الأسطح الخضراء.. حل مستدام للتنمية الحضرية
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
إعداد: سومية سعد
للحكومات دور حاسم في التصدي لتحديات تغير المناخ وتحقيق الاستدامة، وتعمل الحكومات جاهدة في الآونة الأخيرة، على وضع استراتيجيات وسياسات فعالة للتكيف مع تغير المناخ والحدّ من انبعاثات الكربون والترويج لاستخدام الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة. وتسعى إلى تعزيز التعاون بين الأطراف المختلفة محلياً وعالمياً، بما في ذلك الشراكة مع المؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية.
وهناك كثير من الاتفاقات والمبادرات الدولية التي تشجع على التعاون العالمي لمكافحة تغير المناخ، مثل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية عن تغير المناخ «UNFCCC»، واتفاق باريس، وغيرها من الاتفاقات التي تحقّق تحولاً جذرياً في الأسلوب الذي يتعامل مع قضايا تغير المناخ وطنياً وعالمياً.
حلول مناخية
واهتمت الدول بالبحث عن الحلول الجذرية للمناخ، ومنها الأسطح الخضراء، ونظراً لفوائده البيئية تبنّت منظمة الأغذية والزراعة «فاو» التابعة لمنظمة الأمم المتحدة هذه الفكرة، وطبّقتها بالفعل في كثير من البلدان والمدن، ومنها تنفيذ فكرة الأسقف الخضراء في مدينة نيويورك، لجعل المدن مكاناً ملائماً للعيش والتخلص من الآثار المدمّرة للتلوث. وأصبحت زراعة أسطح الأبنية من المشاريع الضخمة التي تطبق في دولة الإمارات، حيث يعمل المشروع على خفض درجة الحرارة داخل البيوت والمباني التي تزرع أسطحها. كما تكمن أهميته في تقليل انبعاث الكربونات وتحسين البيئة الداخلية والهواء في المنزل أو المبنى، وتحسين صحة المجتمع.
والأسطح الخضراء، تقنية مبتكرة تجمع بين الهندسة المعمارية والبيئة، وتهدف إلى تحويل أسطح المباني إلى مساحات مزروعة بالنباتات.
جودة الهواء
تتميز الأسطح الخضراء بقدرتها على تحسين جودة الهواء، وخفض درجات الحرارة في المدن، وتقليل تأثير «الجزر الحرارية الحضرية». كذلك، تسهم في تحسين كفاءة الطاقة في المباني، حيث تعمل النباتات عازلاً طبيعياً للحرارة والبرودة.
وتعدّ الإمارات من الدول السبّاقة في استشراف أهمية البناء الأخضر، ومساهمته في استراتيجيات التنمية المستدامة، معتمدة منذ عام 2010 معايير البناء الأخضر والبناء المستدام، التي بدأ تطبيقها في المباني الحكومية مطلع 2011، ليُشرع بعدها بتطبيقها في جميع أنحاء البلاد. ويوفّر مشروع تحول المباني الحكومية لمبانٍ مستدامة نحو 10 مليارات درهم إماراتي بحلول عام 2030، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار30%.
وبينما يكتسب العالم فهماً شاملاً وواضحاً لتأثيرات ظاهرة التغير المناخي، ومعدل ارتفاع مستويات سطح البحر، تلتزم الدولة بالتقييم المستمر لتأثيرات سياساتها، لضمان تحديثها بشكل يتناسب مع التغيرات الطارئة، وحماية التطورات الساحلية، لتكون نموذجاً للتخطيط المستدام المتكامل، والإدارة الفعالة للتطوير والتنمية والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
أبوظبي
وتعزيزاً لاستراتيجيتها في تطبيق متطلبات البيئة والتنمية المستدامة، نفذت بلدية مدينة أبوظبي، التابعة لدائرة البلديات والنقل، مشروع الأسطح الخضراء في مبناها الرئيسي في شارع السلام بأبوظبي، لخلق بيئة عمل صحية لموظفيها، عبر تطبيق التقنيات الجديدة للاستدامة وتوسيع نطاق الأسطح الخضراء في المبنى.
ويهدف المشروع إلى نشر ثقافة الارتقاء بمعايير الاستدامة، وخلق بيئة عمل نموذجية آمنة مفعمة بالحيوية، تمنح الطاقة الإيجابية لموظفي البلدية، بشكل يرفع من معنوياتهم ويضاعف إنتاجية العمل، لتقديم خدمات راقية تتماشى مع كفاءات كوادر البلدية، وترفع رضا المتعاملين وسعادتهم.
ويعمل المشروع على زيادة الأسطح الخضراء، وتجميل الفراغات بمواد صديقة للبيئة، وزيادة جودة الهواء وتصفيته من الملوثات، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك تقلل درجة الحرارة بالمبنى، وتخفض استهلاك الطاقة. وتضمن المشروع زراعة نحو 1000 نبتة مختلفة ومتنوعة، تروى بالمياه الرمادية المعادة تنقيتها من المياه المستخدمة في مرافق مبنى البلدية، واستخدام مواد صديقة للبيئة لتقليل الانبعاثات الكربونية. كما تشغّل نظام التبريد بالرذاذ المائي، والإضاءة الموفرة للطاقة «LED» عبر الألواح الشمسية. ويسهم المشروع في تقليل استهلاك الطاقة وامتصاص الحرارة، وعدّ الأسطح الخضراء عازلاً حرارياً للمبني، وخفض نسبة انبعاث غازات الاحتباس الحراري وتلوث الهواء المرتبطة بزيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو، واستخدام تقنية التهوية الميكانيكية بتحويل الهواء الساخن إلى هواء بارد نقي، وتجميل المظهر الخارجي للمبنى باستخدام مواد مستدامة صديقة للبيئة.
دبي
طبّقت بلدية دبي مشروع الأسطح الخضراء ذات المردود الإيجابي البيئي الكبير على الأبنية وقاطنيها والمدينة بشكل عام، في إطار توجيهات صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لتبنّي معايير التنمية المستدامة التي تعدّ من أولويات اهتمامه ببناء دبي المستقبلي.
إن زراعة الأسقف والواجهات من عناصر ومتطلبات الأبنية الخضراء في جميع الأنظمة العالمية. كما أن زراعة الأسقف والواجهات متطلب بيئي عالمياً تطبّقه كثير من الدول، لما يحققه من فوائد كثيرة وأهمها خفض درجات حرارة المدن، وتقليل الأحمال الكهربائية التي تخفض نسبة الانبعاثات الكربونية.
وجربت بلدية دبي تنفيذ النظام على مبانيها الرئيسية التي أثبتت نجاحها بنسبة عالية، باستخدام المياه الناتجة عن أجهزة التكييف في ري النباتات، والمشروع يأتي تنفيذه تباعاً وتماشياً مع مشروع المباني الخضراء.
وأكدت بلدية دبي اهتمامها وحرصها على توفير بيئة نظيفة ومناسبة ضمن التوجه العام لتطبيق معايير المباني الخضراء في إمارة دبي، وسعيها لتحقيق الهدف الاستراتيجي برفع نصيب الفرد من الرقعة الخضراء إلى 13.5 متر مربع. مؤكدةً اعتزامها مضاعفة المساحات الخضراء في الإمارة، والتي وصلت إلى 51 مليون متر مربع، ويأتي هذا بالتوافق مع تحقيق مستهدفات المؤشر التنافسي العالمي التابع لمنظمة الأمم المتحدة «مؤشر نصيب الفرد من المساحات الخضراء 15 متراً مربعاً». وأوضحت أن الأسطح الخضراء تقلل استهلاك الطاقة، حيث تحتاج إلى تبريد أقل في الصيف، ما تحتاج إليه المباني ذات الأسطح التقليدية، حيث تعدّ إحدى وسائل العزل الحراري المجدية التي إذا استخدمت على نطاق واسع، فإنها ستسهم في التصدي لظاهرة التراكم الحراري في البيئة المبنية.
حرارة الأرض
وأجمع عالمياً على أن السبب الرئيسي في ارتفاع درجة حرارة الأرض، يعود إلى انبعاث الغازات الدفيئة الناجمة عن الأنشطة البشرية، والتطور الحضري المطّرد، واتساع المدن، ما يستدعي من واضعي السياسات التحرك العاجل لتخفيف عواقب ارتفاع الحرارة عالمياً، والتغلب عليه، من دون التخلي عن حاجات التنمية الاقتصادية والعدل الاجتماعي، حيث إن تصميم المباني بصورة أفضل والعمل على توفير الطاقة، يمكن أن يسهما في الحدّ من ارتفاع حرارة الأرض.
ويقول الخبير الزراعي مدحت حسين علي: تساعد الأسطح الخضراء على تقليل أحمال التدفئة والتبريد داخل المبنى.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: تسجيل الدخول تسجيل الدخول فيديوهات الإمارات القمة العالمية للحكومات التغير المناخي تغیر المناخ الخضراء فی
إقرأ أيضاً:
وزير الزراعة يكشف أهمية جهود الصندوق الدولي للتنمية الزراعية "ايفاد"
أكد علاء فاروق وزير الزراعة، على أهمية الجهود التي يقوم بها الصندوق الدولي للتنمية الزراعية "ايفاد"، للمساهمة في تحقيق التنمية الزراعية، ودعم صغار المزارعين، وتحسين سبل العيش، وذلك من خلال التعاون مع الحكومة المصرية لدعم المجتمعات الريفية في مصر.
الإستثمارات الزراعيةجاء ذلك خلال استقبال وزير الزراعة وفد البعثة الإشرافية للصندوق الدولي للتنمية الزراعية "الايفاد" برئاسة الدكتور محمد عبد القادر المدير القطري لمكتب الإيفاد بالقاهرة، وذلك لبحث نتائج البعثة وتقييمها لمشروع الإستثمارات الزراعية المستدامة وتحسين سبل العيش "سيل".
وحضر اللقاء المهندس مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة، الدكتور سعد موسى المشرف على العلاقات الزراعية الخارجية، والدكتور هاني درويش المدير التنفيذي للمشروع.
وأشار فاروق إلى أهمية، تكثيف سبل التعاون المشترك، لدعم صغار المزارعين والمنتجين الزراعيين، في القرى المستهدفة في المشروع، فضلا عن تنمية مهارات المرأة الريفية، وتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، لتنمية القرية، وتحسين مستوى معيشة أبناءها.
وأكد الوزير على تقديم الدعم اللازم لتسهيل عمل الإيفاد، فضلا عن العمل على تذليل العقبات التى قد تواجه مشروعات الإيفاد في مصر.
الاستثمارات الزراعية المستدامة
ومن جانبه، استعرض المدير القطري لمكتب الإيفاد بالقاهرة، نتائج زيارة وفد البعثة الإشرافية الأخيرة، ومتابعتها للانشطة التي ينفذها مشروع الاستثمارات الزراعية المستدامة وسبل العيش "سيل"، في مواقع عمل المشروع، والتي تتمثل في ٣٠ قرية بمحافظات: المنيا، بني سويف، اسوان، وكفر الشيخ، لافتا إلى مدى التقدم والانجاز الذي تحقق من خلال المشروع في هذه القرى.
وأشار إلى أن مشروع "سيل" يعد نموذجا يحتذى للتعاون المشترك من أجل تحقيق التنمية الريفية ودعم صغار المزارعين في مصر، وهو الأمر الذي لمسته البعثة من خلال حجم الأعمال التي تم تنفيذها وجودتها، والعائد منها على أبناء تلك القرى.
واتفق الجانبان خلال اللقاء على التوسع في تنفيذ المدارس الحقلية بقرى المشروع، وزيادة عدد المستفيدين منها، نظرا لها من أهمية في رفع الوعي وتثقيف وارشاد المزارعين، ذلك فضلا عن دراسة تمويل المزارعين، لتشجيعهم على التوسع في زراعة النباتات الطبية والعطرية، نظرا لقيمتها الاقتصادية والتصديرية العالية.
وكلف فاروق إدارة المشروع بالمتابعة المستمرة للجمعيات الزراعية، والتي تم دعمها من خلال المشروع، بالميكنة والآلات الزراعية الحديثة، والتأكيد على عملها في دعم صغار المزارعين، وذلك في سبيل تحقيق الإستدامة، والأهداف الخاصة بالمشروع.