غزة– بعد 3 أشهر من البحث المضني، عثر يوسف تيسير خضر، أخيرا، على فرشة طبية لوالده الستيني الجريح، الذي يرقد في مجمع ناصر الطبي، إثر إصابة بليغة تعرض لها نتيجة غارة جوية إسرائيلية استهدفت خياما للنازحين في منطقة المواصي غربي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

يحتاج الأب تيسير (62 عاما) هذه الفرشة، لتخفيف آلامه، وقد أصيب بتقرحات ناجمة عن عدم قدرته على الحركة منذ إصابته قبل نحو 4 أشهر، حيث تساقطت عليه شظايا صواريخ إسرائيلية، بينما كان جالسا ينتظر أداء صلاة الظهر في مصلى من النايلون، واضطر الأطباء إلى بتر ساقه من أسفل منطقة الحوض.

ولا تتوفر مثل هذه الفرشة الطبية في القطاع، الذي تعرضت مستشفياته ومرافقه الصحية ومستودعاته ومتاجره المتخصصة بالمعدات والمستلزمات الطبية، لاستهداف ممنهج، طوال شهور الحرب التي شنتها إسرائيل عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وتسبب هذا الاستهداف المباشر بالقصف والاجتياح، وغير المباشر بالحصار ومنع الاحتياجات الأساسية من أجهزة وأدوية ومستلزمات طبية ووقود، في خروج غالبية المستشفيات ومراكز الرعاية عن الخدمة.

الجريح الستيني تيسير خضر في مجمع ناصر الطبي ولا يتوفر له العلاج اللازم لحالته الصحية (الجزيرة) تلكؤ في تنفيذ الاتفاق

هذه التجربة المريرة للمهندس يوسف (35 عاما) مع والده الجريح، لها وجوه كثيرة بالنسبة لكل الغزيين، الذين يعانون في توفير احتياجاتهم الأساسية، جراء ما تقول السلطات المحلية التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة إنها "مماطلة من الاحتلال وتلكؤ في تنفيذ البروتوكول الإنساني من اتفاق وقف إطلاق النار، رغم وضوح بنوده وتحديد الاحتياجات والأولويات المطلوبة بمواقيت محددة".

إعلان

أجريت لوالد يوسف 9 عمليات جراحية، ويقول للجزيرة نت إنه يرقد حاليا في المستشفى من دون أي علاجات، سوى المتابعة الأولية لتغيير الضمادات عن جروحه الغائرة، بينما لا تتوفر في مستشفيات القطاع القدرة على التعامل الجراحي مع حالته الصحية، وهو بحاجة لجراحة عظام متقدمة وتركيب طرف صناعي.

ونتيجة هذه الحال، أصيب هذا الجريح بمضاعفات، تسببت في فقده 30 كيلوغراما من وزنه خلال 3 أشهر، وتقرّحات شديدة، وعانى ابنه يوسف ليعثر له على فرشة طبية.

ورغم حالته الصحية المتدهورة، فإن هذا الجريح لا يعتبر من الحالات ذات الأولوية للسفر من أجل العلاج بالخارج، نظرا لتقدمه بالعمر، ومنح الأولوية للأطفال والنساء والأصغر عمرا، ومن هم في وضع أشد خطورة، ضمن قائمة تضم نحو 35 ألف جريح ومريض، يحتاجون لموافقة أمنية إسرائيلية للسفر من خلال معبر رفح البري مع مصر.

ومهندس البرمجيات يوسف فقد عمله مع اندلاع الحرب، جراء عدم توفر الكهرباء والإنترنت، واضطراره للنزوح مع أسرته وعائلته من بلدة بيت حانون في شمال القطاع.

ويقول "نزحنا 14 مرة، واستشهد طفلاي ليان (12 عاما) وحمزة (11 عاما) في غارة جوية إسرائيلية خلال نزوحنا بمخيم النصيرات، ودُمرت كل منازلنا في غزة وبيت حانون، والقلق يكاد يقتلني خشية أن أفقد والدي".

أزمة الكهرباء

وحرم الاحتلال مليونين و300 ألف فلسطيني في القطاع الساحلي الصغير من إمدادات الكهرباء منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب، وانعكست هذه الأزمة على الخدمات الحيوية، وأطلقت شركة توزيع الكهرباء في غزة نداء استغاثة عاجلا بالتزامن مع المنخفض الجوي الذي ضرب البلاد، خلال اليومين الماضيين، لتوفير المعدات والآليات الحيوية لإعادة تشغيل شبكات توزيع الكهرباء وتغذية المرافق الحيوية الأساسية.

وتقول الشركة إن انقطاع الكهرباء لـ15 شهرا، ولا يزال، أدى إلى تداعيات خطيرة على جوانب الحياة كافة، خاصة القطاعات الأساسية، مثل الصحة والتعليم والمياه والاتصالات.

إعلان

ورغم مرور 3 أسابيع على اتفاق وقف إطلاق النار بين (حماس) وإسرائيل، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، لم تسمح دولة الاحتلال حتى اللحظة بإدخال الاحتياجات الأساسية لإصلاح وترميم قطاع الكهرباء المدمر.

ونتيجة أزمة الكهرباء وعدم توفر الوقود والآليات الثقيلة، تعاني بلديات القطاع من عدم قدرتها على التعامل مع تداعيات الحرب، وترحيل النفايات وفتح الشوارع المغلقة والمدمرة، وإعادة تشغيل محطات الصرف الصحي، وآبار المياه وإيصالها للمناطق السكنية.

وكان لأزمتي الكهرباء وعدم توفر مستلزمات زراعة الأسنان، أثرها على الثلاثيني محمد حماد، الذي لم يتمكن طوال فترة الحرب من استكمال علاجه لدى عيادة خاصة لطب الأسنان، اضطرت للتوقف عن العمل.

ويقول حماد للجزيرة نت إن الطبيب المعالج استأنف في الفترة الأخيرة عمله جزئيا، عبر تشغيل الأجهزة بواسطة الطاقة الشمسية، ولكنه لا يزال غير قادر على استكمال علاجه، لأنه يحتاج لمواد خاصة بزراعة الأسنان، أخبره الطبيب أنها غير متوفرة في القطاع.

النازحة المريضة أمل الشوا تعاني لعدم توفر علاج الإنسولين منذ 8 أشهر (الجزيرة) عبث بالأولويات

وتكتظ الأسواق بسلع ثانوية من المسلّيات والمشروبات الغازية والشوكولاتة وأنواع كثيرة من البسكويت وغيرها، تقول مصادر مطلعة للجزيرة نت إنه يجري إدخالها ضمن شاحنات المساعدات الإنسانية عبر المعابر التي تسيطر عليها قوات الاحتلال، وتأتي على حساب المساعدات التي ينص عليها اتفاق وقف إطلاق النار من حيث الكمية والنوعية، في الوقت الذي تمنع فيه إسرائيل الاستيراد التجاري بصورة طبيعية.

وتقول المريضة الستينية أمل الشوا للجزيرة نت "يدخلون لنا البسكويت ويمنعون الأدوية، أين المنطق في ذلك؟ إنهم يتلاعبون بصحتنا وحياتنا".

ومنذ 8 أشهر لا تجد الشوا (60 عاما) علاج الإنسولين المناسب، والذي اعتادت عليه منذ اكتشاف إصابتها بمرض السكر، واضطرت إلى استبداله بآخر، لكن لا يؤدي المفعول نفسه.

إعلان

والشوا نازحة مع أسرتها في خيمة بمنطقة المواصي غربي مدينة خان يونس، منذ أن اضطرت إلى مغادرة منزلها بمدينة غزة مع اندلاع الحرب. وتشكو من سوء الأوضاع المعيشية وتهالك الخيمة، وعدم توفر بديل، وتتساءل "أين البيوت الجاهزة والخيام التي تحدثوا عنها بالاتفاق؟".

مستشفيات منهارة

ولم تصل مستشفى العودة (مؤسسة أهلية) أي "مساعدات طبية" خاصة بها عبر منظمة الصحة العالمية، ويقول مديرها محمد صالحة للجزيرة نت "طلبنا من المنظمة أجهزة ومعدات وأدوية ووقودا منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار ولم يصلنا أي شيء".

و"العودة" هي المستشفى الوحيدة العاملة في شمال القطاع بعدما دمر الاحتلال باقي المستشفيات وأخرجها عن الخدمة. وبحسب صالحة يراجع قسم الاستقبال والطوارئ يوميا نحو 500 حالة، وحوالي 100 امرأة تراجع عيادة النساء، وتجري فيها 12 حالة ولادة يوميا، إضافة إلى التعامل اليومي مع نحو 150 طفلا، باتت "العودة" وجهتهم للخدمة الصحية بعد تدمير "مستشفى كمال عدوان".

ولا يزال الاحتلال يمنع وصول الأجهزة والمعدات الطبية لشمال القطاع. ووفقا لصالحة فإن غالبية الأجهزة بمستشفى العودة متهالكة بعد عمليات الصيانة المتكررة، والصيدلية في المستشفى باتت شبه فارغة، وقد نفدت الكثير من الأدوية الأساسية ومنها أدوية أطفال ومسكنات آلام.

ولا يختلف الحال في مستشفيات جنوب القطاع عن شماله، ويقول الناطق باسم "مستشفى غزة الأوروبي" الدكتور صالح الهمص للجزيرة نت "لم يصلنا أي شيء ذو قيمة، ويمكن أن يحدث فارقا في الوضع الصحي المنهار".

وبحسب صالحة والهمص، فإن الاحتلال يتنصل من التزاماته المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار، الذي لم ينعكس حتى اللحظة على واقع المستشفيات والقطاع الصحي.

المسليات والمقرمشات في أسواق غزة بينما تمنع الأدوية والخيام والأجهزة الطبية (الجزيرة) خروق إسرائيلية

ويقول "المكتب الإعلامي الحكومي" إن الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع تتدهور بشكل خطير، في ظل استمرار الاحتلال بالمماطلة والتلكؤ في تنفيذ البروتوكول الإنساني من الاتفاق.

إعلان

وينص الاتفاق في شقه الإنساني على إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميا، بينها 50 شاحنة وقود، والبدء في إدخال مستلزمات الإيواء من خلال توفير 60 ألف وحدة متنقلة (كرافانات) وإدخال 200 ألف خيمة لإيواء النازحين، ومولدات كهربائية وقطع غيارها وألواح الطاقة الشمسية والبطاريات، وبدء إدخال مواد إعادة الإعمار، ومعدات إزالة الأنقاض، وإعادة تأهيل المرافق الصحية والمخابز والبنية التحتية، بالإضافة إلى تسهيل حركة المرضى والجرحى والحالات الإنسانية عبر معبر رفح.

بيد أن الإعلامي الحكومي يؤكد أن ما يدخل من حيث الكمية والنوعية مخالف للاتفاق، وفي غالبيته "طرود غذائية وخضار وفواكه وسلع ثانوية كالشوكولاتة والمقرمشات (الشيبس)، على حساب الاحتياجات الأخرى، مما يعني تلاعبا واضحا بالاحتياجات وأولويات الإغاثة والإيواء".

ويقول رئيس "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" الدكتور رامي عبدو للجزيرة نت إن "إسرائيل تفرض ظروفا معيشية كارثية على الغزيين وتحرمهم من المقومات الأساسية اللازمة للبقاء على قيد الحياة للاستمرار بجريمة الإبادة".

وتستمر دولة الاحتلال في "منع إعادة تأهيل المستشفيات التي دمرتها وتحظر إدخال احتياجات المستشفيات الأساسية من أجهزة طبية وأدوية ومستهلكات طبية ومولدات الكهرباء والوقود ومحطات الأكسجين"، بحسب عبدو.

ووفقا لرئيس المرصد، فإن "القيود الإسرائيلية غير القانونية المستمرة تشمل كذلك منع إدخال المباني المؤقتة والخيام والمستلزمات الأساسية اللازمة لإيواء مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين دمرت إسرائيل منازلهم والمعدات اللازمة لترميمها".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات اتفاق وقف إطلاق النار فی القطاع فی غزة

إقرأ أيضاً:

خبايا المشروع الإسرائيلي الذي سحق خمس غزة

نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريرا عن سعي جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تحويل منطقة رفح بكاملها إلى منطقة عازلة، تبلغ مساحتها 75 كم مربع -أي قرابة 20% من مساحة قطاع غزة– بما فيها المدينة كاملة ومنع عودة سكانها البالغ عددهم نحو 200 ألف نسمة إليها بشكل دائم.

بينما أعلن جيش الاحتلال اكتمال حصار رفح، مع استمرار عمليات تفجير المنازل ومختلف المنشآت المدنية، وحديث الصحافة الإسرائيلية عن وجود كتيبتين من كتائب القسام في المنطقة المراد تدميرها.

ولهذا الاتجاه، إن صح، دلالات مهمة على توجهات الاحتلال المستقبلية بشأن القطاع، وتداعيات إستراتيجية على القضية الفلسطينية وعلى مصر.

View this post on Instagram

A post shared by قناة الجزيرة مباشر (@aljazeeramubasher)

محور فيلادلفيا 2

وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي أكدت في 11 فبراير/شباط، أن الجيش استكمل السيطرة على كامل محور "موراغ" وطوق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة "بشكل كامل"، وأعلن عن تقدم كبير في العمليات البرية جنوبي قطاع غزة، حيث استكمل ما وصفه بـ"مأسسة محور موراغ"، وهو ممر بري يمتد شمالاً من الحدود مع مصر حتى أطراف مدينة خان يونس جنوبي القطاع.

وبحسب إذاعة الجيش، في منشور عبر منصة إكس، فإن "قوات من فرقتي 36 ولواء المدرعات 188، تمكنت من السيطرة الكاملة على المحور وتطويق مدينة رفح من كافة الجهات"، وأشارت إلى أن رفح باتت "محاصرة حصارا كاملا" من القوات الإسرائيلية.

إعلان

ولفتت إلى أن "المرحلة المقبلة تشمل عمليات تثبيت السيطرة داخل محور موراغ، والاستعداد لتوسيع التوغل داخل رفح، بهدف ضمها إلى منطقة العازل الحدودي، كمنطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية".

يأتي هذا الإعلان عشية عيد الفصح اليهودي، وسط ضغوط دولية متزايدة على إسرائيل بعدم شن عملية واسعة في رفح لمخاطر وقوع كارثة إنسانية.

في حين تستمر عمليات النسف اليومية للمربعات السكنية في المدينة، نقلت هآرتس شهادات جنود وضباط احتياط، أن جرافات "دي 9" (D9) تُستخدم لهدم كل البنية التحتية في رفح دون تمييز.

وتحولت عمليات الهدم إلى منافسة داخلية بين الوحدات الميدانية، وأن "فرقة غزة" في الجيش الإسرائيلي، أنشأت خارطة لونية تُصنف المناطق وفق نسب التدمير، ووُصفت رفح بأنها أصبحت غير صالحة للسكن.

"محور موراغ" باللون الأزرق، هو المحور الذي يفصل خان يونس عن رفح (الجزيرة)

وبينما كانت رفح مأوى لنحو 200 ألف فلسطيني، هي الآن مدينة شبه خالية ومدمّرة كاملا تقريبًا. ويُنظر إلى أي مدني يظهر في المنطقة على أنه "مخرب" ويُطلق عليه النار أو يُعتقل فورًا، بحسب شهادات جنود نقلتها هآرتس.

وأشارت الصحيفة إلى أن الهدف لا يقتصر على الاستيلاء على هذه المنطقة، وإنما تحويل غزة إلى جيب جغرافي داخل إسرائيل وإبعاد القطاع عن الحدود المصرية وزيادة الضغط على حركة حماس.

ووفقا لتقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، صدر أمر بإخلاء 22 حيًا في محافظتي رفح وخان يونس، في 31 مارس/آذار، وبما يشمل مساحة قدرها 97% من محافظة رفح، وتغطي 64 كيلومترًا مربعًا.

ومن المنشآت الموجودة في هذه المنطقة مستشفيان ميدانيان و4 مراكز للرعاية الصحية الأولية و7 نقاط طبية وما لا يقل عن تسعة مطابخ مجتمعية نُقلت إلى خان يونس.

وبين يومي 31 مارس/آذار و1 أبريل/نيسان، أشارت التقديرات إلى نزوح نحو 90 ألفا من رفح، وهم الآن مشتتون في مدينة خان يونس ومواصي خان يونس ودير البلح.

إعلان

ويضيف التقرير، أن مستودع المركز السعودي للثقافة والتراث، قُصف في غارة جوية إسرائيلية شُنت على شرق رفح، في 3 أبريل/نيسان، وأسفر هذا القصف عن تدمير المستودع واحتراق جميع منصات تحميل اللوازم الطبية، البالغ عددها 1600، وكان من المقرر، أن تؤمّن الاستجابة لاحتياجات المرضى والمصابين، وفقًا لرئيس مجلس إدارة المركز.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد أعلن مطلع أبريل/نيسان الجاري، أن الجيش سيسيطر على محور "موراغ"، كما سيطر سابقا على محور "فيلادلفيا"، البالغ طوله 14.5 كيلومترا على طول الحدود الجنوبية لغزة مع مصر.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن تسجيل مصور لنتنياهو قال فيه: "نسيطر على محور موراغ، الذي سيكون محور فيلادلفيا الثاني".

المقاومة في رفح

ونقل مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت يوسي يهوشع، أنه رغم إعلان الجيش الإسرائيلي في سبتمبر/أيلول 2024 "حسم لواء رفح"، فإن الزيارات الميدانية الأخيرة لرئيس الأركان أكدت استمرار نشاط كتائب حماس في المدينة، مع إقرار الجيش، أن 75% من الأنفاق لا تزال قائمة، وأن رفح لم تُحسم عسكريًا، كما أُعلن سابقًا.

وأشار مراسل إذاعة الجيش الإسرائيلي دورون كادوش إلى الطريقة التي تُعرّف بها قيادة المنطقة الجنوبية جاهزية كتائب حماس في المنطقة، وذلك بوصف محور موراغ بأنه "يقسم بين كتائب رفح وخان يونس". وبحسب الجيش الإسرائيلي، لا تزال هناك كتيبتان فعالتان في رفح من أصل أربع، وفي خانيونس هناك 3 كتائب فعالة من أصل أربع.

وأمس الجمعة، أعلن الجيش الإسرائيلي إصابة جندي من لواء غولاني بجروح خطِرة في معارك جنوبي قطاع غزة، كما أعلن إصابة ضابط بجروح في اشتباكات مسلحة في رفح، موضحا، أن 3 مسلحين فلسطينيين أطلقوا النار تجاه قوة من جيش الاحتلال في رفح.

كما نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن مصادر عسكرية، أن قائد قوات القنص التابعة لحركة حماس في كتيبة تل السلطان في رفح جنوب قطاع غزة قُتل في غارة جوية حديثة، وبحسب جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإن قائد القناصة، أحمد إياد محمد فرحات، كان مسؤولا عن التقدم وتنفيذ العديد من الهجمات على القوات الإسرائيلية في غزة وضد الاحتلال.

أحرونوت: الزيارات الميدانية الأخيرة لرئيس الأركان تؤكد استمرار نشاط كتائب حماس في مدينة رفح (الفرنسية) المعنى السياسي والتداعيات

تتمثل تداعيات هذه الخطوة إن تمت بأمور منها:

إعلان 1- عزل غزة سياسيا واقتصاديا وأمنيا عن مصر وعمقها العربي، وقطع شريان الحياة الوحيد لغزة مع العالم. 2- التراجع النهائي عن فكرة التخلي عن قطاع غزة، التي كانت وراء قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون بالانسحاب منها عام 2005، وتعزيز التوجه إلى ابتلاعها جغرافيا والتخلص من سكانها، بتهجيرهم من منافذ أخرى إذا بقيت مصر على موقفها الرافض لاستقبالهم. 3- تغيير في جغرافيا غزة، وتعزيز تحويلها إلى معازل سكانية منفصلة، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق يمنع بقاء الاحتلال داخل القطاع. 4- تدمير مدينة سكنية تدميرا كليا، والتهجير القسري الدائم لقرابة مئتي ألف فلسطيني.

ويشير تقرير مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إلى أن "إصدار القوات الإسرائيلية بشكل متزايد أوامر الإخلاء -والتي هي في الواقع أوامر تهجير- أدى إلى النقل القسري للفلسطينيين في غزة إلى مساحات متقلصة باستمرار، حيث لا تتوفر لهم سوى فرص ضئيلة أو معدومة للحصول على الخدمات المنقذة للحياة، بما فيها المياه والغذاء والمأوى، وحيث يظلون عرضة للهجمات".

كما أن طبيعة ونطاق أوامر الإخلاء يثيران مخاوف جدية من نية إسرائيل إخلاء السكان المدنيين من هذه المناطق بشكل دائم بهدف إنشاء "منطقة عازلة، ويُعدّ التهجير الدائم للسكان المدنيين داخل الأراضي المحتلة بمثابة نقل قسري، وهو انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف الرابعة، وجريمة ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي، بحسب مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

5- تقليل نسبة كبيرة من المساحة الصالحة للزراعة في غزة، إذ تعد المنطقة التي يعبرها "محور موراغ" سلة غذاء القطاع، وأدى احتلالها إلى ارتفاع أسعار الخضار والمواد الغذائية. 6- بقاء قوات إسرائيلية بشكل مكثف على حدود مصر إلى أجل غير مسمى، في انتهاك دائم لاتفاقية السلام الإسرائيلية المصرية. إعلان

وقد تكون تسمية نتنياهو المحور الجديد "فيلادلفيا 2" رسالة مبطنة لمصر، بمعنى أن هناك واقعا جديدا مستداما سيصبح فيه محور فيلادلفيا داخل الأراضي الفلسطينية وخاضعا للسيطرة الإسرائيلية.

السيناريوهات المستقبلية  نجاح الاحتلال في إقامة منطقة عازلة لأمد طويل. فشل المشروع بفعل المقاومة الفلسطينية والرفض المصري والدولي، ولطبيعة الموقف الأميركي دور مهم في هذا الصدد. أن يكون الأمر مجرد ورقة ضغط لتحسين شروط أي تسوية مستقبلية في الأسابيع المقبلة، وهو ما يتسق مع الأنباء المنقولة عن ترامب، ومبعوثه ستيف ويتكوف بشأن قرب التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار.

وكذلك ما نقلته صحيفة معاريف الإسرائيلية عن وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس أثناء زيارته رفح، إن إسرائيل "أقرب إلى صفقة" من التصعيد العسكري. وتحليل مراسلها "آفي أشكنازي" بأن السيطرة على رفح هي وسيلة ضغط سياسي على حماس لقبول صفقة رهائن تشمل وقف إطلاق النار.

وختاما؛ فمن شأن نجاح الاحتلال في إبادة رفح، أن تزداد شهيته لاستهداف مناطق أخرى في القطاع وخارجه بذات السيناريو، وهو ما سيدفع باتجاه المزيد من تعقيد الصراع العربي الإسرائيلي ويقوض أسس الموقف العربي الداعي إلى حل الدولتين، واتخاذ الصراع أبعادا أكثر جذرية على المستوى الشعبي، وهو ما سيؤثر بلا شك على الموقف الرسمي، أو يزيد الهوة بين المواقف الشعبية والرسمية العربية، ويقلل من فرص الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في مستقبل المنطقة.

مقالات مشابهة

  • ما هو سلاح المقاومة الذي يريد الاحتلال الإسرائيلي نزعه من غزة؟
  • “إسرائيل” تغرق برسائل الجيش لإيقاف حرب غزة
  • هذا ما تريده إسرائيل من تطويق رفح وضمها للمنطقة العازلة
  • قيادي بحماس للجزيرة: المقترح الذي نقلته مصر لنا يشمل إطلاق سراح نصف أسرى الاحتلال بالأسبوع الأول من الاتفاق
  • وزير الكهرباء: تعاون مصري أوروبي لدعم الطاقة المتجددة وربط الأسواق
  • السكر بـ35 جنيها.. أسعار السلع الأساسية في الأسواق اليوم الإثنين 14 أبريل
  • بريطانيا تندد بهجمات إسرائيل على مرافق طبية في غزة
  • خبايا المشروع الإسرائيلي الذي سحق خمس غزة
  • أكدت نفاد الإمدادات الأساسية.. “الأونروا” تُحذر من كارثة إنسانية وشيكة بقطاع غزة
  • “الأونروا” تؤكد نفاد الإمدادات الأساسية في غزة وتحذر من كارثة إنسانية وشيكة