بوابة الوفد:
2025-03-13@10:41:25 GMT

تأثير قراءة الأدب الروائى على حياة القراء

تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT

استمتعت بزيارتى إلى معرض القاهرة الدولى للكتاب، حيث تم عرض روايتى تعالى معى من القدس. كنت سعيدًا لرؤية الكثيرين من القراء الشباب واهتمامهم بالكتب، وخاصة الروايات.

والروايات، كما تشير الباحثة الأدبية آنى شولتز (Annie Schultz)، تُعتبر أداة فعالة لتطوير مهارات التفكير النقدى،  حيث تحفِّز القارئ على مواجهة القضايا الاجتماعية المعقدة وتشجعه على الانغماس فى التجارب الإنسانية المتنوعة.

والدراسات العلمية التى أجراها الكندى كيث اوتلى (Keith Oatley) تؤكد هذا الدور، حيث أظهرت الأبحاث أن الأدب يعزز قدرة الدماغ على معالجة الحياة الاجتماعية، عبر تنشيط المناطق العصبية التى نستخدمها فى تفاعلنا مع العالم الواقعى. الأدب إذًا هو التمرين العقلى الذى يقوى العضلات الفكرية، فيصبح الفرد أكثر استعدادًا لفهم أفكار الآخرين والتفاعل معها.

وعلى الصعيد العالمى،  نجد فى الأدب أعمالًا تزيد الوعى الجماعى للقراء. رواية 1984 لجورج أورويل، على سبيل المثال، تلقى الضوء على الظلام الذى تفرضه الأنظمة الشمولية على حرية الأفراد، بينما الأخوة كارامازوف لدوستويفسكى تعرض صراعات النفس البشرية فى سعيها وراء الحقيقة. وفى كوخ العم توم لهارييت بيشر ستو، نجد إشراقة وعى جديدة فى مواجهة قضايا العرق والظلم الاجتماعى. أما الجريمة والعقاب فتغوص فى أعماق النفس البشرية، حيث تتصارع المشاعر بين الذنب والتوبة، فى عكس دقيق لتعقيدات الروح.

أما فى الأدب العربى،  فقد كان للروائيين الكبار مثل نجيب محفوظ، يوسف إدريس، والطيب صالح دورٌ بارز فى فتح أبواب جديدة للوعى الثقافى. قدمت روايات محفوظ مثل الحرافيش وزقاق المدق صورة حية من مجتمع مصر، حيث يكشف فيها عن صراعات الطبقات الفقيرة وهمومهم اليومية.

وفى ذات السياق، أثَّر يوسف إدريس فى المجتمع من خلال رواياته مثل العيب، التى طرحت أسئلة جريئة حول الأخلاقيات الاجتماعية، داعيًا القراء إلى النظر فى تصوراتهم التقليدية عن الشرف والكرامة. كما أن موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح كانت أشبه بسفينة تبحر بالقارئ بين شواطئ ثقافات الشرق والغرب، مُحفّزة إياه على التفكير فى الهوية الثقافية فى مواجهة الضغوط العالمية.

تتمثل المفارقة التى يقدمها الأدب الخيالى فى قدرته على تقديم «الحرية مع المسئولية»، كما تصفها الكاتبة أرونداتى روى ( (Arundhati Roy فى كتابها Azadi: Freedom. Fascism Fiction, (آزادي: الحرية. الفاشية. الخيال) إذ ترى أن الرواية تمنح القارئ الفرصة لفهم الحاضر والتخيل لمستقبل بعيد عن الصراعات، حيث تكمن الحرية فى المسئولية، وهذه الرؤية لا تقتصر على التفكير فى الحاضر بل تمتد لتشكل المستقبل.

الأدب الروائى،  بذلك، ليس مجرد رحلة عاطفية أو هروب إلى عالم خيالى،  بل هو مرشد حقيقى يعزز وعينا ويمنحنا الأدوات اللازمة لبناء مجتمع أكثر إنسانية وأغنى وعيًا.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: معرض القاهرة الدولي القراء الشباب

إقرأ أيضاً:

هل يوجد تلازم بين الأدب والفقر؟

حينما تولّى الشاعر والأديب عبد الله بن المعتز العباسي الخلافة في عام 909م، لم يلبث إلا يومًا وليلة حتى قُتل، قيل حينها إنه أدركته حِرفة الأدب! لأنه كان أديبًا، وهو مؤسس علم البديع، العلم المعني بتحسين أوجه الكلام. وهو أيضًا شاعر، ومن أشهر ما قال:
لا تحقرنّ صغيرةً ** إن الجبال من الحصى
وقد قام البعض بتحوير كلمة حِرفة (بكسر الحاء) إلى حُرفة (بضم الحاء)، وتعني الشؤم، وقلة الحظ. فهل هناك بالفعل تلازم بين الأدب والفقر، خاصة مع وجود عشرات الأمثلة على ذلك؟
في المقابل، فإن هناك أيضًا أمثلة عديدة تتحدث عن أدباء أصبحوا أثرياء تدحض هذه الفكرة، ومنهم الروائية فيرونيكا روث (ولدت 1988م) وأصدرت أول كتاب وهي في الثالثة والعشرين من عمرها، حيث وصل أحد كتبها إلى المرتبة السادسة في الكتب الأكثر مبيعًا في صحيفة نيويورك تايمز عام 2011م، ثم المرتبة الأولى عام 2012م، ثم بيع من إحدى رواياتها 30 مليون نسخة حتى أصبحت مليونيرة قبل وصولها إلى الثلاثين من عمرها. ولسنا بحاجة إلى ذكر الروائية البريطانية التي أصبحت مليارديرة من رواياتها (هاري بوتر)، بعد أن كانت مطلقة ومعنَّفة وليس لديها مأوى تنام فيه، ثم باعت من كتبها 600 مليون نسخة، وتُرجمت إلى أكثر من 84 لغة.
أما الروائي الإيرلندي كولم تويبين، فقال إنه يكتب من أجل المال لا للمتعة (الغارديان البريطانية – 3 مارس 2009)، وبالفعل فقد وصلت كتبه إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعًا في العالم، وحصل على أرباح طائلة وعلى عدد من الجوائز الأدبية العالمية. وقبله بـ300 عام قال الكاتب الإنجليزي صموئيل جونسون: إن الأبله فقط هو من يكتب لغير المال! (المصدر السابق).
ولدينا في التاريخ العربي الشاعر العباسي البحتري الذي كان من أشهر شعراء عصره، وكان ميسور الحال بفضل الهدايا والعطايا التي كان يحصل عليها من الخلفاء، خاصة من الخليفة المتوكل. وأبو نواس الذي أغدق عليه الخلفاء المال مكافأة لشعره. وكذلك الأمر مع الشاعر ابن الرومي وابن زيدون وأبي فراس الحمداني وغيرهم كثير.

 

@yousefalhasan

مقالات مشابهة

  • اعتقال خليل يفضح زيف حالة الحرية الأكاديمية المزعومة في الولايات المتحدة
  • مبعوث أميركي زار العراق: إطلاق سراح باحثة إسرائيلية مقابل الحرية لرهائن
  • التفكير في المستقبل
  • حفريات في الأدب والنفس
  • بين ضفتين فندق الصمت
  • هل يوجد تلازم بين الأدب والفقر؟
  • بين البازعي والمسلم
  • الدراما السورية من القمع والرقابة إلى الحرية والانعتاق
  • "لا أرض أخرى".. عن سؤال الحرية بين ضلوع الاحتلال
  • إعلام الفيوم ينظم لقاء حواريا مع شباب كلية الخدمة الاجتماعية