يمانيون../
“بَرَّعْ بَرَّعْ يا استعمار”.. بعدَ أكثرَ من 5 عقود من رحيل آخر جندي بريطاني من أرض عدن في الـ 30 من نوفمبر من العام 1967م، تعود الهُتافات مجدّدًا في نفس المدينة للمطالبة برحيل الاستعمار والغزاة.

احتاج أبناءُ المحافظات الجنوبية والشرقية، لما يقارب 10 سنوات من أعمارهم كي يكتشفوا حقيقة الاحتلال الجاثم على صدورهم، والأكذوبة التي عاشوها طيلة هذه الفترة، لتتضح الرؤيا لاحقًا بأن الهدف من التواجد الأجنبي لم يكن إعادة “الشرعية” الزائفة التي عفا عليها الزمن داخل فنادق الرياض وأبو ظبي، وإنما الهدف الحقيقي هو الهدف ذاته الذي جاء مِن أجلِه الاحتلال البريطاني سابقًا، والمتمثل في السيطرة على موانئ ومنافذ اليمن البرية والبحرية والجوية، ونهب ثرواتها وخيراتها، وتركيع أبنائها من خلال سياسة التجويع والإفقار المتعمد والممنهج.

لقد تجاوز أبناء عدن بتلك الهتافات “بَرَّعْ بَرَّعْ يا استعمار” وشعار “لا تحالف بد اليوم”.. كُـلّ الدعايات الكاذبة والتحريضية التي كانت تراوغهم بها أدوات العدوان ضد حكومة صنعاء، حَيثُ بات سكان المحافظات المحتلّة أكثر وعيًا من ذي قبل وأصبحوا يعلمون جيِّدًا من هو عدوهم الحقيقي، ومن هو المتورِّطُ بسرقة ثرواتهم واحتلال أرضهم وسلب حريتهم، وانتهاك حقوقهم وكرامتهم، وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة الأَسَاسية.

إن الصورةَ المأساويةَ القادمة اليوم من عدن والمحافظات الجنوبية، تعكس حجم البؤس والمعاناة التي يعيشها الأهالي هناك، بعد أن باتوا جميعًا يكتوون بنيران الاحتلال، وأصبح الموت جوعًا وقهرًا وكمدًا هو سيد الموقف، ما دفع السكان إلى الخروج للشارع؛ مِن أجلِ التنفيس عن غضبهم ضد سياسية التجويع والتركيع التي يمارسها الاحتلال وأدواته ومرتزِقة وميليشياته.

لم يكن الجوعُ وحدَه هو من أشعل فتيل الانتفاضة الشعبيّة الغاضبة في عدن المحتلّة، بل كان لجرائم القتل والقمع والإرهاب والاعتقالات التعسفية وإخفاء مئات المواطنين داخل سجون الاحتلال الإماراتي وميليشيا المجلس الانتقالي السرية، دورًا أَيْـضًا في ذلك، بالإضافة إلى انعدام الخدمات وفشل حكومة الفنادق في إنجاز أي تقدم يذكر بملف الاقتصاد وإيقاف انهيار الريال أمام العملات الأجنبية بشكل كارثي بعد أن تخطى قيمة الدولار الواحد حاجر الـ 2500 ريال، وهو ما انعكس سلبًا على أسعار المواد والسلع الغذائية الضرورية.

المحافظات الجنوبية المحتلّة بحاجة ماسَّةٍ اليومَ إلى الهبة الجماعية؛ مِن أجلِ إشعال فتيل الثورة والتحرّر من الظلم تحالف العدوان الجائر، ودحر المحتلّ وتطهير جميع أراضيهم ومناطقهم من دنس الطغاة وأدواته.

لليوم الرابع على التوالي تتواصلُ الانتفاضةُ الشعبيّة داخلَ عدن وأبين ولحج والضالع؛ بسَببِ تفاقم الأوضاع المعيشية والإنسانية وغياب الخدمات الضرورية التي يحتاجها المواطن وعلى رأسها الكهرباء التي كان الفساد السبب الرئيس في انطفائها حتى إشعار آخر.

وعلى مدار الأيّام الأربعة، ترتفعُ أصوات المحتجين بالهُتافات والشعارات المنادية برحيل الاحتلال وحكومة المرتزِقة وما يسمى الانتقالي، والتي كان من أبرزها شعار بـ”برع برّع يا استعمار” التي دوت كُـلّ أرجاء مدينة عدن، كما تم إحراق علم دويلة الاحتلال الإماراتي من قبل المواطنين الغاضبين.

وشملت الفعاليات الغاضبة، أعمال فوضى وشغب، تمثلت في قطع الطرق الرئيسة وشل حركة المرور، بالرغم من محاولات ميليشيا الانتقالي قمع تلك التظاهرات وتفريق المتظاهرين عبر إطلاق النار عليهم بشكل مباشر، وهو ما تطور الأمر بعد ذلك ليدفع المواطنين للرد على الاستفزازات والإقدام على حرق أطقم عسكرية تابعة لمرتزِقة الاحتلال الإماراتي.

من جانبه أطلق محافظ عدن طارق سلام، تصريحات شديدة اللهجة إزاء ذلك، محذرًا ميليشيا الاحتلال من أية اعتداءات أَو قمع تستهدف المظاهرات السلمية، مؤكّـدًا أن إرهاب المرتزِقة لن يوقف الغضب الشعبي المتعاظم ضد المحتلّ وأدواته.

ولفت المحافظ سلام إلى أن الوضع المعيشي للمواطنين في عدن والمحافظات المحتلّة وصل إلى مستويات خطيرة نتيجة سياسات الاحتلال التدميرية، معتبرًا ما يقوم به الاحتلال السعوديّ الإماراتي من تجويع للمواطنين يعكس الأهداف الخفية التي حاول المحتلّ تغييبها عن أبناء عدن، مبينًا أن حالة الغضب والاحتجاج السلمي للمواطنين يعكس الرغبة الشعبيّة الجامعة في طرد المحتلّ وأدواته العابثة بمقدرات الوطن وثرواته.

في السياق، تطرق عضو المكتب السياسي لأنصار الله، محمد الفرح، إلى ما آلت إليه الأوضاع المعيشية والاقتصادية داخل مدينة عدن وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرة تحالف العدوان والاحتلال.

وسخر الفرح من حكومة المرتزِقة، التي تدَّعي بأنها دولة، وذلك بعد أن عجزت عن تشغيل كهرباء عدن، وعجزت حتى عن تشغيل لمبة وماطور، رغم المنح والدعم الذي تستلمُه من الخارج، متسائلًا: “كيف ستفعلُ هذه الحكومة الفاشلة بعد أن تتمكّن من السيطرة على اليمن كاملاً؟”.

وأكّـد القيادي في أنصار الله أن المعاناة التي يعيشها الأهالي في المحافظات الجنوبية هي نتيجة الاحتلال؛ لأَنَّه لا يريد خيرًا للبلد، وكلّ العناوين التي رفعها كانت للاستغلال، والأوضاع المتردية في عدن وغيرها خير دليل، سواء على الجانب الأمني أَو الاقتصادي أَو بقية المجالات.

المسيرة: هاني أحمد علي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المحافظات الجنوبیة المحتل ة بعد أن

إقرأ أيضاً:

انقطاع الكهرباء، وانهيار المنظومة الصحية وأزمة مياه خانقة، ومجلس الارتزاق يعقد اجتماعه عن بُعد!

 

تحت وقع سياسة الإهمال والإذلال المريب، تتعمد سلطات الاحتلال السعودي الإماراتي وأدواتها الرخيصة مضاعفة المعاناة وتضييق الخناق المعيشي على أبناء عدن والمحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة التي تشهد واقعا مريرا ومعاناة غير مسبوقة نتيجة انهيار المنظومة الكهربائية بشكل كامل وتوقف الخدمات الطبية في المستشفيات والمرافق الصحية وأزمة المياه والغاز المنزلي التي تعصف بالمحافظات المحتلة، ناهيك عن الجرعة التجويعية الثانية التي فرضتها حكومة المرتزقة في أقل من شهر.

قضايا وناس / مصطفى المنتصر

يستمر مسلسل الانهيار والفوضى الذي تمارسه قوات الاحتلال السعودي الإماراتي وأدواتها في عدن حتى وصل إلى مستويات غير مسبوقة أدت إلى شلل تام في المحافظة التي كانت ذات يوم عاصمة اليمن الاقتصادية وبوابتها السياحية والتاريخية حتى جاء المحتل وجعل منها جحيماً للموت ومستنقعاً للفوضى والتشرذم في فترة قياسية، عرت الأهداف الخفية للمحتل والتي لطالما تجاهلها البعض تحت ذرائع وأوهام زائفة، غير أن الأيام أثبتت حقيقة هذا المحتل وأهدافه الخبيثة التي لم تجلب لأبناء عدن والمحافظات الجنوبية المحتلة سوى الموت والجوع والدمار.

تجاهل وصمت مرتزقة الاحتلال

وبعد ثلاثة أشهر عن إعلان خروج محطات الديزل والمازوت عن العمل في عدن ومثلها في لحج والضالع وأبين، وحكومة العمالة وقيادات المرتزقة لم تحرك ساكنا تجاه هذه المعاناة، بل هربت من جحيم الألم الذي أغرقت فيه عدن إلى فنادق الارتزاق، لتقوم بعقد اجتماعات لما يسمى المجلس الرئاسي وحكومة المرتزقة عن بعد، في الوقت الذي يفتقر فيه المواطن لأبسط مقومات الحياة الضرورية والخدمات الأساسية التي باتت منعدمة بشكل تام .

بعد أعوام من الظلم والقهر والمعاناة التي تجرعها ولازال المواطن يعاني مرارتها، اجتاحت موجة غضب عارمة معظم المحافظات المحتلة وأدت إلى قطع الطرقات الرئيسية بين المحافظات وأحراق الإطارات بالإضافة إلى موجة اضرابات تامة للمحال التجارية، في مشهد يعكس مدى حالة الانهيار المتسارع الذي وصلت إليه الأوضاع في مناطق سيطرة الاحتلال وعجز مليشياته عن احتواء الأوضاع بعد أن خرجت عن السيطرة .

موجة غضب عارمة

انفجر الغضب بعد حين من الدهر واستعرت النيران الغاضبة شوارع وأحياء المحافظات المحتلة، مطالبة باجتثاث المليشيات المسلحة وحكومة المرتزقة ومن ورائها واستعادة كل ما هو حق وملك للوطن والمواطن، بعد عشرة أعوام من الحرمان والفقر والمعاناة، الأمر يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن القهر والمعاناة باتت لا تطاق وأن من خرجوا اليوم في انتفاضة عارمة اجتاحت معظم المحافظات المحتلة، لن يتراجعوا حتى خلع واجتثاث المنظومة الفاسدة والطغيان الجاثم على صدورهم على مدى أعوام .

مشاهد الغضب الملتهبة التي اجتاحت الأسبوع الماضي معظم المحافظات المحتلة وأدت إلى قطع الطرقات الرئيسية بين المحافظات وإحراق الإطارات رافقتها موجة من الإضرابات والعصيان المدني، الذي أدى إلى شلل تام في المدن والمحافظات الجنوبية المحتلة، في مشهد يعكس مدى حالة الانهيار المتسارع الذي وصلت إليه الأوضاع في مناطق سيطرة الاحتلال وعجز مليشياته عن احتواء الأوضاع بعد أن خرجت عن السيطرة.

وعمت الاحتجاجات الغاضبة معظم المحافظات الخاضعة لسيطرة الاحتلال السعودي الإماراتي، التي طالبت برحيل المحتل ومرتزقته وسرعة توفير الخدمات ومحاربة الفساد والمحسوبية التي لطالما جعلت من موارد الشعب وثرواته لقمة سائغة في متناول ثلة من الفاسدين، مؤكدة أن رحيل المحتل وأدواته هو أول المطالب المشروعة للمحتجين بعد أن أوهم الشعب على مدى أعوام بأكاذيب ووعود زائفة.

وطالب المتظاهرون بقية المواطنين في المحافظات المحتلة بالانتفاضة في وجه المحتل وأدواته، والخروج ضد الظلم والقهر الذي لازال يعاني منه المواطنون حتى اليوم في ظل صمت مطبق وتجاهل مريب من مرتزقة التحالف وحكومة الفنادق التي لم تكلف نفسها بالعودة إلى عدن والقيام بمسؤولياتها وواجباتها تجاه المواطن.

 

 

 

مقالات مشابهة

  • شاهد | المحافظات الجنوبية.. الاحتلال وهلم جرا
  • ناشطون وسياسيون يعلِّقون على التظاهرات المتصاعدة في المحافظات المحتلّة: الحل إسقاطُ وصاية الاحتلال وأدواته
  • المحافظات المحتلة.. أوضاع كارثية يغذيّها الاحتلال السعودي الإماراتي
  • توسع الاحتجاجات في المحافظات المحتلة.. واشتباكات بين مرتزقة العدوان في عدن
  • انقطاع الكهرباء، وانهيار المنظومة الصحية وأزمة مياه خانقة، ومجلس الارتزاق يعقد اجتماعه عن بُعد!
  • اتساع رقعة الاحتجاجات في المحافظات المحتلة.. واشتباكات عنيفة بين مرتزقة العدوان في عدن
  • محافظ عدن: الوضع المعيشي في المحافظات الجنوبية المحتلة وصل إلى مستويات خطيرة وغير مسبوقة من الانهيار والتدهور
  • سلام: سياسة المحتل وأدواته فاقمت معاناة المواطن في المحافظات المحتلة
  • محافظ عدن: ما تشهده عدن والمحافظات الجنوبية المحتلة اليوم نتاجا لسياسة المحتل