لجريدة عمان:
2025-02-10@14:51:58 GMT

هل طرح ديب سيك آر 1 يماثل إطلاق سبوتنك

تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT

ترجمة: قاسم مكي

هل نحن نشهد في القرن الحادي والعشرين لحظة مماثلة للحظة إطلاق القمر الصناعي "سبوتنك"في القرن العشرين؟ لقد تفاعل العالم بقدر كبير من الدهشة مع إصدار الشركة الصينية ديب سيك نموذجها الخاص بالذكاء الاصطناعي"ديب سيك آر 1". فهو كما يبدو قادر على أداءٍ مماثل وفي بعض الحالات أفضل من نموذج "شات جي بي تي" ونماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي طرحتها الشركات الأمريكية.

(في عام 1957 أطلق السوفييت سبوتنك وهو أول قمر صناعي يدور حول الأرض ودشنوا بذلك سباق الفضاء. ويتساءل الكاتب هنا ضِمنا عما إذا كان طرح "ديب سيك آرْ 1" سيدشن سباق ذكاء اصطناعي شبيه بسباق الفضاء الذي ابتدره إطلاق سبوتنك - المترجم.) افترض الأمريكيون أن تفوقهم الكاسح في تدبير التمويل والحصول على الرقائق الإلكترونية المتطورة والابتكار سيضمن تقدمهم على الآخرين. لكن افتراضهم هذا يبدو الآن وكأنه غطرسة.

إصدار نموذج ديب سيك من بعض الجوانب إنجاز يفوق كثيرا في أهميته إطلاق سبوتنك. كان القمر الصناعي سبوتنك يتعلق بمنافسة برنامج الفضاء السوفييتي لنظيره الأمريكي. وقتها قليلون أولئك الذين كانوا يعتقدون أن الاقتصاد السوفييتي بشكل عام أكثر تقدما من اقتصاد أمريكا. لكن ديب سيك شركة صينية خاصة أثبتت قدرتها المذهلة بتكلفة زهيدة في أهم تقنية مستقبلية.

ليس واضحا بالضبط كم كانت تكلفة نموذج "ديب سيك آر 1 " بالفعل، والى أي حد كان في حاجة الى استخدام النماذج الأمريكية للتدريب وما إذا كان هنالك أي عون سري قدمته الحكومة الصينية للشركة. لكن بالنظر الى الجهود الهائلة التي بذلتها حكومة الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية للحفاظ على ميزتها في الذكاء الاصطناعي من حظرٍ لتصدير الرقائق الإلكترونية وضوابطِ تصدير وغير ذلك يمكن القول إن شركة ديب سيك حققت إنجازا لافتا. وهذا يوحي لي بدرسين وسؤالين.

الدرس الأول هو أن أنظمة الذكاء الاصطناعي المفتوحة في الغالب ستتفوق على الأنظمة المغلقة بمرور الوقت. (النظام المفتوح يماثل مُكعَّبات لعبة ليجو مع تعليمات تركيبها في هيكلٍ أو بِنْيَةٍ والنظام المغلق يماثل هيكلا تم تركيبه مسبقا من مكعبات لعبة ليجو مع الاحتفاظ بسرية تعليمات التركيب.) أشار عديدون الى أن ديب سيك استخدمت نموذج الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر "لاما" الخاص بشركة ميتا للتدريب. كما استخدمت أيضا "كوين" وهي عائلة نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر أيضا طرحتها شركة التقنية الصينية العملاقة "على بابا." وفي حين أن ديب سيك هي الآن الأفضل إلا أن شركات التقنية الكبيرة في الصين تطرح عددا من نماذج الذكاء الاصطناعي معظمها مفتوحة المصدر وتشهد تحسُّنا مطردا. وإذا كان لنا أن نسترشد بتاريخ التقنية يجب أن تقود القدرة على رؤية المكونات الداخلية لهذه النماذج وفهم طريقة تفكيرها الاستدلالي الى ابتكار تقني أعظم وأسرع مقارنة باستخدام النماذج المغلقة التي لا يمكن للآخرين استخدامها في عمل مشترك.

ثانيا، يمكن أن تكون القيود مفيدة كما لاحظ بات جيلسنجر الرئيس التنفيذي لشركة انتل. فكما يزدهر الفن أحيانا في أجواء القهر التي تُجبر فيها القيودُ الفنانين على الإبداع كذلك أيضا كثيرا ما يؤدي المهندسون عملهم بشكل أفضل في ظل القيود. فالمهندسون الصينيون الذين اضطروا لاستخدام رقائق من الدرجة الثانية أوجدوا حلولا مبتكرة. هذا ليس صحيحا فقط مع شركة "ديب سيك". ففي عام 2023 أصدرت شركة الاتصالات الصينية العملاقة هواوي هاتفا ذكيا برقاقة سمكها 7 نانومتر ومن النوع الذي كان محظورا بموجب ضوابط التصدير الأمريكية. وهنالك أدلة تشير الى أن شركات صناعة الرقائق في الصين تمكنت بعد سنوات من الجمود بالرد على قرارات الحظر باكتساب قدرة أكبر على الابتكار.

في مقابلة مثيرة في العام الماضي جادل ليانغ وينفينغ الرئيس التنفيذي لشركة "ديب سيك" بأن دافع مهندسي شركته في الأساس إجراء البحوث وليس الحصول على المال. وبدا أنه يقارن ذلك بما هو سائد في شركات وادي السليكون بالولايات المتحدة والتي ينصب كل اهتمامها على تعظيم الإيرادات وتقديم الخدمات السحابية وتوليد التدفقات المالية.

ويقال أن ديميس هاسابيس الذي يقود شركة ديب مايند التابعة لشركة جوجل يصارع للإبقاء على فريقه في لندن بعيدا عن وادي السليكون لكي يتمكن من التركيز على الأبحاث الأساسية. وكان هاسابيس قد حصل مع عالِمَيْن آخرَيْن على جائزة نوبل للكيمياء في عام 2024 لتحقيقهم اختراقات علمية لها صلة بالذكاء الاصطناعي.

أول سؤال أثارته شركة ديب سيك هو: هل يمكن للولايات المتحدة وقف التقدم التقني للصين؟ يجادل البعض بأن ديب سيك تبيِّن نجاعة ضوابط التصدير. فنموذجها احتاج الى العديد من رقائق شركة انفيديا التي تمكنت من شرائها قبل سريان حظر التصدير بشكل كامل. وعما قريب لن يكون بمقدور الصين الحصول على أفضل الرقائق وستعاني بشكل أكبر من الحظر.

لكن، وكما تعلَّمنا من جولات وجولات من العقوبات الدولية ضد روسيا، اقتصاد العالم كبير ومفتوح ويمكن أن تنفذ عبره الأشياء. إلى ذلك الصين ليست روسيا. فاقتصادها كبير ومتقدم تقنيا وبه الملايين من مطوري البرمجيات ومئات الشركات الرفيعة في فضاء التقنية. ولن تعدَم مواهبٌ بشرية بهذا الحجم سُبُلَ الابتكار حتى إذا أبقت تلك القيودُ الصينَ متخلفةً (عن الولايات المتحدة).

السؤال الثاني: ما تكلفة هذه المقاربة؟ فإذا كانت إجراءات حظر التقنية وضوابط التصدير تؤخر الصين سنة واحدة في أفضل الأحوال (وربما عدة شهور فقط) هل يستحق ذلك المكسب تكلفته؟ تتمثل هذه التكلفة في رد الصين على الولايات المتحدة بالحدِّ من حصولها على مواد أساسية تحتاجها للتقنية الرفيعة. وما هو أكثر أهمية أن تفكيك الاقتصاد العالمي أيضا يوجد أنظمة بيئية مغلقة لن تواجه فيها شركات التقنية الأمريكية منافَسة من أفضل الشركات. فهل ستحقق شركة تيسلا أرقى الابتكارات إذا لم تواجه أقوى شركة منافِسة؟ فك الارتباط التقني يعني أن الذكاء الاصطناعي سيصبح جزءا مركزيا من سباق تسلح عالمي جديد متحرر تماما من أية ضوابط وقيود مع اندفاع أكبر اقتصادين في العالم نحو ذكاء فائق ومنفلت وتضمينه في كل التطبيقات العسكرية لبلديهما بما في ذلك الأسلحة النووية.

إذا كان الذكاء الاصطناعي ثورة في التقنية على النحو المتوقع فإن استخدامه في كل مجال من مجالات الحياة البشرية دون أية ضوابط على الإطلاق يشير الى مستقبل مخيف وأخطر بكثير من أي شيء تخيله الناس بسبب إطلاق القمر الصناعي سبوتنك.

•فريد زكريا كاتب رأي في صحيفة واشنطن بوست ومقدم برنامج يتناول القضايا الدولية والشئون الخارجية على شبكة سي إن ان

الترجمة خاصة لـ عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی إذا کان

إقرأ أيضاً:

مطالب بحماية حقوق المؤلفين والمبدعين من الذكاء الاصطناعي

تشكّل الضمانات التي يطالب بها مؤلفو الأعمال الفنية والثقافية لحماية حقوقهم أحد المواضيع المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، عشية القمة العالمية في شأنه التي تستضيفها العاصمة الفرنسية باريس الاثنين والثلاثاء.
ويثير تطور هذه التكنولوجيا قلق الممثلين والموسيقيين والكتّاب والمبدعين وسواهم من تراجع دورهم أو من استخدام إبداعاتهم.
ومع أنه من غير المتوقع أن تكون الثقافة على جدول أعمال المناقشات بين رؤساء الدول والحكومات، إلا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال إنه مهتم بهذا الموضوع.
وقال ماكرون، لصحافيين من وسائل الإعلام المحلية الفرنسية في مقابلة نُشِرت أمس الجمعة "أَسمَع هذا الخوف، وأريد أن أقول في هذا الصدد إن فرنسا ستبقى صاحبة صوت واضح، أي الصوت الذي يحمي خصوصية العبقرية والموهبة والاعتراف بالحقوق وبهذه الملكية".
ودعت 38 "منظمة دولية تمثل مجمل القطاعات الإبداعية والثقافية"، في بيان أصدرته الجمعة، إلى "أفعال لا مجرّد أقوال".
وشدّدت اتحادات تمثّل الموسيقيين والمخرجين السينمائيين والفنانين التشكيليين والمترجمين والمؤلفين والصحافيين وسواهم على أن "لا وجود لذكاء اصطناعي يحترم الأخلاقيات من دون التراخيص التي يعطيها أصحاب الحقوق".
وفي مقال نشرته صحيفة "لو باريزيان" على الإنترنت، حذر 34 ألف فنان فرنسي من مختلف القطاعات (الموسيقى والسينما والمسرح والأدب والفنون البصرية وغيرها)، من بينهم المغني جان جاك غولدمان، من النهب المنهجي لأعمالهم، ودعوا إلى تفكير واضح من أجل إيجاد "حلول عادلة ودائمة".
وأدى إضرابان، طالبا بضمانات في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى تعطيل هوليوود ثم قطاع ألعاب الفيديو في الولايات المتحدة منذ عام 2023، بدعوة من نقابة الممثلين الأميركيين "ساغ-أفترا".
وغالبا ما يكون ممثلو الدبلجة أكثر الغاضبين، إذ يشعرون بأن حقوقهم المتعلقة بالملكية الفكرية تُنتهَك كل يوم عندما يسمعون أصواتهم تُنسخ أو تُقَلَّد، من دون موافقتهم أو من دون مقابل مالي، نتيجة التقدم التكنولوجي.
واعتبر هؤلاء الذين أطلقوا في فرنسا حملة بعنوان #TouchePasMaVF أن مطالبهم تُقابل بالتجاهل.
أما الكتّاب، وهم أقل اتحادا، فيدركون أيضا أن أعمالهم تُستغل من دون مقابل مالي، بطريقة يصعب اكتشافها. وعلى عكس ممثلي الدبلجة الذين لا يفيدون في شيء من أدوات الذكاء الاصطناعي، يطرح بعض الكتّاب الأسئلة على "تشات جي بي تي" أو "جيميناي" أو "ديب سيك" أو "لو تشات".
وقال أحدهم مشترطا، عدم ذكر اسمه "إن هذه الأدوات تساعدني على إنجاز عملي التوثيقي بصورة أسرع".
لكنهم يُجمعون تقريبا على رفض استخدام كتبهم لتوفير إجابات لمؤلفين آخرين، وعلى تأييد حلّ يتمثل في أن يكون لهم الحق في الاعتراض على هذا الاستخدام.
وفي فرنسا، طلبت جمعية الأدباء التي تمثّل المؤلفين من "الجهات المعنية بالذكاء الاصطناعي" الخميس احترام "قائمة الأعمال التي لا يحق لهم استخدامها"، أي تلك الخاصة بأعضائها، والتشاور معها عند الحاجة.
وأثارت جمعية أخرى معنية خصوصا بالمسرح والسينما ضجة بتوقيعها اتفاقا مع شركة "جيناريو" الفرنسية الناشئة التي توفر المساعدة في كتابة السيناريوهات باستخدام الذكاء الاصطناعي. وينص الاتفاق على أن يحصل المؤلفون على بدلات مالية مقابل استخدام أعمالهم، لكن كتّاب سيناريو رأوا في ذلك "نهبا".
وفي مجال الموسيقى، تتوافر إغراءات قوية في ضوء الإمكانات الكبيرة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، وتمتد مثلا من ألبوم مزيّف لفرقة "أويسيس" إلى أغنية لفرقة البيتلز أعيد صوغها باستخدام هذه التكنولوجيا بعد أكثر من أربعين عاما من وفاة جون لينون. وفازت الأغنية التي تحمل عنوان "ناو أند ذن" Now and Then بجائزة غرامي الأحد.

أخبار ذات صلة «تريندز» يختتم مشاركته في قمة «الذكاء الاصطناعي في كل شيء» «الذكاء الاصطناعي» يحدد المرض والعلاج المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • فرنسا تعلن استثمارا ضخما في الذكاء الاصطناعي
  • مساعد وزير الداخلية لشؤون التقنية (في ليب 2025): وزارة الداخلية انتقلت من الرقمية التقليدية إلى المعززة بالذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي في الإمارات
  • مساعد وزير الداخلية لشؤون التقنية: الوزارة انتقلت من الرقمية التقليدية إلى المعززة بالذكاء الاصطناعي
  • إطلاق "مؤسسة الذكاء الاصطناعي المسؤول" في الإمارات
  • إطلاق حاسب متطور لـ«المصممين».. و«مايكروسوفت» تتجّه نحو «الذكاء الاصطناعي»
  • صراع الذكاء الاصطناعي بين الصين وأمريكا من يفوز؟
  • مطالب بحماية حقوق المؤلفين والمبدعين من الذكاء الاصطناعي
  • الإمارات.. قمة عالم الذكاء الاصطناعي تختتم فعالياتها بمشاركة 500 شركة