تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في إطار دراسة معمَّقة لشخصية يونان النبيّ تكشف النصوص المقدَّسة عن حضور لافت لاسمه، حيث يرد ذكره 25 مرّة وفق "الترجمة اليسوعية"، تتوزّع بين العهدين القديم (17 مرّة) والجديد (8 مرّات)، ليتحوّل النبيّ الهارب من وجه الربّ إلى رمزٍ لاهوتي يُستشهَد به في خطاب المسيح.  

العهد القديم: سفر يونان وإشارات تاريخية حيث يتركّز حضور يونان بشكل رئيسي في سفر يحمل اسمه (16 إشارة)، يروي قصّته الشهيرة مع الحوت ومدينة نينوى، بدءًا من أمر الربّ له بالذهاب إلى المدينة (يونان 1:1)، ومرورًا برحلة الهروب العاصفة (يونان 1:3)، وصولًا إلى صلواته في جوف الحوت (يونان 2:1).

كما يوثّق السفر تفاصيل وعظه لأهل نينوى (يونان 3:4) وغضبه اللاحق من رحمة الله (يونان 4:9).  
 

وإلى جانب سفر يونان، تُبرز سفر الملوك الثاني إشارة تاريخية عنه، تُثبت دوره كنبّي خلال حُكم يربعام الثاني: «رَدَّ حُدودَ إسرائيل... بِحَسَبِ قَولِ الرَّبِّ... على لِسانِ عَبدِه يونان» (الملوك الثاني 14:25).  

العهد الجديد: يونان كـ"آية" في خطاب المسيح فيتحوّل يونان في العهد الجديد إلى استعارةٍ نبويّة، حيث يشبّه المسيح نفسه به في إنجيلي متّى ولوقا، مؤكدًا أن «آيةَ النَّبِيِّ يونان» (متّى 12:39) ستكون الدليل الوحيد لـ"جيل فاسق"، في إشارة إلى قيامته بعد ثلاثة أيام كما بقي يونان في جوف الحوت. ويُشدّد الإنجيل على أن توبة أهل نينوى ستُدين الأجيال اللاحقة: «رِجالُ نينوى يَقومونَ يَومَ الدَّينونَةِ... لأَنَّهُم تابوا بِإِنذارِ يُونان» (لوقا 11:32).  

لا تقتصر قصة يونان على سرد المغامرة، بل تُقدّم قراءةً في صراع الإنسان مع الأقداس الإلهية، حيث يتحوّل النبيّ الهارب إلى مُعلّمٍ عن التوبة وغفران الله غير المشروط، حتى للأمم (نينوى). وفي العهد الجديد، يُعاد توظيف الرمز ليُصبح إشارة إلى المسيح نفسه، الذي تجاوز يونان في عظمته: «هُهُنا أَعظَمُ مِن يُونان» (متّى 12:41).  

هكذا يربط الكتاب المقدّس بين شخصية تاريخية ورمز خلاصي، ليرسم مسارًا لاهوتيًا من العصيان إلى الفداء، ومن الهروب إلى البشارة، في حوارٍ متواصل بين العهدين.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط أقباط الإرثوذكس

إقرأ أيضاً:

صوم يونان في الطوائف المسيحية.. رمز التوبة وارتباطٌ بأسفار الكتاب المقدس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يُعتبر صوم يونان (أو صوم نينوى) أحد الأصوام المميزة في تقويم بعض الكنائس المسيحية الشرقية، ويرتبط بقصة النبي يونان (يونس في القرآن) المذكورة في سفر يونان  بالعهد القديم. 

ووفق النص التوراتي، أرسل الله النبي يونان إلى مدينة نينوى لدعوة أهلها للتوبة، وبعد رفضه ومحاولة الهرب، ابتلعه حوتٌ عظيم لثلاثة أيام قبل أن يُلقيَه على الشاطئ. توجه يونان أخيراً إلى نينوى، حيث استجاب أهلها لدعوته وصاموا هم وحيواناتهم تكفيراً عن خطاياهم، فغفر الله لهم.

الممارسة الكنسية عبر التاريخ:

تبدأ جذور الصوم في التقاليد المسيحية المبكرة حيث اعتمدت الكنائس الشرقية (كالكنيسة السريانية الأرثوذكسية، والقبطية الأرثوذكسية، والكنيسة الأشورية) هذا الصوم كفترة توبةٍ سنوية، تُقام قبل الصوم الكبير(الذي يسبق عيد الفصح) بأسابيع. يُحتفظ بهذا الصوم بشكل خاص في الكنائس التي تتبع التقويم الشرقي، مثل: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية: تصومه لمدة 3 أيام (تقع في الأسبوع الثالث قبل الصوم الكبير)، الكنيسة السريانية: تُطلق عليه "صوم الباعوث" (الدعاء)، وتخصص له قراءات من سفر يونان، الكنيسة الأرمنية تصومه لمدة 5 أيام.  

الطقوس والرمزية:

المدة: يتراوح الصوم بين 3 إلى 5 أيام، وفقاً للطقس الكنسي، ويشمل الامتناع عن الأكل والشرب لفترات محددة، مع التركيز على الأطعمة النباتية.  
الصلوات: تُتلى خلاله مقاطع من سفر يونان، خاصةً تلك التي تتحدث عن توبة أهل نينوى، إلى جانب مزامير التوبة.  
الرمزية الروحية: يُذكِّر الصوم المؤمنين بضرورة التواضع والتوبة، مستوحىً من قصة يونان الهارب من إرادة الله، وتحول أهل نينوى من الخطيئة إلى الغفران.

 

اختلاف الممارسات بين الطوائف:

رغم اشتراك الكنائس في الجوهر الروحي للصوم، تختلف تفاصيله:  
 الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية: لا تلتزم بهذا الصوم تقليدياً، إلا أن بعض المجتمعات تتبناه كتقوية روحية.  
 الشرق الأرثوذكسي: تُركّز على الصوم كاستعداد روحي للصوم الكبير، بينما في التقويم القبطي، يسبقه "أسبوع الاستعداد".  

صوم يونان في العصر الحديث:

أصبح الصوم في القرن الحالي فرصةً لتعزيز الحوار المسكوني بين الكنائس، حيث تُنظم لقاءات مشتركة خلاله. كما يُستخدم كمناسبة لدعوة غير المسيحيين إلى التعرف على قيم التسامح والتوبة في المسيحية. في لبنان والعراق وسوريا، تُحيي الكنائس هذا الصوم بقداسات خاصة، مع تأكيدٍ على الوحدة الوطنية في البلدان المتنوعة دينياً.

صوم يونان ليس مجرد امتناع عن الطعام، بل هو جسرٌ بين الماضي والحاضر، يربط المسيحيين بقصةٍ عمرها آلاف السنين، ويعيد إنتاج قيم التوبة والأمل في سياقات معاصرة. رغم التحديات التي تواجه المسيحيين في الشرق، يبقى هذا الصوم شاهداً على قدرة التراث الديني على الصمود والتجدد.

 

مقالات مشابهة

  • أنفاق وطرقات جديدة.. رخروخ يُطلق عدة مشاريع بالعاصمة
  • عدم تناول السمك في صوم يونان.. "قصه وعبرة"
  • فك شفرة مخطوطة متفحمة عمرها 2000 عام.. لن تصدق أولى الكلمات المكتشفة
  • تسليط الضوء على صوم نينوى وتأملات في مسيرة يونان النبي وأهل المدينة التاريخية
  • العالم بين النظام القديم والنظام الجديد
  • صوم يونان في الطوائف المسيحية.. رمز التوبة وارتباطٌ بأسفار الكتاب المقدس
  • عبد المسيح بعيد مار مارون:نتمنى أن يعمّ السلام وطننا لبنان
  • غدا.. المسيحيون يبدأون صوم يونان وسط استعدادات روحية خاصة
  • إصابة 5 أشخاص إثر انقلاب سيارة ميكروباص بالفيوم