#الصراحة راحة يا ” #بن_غفير “
د. #هشام_عوكل، أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولي
في مشهد يعيد إلى الأذهان صفحات التاريخ الأكثر ظلامًا، دونالد ترامب يحرج الدول العريبة المطبعة في الشرق الاوسط بتهجير الفلسطينيين من غزة في خطوة تعكس الطبيعة الحقيقية للنهج الإمبريالي الذي تتبناه الولايات المتحدة واخرها طرح الاراضي السعودية وطن بديل .
إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل، انتقد حكومة نتنياهو معتبراً أن إسرائيل أصبحت “أضحوكة الشرق الأوسط”. أبدى استياءه من المساعدات الإنسانية لغزة ودعا لتعزيز “الهجرة الطوعية” للفلسطينيين، مشدداً على ضرورة اتخاذ خطوات لتدمير حركة حماس للعودة إلى الحكومة.
ترامب.. الهادم الأكبر للإمبراطورية الأمريكية
لطالما قدمت الولايات المتحدة نفسها على أنها القائد الأخلاقي للعالم، المدافع عن المظلومين، والحامل لمشعل الديمقراطية. لكن مجيء ترامب، بتهوره غير المسبوق وسياساته التي لا تخضع حتى لأدنى درجات الدبلوماسية، كشف للعالم زيف هذه الصورة. من المكسيك إلى البرازيل، من بنما إلى الصين، دنمارك ٫ من روسيا إلى الدول العربية وانسحاب من كل الاتفاقيات الدولية واخرها رفع الدعم على محكمة الجنائية الدولية ، لم يترك ترامب عدوًا إلا وخلقه أو عززه. فكيف يمكن لرئيس دولة يُفترض أنها الأعظم في العالم أن يخوض معركة ضد الجميع في وقت واحد؟
الأمر ليس جديدًا على الإمبراطوريات الكبرى، فالتاريخ يخبرنا أن كل إمبراطورية وصلت إلى قمة قوتها، سرعان ما أصيبت بجنون العظمة الذي قادها إلى اتخاذ قرارات متهورة أدت إلى سقوطها المدوي. الولايات المتحدة اليوم ليست استثناءً، ومشروع ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة ما هو إلا استمرار لنهج طويل قائم على اقتلاع السكان الأصليين من أرضهم، وهو تكرار لما فعله المستعمرون الإنجليز بالسكان الأصليين في أمريكا، والذين انتهى بهم الحال في محميات معزولة بعد أن سُلبت أراضيهم وهُدمت حضارتهم.
العالم يرفض ترامب.. والولايات المتحدة تواجه عزلتها
للمرة الأولى منذ عقود، نشهد إجماعًا عالميًا ضد الطرح الأمريكي. حتى الحلفاء التقليديون لواشنطن يجدون أنفسهم مضطرين للنأي عن هذه السياسات المتهورة. الاتحاد الأوروبي يعارض، روسيا والصين تستغلان الفرصة لكشف نفاق أمريكا، والدول العربية – حتى تلك التي كانت حليفة لواشنطن – تدرك أن سياسة الابتزاز التي ينتهجها ترامب لم تعد مستدامة.
أما داخل الولايات المتحدة نفسها، فإن الخطاب الترامبي الاستفزازي لم يعد يحظى بالقبول ذاته. فبينما يعتقد ترامب أنه يستطيع مواصلة سياساته القائمة على الاستفزاز والعنصرية وفرض الإملاءات بالقوة، فإن الرأي العام الأمريكي، الذي يعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية متفاقمة، قد بدأ يدرك أن عدوهم ليس في الخارج بل في الداخل، وأن زعيمهم يقود البلاد نحو عزلة دولية خطيرة
نهاية الإمبراطوريات تبدأ من لحظات الجنون
لا يمكن لأي إمبراطورية أن تستمر إلى الأبد. روما سقطت عندما وصلت إلى ذروة توسعها، والإمبراطورية البريطانية انهارت عندما حاولت السيطرة على ما لا يمكن السيطرة عليه، والاتحاد السوفيتي انهار بعد أن فقد شرعيته الأخلاقية أمام العالم. الولايات المتحدة اليوم تسير في نفس الاتجاه، وترامب هو التجسيد الحي لنهايتها الوشيكة.
ما يفعله ترامب ليس مجرد نزوة عابرة، بل هو تسريع لعملية انهيار بدأت منذ زمن. فكلما ازداد تعنت الإدارة الأمريكية، وتمادى زعماؤها في سياساتهم الاستعمارية، كلما اقتربت لحظة السقوط الحتمي. مشروع التهجير الذي يقترحه ترامب لن يمر، ليس لأنه يفتقر إلى الأسس الأخلاقية فقط، بل لأنه يواجه مقاومة عالمية غير مسبوقة.
التاريخ يعيد نفسه.. والنتيجة محسومة
كما انتهى مصير المستوطنين الأوروبيين الأوائل بإبادة السكان الأصليين، معتقدين أنهم سيؤسسون حضارة تدوم للأبد، فإن ترامب اليوم يكرر نفس الخطأ التاريخي، متجاهلًا أن من سبقوه انتهوا في مزبلة التاريخ. الفرق الوحيد هو أن العالم اليوم أكثر وعيًا، وأكثر قدرة على المواجهة، وأكثر استعدادًا لكشف زيف الإمبراطوريات التي تتغنى بالديمقراطية وهي في الواقع تمارس أعتى أنواع النازية الجديدة.
لن يستطيع ترامب أن يفرض مشروعه على العالم، ولا أن يفرض واقعًا يتجاهل حقوق الشعوب. بل على العكس، كل خطوة يتخذها بهذا الاتجاه تعجل بنهاية الإمبراطورية التي اعتبرت نفسها القوة العظمى المطلقة. وتمامًا كما بدأت، سينتهي هذا العصر الأمريكي بنفس الطريقة التي انتهت بها كل الإمبراطوريات قبله: بانفجار داخلي، ومعارضة عالمية، ورفض قاطع لسياسات الهيمنة والاضطهاد.
لكن الشيء الوحيد المضمون في التاريخ أن الطغاة لا يدومون، وأن الإمبراطوريات لا تعيش للأبد، وأن الرجال الذين يعتقدون أنهم فوق القانون، ينتهون غالبًا في زاوية النسيان، تمامًا كما حدث لكل من ظن نفسه خالدًا. لذلك، بدلاً من أن نحزن على تهور ترامب، ربما علينا أن نحتفل، لأنه، كما يقول المثل، “حين يريد الله أن يهزم ظالمًا، يرسل له جنونه ليقوده بنفسه إلى الهاوية
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: بن غفير الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
لماذا يهز تعليق الولايات المتحدة للتعاون الاستخباراتي مع أوكرانيا عالم التجسس؟
نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، تقريرًا، سلّطت خلاله الضوء عن تساؤل تحالف "العيون الخمس"، الذي تأسّس في سنة 1940 ويضم الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا، حول أمن شبكته.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنّه: "خلال الولاية الأولى لدونالد ترامب، حرصت أجهزة الاستخبارات الأمريكية على طمأنة نظيرتها البريطانية بشكل منتظم".
وأضافت: "قرار ترامب تعليق شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا وتبادل المعلومات الاستخباراتية أثار جدلًا كبيرًا. بعد اللقاء الذي جمع ترامب وزيلينسكي، في البيت الأبيض، طلبت واشنطن من حلفائها البريطانيين وقف نقل المعلومات التي يتم الحصول عليها عبر تحالف "العيون الخمس" إلى الأوكرانيين، رغم الاعتماد الكبير على هذه البيانات لاكتشاف الهجمات الروسية وتحديد الأهداف الاإتراتيجية".
وتابعت: "بشكل غير مسبوق، زعزع تقارب دونالد ترامب الجلي، مع موسكو، تحالف العيون الخمس لأول مرّة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. عليه، بات استمرار هذا التحالف، الذي يضم الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا موضع الشك، لا سيما في ظل إعادة نظر أعضاء هذا التحالف، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 70 سنة، في درجة أمنه".
لغز محير
ذكرت الصحيفة أنّ: "فرنسا وبريطانيا تستمران في تقديم المعلومات الاستخباراتية لأوكرانيا، رغم محدودية فعاليتها بسبب غياب المساهمة الأمريكية. بالنسبة لوكالات الأمن البريطانية؛ يتسم الوضع بالتعقيد إذ يتعين عليها التمييز بين المعلومات المستمدة من مصادر وطنية بحتة والأخرى المتأتية من مصادر مشتركة ضمن تحالف "العيون الخمس".
وأردفت: "دفع تقارب ترامب مع موسكو بعض المسؤولين في أجهزة الاستخبارات إلى التساؤل بشأن "أمن" المعلومات المتبادلة ضمن تحالف "العيون الخمس" في المستقبل، إذ قد تصبح بعض المصادر الاستخباراتية موضع تهديد. وذهب البعض إلى حد التشكيك في استمرار تواجد الولايات المتحدة ضمن هذا التحالف بصيغته الحالية".
"في الشهر الماضي؛ اقترح المستشار الاقتصادي السابق والحليف المقرّب لدونالد ترامب، بيتر نافارو، استبعاد كندا من تحالف "العيون الخمس"، في ظل توتر العلاقات بين واشنطن وأوتاوا" بحسب الصحيفة نفسها.
ومضت بالقول: "في ظل هذا الوضع غير المسبوق اقترحت مصادر في وزارة الدفاع البريطانية إنشاء مجموعة فرعية تتيح استمرار تبادل المعلومات الاستخباراتية حتى في حال معارضة الولايات المتحدة ذلك. وأوضح أحد هذه المصادر أن: الأمر لا يتعلق بالانسحاب من تحالف 'العيون الخمس، ولكن بإنشاء العيون الأربع داخله، دون أمريكا".
من جهته؛ يرى السفير البريطاني السابق لدى الولايات المتحدة، ديفيد مانينغ، أنّ: مسألة تبادل المعلومات الاستخباراتية قد تصبح معقدة في المستقبل.
مفككي الشفرات
يعود تأسيس تحالف "العيون الخمس" إلى أوائل الأربعينيات، خلال الاجتماعات السرية المنعقدة بين خبراء فك الشيفرات البريطانيين والأمريكيين. في كانون الثاني/ يناير 1941، أي قبل أحد عشر شهرًا من الهجوم على بيرل هاربر، دُعي الأمريكيون إلى "بليتشلي بارك"، مكان تواجد المركز البريطاني السري لفك الشفرات.
وبعد انضمام الولايات المتحدة إلى الحرب العالمية الثانية، اقترحت لندن تولّي دور القيادة في جمع المعلومات الاستخباراتية بشأن ألمانيا، بينما ركّز الأمريكيون جهودهم على اليابان ومنطقة المحيط الهادئ.
وبعد الانتصار في سنة 1945، تم اتخاذ قرار بشأن تمديد هذه الاتفاقيات التي وُضعت خلال زمن الحرب. في شباط/ فبراير سنة 1946، اتفقت الولايات المتحدة وبريطانيا على تبادل المعلومات الاستخباراتية، باستثناء المتعلقة بـ"المصلحة الوطنية". وبموجب ذلك، تم تبادل ضباط الاتصال ودمج العملاء داخل مختلف الأجهزة الأمنية.
في سنة 1949، انضمت كندا إلى هذا التعاون من خلال اتفاق مع الأمريكيين. ثم، في سنة 1956، وقّعت كل من أستراليا ونيوزيلندا الاتفاقية كأطراف مستقلة، بعدما كانتا ممثلتين في السابق عبر بريطانيا.
في الوقت الراهن، بات اتفاق "العيون الخمس" يركّز بشكل أساسي على اعتراض الاتصالات والاستخبارات الإلكترونية أكثر من المعلومات المستمدة من المصادر البشرية. وبفضل وكالة الأمن القومي الأمريكية، التي تُعدّ أداة استخباراتية قوية، توفر الولايات المتحدة 80 في المئة من المعلومات الاستخباراتية داخل التحالف.
في المقابل؛ تساهم دول التحالف الأخرى بقدرات محددة، خاصة في المناطق التي تتمتع فيها بنفوذ قوي، ما يعزز فعالية التعاون الاستخباراتي.
واختتم التقرير بالقول: "إلى جانب مسألة تبادل المعلومات الاستخباراتية، يفتح الوضع الراهن أمام البريطانيين الباب للتساؤل عما إذا كانوا سيجدون أنفسهم أكثر عزلة في مواجهة روسيا. وفي مؤشر على تدهور العلاقات، أعلنت موسكو، الإثنين، عن طرد دبلوماسيين بريطانيين بتهمة: القيام بأعمال تخريبية وتجسس".
واستطرد بأن: "لندن تُعدّ من أبرز الداعمين لأوكرانيا؛ حيث تعمل على تدريب زيلينسكي على المفاوضات الصعبة من أجل السلام ويتجلّى ذلك في الزيارة التي أداها مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول، لتقديم المشورة لفريق الرئيس الأوكراني".