في أقل من ساعات، اجتاز لبنان أزمة تشّكيل الحكومة، والمكلف بها علم من أعلام القضاء، ليس على مستوي لبنان فحسب، بل على مستوي العالم، برئاسته لمحكمة العدل الدولية، ونصاعة سجلّه، اللبناني القاضي نواف سلاّم.
وودّع لبنان حكومة مليشيات الحرب الأهلية، والتي تحكَّمت في أوضاع البلد الاقتصادية، والسياسية، منذ أن تحولت لأحزاب سياسية، وحكمت البلد لعقود، ونشرت الفساد، والمحسوبيات، وقادت لبنان لحرب رغماً عنه، دون تقدير لما أدت إليه، ما سميت بحرب الإسناد، والتي دمَّرت جنوب لبنان، ومناطقه التاريخية.
ولعل أفضل ما بدأ به عهد العماد عون رئيس الجمهورية خطابه بعد انتخابه، والذي وضع خطة طريق تضع لبنان لو طبقت علي الطريق الصحيح، وتطبيق اتفاق الطائف الذي وضع الخطوط العريضة للبنان المستقبل، والذي لم ينفذ منه شئ منذ اغتيال الرئيس الحريري (رئيس الوزراء الأسبق) وتحوّل لبنان إلي دولة فاشلة بكل معني الكلمة، بتحكَّم زعماء المليشيات في مقدراته، ونشر الفساد بشكل شامل، وانهارت عملته، وأصبح اقتصاده في أسوأ الأوضاع، وتزايدت معاناة الشعب اللبناني الذي راح ضحية المجموعة الحاكمة.
متفائل بالتشكيلة الوزارية التي وقّع مراسيمها الرئيس عون، والتي ضمّت ثلة من الخبراء والتكنوقراط ورجال الاعمال من خارج أحزابه السياسية الفاسدة.
والأمل كبير في هذه الحكومة بأن تصلح أمور هذا البلد الحبيب لكل العرب، والذي كان منارة ثقافية رائعة حتى ستينات القرن الماضي، قبل أن يتحول إلي دولة تدار من قبل من لا يفقهون في السياسة، وعمَّ الفساد البلد ممَّا زاد في متاعب شعبه البائس قبل إحياء الأمل بالقضاء على الفساد، ومحاسبة الطبقة الحاكمة السابقة، والتي أساءت لشعب لبنان ومنطقة الشرق الأوسط.
الأمل كبير في حكمة ونزاهة الرئيس عون، ودولة الرئيس نواف سلاّم رغم صعوبة المهمة، ويسود التفاؤل دولنا العربية وشعوبها في عودة لبنان للحضن العربي، وتصحيح أوضاعه التي لا تسر عدواً ولا صديق.
• كاتب رأي
ومستشار تحكيم دولي
mbsindi@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
عودة العلاقات اللبنانية الخليجية من بوابة الرئاسة
كتب جو رحال في" نداء الوطن":مع التطورات التي تشهدها الساحة السورية وتحسن فرص الاستثمار الخليجي في الأسواق السورية، يواجه لبنان تحديات كبيرة في جذب الاستثمارات الخليجية. أما على الصعيد الداخلي، فإن عدم القدرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وتأخر تشكيل حكومة جديدة بسبب عرقلة بعض القوى الداخلية، يعيق عملية تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي الضروري لجذب الاستثمارات وإحقاق المعادلة الثلاثية: استثمار، نمو، ازدهار.
لذلك، تعد زيارة الرئيس عون المرتقبة إلى السعودية نقطة محورية لإعادة بناء الثقة بين لبنان ودول الخليج حيث، وبحسب رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية الخليجية الدكتور ايلي رزق، سيتم توقيع 22 اتفاقية اقتصادية، ثقافية، أمنية وتربوية، ليصار بعد ذلك إلى فتح المجال أمام رفع الحظر عن سفر السياح السعوديين إلى لبنان، واستعادة الحركة التجارية بين البلدين. في هذا السياق، من المهم أن تعمل السلطات اللبنانية على تطبيق القرارات الدولية، وتعزيز سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، بما في ذلك إغلاق المعابر غير الشرعية وحصر السلاح بيد القوى الشرعية. إن إجراء الإصلاحات الضرورية في جميع القطاعات سيسهم في خلق بيئة مواتية للتعاون مع دول الخليج، ويعيد الثقة في قدرة لبنان على تحقيق الاستقرار. إن المرحلة القادمة تحمل فرصاً وتحديات كبيرة للبنان، ولا سيما في علاقاته مع دول الخليج. إن فتح آفاق التعاون المشترك مع هذه الدول يتطلب إصلاحات جذرية على الصعيدين السياسي والاقتصادي. فبإرساء أسس الاستقرار السياسي، وتفعيل الإصلاحات الاقتصادية، وتحسين البيئة السياسية والأمنية، يمكن للبنان أن يستعيد مكانته في المنطقة كوجهة استثمارية وسياحية. ومن خلال شراكات استراتيجية مع دول الخليج، يمكن للبنان أن يشهد فترة جديدة من النمو والازدهار، مما يعزز موقعه في العلاقات الإقليمية والدولية.