شوقي علام: الإسلام أنصف المرأة في الميراث
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن الإسلام أنصف المرأة في الميراث وأقر لها حقوقها بوضوح، لافتا إلى أن العرب قبل الإسلام كانوا يحرمون النساء والأطفال من الميراث، حيث كان يُعطى فقط لمن يستطيع القتال والدفاع.
امرأة سعد بن الربيع تشكو شقيق زوجها للنبيوأوضح مفتي الديار المصرية السابق، خلال حلقة برنامج بيان للناس، المذاع على قناة الناس: «عندما جاءت امرأة سعد بن الربيع رضي الله عنه، وكان قد استشهد مع سيدنا رسول الله في غزوة أحد، وكانت له ثروة وتركه، جاءت إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله، إن سعدًا قُتل معك شهيدًا في أحد، وقد ترك مالًا، وقد استولى عليه عمه، عم الأولاد، أي عم البنتين، فأخذ كل المال كتركه، ولم يُعطِ بنتي الشهيد شيئًا».
وأضاف: «كان في ذلك الوقت، وفقًا لقاعدة العرب في التوريث، لا يُعطى الميراث إلا لمن كان قادرًا على الدفاع، أي شابٌ قويٌ قادر، أما الضعفاء من بقية الأفراد، كالأطفال والنساء وكبار السن، فلم يكن لهم نصيب من التركة، فقالت المرأة: عمي، فور استشهاد سعد معك، أخذ المال، وترك ابنتيه بلا مال، ولا يمكن لهما الزواج إلا بمال، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل قول الله سبحانه وتعالى:﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ (النساء: 11)، ﴿فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَٰحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصْفُ﴾».
وتابع: «عند ذلك، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخو سعد بن الربيع، وقال له: أعطِ ابنتي سعد الثلثين، تنفيذًا للنص القرآني، وأعطِ أمهما الثمن، وما بقي فهو لك»، وهذا يبين التطبيق الدقيق للنص القرآني حتى أن العلماء ناقشوا هذه المسألة في إطار الحوار العلمي، واعترض بعضهم على انفِراد سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنه في قضايا المواريث، إذ إنه انفرد بثماني مسائل أحصاها ابن قدامة في كتاب المغني.
وأردف: «من ضمن هذه المسائل، أنه قال إن نصيب البنتين هو النصف، قياسًا على الواحدة، وإن الثلثين يكون لما زاد عن الاثنتين، مستدلًا بقوله تعالى: ﴿فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ﴾، وهذا اجتهاد في فهم النص، إلا أن الصحابة جميعًا قالوا: لا، بل هذا الأمر قد فُسِّر ووضّح بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعطِ ابنتي سعد الثلثين، رغم أنهما اثنتان فقط، ما يدل على أن الآية تشمل الاثنتين فما فوق، وليس فقط من هن أكثر من اثنتين، وهذا الفهم يتوافق مع ما جاء في القرآن الكريم في مواضع أخرى، مثل قوله تعالى:﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾ (الأنفال: 12)، أي اضربوا الأعناق وما فوقها، وليس فقط ما يزيد عن العنق».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية المرأة رسول الله صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
كيف تحقق طموحك دون الوقوع فيما نهى عنه الاسلام؟.. علي جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن النفس البشرية جبلت على التطلع للمستقبل, والطموح إلى المراتب الأعلى دائما, وهو ما حدا بالبعض إلى الجموح لتحقيق أهدافه وأحلامه, مستندا إلى مبدأ: "الغاية تبرر الوسيلة" دون نظر إلى ما تمثله تلك الوسيلة من خير أو شر, وهو أمر شديد الخطورة, يؤثر بالسلب على الفرد والمجتمع.
ونوه ان الطموح هو السعي باتجاه الوصول إلى أعلى الأهداف, وحتى يصل الإنسان إلى ما تطمح إليه نفسه في ظل الالتزام بالمبادئ التي قررها الإسلام ؛يجب أن يكون لديه الدافع المحاط بالأخلاق التي حددها القرآن الكريم والسنة النبوية، وإلا أصبح الطموح جموحا يوشك أن يودي بصاحبه ويدمره
الطموح الصحيح
وأشار الى ان رسول الله ﷺ أوضح لنا الطموح الصحيح في أسمى صوره، وزرع فينا حب التميز والتفوق والحصول على أسمى المراتب في كل مكان نعمل فيه.
ولفت إلى أن التواضع والزهد في الدنيا لا يعنيان أبدا أن يقبل المسلم الحد الأدنى ، أو ينزوي وراء الآخرين ويكون في ذيلهم، ولذلك حثنا رسول الله ﷺ على العمل لبلوغ الغاية والهدف الأسمى لكل مسلم فقال: «إذا سألتم الله فسلوه الفردوس الأعلى, فإنه سر الجنة» [الكبير للطبراني], كذلك علمنا أن نعظم من رغباتنا عند الدعاء, فقال ﷺ : «إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت, ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة, فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه» [مسلم]
واضاف:الإسلام -كما دعا إلى الطموح لنيل المنزلة العليا في ظل مبادئه السامية- جاء أيضا ليهذب النفس البشرية عن جموحها ويقوم سلوكها ويهديها سبيل الرشاد, فالنفس مائلة بطبعها إلى التوجه إلى السيئ, كما أكد القرآن الكريم في قوله تعالى: (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي), وهي غالبا ما تتبع الهوى بغية إشباع رغباته, ومن هنا جاء الإسلام ليعلمنا كيف نكبح جماح تلك النفس حتى تستكين وتعود إلى جادة الصراط المستقيم, وسبيل ذلك تربية النفس على طاعة الله ورسوله في كل شيء.
وبين ان الاسلام وازن بين الواجبات التي فرضها على المسلم وبين ما تطمح إليه نفسه البشرية, فعمل على ألا تكون فروض الدين شاغله أمره كله وداعية لترك دنياه, بل أمره بالجد والسعي في طلب الرزق وإعمار الأرض, قال تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) .
فالاستغراق في المأمول بلا حدود هو الطموح الزائد الذي ينقلب إلى جموح، وهو أمر مرفوض في الإسلام, قال الله عز وجل: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا), أما إذا أعاد الإنسان ضبط هذا المأمول في إطار المشروع, وفي إطار ما أحله الله وأباحه ودون الخروج عن الهدي النبوي الكريم, وبما لا يخالف النظام العام, فسوف يصل إلى هدفه ويحقق طموحه الذي يأمله ،ويكون بهذا قد حقق التوازن والاتساق بين ما تطمح إليه نفسه وبين ما يأمره به ربه.