ماذا يحدث على تخوم مدينة مأرب شمال شرقي اليمن، انطلاقًا مما يتم تداوله إعلاميًا من طرف واحد؟ سؤال يفرض نفسه في ظل ما يصدر عن منابر إعلامية محسوبة على الحكومة المعترف بها دوليًا من أخبار عن مواجهات وتحشيد للحوثيين، وهو ما لم يصدر به تأكيد من قبل الحوثي الأمر الذي يستدعي التوقف قليلًا لمعرفة احتمالات ومآلات استئناف الحرب في اللحظة الراهنة.

 

في حال أقررنا أن الجميع يريد الحرب، فالحرب لن تخدمهم في الوقت الراهن إلا في استثمار الخارج لصالح استمرار سلطات الحرب في مواقعها مزيدًا من الوقت، لكن في الواقع ستذهب البلد، في حال استئناف الحرب، إلى مزيد من الخراب ومتواليات من الخسائر، فالسنوات العشر الماضية كانت درسًا كافيًا للحرب وللأحرب أيضًا، لا سيما وقد استخدمت في حرب السنوات الماضية آخر ما وصلت تقنيات الأسلحة بما فيها المحرمة دوليًا، ولم يتم حسمها، إذ لا يمكن أن تُحسم حرب في بلد كاليمن لصالح طرف، إضافة إلى أنه صار بلدًا ممزقًا لم يعد لديه ما يخسره، وسيزداد انقسامًا على بعضه في حال تدخل طرف خارجي في محاولة لحسم الحرب في ظل ما هي عليه حساسية اليمنيين للخارج، ما يجعل مما يحصل حاليًا ليس سوى ممارسة ضغوط للحصول على مكاسب سياسية، لأن جميع الأطراف تعرف جيدًا أن اليمن لا يمكن أن يتغلب فيه طرف، وما حصل في مراحل سابقة كانت استثناءات أعادت تفخيخ البلد لدورات صراع تالية كحرب صيف 1994 مثلًا.

 

كما أن اليمن لا يمكن أن يحكمه غير التنوع الذي يمثل تعدده، علاوة على أن السلام لا يُدار بمن أدار الحرب، مما يجعل الحل هو أن يجلس الجميع على الطاولة، ويضعوا وحدة واستقرار اليمن وسيادة قراره هدفًا واضحًا لا يمكن التنازل عنه، بما فيها الوحدة، على الأقل خلال المرحلة الانتقالية، ريثما يتفق اليمنيون لاحقًا على صيغة جديدة للحفاظ على بلدهم، وترميم جروحه، وإعادة إعماره، بما يتجاوز به حالة التشظي والتمزق، والانتقال من المراهنة على الخارج والرضوخ له إلى المراهنة على مقدرات الداخل، وتحقيق تطلعات اليمنيين في دولة مدنية تحفظ لهم استقلال قرارهم السيادي، وتمكنهم من بناء بلدهم، بما يحفظ كرامة التنوع كمواطنة ووطن وحرية واستقلال.

 

بلا شك أن الوضع الراهن ضمن لمكونات عديدة وضعًا هو أفضل بكثير من وضع ما بعد السلام، فالميزانيات المستقلة دون رقيب، والانفراد في إدارة ما تحت اليد دون حسيب، وتشكيل قوة عسكرية مستقلة تحظى بتمويل خارجي (على عين الجميع) دون خجل، هو وضع لا أعتقد أن هناك مَن سيعمل على تجاوزه بالحرب، ولا سيما وهو يعرف أن وضع اللاسلم واللاحرب ضامن حقيقي لتكريس تمزق البلد لصالح سلطات الحرب، وهو وضع يحظى بدعم خارجي بلا شك، مما يجعل اليمنيين معنيين بالتزام دعوة السلام والحوار والتأسيس ليمن قوي مستقل يحدد أبناؤه ملامح مستقبله.

 

بالتأكيد أن لصوت السلام معارضين كثر، وينطلقون في رفضهم له من اعتبارات فحواها الرفض المطلق للآخر، والاستفادة من وضع الحرب، والرغبة في الحكم خلال ما بعد الحرب بوعي ما كانت عليه الحرب، ومثل هذا الوعي يمثل تفخيخًا للمستقبل.

 

ماذا لو تخلت كل السلطات القائمة عن رعبتها بممارسة السلطة خلال ما بعد الحرب، عندئذ سيكون اليمن قد وجد طريقه إلى السلام.

 

عن احتمالات استئناف الحرب، يقول نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق، عبدالباري طاهر، لـ»القدس العربي»: «إن المنطقة كلها، وجزء من العالم مشغول اليوم بما يجري في غزة وفي العالم. وفيما يتعلق بالحرب اليمنية، فالآن السعودية هي نفسها مهددة ومشغولة بما هو أهم، خصوصًا بعد تصريح نتنياهو، وهو يتكلم عن التهجير إلى أراضي المملكة العربية السعودية. الوضع مختلف اليوم».

 

وأضاف: «مشروع ترامب يمثل تهديدًا للمنطقة كلها، بل هو يهدد، أيضًا، بسياساته العالم. استئناف الحرب في اليمن أصبح صعبًا في الأوضاع الراهنة، ثم أن الأطراف في اليمن، أقصد الأطراف الأساسية في الحرب بعد الحرب الأهلية، أصبحت هي السعودية وإيران. لكن السعودية وإيران الآن في وضع آخر، إيران مهددة، والسعودية هي الأخرى أيضًا مهددة، مما يعني أن احتمالات الحرب في اليمن بعيدة».


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن مأرب الحوثي الحكومة حرب استئناف الحرب الحرب فی فی الیمن لا یمکن

إقرأ أيضاً:

ماذا يحتاج منتخب اليمن للناشئين لخطف بطاقة التأهل الثانية وضمان التواجد في مونديال قطر؟

يحتاج المنتخب اليمني للفوز بأي نتيجة على كوريا الجنوبية مساء اليوم الخميس لضمان التأهل الى دور ربع النهائي في بطولة كأس آسيا للناشئين تحت سن 17 عاما، والتأهل كذلك الى نهائيات كأس العالم في قطر (نوفمبر 2025).

وفي رصيد اليمن 3 نقاط من فوز على افغانستان 2-0 وخسارة ثقيلة من اندونيسيا 4-1، وتحتل المركز الثالث خلف كوريا الجنوبية التي تتفوق بفارق الاهداف.

وحسمت اندونيسيا بطاقة التأهل الأولى عن المجموعة الثالثة، بفوزين، وتتنافس اليمن مع كوريا الجنوبية على البطاقة الثانية، والتعادل أو الفوز على اليمن يضمن لكوريا التأهل، بينما أمام اليمن فرصة واحدة للتأهل هي الفوز.

تنطلق المباراة مساء اليوم الخميس الساعة 8:15م وتبث على قنوات بي إن سبورت والكأس المشفرة.

وتتأهل 8 منتخبات آسيوية الى مونديال قطر الذي يقام في شهر نوفمبر هذا العام بمشاركة 48 منتخبًا لأول مرة.

مقالات مشابهة

  • السفير "فاجن" يؤكد دعم واشنطن لعملية السلام في اليمن
  • 15 مسيرة حاشدة في مأرب نصرة لغزة وتحديا للعدوان الأمريكي على اليمن
  • السفير الأمريكي: واشنطن ملتزمة بدعم السلام في اليمن واستعادة أمن الملاحة البحرية
  • “أونروا”: نزوح نحو 400 ألف شخص منذ استئناف الحرب وأهالي غزة يعانون الجوع
  • ميليشيا الحوثي ترفض أي تحرك عملي لإحلال السلام في اليمن
  • بعد شهر على استئناف الحرب.. ترامب يعد بـ صفقة جدية وإعادة الأسرى الإسرائيليين
  • إنتهاء التحضيرات لإقامة المؤتمر الوطني للتعليم في اليمن بمحافظة مأرب
  • السيد القائد: كل المراحل الماضية تقدم الشواهد على أن العدو الإسرائيلي لا يريد “السلام” و”التسوية السياسية”
  • اليمن يترأس الدورة الـ 51 لمؤتمر العمل العربي في القاهرة
  • ماذا يحتاج منتخب اليمن للناشئين لخطف بطاقة التأهل الثانية وضمان التواجد في مونديال قطر؟