يمانيون:
2025-03-12@21:30:33 GMT

ترامب: الوجهُ العاري لأمريكا بين الواقع والاستشراف

تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT

ترامب: الوجهُ العاري لأمريكا بين الواقع والاستشراف

أنس عبدالرزاق

دونالد ترامب ليس مُجَـرّد رئيس أمريكي أَو شخصية سياسية مثيرة للجدل، بل هو تجسيدٌ لوجه أمريكا الحقيقي، الذي يختفي خلف أقنعة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.

ترامب لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج طبيعي لسياسة أمريكية قائمة على الهيمنة والاستغلال، حَيثُ تُستخدم القوة بلا مواربة، وتُستغلّ الشعارات البرّاقة لتبرير التدخّلات والاحتلالات.

إنّه الوجه العاري لأمريكا، الذي يكشف عن حقيقةٍ مؤلمة: أنَّ القيم التي تُروّج لها واشنطن ليست سوى أدوات لتحقيق مصالحها، وليست مبادئً تُؤمن بها.

في قضية غزة، يظهر ترامب بوجهه الإجرامي بوضوح. يُقدّم “التحرير” كمبرّر للاحتلال، ويُحوّل الحقوق الإنسانية إلى مُجَـرّد شعاراتٍ فارغة. ما يريده ليس تحريرًا حقيقيًّا، بل إخضاعا، وليس سلامًا، بل تدميرًا. لكنّ التاريخ يُعلّمنا أن محاولات تهجير الشعوب وإذلالها لم تنجح أبدًا على المدى الطويل. غزة، كغيرها من الشعوب المقاومة، ستظلّ صامدة؛ لأَنَّ إرادَة الحياة أقوى من كُـلّ أدوات القتل والتهجير. ترامب، ومن يقف خلفه من صنّاع القرار في واشنطن، قد يُحاولون فرض إرادتهم بالقوة، لكنّهم لن يستطيعوا كسر إرادَة شعبٍ يؤمن بحقّه في الوجود والحرية.

وفي العلاقة مع السعوديّة، يكشف ترامب عن طبيعة التحالفات الأمريكية: ليست سوى صفقات تجارية تُقاس بالدولار.

فبدلًا عن أن تحصل السعوديّة على مكاسب حقيقية من وجود القواعد العسكرية الأمريكية على أراضيها، تُجبَر على دفع ترليونات الدولارات مقابل بقاء هذه القواعد. هذه هي “الشراكة الاستراتيجية” في عرف واشنطن: علاقة غير متكافئة، تُكرّس التبعية وتُعزّز الهيمنة. ترامب، بصراحته المعهودة، كشف هذه الحقيقة دون مواربة، لكنّ ذلك لم يمنع النخب الحاكمة في المنطقة من الاستمرار في الانسياق وراء الوهم الأمريكي.

وهنا تكمن المفارقة الكبرى: الشعوب تدرك، لكنّ حُكّامها لا يدركون. الشعوب العربية، التي عانت لعقودٍ من الاستبداد والتبعية، بدأت تُدرك حقيقة السياسة الأمريكية وأهدافها. لقد رأت هذه الشعوب كيف تُدعم الأنظمة الديكتاتورية من قبل واشنطن طالما كانت تُحقّق مصالحها، وكيف تُترك لتواجه مصيرها بمفردها عندما تتعارض مصالحها مع الأجندة الأمريكية. لكنّ الحُكّام، أَو على الأقل جزءٌ كبيرٌ منهم، ما زالوا يعيشون في وهم الشراكة الاستراتيجية مع أمريكا. هم يرون في العلاقة مع واشنطن ضمانةً لبقائهم في السلطة، دون أن يُدركوا أنّهم مُجَـرّد أدوات في لعبةٍ أكبر، وأنّ مصيرهم سيكون التخلّي عنهم عندما تتعارض مصالحهم مع الأجندة الأمريكية.

لكنّ السؤال الأكبر يبقى: متى ستفيق الشعوب، وخَاصَّة النخب العربية، من غفوتها؟ متى ستدرك أنّ “الحرية الأمريكية” هي وهمٌ يُخفي وراءه العبودية، وأنّ “الديمقراطية الأمريكية” هي ستارٌ للاستبداد؟ النخب العربية التي ما زالت منبهرة بأمريكا والغرب، رغم كُـلّ الانكشافات، تُشكّل جزءًا من المشكلة. انبهارها ليس سوى دليل على أزمة وعي عميقة، تجعلها عاجزة عن قراءة ما بين السطور، وعن فهم أنّ مصالحها لا يمكن أن تتحقّق إلا بالتحرّر الحقيقي من التبعية. هذه النخب، التي تتعامل مع أمريكا كشريكٍ استراتيجي، تنسى أَو تتجاهل أنّ واشنطن لا ترى في المنطقة سوى ساحةٍ لمصالحها، وحلبةٍ لصراعاتها.

ترامب، بكلّ ما يحمله من صراحةٍ فجّة، كشف عن حقيقة السياسة الأمريكية التي كانت تُمارَس دائمًا، لكنّها كانت تُخفي نفسها خلف شعاراتٍ برّاقة. لكنّ هذا الكشف، رغم قسوته، قد يكون بدايةً لصحوةٍ جديدة. الشعوب العربية بدأت تستيقظ، وبدأت تُدرك أنّ الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع. وأن شعار الموت لأمريكا ليس مُجَـرّد شعار، بل هو تعبير عن رفضٍ للهيمنة، وإعلان عن إرادَة التحرّر.

في النهاية، ترامب ليس سوى حلقة في سلسلة طويلة من السياسات الأمريكية التي تُمارس القمع تحت شعارات برّاقة. لكنّ الشعوب بدأت تستيقظ بعد رؤيتها لليمن وما فعلة في معركة طوفان الأقصى، وبدأت تُدرك أنّ المستقبل لا يُبنى بالتبعية، بل بالاستقلال الحقيقي. ترامب قد يكون الوجه الأكثر بشاعةً لأمريكا، لكنّه أَيْـضًا الوجه الذي يُذكّرنا بأنّ الحقيقة -مهما كانت مُرّة- هي الخطوة الأولى نحو التحرّر. الشعوب تدرك، لكنّ حُكّامها ما زالوا غارقين في أوهامهم. والسؤال الذي يبقى معلّقًا: متى سيُدرك الحُكّام العرب أنّهم جزءٌ من المشكلة، وليسوا جزءًا من الحل؟

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الذی ی

إقرأ أيضاً:

«الجامعة التي لا تهدأ».. تاريخ من التصعيد والاحتجاجات في كولومبيا

قفزت جامعة كولومبيا الأمريكية إلى واجهة الأحداث مؤخرا إثر إطلاق إدارة الرئيس دونالد ترامب حملة تهديد تهدف لقمع الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل والحرب في غزة داخل الجامعة، .

وتزامنت حملة التهديد الرئاسية مع اعتقال الناشط الفلسطيني محمود خليل، الذي قاد احتجاجات في جامعة كولومبيا، وقالت وزارة الأمن الداخلي إنه تم احتجاز خليل نتيجة لأوامر الرئيس الأميركي دونالد ترامب التنفيذية التي تحظر معاداة السامية.

واعتقل خليل، الحاصل على إقامة قانونية في الولايات المتحدة والذي أنهى دراساته العليا في كولومبيا في ديسمبر، يوم السبت، على يد عملاء الهجرة الاتحاديين، تمهيدا لترحيله، قبل أن يصدر قاض اتحادي في ولاية نيويورك الأميركية قرارا يمنع ترحيله لحين نظر المحكمة في الدعوى القضائية التي تطعن في احتجازه.

وحذَّر ترامب من أن اعتقال محمود خليل واحتمال ترحيله سيمثلان بداية لسلسلة من الإجراءات المماثلة مستقبلا، وذلك في إطار حملة إدارته لقمع الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل والحرب في غزة.

وتعد احتجاجات جامعة كولومبيا جزءا من حركة طلابية نشطة تُعبر عن مواقف سياسية واجتماعية مختلفة، وغالبًا ما تكون مرتبطة بقضايا مثل حقوق الإنسان، العدالة الاجتماعية، وحقوق الطلاب.

مواقف تاريخية

ولجامعة كولومبيا، الواقعة في نيويورك، تاريخ طويل من النشاط الطلابي. ففي الستينيات من القرن الماضي، شهدت الجامعة احتجاجات كبيرة ضد حرب فيتنام وسط مطالبات بإنهاء التمييز العنصري.

وفي عام 1968، نظم الطلاب إضرابًا احتجاجًا على مشاركة الجامعة في أبحاث مرتبطة بالحرب وبناء صالة ألعاب رياضية في حديقة عامة، مما أدى إلى إغلاق الجامعة لفترة.

الاحتجاجات الحديثة

وفي عام 2024، شهدت الجامعة احتجاجات طلابية كبيرة تدعم حقوق الفلسطينيين وتدعو إلى مقاطعة إسرائيل. كما طالب الطلاب بإلغاء استثمارات الجامعة في شركات تدعم الاحتلال الإسرائيلي أو تورطت في انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.

اعتقال محمود خليل

واعتقلت سلطات الهجرة الأمريكية الناشط الفلسطيني المقيم في الولايات المتحدة، محمود خليل، بسبب مشاركته في المظاهرات الطلابية بجامعة كولومبيا في نيويورك العام الماضي.

وكان محمود خليل عضوًا في فريق التفاوض الطلابي مع مسؤولي الجامعة للمطالبة بوقف التعاون مع إسرائيل احتجاجا على الإبادة الجماعية في غزة.

محتجون بجامعة كولومبيا

ودعا مسؤولون وأكاديميون وطلاب في مؤتمر صحفي بجامعة كولومبيا إلى إطلاق سراح الناشط والطالب الفلسطيني محمود خليل الذي اعتقلته سلطات الهجرة الفدرالية بزعم دعمه حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وخلال المؤتمر، أعرب المتحدثون عن قلقهم العميق إزاء تداعيات الاعتقال، مؤكدين أنه يمثل انتهاكًا واضحًا لحرية التعبير، ويشير إلى تصعيد خطير في التعامل مع الناشطين في الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاًترامب: كولومبيا ستوقف المهاجرين العابرين من منطقة دارين

الأمم المتحدة تدعو إلى إنهاء العنف ضد المدنيين فى كولومبيا

قرينة رئيس كولومبيا تزور المجلس القومي للمرأة وتشيد بمعرض منتجات المصريات

مقالات مشابهة

  • [ الحجاب الإسلامي ليس هو السفور الحيواني الجاهلي الغربي ] أو قل : [ شهر الله رمضان الكريم ودور عرض أزياء النساء الجاهلي العاري ] .
  • صناعة الشعوب المشوهة
  • رسوم أوروبية ردًا على الأميركية التي دخلت حيز التنفيذ
  • مشرع: اتفاق أوكرانيا لن يتم وفق الشروط الأمريكية
  • الخارجية الأمريكية ترحّب باتفاق اندماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الجمهوريّة العربية السوريّة
  • «الجامعة التي لا تهدأ».. تاريخ من التصعيد والاحتجاجات في كولومبيا
  • لا نفع لأمريكا في عالم أكثر فسادا
  • صفعة على الوجه.. هؤلاء ندموا لتصويتهم لصالح ترامب
  • الخارجية الأمريكية تعلن إلغاء التأشيرات والبطاقات الخضراء لمؤيدي حماس
  • العراق يصدر لأمريكا أكثر من 95 مليون برميل نفط في 2024