سوريا.. الأزمة الاقتصادية تفاقم المعاناة الإنسانية
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
أحمد شعبان (القاهرة، دمشق)
تسبب الصراع في سوريا، منذ العام 2011 وحتى سقوط النظام، في دمار هائل طال البنية التحتية والموارد الحيوية، وجعل عملية إعادة الإعمار مهمة صعبة تتطلب جهوداً كبيرة، كما أدت الحرب والأزمات إلى تدهور في معيشة الأسر وعدم قدرتها على تأمين احتياجاتها الأساسية مع ارتفاع الأسعار، وتراجع الخدمات، وزيادة معدلات البطالة.
وأوضح الباحث الاقتصادي السوري، خورشيد عليكا، أنه مع استمرار النزاع وطول أمده، غادر وهجر الكثير من الصناعيين والتجار البلاد، خاصة بعد سيطرة «داعش» في 2014 على مساحات شاسعة من الأراضي، وحقول النفط والغاز في وسط وشمال شرق سوريا.
وأشارت تقارير البنك الدولي إلى أن تكلفة إعادة الإعمار في سوريا تقدر بين 250 و300 مليار دولار، ويحتاج الاقتصاد إلى نحو 10 سنوات لاستعادة مستوياته، بعد أن فقد 24 عاماً من التنمية، وخسر 85% من قيمته، وتراجع إلى المركز 129 في التصنيف الدولي، ويعيش 27% من السوريين في فقر مدقع، وتوقع البنك استمرار الانكماش الاقتصادي 1.5%، وارتفاع معدلات التضخم بنسبة 93%.
وشدد خورشيد، في تصريح لـ «الاتحاد»، على أن الحرب في سوريا خلال الفترة الماضية أدت إلى المزيد من عدم الاستقرار، وتدهور الحالة المعيشية للأسر، مع تراجع مستمر لليرة مقابل العملات الأجنبية، مشيراً إلى أن 90% من السوريين أصبحوا بحاجة إلى مساعدات، كما ألقت الأزمة الاقتصادية بتداعيات كبيرة على قطاعات التربية والتعليم، والصحة، والخدمات، وأدت إلى ارتفاع معدلات البطالة. وكشف خورشيد عن أن انخفاض الإنتاج وتوقفه بشكل شبه كامل، وتراجع الصادرات لمستويات قياسية، وزيادة المديونية للعديد من الدول، وارتفاع أسعار الطاقة، كل ذلك أدى للانكماش الاقتصادي، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، والمزيد من الدمار والهجرة واستنزاف للموارد الاقتصادية والبشرية.
ومن جانبه، يرى الخبير الاقتصادي السوري، محمد حفيد، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن تداعيات الأزمة الاقتصادية ألقت بآثارها على الحالة المعيشية في عدم قدرة سوريا على مكافحة التضخم الناتج عن تدهور الليرة، والتي كانت بقيمة 50 لكل دولار في بداية الأزمة، والآن 15 ألف ليرة لكل دولار، مع عدم القدرة على التدخل وضبط سعر الصرف، نتيجة إنفاق الاحتياطي الأجنبي لتغطية تكاليف الحرب. كما تسبب الصراع في دمار كبير للقطاع الزراعي، أسفر عن نزوح العديد من المزارعين وتدمير البنية التحتية وشبكات الري، مما انعكس سلباً على المحاصيل، ودمر نحو 32% من الأراضي، ما أدى إلى تراجع إنتاج القمح من 1.55 مليون طن سنوياً إلى مليون طن في العام 2022، كما انخفض إنتاج القطن والتبغ بشكل ملحوظ.
ويرى حفيد أن حل الأزمة الاقتصادية السورية يتم من خلال محورين، الأول سياسي وأمني، والثاني إعادة إعمار البنية الهيكلية، وتشجيع الاستثمار، وتهيئة البيئة التشريعية والقانونية، ومكافحة الفساد، ورفع العقوبات الاقتصادية. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: سوريا البنك الدولي الأزمة الاقتصادیة
إقرأ أيضاً:
دبلوماسي روسي سابق: الأزمة الأوكرانية جزء من إعادة ترتيب الأمن الأوروبي الأطلسي
أكد ألكسندر زاسبكين، الدبلوماسي الروسي السابق، أن الأزمة الأوكرانية لا يمكن فصلها عن الأوضاع الأمنية الأوسع في المنطقة الأورو-أطلسية، مشيرًا إلى أن المفاوضات بين موسكو وواشنطن يجب أن تركز أولًا على إقامة نظام أمني مشترك قبل البحث في القضايا الإقليمية الأخرى.
نفى زاسبكين، خلال مداخلة مع الإعلامية فيروز مكي، ببرنامج "مطروح للنقاش"، على قناة "القاهرة الإخبارية"، وجود أي ترابط بين الحرب الأوكرانية والملف النووي الإيراني، رغم التكهنات التي تشير إلى احتمالية تأثير العلاقات الروسية-الإيرانية على مجريات المفاوضات بين أوكرانيا والولايات المتحدة، قائلاً إن كل قضية لها سياقها الخاص، وإن الحديث عن ربط الملفات لا يعكس الواقع الحقيقي للمفاوضات الجارية.
الصراع الأوكراني الروسيأوضح زاسبكين أن الحرب في أوكرانيا هي جزء من الصراع الأكبر حول الأمن في أوروبا، حيث تسعى روسيا إلى إعادة هيكلة الترتيبات الأمنية في المنطقة، وليس فقط حل النزاع الأوكراني بمعزل عن بقية القضايا، مؤكدًا أن الحوار الروسي-الأمريكي يجب أن يبدأ من هذه النقطة الأساسية، لأن الأجندة طويلة ومعقدة، لكنها تعتمد في جوهرها على إعادة التوازن الأمني بين روسيا والغرب.
تطرق زاسبكين إلى الاختلافات بين إدارتي الرئيس دونالد ترامب والرئيس السابق جو بايدن، مشيرًا إلى أن ترامب أقل التزامًا تجاه أوروبا وحلف الناتو، حيث يرى أن العبء الأمني يجب أن تتحمله أوروبا نفسها بدلًا من الاعتماد على واشنطن، بينما قبل ذلك كان هناك بوادر لتحولات في المعسكر الغربي، مما يتطلب من روسيا أن تعيد تقييم استراتيجيتها في مواجهة هذه التغيرات.
اختتم زاسبكين حديثه بالإشارة إلى أن روسيا تراقب التغيرات في مواقف الدول الأوروبية، خاصة مع تصاعد نقاشات داخل أوروبا حول مستقبل العلاقة مع الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن هذه المستجدات قد تؤثر على شكل المفاوضات القادمة، مما يستوجب وضوحًا في الرؤية الروسية حول التعامل مع الغرب خلال المرحلة المقبلة.