دوستويفسكي في سيبيريا.. كيف حوله السجن إلى أعظم روائي؟
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
يُعد فيودور دوستويفسكي أحد أعظم الروائيين في التاريخ، لكن قلة من القراء يدركون أن نقطة التحول الأهم في حياته وأدبه لم تكن مجرد تجربة الكتابة، بل كانت تجربة السجن والنفي إلى سيبيريا. فقد كان هذا الحدث القاسي هو الشرارة التي أعادت تشكيل رؤيته للعالم والإنسان، وحولته من كاتب واعد إلى فيلسوف روائي يغوص في أعماق النفس البشرية.
في عام 1849، كان دوستويفسكي عضوًا في جماعة فكرية تُدعى “حلقة بتراشيفسكي”، والتي ناقشت أفكارًا سياسية معارضة للنظام القيصري. أُلقي القبض عليه مع عدد من زملائه، وصدر الحكم بإعدامه رميًا بالرصاص. في اللحظة الأخيرة، وقبل تنفيذ الحكم بلحظات، جاء مرسوم قيصري بتخفيف العقوبة إلى السجن في سيبيريا لمدة أربع سنوات، تبعتها سنوات من الخدمة العسكرية القسرية.
تلك الدقائق القليلة التي اعتقد فيها أنه سيموت، ثم النجاة المفاجئة، زرعت داخله فهمًا جديدًا للحياة والموت، وهو ما ظهر لاحقًا في أعماله، خصوصًا في شخصيات مثل الأمير ميشكين في “الأبله”، الذي اختبر مشاعر مماثلة.
“ذكريات من بيت الأموات”: شهادة حية من قلب الجحيمعاش دوستويفسكي في سيبيريا بين المجرمين والقتلة والمنفيين، ورأى بنفسه كيف تتغير النفوس البشرية تحت وطأة القهر والعذاب. هذه التجربة ألهمته كتاب “ذكريات من بيت الأموات”، وهو عمل أشبه بشهادة أدبية عن الحياة داخل المعتقلات القيصرية، قدم في الكتاب صورة إنسانية معقدة للسجناء، فبدلًا من تصويرهم كوحوش، أظهر كيف يمكن أن يكونوا ضحايا لظروفهم الاجتماعية والسياسية.
كيف غير السجن نظرته للإنسانية؟قبل السجن، كان دوستويفسكي متأثرًا بالتيارات الفكرية الليبرالية والاشتراكية، لكنه خرج من المعتقل برؤية أكثر تعقيدًا. رأى أن المعاناة قد تكون طريقًا للخلاص الروحي، وهو ما انعكس في شخصياته التي تخوض صراعات داخلية بين الخير والشر، مثل راسكولينكوف في “الجريمة والعقاب” وأخوة كارامازوف.
تحول أيضًا إلى الإيمان العميق بأن الله والخلاص الروحي هما الحل لمعضلة الإنسان، وهو ما يظهر بوضوح في النقاشات الفلسفية داخل رواياته، خاصة في شخصية إيفان كارامازوف الذي يجادل حول وجود الله والشر في العالم.
هل كانت سيبيريا لعنة أم نعمة؟رغم أنها كانت تجربة قاسية، إلا أن السجن كان نقطة التحول التي جعلت من دوستويفسكي كاتبًا عالميًا. ربما لولا هذه المعاناة، لما وصل إلى العمق النفسي والفلسفي الذي ميز أعماله. وكما قال لاحقًا في رسالة لأحد أصدقائه:
“أنا مدين لتلك السنوات في السجن بكل شيء، لولاها لكنت شخصًا آخر.”
اليوم، وبعد أكثر من قرن على رحيله، لا تزال رواياته تُقرأ في جميع أنحاء العالم، لأنها تتناول أسئلة الإنسان الأزلية عن الخير والشر، الإيمان والشك، الحرية والقدر—وكلها أسئلة ولدت من رحم زنزانة باردة في سيبيريا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سيبيريا النفس البشرية المزيد فی سیبیریا
إقرأ أيضاً:
مواطنون سودانيون: الإمارات كانت وما زالت السند لبلدنا
الشارقة: جيهان شعيب
عبَّر عدد من أبناء الجالية السودانية المقيمين على أرض الإمارات، عن بالغ اعتزازهم وتقديرهم لقيادتها، وشعبها الكريم، لدعمهم المستمر والمتواصل للسودان منذ اندلاع الحرب فيه مستهل عام 2023، والتي أتت على كثير من جوانبه ومقدراته وأدت إلى مغادرة معظم أبناء شعبه إلى خارجه، بعدما ألمت بهم المعاناة وأقضت مضاجعهم، وضاع أمنهم وأمانهم، وتشتت استقرارهم وقهرهم الصراع الدائر في بلدهم.
وأكدوا أن الجهود الإماراتية لوقف الصراع الدائر في السودان، بدأت فور حدوثه، ولم تنقطع لليوم وكانت مشهودة بامتياز وعبرت عن حجم الترابط بين البلدين والتآخي والتواد وحسمت كل ما يخالف ذلك من ادعاءات البعض المزيفة والأقاويل القليلة التي تغاير الحقيقة، حيث الوقفة الإماراتية الأصيلة مع السودان وشعبه، نبراس متين في بلد الأب المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، الذي يشهد التاريخ وقفاته مع المنكوبين والمتضررين في أي مكان كانوا ودائماً الإمارات السند والعضيد الأصيل للسودان والشعوب كافة.
عمق وأصالةوفي ذلك أكد الكاتب والإعلامي محمد الأمين سعد المقيم بإمارة الشارقة منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي، عمق العلاقات بين الشعبين السوداني والإماراتي والتي يعود تأسيسها إلى ما قبل قيام الاتحاد، حيث استقبلت الإمارات الكثيرين من السودانيين الذين شاركوا في نهضة الدولة وتأسيس البني التحتية والمشاريع التنموية التي شكلت أساس بناء الدولة ونهضتها بعد قيام الاتحاد.
وقال: ضاعف من تعزيز وترسيخ العلاقات بين الشعبين الشقيقين وصول الرئيس السوداني الأسبق المشير جعفر نميري واستقباله في أبوظبي كأول رئيس دولة عربية تعترف بقيام دولة الإمارات العربية المتحدة والعلاقات الخاصة والحميمة، التي جمعت بين الرئيس جعفر نميري رحمه الله والمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تجاوزت بعمقها وأصالتها، كافة أشكال العلاقات البروتوكولية التي تجمع بين قادة الدول وزعمائها.
واستطرد: وطوال إقامتي في دولة الإمارات على مدى ما يقارب الأربعين عاماً لم نجد نحن السودانيين المقيمين في الدولة سوى الاحترام والتقدير والرعاية الكريمة من الدولة وقيادتها الحكيمة، والمحبة والتقدير والعلاقات الطيبة الحميمة مع أشقائنا مواطني الدولة، الذين نكن لهم كل المحبة والاحترام والتقدير لما وجدناه فيهم من تشابه كبير في القيم والصفات والمثل والعادات والأعراف مع أشقائهم السودانيين والتي عمقت من التآلف والمحبة والعلاقات الطيبة التي تجمع بينهم وبين أشقائهم السودانيين.
ولا يمكن مطلقاً أن تتأثر العلاقات بيننا وبين مواطني الإمارات، بالمواقف السياسية والخلافات العابرة التي يمكن أن تنشأ بين الأنظمة والدول وسوف تبقى الإمارات وقيادتها وشعبها، محل اعتزاز وتقدير ومحبة الشعب السوداني، الذي يشهد على دعمها المستمر للسودان ووقوفها المستمر إلى جانبه وانحيازها الدائم لمصالحه ورعايتها الكريمة لأبنائه الذي تحتضنهم بمحبة واحترام، ورعاية كريمة على أرضها.
وضاعف من ذلك ما قدمته الإمارات وقيادتها من رعاية كريمة للنازحين من أبناء السودان، الذين دفعت بهم ظروف الحرب والصراع والمحنة التي يمر بها السودان حالياً إلى مغادرة بلدهم ووجدوا كل الرعاية والاهتمام من قبل الدولة وقيادتها الرشيدة، فالتحية لدولة الإمارات قيادة وشعباً والشكر والتقدير على كل ما قدمته الإمارات وما تقدمه من دعم للسودان ووقوف إلى جانب الشعب السوداني ودعم لتطلعاته في الكرامة والحرية والتقدم والبناء.
عقود محبةوأكد زهير هارون حماد مقيم بالإمارات، على عمق العلاقات التي تجمع بين الشعبين السوداني والإماراتي والتي تعود إلى عقود طويلة من المحبة والاحترام والتقدير المتبادل بين الشعبين الشقيقين، إلى جانب التقدير والاحترام الذي يكنه أبناء السودان لقيادة الإمارات ومواقفها الداعمة للسودان في المحافل الإقليمية والدولية كافة وسعيها الدائم لتعميق وترسيخ العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين، إلى جانب مساهمتها في العديد من المجالات والمشاريع التنموية التي تساعد على نهضة السودان، وتحقيق تقدمه.
وأضاف: «إننا كجالية سودانية نعيش في الإمارات منذ عدة عقود، لم نجد من قيادتها وشعبها سوى كل الرعاية والاهتمام والدعم المتواصل الذي يتخطى كل الحدود، من أجل تمكيننا من العيش والعمل والتمتع بالحياة الكريمة، حيث امتد هذا الدعم والرعاية الطيبة، لكل من وصل إلى الإمارات من أبناء السودان، الذين دفعتهم ظروف الحرب، والمحنه التي يمر بها السودان حالياً، إلى مغادرة بلدهم واللجوء إلى الدول الشقيقة والصديقة».
ووجد القادمون إلى دولة الإمارات كل رعاية، وعناية واهتمام منذ قدومهم إليها، وطوال إقامتهم حتى اليوم، حرصت الدولة ومنظماتها الخيرية والإنسانية، على توفير كل سبل الرعاية، وتمكينهم من البقاء فيها بيسر وسهولة واطمئنان، فالشكر والتقدير والعرفان للإمارات قيادة وشعباً وقوفهم إلى جانب الشعب السوداني وعلى ما قدموا ويقدمونه للسودان وشعبه، من رعاية واهتمام.
أشاد محمد قريب الله أحمد بالعلاقات الطيبة القائمة بين الشعبين السوداني والإماراتي والتي تعود إلى عقود طويلة وتمتد إلى ما قبل قيام الاتحاد، مشيراً إلى ما يجده أبناء الجالية السودانية المقيمين في الإمارات من رعاية وعناية واهتمام من دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة ووقوفها الدائم إلى جانب الشعب السوداني وحرصها على تعزيز وتمتين العلاقات بين البلدين الشقيقين، إلى جانب مساهمتها في العديد من المشاريع التنموية والبني التحتية التي تساعد على النهوض بالسودان وتقدمه.
وقال: «طوال إقامتنا في الإمارات حظينا من شعبها الشقيق وقيادتها الرشيدة بكل الرعاية والعناية والاهتمام وتوفير فرص العمل والعيش الكريم بين أهلنا وأشقائنا في الإمارات، فالشكر والتقدير لشعبها وقيادتها الرشيدة على كل ما قدموه ويقدمونه للسودان ووقوفهم إلى جانب الشعب السوداني».
قال محمد سعيد مقيم بالإمارات منذ أكثر من عشرين عاماً: إنه بين الشعبين السوداني والإماراتي علاقات متجذرة، وضاربه في عمق التاريخ، وتعود إلى ما قبل قيام الاتحاد وتميزت بالمحبة، والإخاء الصادق والاحترام الذي يكنه كلا الشعبين للآخر». وأضاف: «طوال إقامتي في هذا البلد الكريم لم أشعر بأنني غريب عن وطني وأهلي وجميع السودانيين المقيمين في الدولة يجدون كل المحبة والاحترام والتقدير والرعاية الكريمة من القيادة الرشيدة، بالإضافة إلى ما تقدمه الإمارات من دعم ومساعدات للسودان، ووقوف إلى جانب شعبه، ومساهمتها مشهودة في إنجاز العديد من المشاريع التنموية، التي تساعد على استقرار السودان والنهوض بشعبه» وأكمل: «مهما كانت التحديات التي تواجه العلاقات بين البلدين الشقيقين، فلن تكون سوى سحابة عابرة وسوف يبقى ما يكنه الشعب السوداني من محبة واحترام لأشقائه الإماراتيين».