بوابة الوفد:
2025-04-14@21:26:05 GMT

فى وداع مصطفى بيومي

تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT

كُنت أراه كعصفور برى يُنقّر كل صباح فروع شائخة لشجرة عتيقة، بصبر وإناة ورضا، يرسم جمالاً ساحراً، وسحراً جميلاً.

مُصطفى بيومى الذى سبقنا إلى الضفة الأخرى كان مُبدعا فريداً، وإنساناً رائعاً، لا ينشغل سوى بالكتابة والتأمل، يتحاشى جلسات النميمة، ويعتزل شلل الثقافة مُكرسًا جل وقته لصناعة قيمة تبقى خالدة ونافعة لأجيال أخرى تأتى خلفنا، وفق سُنن الحياة.

أنتج الكاتب الموسوعى أكثر من ثمانين كتاباً تحكى لنا كُل شىء فى الأدب المصرى، شخوصا، وأعمالًا، وموضوعات، حتى تكاد تتعرف على التاريخ غير المدون للمصريين من خلال دراساته وكتبه القيمة. استأثر نجيب محفوظ وحده بكتب عديدة كتبها الراحل الجميل عنه لنتعرف منها عن رأيه فى كرة القدم، الأحزاب المصرية، التوجهات السياسية، الحكام، الموسيقى والطرب، العمل الوظيفى، هموم الناس، الدين والتدين، وغيرها.

عرفت الرجل إبان مشروعه العظيم الصادر فى سلسلة كتب صغيرة لرد الاعتبار لرواد الاستثمار قبل ثورة يوليو من أمثال السيد ياسين، وسمعان صيدناوى، ومحمود أبو الفتح، وروزاليوسف. خطفتنى الفكرة بتفردها، فتابعتها وأصررت على التعرف على المؤلف ومناقشته. كان مصطفى بيومى وقتها يعمل مستشارا ثقافيا للدكتور محمود محيى الدين، عندما كان وزيرا للإستثمار، وبدت لى فكرته الأساسية بأن مصر لديها تراث تاريخى عظيم من التعددية وحرية الاقتصاد والفكر قبيل ثورة يوليو، وأن هذا التراث قابل للبعث مرة أخرى.

لفت نظرى وقتها بساطة المؤلف وتواضعه وحرصه الشديد على القيمة والإتقان واهتمامه بالابداع، وتبادلنا الكتب وتصادقنا لنتشاور فيما نكتب، ونتحاور بشأن الأفكار والنصوص سعيا إلى الأجمل والأفضل. ومن هُنا قرأت مسودات معظم أعماله الابداعية قبل نشرها، وبالمثل قرأ أعمالى بمحبة واهتمام وصدق؟.

ورغم مرضه الذى طال ومعاناته التى امتدت لسنواته الأخيرة ظل ناصع البياض طيبة ونقاء، وحمل طاقة إبداع وكتابة رائعة لم تفتر أبدا. ورغم هموم، ومشكلات جمة، وأحزان وطنية ومجتمعية، ومحن وصعاب، واصل المقاومة بقلمه مُعتزا بكرامة المبدع الحقيقى، ومنتصرا بالاستغناء النقى.

انتصر مشروعه الفكرى والنقدى لقيم التسامح، والتعددية، وقبول الآخر، ورفض التدين الشكلى، المظهرى، الانتهازى، المُسيس، ونبذ الاستبداد السياسى، والفردية، واستعلاء الحكام على المحكومين، ولا يُمكن أن ننسى عبارته الأثيرة بأننا نعيش منذ ولدنا فى ظل حالة طوارئ لا تنقضى أبدا.

رأى أن جمال عبدالناصر، وزمنه، ورجاله، وسياساته أوقفوا صعود المجتمع المدنى المصرى، وردوه إلى عصور وسطى من نفاق السلطة، والانتهازية، والاتجار بالدين.

لم ينل مصطفى بيومى التكريم المستحق من مؤسسات الدولة، ولم يحظى الرجل بالمساندة والدعم المفترض من صروح الثقافة وكياناتها، وهو الذى مزج التاريخ بالأدب ليستقرئ لنا سمات الشخصية المصرية وتطورها من عصر إلى عصر. لم يُحقق الرجل ثروة مالية تفى بحياة هانئة ورعاية صحية جيدة وهو الذى جنت دور نشر عديدة عائدات ضخمة من توزيع مؤلفاته.

بدا الرجل راضياً بمقولة فولتير الشهيرة «لا تحزن إن لم تنل ما تستحق من تقدير.. فيكفيك أنك تستحق»، ليواصل إبداعاته مبتسماً وسعيداً بمحبة الناس واحترامهم.

وفى وداعه بكى المحبون، وترحموا عليه، وأعادوا نشر ما كتب. فما مات مَن كتب جميلًا.

والله أعلم

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد

إقرأ أيضاً:

مجمع البحوث الإسلامية: لا تقل هذه الكلم .. تطردك من رحمة الله

حذر مجمع البحوث الإسلامية عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عن فعل يقع فيه الكثير دون أن يشعروا يطردهم من رحمة الله.

واستسهد المجمع بالحديث الشريف، عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ "يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ" "رواه البخارى كتاب التفسير سورة الجاثية".

حكم سب الدهر

ينهى الله تعالى في هذا الحديث القدسى العظيم، عباده عن سب الدهر لأنه سبحانه هو خالق الدهر وهذا السبب يعرض العبد للطرد من رحمة الله والبعد عن حضرة الله تعالى.

فقوله (يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ) أى يخاطبنى الخطاب الذى يؤذى سامعه المخاطب به وبذلك يتعرض من يقول ذلك للأذى من الخاطب السامع له والله تعالى منزه عن أن يصل إليه من الغير أذى، والمعنى أن من يقول هذا القول – وهو سب الدهر- يثعرض نفسه للأذى من الله تعالى، وقوله (يَسُبُّ الدَّهْرَ) أى يشتم الدهر إذا أصابه مكروه، وقوله (وَأَنَا الدَّهْرُ) أى أنا خالق الدهر وخالق الحوادث التى تحدث فى الدهر وأنا مُصرﱢف الدهر.

دعاء لكشف الهم والغم.. مكتوب ومجربدعاء استقبال المولود الجديد مكتوب .. ردّده يحفظه الله

وقوله (بِيَدِي الْأَمْرُ) أى هذا الشىء وهذا الأمر الذى ينسبونه إلى الدهر ويسبونه من أجله أنا الذى أوجدته بقدرتى وبحكمتى، وقوله (أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) أى أنا الذى أصرف الحوادث التى تكون فى الليل والنهار فكل الأمور بيدى وبأمرى.

هذا الحديث القدسى العظيم يُصحح لنا العقيدة ويُرشدنا إلى حسن التأدب والأدب فى اللفظ ويُصحح فهماً خاطئاً للناس أنهم يعتقدون أن مرور الأيام والليالى هو المؤثر فى هلاك الأنفس وينسبون كل حادث إلى الدهر، لكن الله أراد أن ينبهنا إلى أنه سبحانه وتعالى هو وحده الفاعل لجميع الحوادث.

حكم سب الزمان

ما أكثر من يسبون الدهر فى زمننا هذا ولو يعلم الناس ما ينتظرهم من عقاب بسبب هذا القول – سب الدهر- لما تجرأت ألسنتهم على النطق بمثل هذا القول وأدعو الله تعالى أن يُهذب ألسنتنا وأن يُجنبنا السوء من القول.

حكم قول أيام زفت تعد من سب الزمان والدهر؟

أجاب الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن السؤال قائلا إن الأمر يتوقف على حسب قصده إذا قصد الوقت يعنى أهل الزمن.

واستشهد أمين الفتوى بأنه كان هناك رجل اسمه تومة الحكيم كان يجاوب على أي سؤال بجهل فقال شاعر على لسان حماره: “لو أنصف الدهر لكنت أركب.. لأنى جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب”.

والمعنى “إن جيت للحق فالذي يستحق فينا أن يركب هو صاحبي هذا الذى يدعي العلم وهو جاهل، على الأقل أنا أعلم أني حمار إنما هو حمار ولا يدري ذلك ويعتقد أنه أعلم العالمين”.

وتابع أمين الفتوى خلال فيديو عبر قناة دار الإفتاء على “يوتيوب”، أنه بقول الشاعر “فلو أنصف الدهر” فهو لم يقصد أن الزمن جائر؛ فالزمن مخلوق لله عز وجل.

وأشار أمين الفتوى إلى أنه ينبغي على الإنسان أن يعود لسانه على الكلمة الطيبة فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال “من كان يومن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت”، وقال أيضا “ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء”.

حكم سب الزمان والأيام

أكد الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، أنه يحرم على المسلم سب الدهر، مستشهداً بالحديث القدسى الذي يقول "الناس تسب الدهر وأنا الدهر بيدى تقلب الليل والنهار".

وأوضح جمعة، خلال برنامج "والله أعلم" مع الإعلامى عمرو خليل المذاع على فضائية "سى بى سى"، أن الناس تلوم الوقت دائًما فيجب عليهم أن يلوموا أنفسهم على ما يفعلونه فى حق أنفسهم، مؤكدًا أنه ليس للوقت ذنب في هذا، لأن ما يحدث لهم ما هو إلا نتيجة أفعالهم، مشيراً إلى أنه يجب على الناس أن يغيروا من أنفسهم بدلاً من أن يقضون وقتهم فى لوم الزمان.

مقالات مشابهة

  • أين حراك الجامعات العربية؟
  • الفاشر.. او على السودان السلام
  • الجيم يجتاح بغداد.. ثورة نسائية على طريق الرشاقة (صور)
  • محافظ الجيزة يتابع أعمال تعزيز إجراءات السلامة بمحوري 26 يوليو وصفط اللبن
  • تركيب باكيات مفقودة وحواجز خرسانية حفاظاً على سلامة المواطنين بمحوري 26 يوليو وصفط اللبن
  • مجمع البحوث الإسلامية: لا تقل هذه الكلم .. تطردك من رحمة الله
  • استثمار المآسي !
  • «زيادة جديدة بداية من يوليو».. موعد صرف معاشات شهر مايو 2025
  • كلمات في وداع الفريق الفاتح عروة
  • رسميًا.. زيادة مرتبات موظفي الدولة في يوليو 2025 ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 7000 جنيه