تقرير | وديع العبسي

سخط شعبي عارم تعيشه المحافظات المحتلة، والأمر ينذر بمآلات وانعطافات حاسمة تقف بالمواطنين هناك على نهاية أكيدة للمعاناة والمتسببين بها طيلة عشر سنوات من الاحتلال.
انفجار الخميس والمستمر لليوم لم يكن إلا نتيجة طبيعية، وفي سياق الإرهاصات التي سبقته، هناك الكثير من التفاصيل، بحجم المشكلة المستعصية التي تلتهم حياة الناس في المناطق الخاضعة لسيطرة تحالف العدوان.

أبرز محفزاتها، الانهيار المتسارع لسعر الريال اليمني مقابل الدولار، والذي وصل قبل يومين لـ(2250) ريالا، ثم على أثره ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير معقول. وبالتزامن مع كارثة الانهيار لسعر الصرف، كارثة انقطاع صرف المرتبات لأشهر، وهي حالة تتكرر باستمرار طوال العام، إضافة إلى إقرار الجرع السعرية بشكل معتاد للمواد النفطية مع العجز التام عن حل إشكالية انقطاع الكهرباء.
هذه المظاهر بدورها أفرزت الكثير من الشواهد على حالة الاستهتار والاستخفاف بحياة الناس، فالمعلمين يضربون عن التدريس لتشهد المدارس -خصوصا في عدن المحتلة- شللا تاما، وانفلاتا امنيا يسفر -على نحو غير منقطع- عن حوادث قتل، وإطلاق نار، واعتداء، وتجاوزات من قبل مرتزقة العدوان، كما وفي السياق استمرار المعاناة للحصول على الغاز المنزلي.

مشكلة الكهرباء يبقى الحال على ماهو عليه

عشرة أعوام وملف الكهرباء مفتوح، ولا أحد من مسؤولي تحالف العدوان لديه الاستعداد لقراءته وحل “طلاسمه” للوصول إلى حل لهذه المشكلة التي لا تتوقف. ويصوّر  هذا العجز عن إيجاد الحل لهذه المشكلة، وكأنها بالفعل حاجة تتطلب حلا سحريا أو عملا إعجازيا. ومن ذلك يمكن قياس مستوى الجدارة وأهلية القائمين على السلطة هناك لتحمل المسؤولية من عدم توفرها.
حفنة من الفاشلين والانانيين الاتكاليين، أفضل ما يقومون به هو إدارة حالة الخصومة والتنافس مع بعضهم من أجل كسب أكبر مستوى من الرضا والقبول لدى دول الاحتلال، عدا ذلك، لا أكثر من الاستعراض بمظاهر الثراء واقتناء آخر منتجات وسائل الراحة والرفاهية، فضلا عن الاستثمارات العقارية في دول العالم.
بالعودة الى موضوع الكهرباء في عدن المحتلة قبيل انفجار بركان الخميس، تعالت أصوات المعنيين تحذر من دخول مدينة عدن في ظلام دامس بسب نفاد مادة الديزل، وخلال ذلك الوقت كانت عدن كما باقي المحافظات المحتلة تشهد بشكل شبه يومي تظاهرات احتجاجية، بعضها في إطار نقابي وأخرى شعبية عفوية.
ومع تزايد الضغط الشعبي تحرك عضو ما يعرف بمجلس القيادة الذي يرأسه العليمي إلى شركة بترومسيلة لتحريك الكميات المطلوبة من الديزل لإسعاف كهرباء عدن، إلا أن الأمر انتهى إلى تعاظم السخط الشعبي، حيث فشل صاحب هذا المنصب الكبير، في المهمة وغرقت عدن فعلا في الظلام.
ولّد هذا الحدث بذاته حالة من التعجب والاحباط معا لدى المواطنين، وعزز لديهم الشعور بأن من يلعبون دور المسؤولين في حكومة بن مبارك الموالية لتحالف العدوان، ليسوا في مستوى تحمل المسؤولية. كما ولّد الأمر حالة من الحيرة والعجز عن تفسير ما يحدث، إذ كيف لا يمكن وضع حد لإشكالية انقطاع خدمة الكهرباء؟! ويتعاظم وقع التساؤل عند الانحراف بالنظر إلى صنعاء التي تعمد ثلاثي الشر غير مرة قصف محطات الكهرباء فيها وفي والحديدة، مع ذلك كان الأمر لا يستغرق إلا ساعات قليلة حتى يعود التيار.
الحديث هنا عن المناطق الحرة التي تعرضت قبل ذلك لحرب عدوانية طيلة ثمانية أعوام، قصفت خلالها دول العدوان الحجر والشجر، ودمرت البنية التحتية، وأغرقت البلد في حصار، وتسببت في أسوأ أزمة إنسانية. بينما الأمر في عدن والمناطق المحتلة -وهناك أغنى دول المنطقة- يختلف، إذ لا يزال العجز سيد المشكلة، في حالٍ لا يعبر إلا عن استهداف متعمد للمواطنين هناك.
الأمر ربما لا يحتاج إلى كثير من البحث، وإنما إلى قليل من التأمل للتيقن بأن المحتل لا يمكن أن يكون أكثر تعاطفا مع المنطقة التي يحتلها من أبنائها. أو كما قال المحلل السياسي ورئيس وكالة الانباء اليمنية “سبأ” نصرالدين عامر “هناك فرق بين من يحب ويخدم الناس لأنه منهم وفيهم ويشعر بهم، وبين المحتل الأجنبي الغاصب أو أدواته”.

عودة الكهرباء السريع يثير التساؤل

قد لا تحتل الكهرباء أو تساوي درجة الغذاء من حيث الأهمية، مع ذلك تبقى هذه الخدمة أبسط مؤشرات قيام الجهات الحاكمة في أي مكان من العالم بالتزاماتها تجاه المجتمع، هذا فضلا عن كون الكهرباء تُعد محركا اساسيا للحياة، وانقطاعها يتسبب بتوقف كثير من الخدمات، الأمر الذي ينعكس بدوره على تعقيد معيشة الناس، فيزيد من حالة الإحباط والبؤس والمعانة.
وفي انفجار بركان الغضب الشعبي يوم الخميس، والذي رتبت له “حركة ثورة الجياع”، كان من الطبيعي أن يرتفع سقف المطالب، خصوصا وأن المشاكل نفس المشاكل، ولكنها تتعقد أكثر وأكثر مع حالة الاستلاب التي تبدو عليها حكومة بن مبارك وما يسمى بمجلس القيادة، إذ ارتفعت أصوات الكادحين مرددين هتافات طالبت برحيل “الرئاسي” و”الانتقالي” والتحالف، وحملوهم مسؤولية الأوضاع الكارثية في عدن وباقي المناطق المحتلة، ما يعكس أيضا الرغبة الشعبية الجامعة في طرد المحتل وأدواته التي عبثت بمقدرات الوطن وثرواته، ودمرت كل مقومات الحياة، ونهبت واستولت على أموال الشعب دون مراعاة لمعاناة المواطن وظروفه المتأزمة طيلة عشرة أعوام من الاحتلال. حسب محافظ عدن طارق سلام.
لم يستغرق الوقت طويلا حتى عادت الكهرباء إلى عدن بشكل تدريجي الجمعة، بعد انقطاع كامل للخدمة استمر ثلاثة أيام. وذكرت وكالة “رويترز” أنه تم إعادة تشغيل توربين محطة عدن الرئيسية (بترومسيلة) بقدرة جزئية تبلغ 65 ميجاوات، وذلك بعد وصول عدد من ناقلات النفط الخام اللازمة لتشغيل المحطة، مساء الخميس، من شركة صافر النفطية في مأرب. إلا ان أحد المسؤولين حذّر من أن عدم تزويد عدن بالنفط الخام بشكل متواصل سيؤدي إلى انقطاع الكهرباء كليًا عن المدينة والمناطق المجاورة مجددًا.
ما حدث أثار التساؤل عن التعقيدات التي أعاقت استمرار التيار، وأوصلت الوضع إلى هذا المستوى من البؤس والرفض. ورأى مراقبون بأن هناك من يتحكم بمجريات الحياة في عدن وكل المناطق المحتلة، وهو من يحدد حصص كل منطقة من الاستقرار، حتى يبقى الوسط الشعبي غارقا في همومه، ولا يمكن للقيادات من كسب تأييد الشارع، وبمعنى أدق: حتى تبقى المناطق المحتلة بيد المحتل، يديرها كيف يشاء.

الكهرباء تُسقط سلطة العليمي وحكومة بن مبارك

لم يُظهر بن مبارك، المُعين من قبل تحالف العدوان رئيسا للحكومة في عدن أي قدر من الشجاعة والجرأة لاتهام من تسبب بهذه الأزمات، فهذا ليس دوره، وليس من اختصاصه، وفق قرار التكليف ومنطق التقاسم في الفساد، واكتفى بن مبارك، ، بالقول إن “من الضرورة إنفاق الأموال المخصصة للكهرباء بطريقة صحيحة بعيداً عن الهدر والفساد”، مضيفا بأنه “لابد من تفعيل منظومة الرقابة على مشتقات الوقود المخصصة للكهرباء”.
المراقبون أكدوا أن المعالجات الآنية للأزمات وعلى رأسها كارثة انطفاء الكهرباء في عدن وغيرها من المناطق  وإن عادت ساعة أو ساعتين في بعض الأحياء مقابل يوم كامل انطفاء، فليس هذا حلا للمشكلة. ويذهب هؤلاء المراقبون إلى أن أزمتي (الكهرباء وانهيار الوضع الاقتصادي) ستسقطان  وتزيحان من هم سبب الألم والمعاناة للمواطن الجنوبي، لأن بقاءهم  يشكل خطرا على حياته على قياس ماهو قائم  ويجري في الواقع اليومي للحياة المعيشية.
فيما كان من يشغل وظيفة مدير كهرباء عدن سالم الوليدي قال للناشطين “كل ما يجرى  مجرد حلول ترقيعية مؤقتة فقط، وعلينا مسؤولية التحرك بالضغط لإسقاط  من هم السبب في معاناتنا”.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: المناطق المحتلة بن مبارک فی عدن

إقرأ أيضاً:

“حوطة لحج تشتعل.. غضب شعبي عارم بسبب انقطاع الكهرباء والمياه وارتفاع الأسعار الجنوني”

مقالات مشابهة إطلاق موقع “المشهد الإخباري”.. منصة جديدة لتغطية الأخبار المحلية والعالمية بموضوعية وحياد

‏3 ساعات مضت

هذا المساء.. إعلان هام من البنك المركزي اليمني

‏4 ساعات مضت

البحرية الأمريكية تعلن مغادرة “ترومان” البحر الأحمر بعد تعرضها لهجمات مكثفة وغير مسبوقة

‏4 ساعات مضت

مقتل قيادي بارز في تنظيم القاعدة بعملية غامضة في مأرب

‏4 ساعات مضت

اتركوا أطفالكم يلعبون بالتراب.. دراسة تكشف عن فوائد مذهلة للعب الأطفال بالتراب

‏4 ساعات مضت

تمرد مفاجئ داخل قوات “درع الوطن” غرب عدن يسفر عن قتلى وجرحى ومصادر تكشف التفاصيل الكاملة

‏5 ساعات مضت

حوطة لحج تشتعل احتجاجات غاضبة بسبب انهيار الخدمات وارتفاع الأسعار.. الميدان اليمني.

الحوطة، لحج – شهدت شوارع مدينة الحوطة، عاصمة محافظة لحج جنوب اليمن، اليوم احتجاجات غاضبة بعد انقطاع خدمتي الكهرباء والمياه لأكثر من أسبوع، وارتفاع جنوني في الأسعار، مما دفع المواطنين إلى قطع الطرقات وإشعال النيران في إطارات السيارات تعبيراً عن سخطهم.

وأدى قطع الطرقات وإشعال النيران إلى شل حركة المرور في أجزاء واسعة من المدينة، حيث تجمع المحتجون في الشوارع الرئيسية مطالبين بتحسين الخدمات الأساسية ووقف التدهور الاقتصادي الذي يعاني منه اليمن منذ سنوات.

ويعيش سكان الحوطة في ظل ظروف معيشية صعبة، حيث انقطعت الكهرباء والمياه بشكل كامل، مما أثر على الحياة اليومية وأجبر العديد من المحلات التجارية على إغلاق أبوابها بسبب عدم القدرة على الاستمرار في العمل. كما تفاقمت الأزمة مع الانهيار المستمر للعملة الوطنية، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية.

وتأتي هذه الاحتجاجات في سياق موجة غضب عارمة تجتاح عدة محافظات يمنية، بما في ذلك عدن وأبين والضالع، حيث يعاني السكان من انهيار شبه كلي للخدمات العامة، خاصة الكهرباء والمياه، وسط تدهور اقتصادي حاد وتفاقم الأزمات الإنسانية.

وقد طالب المحتجون في الحوطة الحكومة المحلية والسلطات المعنية بالتحرك العاجل لمعالجة الأزمة وتوفير الخدمات الأساسية، محذرين من تفاقم الأوضاع في حال استمرار الإهمال وعدم الاستجابة لمطالبهم.

يذكر أن اليمن يعيش أزمة اقتصادية وإنسانية طاحنة منذ سنوات، تفاقمت بسبب الصراع الدائر وانهيار البنية التحتية، مما أدى إلى تدهور كبير في مستوى المعيشة وانتشار الفقر والبطالة على نطاق واسع.

ذات صلة السابق إطلاق موقع “المشهد الإخباري”.. منصة جديدة لتغطية الأخبار المحلية والعالمية بموضوعية وحياداترك تعليقاً إلغاء الرد

يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.

آخر الأخبار “حوطة لحج تشتعل.. غضب شعبي عارم بسبب انقطاع الكهرباء والمياه وارتفاع الأسعار الجنوني” ‏دقيقتان مضت إطلاق موقع “المشهد الإخباري”.. منصة جديدة لتغطية الأخبار المحلية والعالمية بموضوعية وحياد ‏3 ساعات مضت هذا المساء.. إعلان هام من البنك المركزي اليمني ‏4 ساعات مضت البحرية الأمريكية تعلن مغادرة “ترومان” البحر الأحمر بعد تعرضها لهجمات مكثفة وغير مسبوقة ‏4 ساعات مضت مقتل قيادي بارز في تنظيم القاعدة بعملية غامضة في مأرب ‏4 ساعات مضت اتركوا أطفالكم يلعبون بالتراب.. دراسة تكشف عن فوائد مذهلة للعب الأطفال بالتراب ‏4 ساعات مضت تمرد مفاجئ داخل قوات “درع الوطن” غرب عدن يسفر عن قتلى وجرحى ومصادر تكشف التفاصيل الكاملة ‏5 ساعات مضت عاجل وردنا الآن: عدن تترقب وجميع السكان يعلنون حالة التأهب القصوى.. وهذا ما سيحدث الساعة الثامنة مساء في جميع أنحاء المدينة ‏يوم واحد مضت عدن تنتفض مجددًا.. استعدادات شعبية واسعة لانطلاق مظاهرات جماهيرية غير مسبوقة 8:00 مساء الليلة في 10 مناطق ( اسماء نقاط التجمع والانطلاق) ‏يوم واحد مضت سقوط مدوي للريال اليمني أمام العملات الأجنبية صباح اليوم ‏يوم واحد مضت راقبوا السماء.. حدث فلكي نادر الليلة في سماء الوطن العربي ‏يوم واحد مضت انهيار كارثي في أسعار صرف الريال اليمني مقابل الدولار والسعودي في عدن ‏4 أيام مضت © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة   |   لموقع الميدان اليمني

مقالات مشابهة

  • “الغضب الشعبي” في المناطق المحتلة.. قنبلة تنذر برحيل العدوان وأدواته (استطلاع)
  • “ثورة الجياع” تفضح مؤامرة استهداف المواطنين في المحافظات المحتلة
  • جرائم “الاغتصاب” بمناطق الساحل الغربي المحتلة شاهد على انحطاط العدو ومرتزقته وتجردهم من الإنسانية
  • توسع الاحتجاجات في المحافظات المحتلة.. واشتباكات بين مرتزقة العدوان في عدن
  • تحرُّك «ثورة الجياع»
  • انقطاع الكهرباء، وانهيار المنظومة الصحية وأزمة مياه خانقة، ومجلس الارتزاق يعقد اجتماعه عن بُعد!
  • اتساع رقعة الاحتجاجات في المحافظات المحتلة.. واشتباكات عنيفة بين مرتزقة العدوان في عدن
  • “حوطة لحج تشتعل.. غضب شعبي عارم بسبب انقطاع الكهرباء والمياه وارتفاع الأسعار الجنوني”
  • “كهرباء غزة” تستغيث لإعادة تشغيل شبكات توزيع الكهرباء