علي جمعة: شهر رمضان يعيد المسلم إلى التقويم السليم لمعايشة اليوم والليلة
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن شهر رمضان يعيد المسلم إلى التوقيت الموافق للشرع الشريف وإلى التقويم السليم لمعايشة اليوم والليلة، إلا أننا لا نشعر بذلك، بل ربما نشعر بالعكس، لأننا نعيش أحد عشر شهرًا على اعتبار أن اليوم والليلة وحدة واحدة من 24 ساعة، وأن هذه الوحدة تنتهي عند الساعة 12، حتى إن الساعات التي تليها تُعتبر صباح اليوم الجديد، رغم أن الليل ما زال يخيم علينا.
وأضاف علي جمعة، في منشور له، أن هذا التغيير قد بدأ على يد الخديوي إسماعيل، حيث غيّر نمط حياة الإنسان المصري، فعدّل برنامجه اليومي، واستبدل التقويم الهجري بالميلادي، والساعة العربية بالساعة الإفرنجية، كما غيّر الأزياء ونمط المعيشة.
وتابع علي جمعة: لقد كانت ساعاتنا قديمًا تُحسب وفقًا لغروب الشمس، بما يتسق مع أوقات العبادات، فكان منتصف الليل يُحدد مع أذان المغرب عند الساعة 12، ومن ثم تُحسب الساعات: الساعة الأولى من الليل، ثم الثانية، ثم الثالثة، وهكذا. لذا، كان الناس يفهمون بسهولة قول النبي في الحديث الذي رواه البخاري:
"من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرّب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرّب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر."
وذكر علي جمعة، أن الناس كانوا يدركون معنى "الساعة الأولى" و"الساعة الثانية"، إذ كانوا يعيشون وفق هذا النظام الزمني، إلا أن الأمر تغيّر في عصر الخديوي إسماعيل، حيث أصبح منتصف النهار هو الساعة 12 ظهرًا، ومن المعلوم أن اليوم ليس ثابتًا عند 24 ساعة بالضبط، بل يختلف باختلاف أيام السنة، فقد يكون 24 ساعة و17 دقيقة، أو 24 ساعة ناقص 17 دقيقة، وهو ما يؤدي إلى تفاوت وقت أذان الظهر لدينا، إذ قد يؤذن أحيانًا عند 11:35 وأحيانًا عند 12:07، بسبب هذه الدقائق الزائدة أو الناقصة التي تتغير عبر السنة.
كما كان المسلمون قديمًا يكيّفون حياتهم وفقًا لنظام يتلاءم مع العبادات، مما كان يجعلها سهلة التطبيق، دون تنافر أو اضطراب. فلم يكن هناك شعور بالضيق أو تفويت للصلوات، إذ كانوا ينامون بعد العشاء ويستيقظون قبل الفجر، وكانوا يدركون معنى "ثلث الليل الأخير"، ذلك الوقت الذي يستجيب الله فيه الدعاء، وكان هناك انسجام كامل بين حياتهم وتعاليم الدين.
وأشار إلى أن هذه التغيرات التي حدثت في عصر الخديوي إسماعيل كانت لحظة فارقة في تاريخنا، إذ اختفت معالم التوقيت القديم الذي كان يساعد في فهم النصوص الشرعية ومسايرة الحضارة الإسلامية.
ورغم ذلك، فإن شهر رمضان يعيد إلى المسلم هذا النمط القديم، حيث يفرض نفسه طوال الشهر، مما يجعل كثيرًا من المسلمين يشعرون بارتباك شديد في نظام نومهم ويقظتهم، وعملهم وراحتهم. إلا أن رمضان لا يقلب الأمور، بل يعيدها إلى نصابها الصحيح.
وأوضح أن أول ما يستعد به المسلم لاستقبال شهر رمضان هو محاولة التكيف مع نظامه قبل قدومه، وهذا لا يتحقق إلا بالصيام والسحور، فهما يساعدان في التدرج نحو هذا التغيير.
كما أن الجهاز العصبي للإنسان لا يمكنه التأقلم الفوري على نمط جديد، بل يحتاج إلى تدريب تدريجي، حتى ينتقل من النظام الذي اعتاده من نوم ونشاط وراحة، إلى النظام الرمضاني. وكثير من المسلمين يحاولون التأقلم مع رمضان في أيامه الأولى بدافع الحماسة الإيمانية، ثم سرعان ما يجدون صعوبة في مسايرته، والسبب أنهم لم يستعدوا له بالشكل الصحيح.
ومن هنا، فإن اتباع هدي النبي بالإكثار من الصيام في شهر شعبان يساعد المسلم على تهيئة نفسه لصيام رمضان، فلا يشعر بمشقته، خاصة أن شهر شعبان يتشابه من حيث المناخ وطول النهار مع رمضان، مما يجعل الصوم فيه وسيلة فعالة للتدرّب والاستعداد لاستقبال هذا الشهر العظيم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة شهر رمضان اليوم الليلة الأزهر الشريف المزيد شهر رمضان علی جمعة
إقرأ أيضاً:
ليه الحجاب فرض على النساء؟.. علي جمعة يكشف
كشف الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، عن الحكمة من فرض الحجاب على النساء، وذلك في إجابته عن سؤال لإحدى الفتيات: "ليه ربنا فرض الحجاب على النساء؟ وهل النقاب فرض؟".
وقال علي جمعة، خلال تصريحات تلفزيونية له اليوم، الأربعاء، إن الله تعالى جعل للرجال عورات وللنساء كذلك، موضحًا أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بيّن حدود عورة الرجال والمرأة، وهى ما بين السُرة إلى الرٌكبة، وهذا يتواءم مع الخلقة والوظيفة، حيث إن الله سبحانه وتعالى خلق الذكر والأنثى من أجل عمارة الدنيا.
فتاة تسأل وعلي جمعة يجيب.. ينفع أرتدي الحجاب في رمضان بس وأخلعه بعد ما يخلص
علي جمعة: التكاليف الشرعية تهدف لتحقيق سعادة الإنسان في الدارين
هل تأخذ المرأة أجرًا على ارتداء الطرحة؟.. علي جمعة يحدد 3 شروط
الدقيقة بـ 34 سنة.. علي جمعة يكشف مدة عمر الإنسان بالنسبة للزمن الكوني
وأكد علي جمعة، أن الله جعل للسيدات شيئًا من الستر لأن وظائفهن مختلفة عن الرجال، مستشهدا بقول الله تعالى: «وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ»، منوها بأن الشريعة بينت أن هناك صنفين، وأن كل صنف له خصائص ومراكز قانونية.
وتابع مفتى الجمهورية السابق: "الأنثى مهمتها خروج الحياة منها، وهذا شيء قد لا يتصوره الرجل"، معلقًا "تخيل إن هناك شيئًا كان في بطنك ثم خرج إلى الحياة، فربنا خلق الأمومة لدى السيدات رغم إن الحمل قد يمثل خطورة على الحياة، كما أن تربية ورعاية الأبناء تعب وإرهاق".
أكد جمعة على أن النقاب ليس فرضًا ولكنه قد يكون عادةً لبلد ولكن الأصل إظهار الوجه والكفين.
هل يجوز ارتداء الحجاب في رمضان وخلعه بعد انتهائه؟وكان تلقى الدكتور علي جمعة، سؤالاً من فتاة حول مشروعية ارتداء الحجاب خلال شهر رمضان وخلعه بعد انتهائه، حيث قالت الفتاة: "هل يجب عليّ ارتداء الحجاب في رمضان فقط، ثم أخلعه بعد ذلك؟".
وأكد الدكتور علي جمعة، على أن الحجاب فريضة دينية ليست مقيدة بزمن محدد، قائلاً: "الحجاب، كما ذكرنا، فرض... ربنا، سبحانه وتعالى، يقول: أنا أحب هذا... فحضرتك جاء رمضان، فانتِ اتكسفتي، وقلتي ما نعمل عبادتنا في رمضان، زي كل الناس، ورحتي لابسة الحجاب، هتاخدي أجر... بعد رمضان لو حد وسوس في أذنك، ممكن يكون إبليس... الشيطان 'شوشو' مثلا، قال لك ما تخلعي الحجاب، فخلعتيه... ده له أجر، وده عليه حساب، مش هاقول لك عقاب".
وتابع: "يعني هاتيجي يوم القيامة، ويقول لك: انتي ليه خلعتي الحجاب... شوفي انتي دبري إجابتك من دلوقتي علشان تجاوبي، وتقولي له: أنا خلعت الحجاب علشان كذا وكذا".