رفح”، متسائلًا: “إذا كانت #إسرائيل تعتبر أنها أنجزت هذه المهمة، فلماذا يصرّ البعض على مطلب نزع السلاح؟!”.

واعتبر الأخرس أن “الحديث عن نزع سلاح المقاومة هو تبنٍّ واضح للرؤية الإسرائيلية، وشرعنة لاستمرار العدوان”، مؤكدًا أن “السلاح ليس قرارا تنظيميًا، بل حق لشعب يقاوم الاحتلال”.

ما تريده إسرائيل فعلًا

الباحث العراقي لقاء مكي ذهب أبعد من ذلك، واعتبر أن “مطلب نزع السلاح ليس هدفًا حقيقيًا لإسرائيل، بل وسيلة لإطالة أمد الحرب”.

وقال في تغريدة على منصة “إكس” (تويتر سابقاً): “مشكلة إسرائيل ليست في المقاومة، بل في غزة ذاتها. ولأن البحر لن يغرقها كما تمنى رابين، فلماذا لا يتم إفراغها من سكانها؟”.

وأضاف مكي: “إسرائيل تعرف أن نزع السلاح غير قابل للتطبيق، بل وتدرك أنه سيقود إلى مقاومة أشدّ. ما تريده فعلًا هو تشتيت الشعب الذي صنع المقاومة واحتضنها، وخلق واقع جديد في غزة”.

وعبر المحلل السياسي ياسر الزعاترة عن استغرابه من تضمين البند المتعلق بالسلاح في المقترح المصري، رغم غيابه عن وثيقة “ويتكوف” الأمريكية، متسائلًا: “هل يُعقل أن يضغط كل قادة الكيان على نتنياهو لوقف الحرب دون التطرق لسلاح المقاومة، ثم يأتي الشقيق ليُهديهم هذا الشرط على طبق من ذهب؟!”.

وأضاف في تغريدة على منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، أن “نتنياهو لا يزال يتحدث عن سلاح الجيش المصري نفسه، ويتوسع في عدوانه على الضفة وسوريا ولبنان، ثم يُطلب من حماس أن تُسلّم سلاحها، كأنها تملك قنابل نووية!”.

من جانبه، شدد الباحث في الشأن السياسي والاستراتيجي سعيد زياد في تغريدة على منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، على أن سلاح المقاومة “قضية تحظى بإجماع وطني، ومبدأ لا يقل قدسية عن حق العودة والقدس”، معتبرًا أن غزة تمثّل حاجزًا استراتيجيًا يحمي الأمن القومي المصري، وأن سلاح المقاومة هو “السدّ الأخير في وجه التهجير”.

تجارب نزع السلاح

الكاتب القطري جابر الحرمي حذّر من الوقوع في “فخ نزع السلاح”، مستشهدًا بتجربتين قريبتين: الأولى، حين أقنعت واشنطن وأوروبا أوكرانيا بالتخلي عن سلاحها النووي، لتُترك لاحقًا فريسة لروسيا، والثانية، عندما رفضت طالبان نزع سلاحها رغم الضغوط، لتُجبر أمريكا لاحقًا على التفاوض معها.

وأضاف الحرمي في تغريدة على منصة “إكس”: “حماس أو غيرها لن تقع في هذا الفخ، لأن التجارب تُثبت أن السلاح هو الضامن الوحيد للكرامة والسيادة”.

الناشط الفلسطيني بلال ريان وصف مطلب نزع السلاح بأنه “وصفة لإبادة جماعية تُمرر بغطاء عربي”، مشيرًا إلى أن التخلي عن السلاح سيفتح الباب لمطالب أكثر خطورة، كإجبار المقاتلين على تسليم أنفسهم، ومحاكمة قيادات المقاومة، وتفكيك البنية التنظيمية، وفرض رقابة أمنية شاملة على السكان.

واستحضر ريان عبر حسابه على منصة “إكس”، نماذج تاريخية مشابهة، مثل مجزرة صبرا وشاتيلا بعد خروج المقاتلين الفلسطينيين من بيروت، ومذبحة سربرنيتسا في البوسنة عام 1995، مؤكدًا أن “تسليم السلاح لم يؤدِّ يومًا إلى الأمان، بل مهّد للمجازر”.

ونقلت قناة /الجزيرة/ الفضائية، الإثنين، عن قيادي بحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قوله إن “مصر أبلغتنا أنه لا اتفاق لوقف الحرب دون التفاوض على نزع سلاح المقاومة، وأبلغناها أن نقاش مسألة سلاح المقاومة مرفوض جملة وتفصيلا”.

وأضاف في تصريح، أن “المقترح الذي نقلته مصر لنا يشمل إطلاق سراح نصف أسرى الاحتلال بالأسبوع الأول من الاتفاق، ويشمل تهدئة مؤقتة لـ45 يوما مقابل إدخال الطعام والإيواء”.

وأشار إلى أن “وفدنا المفاوض فوجئ بأن المقترح الذي نقلته مصر يتضمن نصا صريحا بشأن نزع سلاح المقاومة، وأن الحركة أبلغت مصر أن المدخل لأي اتفاق هو وقف الحرب والانسحاب وليس السلاح”.

وكان القيادي في “حماس”، طاهر النونو، قد صرّح أن “استعداد الحركة لإطلاق سراح جميع الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، في إطار صفقة تبادل شاملة، مشروطة بوقف إطلاق نار جاد وانسحاب كامل لقوات الاحتلال الإسرائيلي من القطاع”.

واتهم النونو الاحتلال الإسرائيلي بـ”تعطيل” التوصل إلى اتفاق، مشيراً إلى أن العقبة الأساسية لا تكمن في أعداد الأسرى، بل في “تنصّل الاحتلال من التزاماته، وتعطيله تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، واستمراره في شن العدوان”.

وأوضح أن “حماس” أبدت “مرونة كبيرة وتعاملت بإيجابية” مع مختلف المقترحات التي طُرحت خلال جولات التفاوض الأخيرة، مشدداً على أن الحركة أبلغت الوسطاء بـ”ضرورة وجود ضمانات تُلزم الاحتلال بتنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه”.

وأشار النونو إلى أن الاحتلال يسعى إلى “إطلاق سراح أسراه دون التطرق إلى قضايا المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تشمل وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاباً كاملاً من قطاع غزة”.

وفي ما يتعلق بالموقف من سلاح المقاومة، شدّد النونو على أنه “خط أحمر، وليس مطروحاً للتفاوض”، موضحاً أن “بقاء هذا السلاح مرتبط باستمرار وجود الاحتلال”.

وكان الوفد المفاوض التابع لحركة “حماس”، برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد أجرى أمس سلسلة لقاءات في العاصمة المصرية القاهرة، مع مسؤولين مصريين، وبمشاركة مسؤولين قطريين، ضمن المساعي المشتركة بين القاهرة والدوحة لتقريب وجهات النظر وتثبيت اتفاق الهدنة.

وتأتي هذه التحركات في أعقاب انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، واستمر لمدة 58 يوماً، قبل أن يتنصل الاحتلال من بنوده ويستأنف عدوانه فجر 18 آذار/مارس 2025، مع فرض حصار مشدد على القطاع.

مقالات مشابهة

  • تقليص المساحة وتوسيع المعاناة.. إسرائيل تعزز سيطرتها عبر المنطقة العازلة في غزة
  • إسرائيل تفرض احتلالاً بالنار على المنطقة الحدودية بجنوب لبنان
  • «تريندز» يعقد في مقر «الشيوخ» الفرنسي مؤتمر «محاربة الإرهاب في حقبة الذكاء الاصطناعي»
  • مسرور بارزاني: برلمان الإقليم لا يمكن حله ونتعاون مع الاتحاد الوطني لتشكيل الحكومة
  • هل يمكن مطالبة إسرائيل بالتعويض عن احتلال سيناء؟.. مفيد شهاب يرد
  • وزير الخارجية: مصر تقف بشكل كامل مع الأردن في مواجهة الإرهاب والجماعات المتطرفة
  • هل يمكن “نزع سلاح المقاومة” بغزة؟.. محللون يجيبون
  • الضصارة…جبهة المتطرفين الدينيين وبقايا اليسار تدعو لإقتحام مينائي طنجة والدارالبيضاء
  • الأمين العام للأمم المتحدة: “إسرائيل” تحرم المدنيين في غزة من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة
  • إسرائيل تعلن توسيع «المنطقة العازلة» في غزة