العالم بين النظام القديم والنظام الجديد
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
حرصت الدول المنتصِرةُ في الحرب العالمية الثانية على إقامة نظام عالمي متفَقٍ عليه، ينظم العلاقات بين مختلف دول العالم ويحفظ للدول المنتصِرة مكتسباتها التي حصلت عليها نتيجة للانتصار الذي حقّقته في الحرب، وتمثلت أدواتُ هذا النظام في الأمم المتحدة ومجلس الأمن (الذي ضم الدولَ المنتصرة) والمنظمات الدولية المختلفة، والقانون الدولي والإنساني، وكل تلك الأدوات يتم تسخيرُها لخدمة الدول الكبرى وضمان مصالحها السياسية والاقتصادية، كما تضمن هذه الأدوات بقاء الدول النامية في طور النمو إلى يومنا هذا، وسمحت للدول الكبرى بالاستيلاء على حقوق ومقدرات وثروات الدول الفقيرة في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية، واستمرت أدوات النظام القديم بأداء الدور المرسوم لها في تكريس رفاهية وغنى شعوب الدول الكبرى وفي تسخير الدول الفقيرة للدول الغنية، ومؤخرًا بدأت الأصوات ترتفع في وجه ذلك النظام حتى من دول تعتبر مستفيدة منه مثل روسيا والصين ودول أُخرى مطالبة بتغيير النظام وأدواته، وقد ارتفعت تلك الأصوات بعد سقوط الاتّحاد السوفيتي وانفراد أمريكا بالسيطرة على العالم.
لم تحدث أية استجابة من الدول الكبرى المعنية للأصوات التي ارتفعت لتحديث النظام القديم، ولكن حدث هذا العام متغير كبير يصب في صالح المطالبين بالتغيير وهو وصول دونالد ترمب إلى سدة الحكم في أمريكا، وقد بدأ حقبته الرئاسية باستهداف أدوات النظام القديم، في محاولة منه لإيجاد نظام خاص يتيح لأمريكا أن تسيطر على العالم ومقدراته دون قيود أَو ضوابط واعتبار ما تراه أمريكا للعالم هو الذي يجب أن يمر، حَيثُ بدأ ترمب بإصدار أوامر تنفيذية تحقّق هدفه، منها أوامر بالانسحاب من عدد من المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية ومجلس حقوق الإنسان الدولي ومنظمة اليونسكو، وأظهر استهتاره وعدم التزامه بالكثير من القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن أَو عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، مثل إعلانه الاعتراف بضم الجولان السوري والقدس الشرقية إلى الأراضي المغتصبة من قبل العدوّ الصهيوني؛ في مخالفة واضحة للقرارات الدولية، وكذلك الضغط الذي يمارسه على الأردن ومصر لاستقبال سكان غزة بعد أن يتم تهجيرهم وطردهم من أرضهم.
إن ما يقوم به ترمب يؤسِّس لنظام عالمي جديد سَتستفيد منه في المستقبل الدولُ المستضعَفة وسيتيح لها استعادة حقوقها التي صادرتها منها أدواتُ النظام العالمي القديم عندما ينهار بفضل ترمب.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: النظام القدیم
إقرأ أيضاً:
أبو الغيط يلتقي المدعي العام للجنائية الدولية ويشيد بدوره في الدفاع عن العدالة
التقى أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، في إطار مشاركته في أعمال منتدى أنطاليا للدبلوماسية في تركيا، مع "كريم خان" المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية .
وصرح جمال رشدي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام ، أن النقاش تركز على الجرائم الإسرائيلية الخطيرة التي يرتكبها الاحتلال في غزة، وولاية المحكمة الجنائية ودورها المهم في ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم من المسئولين الاسرائيليين.
وقال رشدي، إن الأمين العام عبر عن دعم المدعي العام في مواجهة ضغوط كبيرة يتعرض لها، مؤكدا أن خان يقوم بعمل مهم في الدفاع عن مصداقية نظام العدالة الدولية الذي طالما لطخته اتهامات الازدواجية والنفاق.
وأكد ابو الغيط، أن مساعي اسرائيل لتخريب نظام العدالة وتحديه، بمساعدة بعض الدول للأسف، تعد تقويضا للنظام الدولي المؤسس على القواعد، وستكون لها تبعات خطيرة تتجاوز مأساة غزة بكل ما ارتكب خلالها من جرائم ومذابح.