ترامب: الوجه الحقيقي لأمريكا وراء أقنعة الحرية والديمقراطية
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
د. شعفل علي عمير
بينما تسوّق الولايات المتحدة الأمريكية أنها منبر للحرية والديمقراطية، وتتصدر الصفوف في الاستعراض المتبجح لما تسميه “الحرية والديمقراطية”، لكن، خلف هذا الستار البراق، تتهاوى بأعيننا أركان تلك المبادئ المزعومة، لتكشف عن أطماع توسعية ونهج يفتقر إلى العدالة الحقيقية.
لنتعمق قليلًا فيما يجري خلف الكواليس، الديمقراطية، التي من المفترض أنها الحكم بواسطة الشعب ومن أجل الشعب، تكاد تكون في أمريكا اليوم مُجَـرّد ديكور يستعمل لتهدئة البسطاء والادِّعاء بتعددية الأصوات، تُدار الانتخابات بمليارات الدولارات التي تضخها جماعات الضغط والشركات العملاقة، لتشتري ولاء السياسيين وتضمَنُ قراراتهم بما يتوافق مع مصالحها المالية، هل هذه هي الديمقراطية الحقيقية؟
لقد انتهج ترامب سياسة “الحلب المالي”، حَيثُ رأى في بعض الدول العربية، لا سِـيَّـما الخليجية منها، خزائن مفتوحة يجب استنزافها من دون رحمة، وعلى الرغم من المواقف العدائية التي تبناها ترامب ضد العرب والمسلمين خلال حملته الانتخابية وتصريحاته العنصرية، لم يتوانَ الحكام العرب عن تسليمه عقود التسليح والاستثمارات الطائلة، في مشهد يبرز الخنوع التام والفشل في استغلال هذه المواقف كورقة ضغط لتحسين شروط التفاوض أَو على الأقل إظهار موقف موحد وشجاع أمام جبروت السياسة الأمريكية، كيف يمكن لأمة تدعي الدفاع عن الحرية أن تدعم حصارًا قاسيًا على سكان غزة؟ هذا الحصار الذي يخنق حياة أكثر من مليوني إنسان، ويقيد حركتهم، ويجعلهم يعيشون في ظروف يعجز المرء عن وصفها بأنها إنسانية، الليل في غزة ليس مثل أي ليل آخر في العالم، فهو يحمل معه أصداء القنابل والغارات، مما يجعل الحديث عن الحرية والديمقراطية في سياق هذه الحياة اليومية المليئة بالخوف والتوتر أمرًا مثيرًا للسخرية.
ليأتي ترامب بعد أن هدأت أصوات القنابل وأزيز الطيران بخطته وخدعته الجديدة ليقرّر مصير شعب غزة لتفريغ القطاع من ساكنيه بحجّـة لا يصدقها من لديه عقل يسعى إلى تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن.
لم يكن ليتجرّأ أن ينطق بهذا لولا خضوع بعض الزعماء العرب، وفي عصر أصبح فيه التهافت على إرضاء القوى الكبرى هو معيار نجاح الحكومات، برز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متفاخرًا بانحيازه الواضح لصالح “إسرائيل”، وبدلًا من أن يقابل هذا الانحياز بمواقف صلبة وحازمة من قِبل الحكام العرب المدركين لمسؤولياتهم التاريخية، شاهدنا تحولًا في سياسة بعض هؤلاء الحكام، الذين أصبحوا يتنافسون للحصول على رضا الإدارة الأمريكية على حساب الحق الفلسطيني.
إن الوضع في غزة يقدم دليلًا قاطعًا على أن الخطاب الأمريكي حول الديمقراطية والحرية ليس أكثر من خطاب أجوف عندما يوضع في اختبار التطبيق الفعلي.
على المجتمع الدولي، وخَاصَّة الشعوب التي تؤمن بقيم العدالة والمساواة، أن تفتح أعينها على هذه الازدواجية الصارخة، وأن تعمل على محاسبة الحكومات التي تؤيد السياسات الظالمة بما يتنافى مع مصالح وخير الإنسانية جمعاء.
إن الحكام العرب الذين اختاروا أن يلتزموا الصمت أَو يقدموا المزيد من التنازلات للإدارة الأمريكية، يؤكّـدون يومًا بعد يوم أنهم أبعد ما يكونون عن تمثيل شعوبهم وطموحاتها؛ فلم يكن هُمُّهم سوى الحفاظ على عروشهم، حتى لو كان الثمن هو التنازل عن السيادة والكرامة الوطنية.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
راديو فرنسا الدولى: الكونغو الديمقراطية أكثر الدول تضررا بقرار تجميد المساعدات الأمريكية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكر راديو فرنسا الدولي، أن الكونغو الديمقراطية من أكثر الدول تضررا بقرار تجميد المساعدات الأمريكية.
وقال الراديو، في نشرته الإفريقية، اليوم/الاثنين/، تعتبر جمهورية الكونغو الديمقراطية واحدة من الدول التي يشعر فيها الناس بقسوة شديدة تجاه قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير بتجميد الأموال الأمريكية المخصصة للتنمية، وخاصة في الشرق، الذي يعاني من صراع عنيف.
وأوضح الراديو، أن هذا يرجع إلى أن 70% من المساعدات الإنسانية التي تتلقاها البلاد تأتي من الولايات المتحدة، وبالنسبة للمنظمات غير الحكومية الكونغولية التي تعتمد عليها، فإن الضربة قاسية، وإغلاقها الإجباري أمر يصعب قبوله للغاية.
ونقل الراديو عن الدكتور جوزيف كاكيسينجي منسق المنتدى الوطني للمنظمات غير الحكومية الذي يضم أكثر من 500 منظمة في الكونغو الديمقراطية، إن:" التخفيضات التي اضطرت إليها تلك المنظمات بالفعل بسبب تعليق المساعدات الأمريكية لها "عواقب فورية ومأساوية للغاية"، فقد اضطرت المنظمات التي كانت توزع المساعدات على مخيمات النازحين إلى إيقاف كل شيء، وبالتالي فإن الأشخاص الذين يعتمدون عليها لا يعلمون ماذا يفعلون.
كما اضطرت المنظمات التي كانت تزود المستشفيات بالأدوية إلى إيقاف عمليات التسليم، ولم تعد بعض البرامج لمكافحة السل والملاريا وفيروس نقص المناعة البشرية قادرة على الاستمرار؛ مما يعرض حياة الناس للخطر.
وقال،إن:"الوضع معقد بالفعل، غير أن هذا التوقف المفاجئ للمساعدات الأمريكية يعد كارثيا".
وبدوره قال لوك لامبريير مدير منتدى المنظمات غير الحكومية الدولية، وهي منصة تجمع 124 منظمة دولية تعمل في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إن:" ما نخشاه حقا هو وقوع كارثة إنسانية مرتبطة ليس فقط بالوضع، بل وبصعوبة الاستجابة له، سواء بسبب الظروف الأمنية أو صعوبة الوصول إلى السكان مع حالة عدم اليقين الكبرى بشأن تمويل المنظمات غير الحكومية".
يذكر أن منطقة شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية شهدت تدهورا كبيرا في الوضع، مع القتال العنيف الذي سبق احتلال مدينة جوما من قبل جماعة 23 مارس المتمردة المسلحة، في الأسابيع الأخيرة، فقد قتل ما يقرب من 3000 شخص وأصيب عدد مماثل ونزح 700 ألف شخص في عاصمة شمال كيفو في يناير الماضي، وفقا لما ذكره هيئة الأمم المتحدة، مؤكدة أن الخسائر البشرية في المنطقة مأساوية.
وبينما كانت المنظمات غير الحكومية العاملة على الأرض تخشى من أن الأضرار المادية الكبيرة الناجمة عن الاشتباكات من شأنها أن تعقد عملها، فقد شهدت مخاوفها تعزيزا بسبب إعلان دونالد ترامب تجميد جميع المساعدات الدولية من الولايات المتحدة يوم تنصيبه في 20 يناير الماضي، والتي من المؤكد أن انقطاعها دون سابق إنذار سيؤدي إلى عواقب لا حصر لها.