على الخط الثاني من الهاتف جاء صوت مسئول في مؤسسة الكهرباء بعدن متوسلاً مساعدتهم في التحرك إعلاميا للضغط بهدف إدخال سفينة مازوت تقف على مقربة من شواطئ عدن يرفض مالكها إدخالها الى ميناء الزيت الا بعد دفع قيمتها كاملة ..
وفيما الرجل يتحدث مطالبا التحرك تذكرت زمن الفاسد الكبير "أحمد صالح العيسي " كما زعموا،الرجل الذي تولى لأكثر من 5 سنوات تموين كهرباء عدن بالوقود دون ان نقرأ ذات يوم ان قطرة وقود في الطريق او ان محطة كهرباء ما شكت نقصاً في مواردها .
قالوا للناس إن الرجل فاسد وإن الرجل يسرقنا وإن ثورتهم الحمراء يجب أن تقتلعه .. ويومها ردد قطاع كبير من الناس ذات الشعارات، قالوا نفس ذات الاتهامات بلا عريضة ولا أدلة ولا اتهام واضح المعالم .. مابكم ياقوم ؟؟ قالوا العيسي يسرقنا ؟؟ كيف يسرقنا؟ .. يسرقنا ياخي .. ذهب العيسي مع الريح وغابت سفنه فما الذي حدث ..؟ باعوا للدولة الوقود عداً ونقدا وكاش وعلى الطاولة .
جاءوا بأسوأ أنواع الوقود وزودوا بها المحطات .. استقدموا الوقود التالف حول العالم وباعوه بأضعاف أثمان الوقود الصالح للاستخدام ..
قال لي مواطن يعمل بائعا في بقالة صغيرة هذا الصباح بحي التقنية :" سلام الله على أيام العيسي .. قلت له :" هي ليست أيام العيسي فقط هي أيام بن دغر أيضا أيام الميسري أيام نايف البكري والقائمة طويلة ممن تعرضوا للتشويه، و سيقت الناس قطعانا صوب مرمى اتهامهم .. قلت له :" لا تأمل خيرا من قوم ذات يوم خرجوا إلى الشوارع مطالبين بتخفيض رواتبهم ، إنها المذلة في أبهى وأنصع صورها. وفي "عدن" ليست القصة قصة العيسي وحده..
ذات يوم كان لدينا رئيس وزراء من طراز نادر مليء بالأخطاء والقصور وبعض الفساد ولكنه أفضل حالاً من غيره .. أحسست بغصة يوم إقالته وأنا أقرأ التعليقات الكثيرة عن سارق الضوء والهواء (كما أسموه) وهو يغادر السلطة عقب معركة كانت الكرامة والنخوة عنوانها الأول، الرجل الذي اشتغلت الكهرباء في عهده 19 ساعة في اليوم الرجل الذي تسلمت الناس مرتباتها في كل القطاعات في الـ 25 من كل شهر الرجل الذي لم يكن الصرف يبارح عتبة الـ 500 ريال للدولار الواحد ..
كان عنوان المعركة التي اتقدت ضده هي الجوع والفقر والحاجة وانعدام الخدمات .. أدركت يومها أن هذا الشعب أصابته اللعنة، واللعنة حينما تصيب الشعوب فإنها لا تبارحها إلا بمقتل ..! بعد سنوات طويلة من إزاحة العيسي وإقالة بن دغر ما الذي تغير غير أن الشعارات أثبتت أنها وحيدة كاذبة وضعيفة في معاركها مع العقل والمنطق! .. المنطق الذي يقول :" لاتبدل بابنك جني ..!! ونحن استبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير..! وما أفلحوا ولن يفلحوا.. الو الو هل تسمعني :" أعذرني انا لا أسمعك، أحدثك من عدن التي انطفأ ضوؤها وخفت صوت أهلها ولم يبق ثمة صوت يسمع إلا صوت جموع المطبلين الذين باعوا الناس وهماً وخرافة.
المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: الرجل الذی
إقرأ أيضاً: