العرب يملكون إفشال مخطط ترامب إن أرادوا!
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
ربما لم يحظ أمر في الآونة الأخيرة بقدر واسع من الضجة السياسية والإعلامية غير المسبوقة على مستوى الشرق الأوسط والعالم، قدر ما حظي به إعلان ترامب عن مقترح يقضي باستيلاء الولايات المتحدة على غزة وإدارتها على المدى الطويل، والذي أعتقد أنه كان مقصودا ليس لذاته ولكن ربما لأغراض أخرى يتشابك فيها الداخل الأمريكي مع الخارج.
مخطط ترامب استدعى سؤلا وهو: هل يملك العرب إفشاله؟ الحقيقة هي، إن العرب يملكون إفشال أي مخطط إن أرادوا.
حفاوة إسرائيلية غير مسبوقة بوعد ترامب
مثّل إعلان ترامب بخصوص غزة خطوة تُعد الأكثر إثارة للجدل بعد أيام قليلة من ولايته الثانية، تكشف بجلاء عن المخططات الأمريكية الإسرائيلية الصهيونية، التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما يستوجب استنفارا عربيا لبحث مواجهة المخططات العدة للمنطقة.
بعد إعلان وعد ترامب بخصوص غزة، من الأهمية بمكان أن تدرك الدول العربية والإسلامية أن الصهيونية الدينية تكشر عن أنيابها لتنهش في جسد المنطقة، وهو ما يعني أن واجب الوقت هو كسر هذه الأنياب وتحطيمها
وعلى جانب آخر، يمكن القول إن "وعد ترامب الخيالي" بخصوص تفريغ غزة من الفلسطينيين قد حظي بقدر غير مسبوق من الاهتمام والترحيب داخل إسرائيل، حيث استقبلت معظم الأحزاب الإسرائيلية "وعد ترامب" بارتياح كبير وسرور، واهتمام غير مسبوق.
"هناك الكثير من الإثارة والدعم والحماس، وهناك من يقول إن هذا الأمر كأنه جلسة لحزب الصهيونية الدينية"، هذا ما أجابت به "ليئور كينان" مراسلة شؤون الكنيست الإسرائيلي في القناة 13 العبرية، عندما سألها المذيع عما سيؤدي إليه إعلان ترامب بخصوص غزة للائتلاف الحكومي والمستوى الحزبي في إسرائيل، خاصة أن هناك الكثير من الإثارة والحماس في اليمين!
ربما يلخص المتطرف الصهيوني ذو الأصول المغربية "أرييه مخلوف درعي"، رئيس حزب "شاس"، حجم الحفاوة بوعد ترامب -المثير للجدل بخصوص غزة- داخل المجتمع السياسي الإسرائيلي، لا سيما اليمين المتطرف، حيث وصف درعي ترامب بأنه "رسول الله للشعب اليهودي"، على حد تعبيره!
الصهيونية الدينية تنهش في جسد المنطقة
وبعد إعلان وعد ترامب بخصوص غزة، من الأهمية بمكان أن تدرك الدول العربية والإسلامية أن الصهيونية الدينية تكشر عن أنيابها لتنهش في جسد المنطقة، وهو ما يعني أن واجب الوقت هو كسر هذه الأنياب وتحطيمها.
ويمكن القول، إن تولي ترامب الرئاسة للمرة الثانية في الوقت الذي تتولى حكومة يمينية شديدة التطرف في إسرائيل، يمثل التقاء تاريخيا على هدف واحد بين النخب الفاشية المسيحية الإنجيلية الأمريكية وغلاة الصهاينة اليهود. ويُعد مخطط ترامب بخصوص غزة تجسيدا لهدف جيوسياسي على أرض الواقع، التقت عليه الصهيونية المسيحية والصهيونية الدينية اليهودية، في طريق تحقيق نبوءة "أرض الميعاد" المزعومة.
مواجهة مشروع ترامب وإفشال المخطط
منذ عام 1948، وعلى مدار تاريخ القضية الفلسطينية، لم تتوقف المحاولات المتكررة لتهجير الفلسطينيين، ولكن جميع هذه المحاولات كان مصيرها الفشل، بفضل الرفض الحاسم من قبل الفلسطينيين، إضافة إلى رفض الدول العربية تصفية القضية الفلسطينية.
وبعد إعلان ترامب عن مخطط إخلاء غزة انطلقت العديد من التكهنات حول جدية خطة ترامب الغريبة، وما إذا كانت مناورة سياسية أم استراتيجية جديدة، وما إذا كانت هذه الخطة للتغطية على مخطط آخر أكثر شرا. وبحسب تقرير "سي إن إن"، فإن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين أبدوا قدرا هائلا من التشكك تجاه مخطط ترامب، كما قال السيناتور الديمقراطي كريس كونز: "إنه عاجز عن الكلام، وقال إن هذا جنون"!
على المستوى الإقليمي، فإن موقف الدول العربية والإسلامية كان بالغ الوضوح في معارضة فكرة تهجير سكان غزة؛ مما يجعلها مجرد خيال لن يجد طريقا نحو التطبيق.
وحسنا فعلت دول المجموعة السداسية العربية، عندما أعلنت خلال 48 ساعة من إعلان ترامب رفضها التام لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين وتقسيم القطاع، خلال الاجتماع الوزاري الذي انعقد بالقاهرة، وضم وزراء خارجية مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وقد جاء البيان الختامي للسداسية العربية متضمنا مجموعة من المواقف المحددة، حملت قيمة سياسية هامة، وعكست تفاعلا عربيا إيجابيا في مواجهة تهديدات ترامب.
ورغم ما عكسه بيان السداسية العربية من وضوح الموقف العربي بالرفض التام لخطة ترامب إلا أن الأمر يحتاج حراكا أوسع وأكثر فاعلية على الأرض، وذلك في إطار ما تملكه الدول العربية من أوراق يمكن أن تغير كثيرا، وتقف في وجه هذا الانحراف الأمريكي، المتجاوز لكافة القواعد والأعراف الدولية، والذي يمثل تهديدا وجوديا ليس للفلسطينيين فحسب ولكن لدول الجوار، وعلى الأخص مصر والأردن المعنيان بإعلان ترامب الغريب والخيالي، والذي ينطلق من فهم سطحي لطبيعة الصراع بين العرب وإسرائيل.
ماذا يمكن أن يفعل العرب لوقف تهجير الفلسطينيين؟
أعتقد أن الدول العربية لا بد أن تدرك يقينا أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن أن تكون وسيطا موثوقا به، ولكنها شريك كامل للاحتلال الإسرائيلي.
كما يجب أن يدرك العرب أن المشروع الصهيوني ما كان له أن يحيا ويستمر لولا ما يوفره له الدعم الأمريكي، ومن ثم فإنه لا تجدي أية مناشدات أخلاقية للولايات المتحدة، التي أطاحت نخبتها بكافة أحكام القانون الدولي والإنساني، وتؤسس إدارتها في ظل المبادئ الترامبية لعالم جديد وعنيف.
ما تريده الولايات المتحدة وإسرائيل ليس قدرا مقدورا، ولكن يسهل مواجهته حال توفرت الإرادة، فمشكلة الأمة العربية في إرادتها وليس في قوة أعدائها، فهناك أوراق قوة لدى العرب تمكنهم من وقف ما يخطط له ترامب أو غيره، ولكنها لا تحتاج سوى الإرادة لتفعليها والتلويح بها.
خاتمة
إن دول العالم العربي من مصلحتها جميع قول "لا" واضحة صريحة،والوقوف في وجه مخططات ترامب الصهيونية، وخيار الفشل في المواجهة لا بد ألا يكون مطروحا بحال من الأحوال.
لا بد من استثمار الرفض المعلن من قبل المجتمع الدولي لخطة ترامب في غزة، وذلك عبر تفعيل خطوات عملية تمنع تمرير مثل هذه الخطة
إن واجب الوقت يتطلب من العواصم العربية الاصطفاف والتوحد ونبذ الاختلافات، ولذلك تبدو الحاجة لعقد قمة طارئة على وجه السرعة تعلن أن غزة وإعمارها شأن عربي خالص، وتوجه إنذارا واضحا للاحتلال الإسرائيلي وخاصة من الدول التي طبّعت مع دولة الاحتلال. ولا بد من بناء تحالف إقليمي يجمع الدول المتضررة من السياسات الأمريكية والإسرائيلية.
كما يجب على الأطراف الفلسطينية تحقيق توافق داخلي يضمن تمثيلا سياسيا لكافة الفلسطينيين، ويبقى الحل الأمثل مصالحة فلسطينية شاملة تقطع الطريق على أي تدخلات خارجية.
يُعد الموقف المصري والأردني حجر ارتكاز في إسقاط أي مشروع للتهجير، ومن ثم يجب دعمهما عربيا وإسلاميا، كما يتعين دعم الفلسطينيين داخل القطاع عبر التعاون مع المنظمات الدولية، وحشد موقف عربي موحد يعزز عزلة إسرائيل على الساحة الدولية.
ومن ناحية أخرى لا بد من استثمار الرفض المعلن من قبل المجتمع الدولي لخطة ترامب في غزة، وذلك عبر تفعيل خطوات عملية تمنع تمرير مثل هذه الخطة.
ستفشل خطة ترامب بخصوص غزة حتما لا محالة، كما فشلت مثيلاتها من قبل؛ لأنها ستصطدم بصخرة كؤود لا تلين وهي صمود الشعب الفلسطيني.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب غزة الفلسطينية تهجير فلسطين غزة تهجير ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصهیونیة الدینیة ترامب بخصوص غزة الدول العربیة إعلان ترامب مخطط ترامب وعد ترامب من قبل
إقرأ أيضاً:
لأول مرة.. البورد العربي يُعتمد في أوروبا برئاسة عراقية
أبريل 13, 2025آخر تحديث: أبريل 13, 2025
المستقلة/- في إنجاز يُعد نقلة نوعية في تاريخ الطب العربي، أعلن وزير الصحة العراقي الدكتور صالح الحسناوي عن اعتماد مراكز للبورد العربي في دول أوروبا، للمرة الأولى، ما يُمهّد الطريق أمام الاعتراف الدولي بالشهادات الطبية العربية وفتح آفاق جديدة أمام الأطباء العرب للعمل والممارسة المهنية في الخارج.
جاء ذلك خلال مشاركة العراق في الاجتماع الدوري للمجلس العربي للاختصاصات الطبية، والذي عُقد في العاصمة الأردنية عمان، بحضور وزراء صحة عرب وممثلين عن جامعة الدول العربية، حيث تم انتخاب العراق لرئاسة المجلس واللجنة الوزارية العليا التابعة له، في خطوة اعتُبرت تقديراً لدوره المتنامي في تطوير النظام الصحي محلياً وعربياً.
العراق يقود المجلس العربي للاختصاصات الطبيةاعتبر الحسناوي أن ترؤس العراق لهذا المجلس المهم يمثل اعترافاً بموقعه العلمي والطبي، ودليلاً على جهوده المتواصلة في النهوض بالقطاع الصحي. المجلس العربي، التابع لجامعة الدول العربية، يعدّ أعلى سلطة علمية وطبية في الوطن العربي، ويضطلع بدور محوري في تطوير التدريب والتعليم الطبي العالي، في اختصاصات تشمل الطب والتمريض والصيدلة.
نحو اعتراف دولي بالشهادات العربيةمن أبرز ما أُعلن خلال الاجتماع، هو الاتفاق على آلية لاعتماد مراكز للبورد العربي في أوروبا، وهو ما اعتبره الحسناوي “نقلة كبيرة” نحو الاعتراف بالشهادة العربية في الدول الأوروبية والعالمية. وتأتي هذه الخطوة استجابة لحاجة ملحة طالما طالب بها الأطباء العرب المهاجرون، الذين يعانون من تعقيدات كبيرة في معادلة شهاداتهم أو الحصول على فرص عمل متكافئة مع زملائهم الدوليين.
تسهيل عمل الأطباء العرب في الخارجالمخرجات الأساسية للاجتماع تضمنت أيضاً وضع آليات لتسهيل عمل الأطباء العرب المهاجرين في الدول الأجنبية، وضمان حصولهم على حقوقهم المهنية كاملة، بما فيها حق الممارسة وفق اختصاصهم. كما دعت التوصيات إلى تعزيز الشراكات العربية في مجال التدريب الطبي، وتوسيع دائرة التعاون المشترك بين الدول العربية في تبادل الخبرات واعتماد النظم الصحية الناجحة.
رؤية جديدة للنهوض بالقطاع الصحي العربيوفي الوقت الذي تواجه فيه المنطقة تحديات صحية متزايدة بسبب الأزمات والنزاعات والتغيرات المناخية، شدد الحسناوي على أهمية الانفتاح على كل ما هو جديد في المجال الطبي العالمي، مشيراً إلى ضرورة الاستفادة من التجارب الدولية وتطويعها لخدمة الواقع الصحي في العالم العربي، وفق أسس علمية ومهنية وإنسانية.
العراق في صدارة المشهد الصحي العربيمع هذا الإنجاز، يرسّخ العراق مكانته كأحد الأعمدة الأساسية في تطوير النظام الصحي العربي، ليس فقط من خلال دوره التنظيمي في المجلس، بل أيضاً من خلال تقديم المبادرات والرؤى المستقبلية الطموحة التي من شأنها أن تنعكس إيجاباً على الأجيال القادمة من الأطباء والممارسين الصحيين.