أثار خطاب رئيس المجلس الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان جدلا واسعا في الشارع السوداني وفي وسائل التواصل الاجتماعي.

حيث جاءت تصريحات البرهان خلال كلمته في ختام مشاورات القوى السياسية في بورتسودان أمس السبت، وأعلن أن من يتخلى عن حمل السلاح من المقاتلين أو عن دعم المليشيا من السياسيين سيكون مرحبا به، كما أوضح رفضه لأي تصنيف سياسي أو جهوي للكتائب المقاتلة، مؤكدا أنه من يرغب في القتال تحت أي لافتة يجب عليه أن يضع السلاح.

وأكد رئيس مجلس السيادة أنه "لا توجد فرصة ثانية للمؤتمر الوطني للعودة إلى الحكم على أشلاء السودانيين"، داعيا الراغبين في الحكم إلى التنافس مع القوى السياسية الأخرى في الانتخابات.

هذه التصريحات أشعلت المنصات السودانية، حيث تداولها الناس والسياسيون، وقاموا بتفسيرها كل حسب رؤيته.

واعتبر بعض المدونين أن خطاب البرهان يُظهر محاولة للتحدث إلى جميع طوائف الشعب السوداني دون تمييز، مما يعكس رؤية شمولية.

هذا أذكى خطابات البرهان على الإطلاق
من يفكر لهذا الداهية؟

— محمد عز (@zan_ezz) February 8, 2025

وأشار آخرون إلى أن خطاب البرهان يعد من أفضل ما قدمه منذ اندلاع القتال في السودان قبل أكثر من سنتين، حيث جاء في توقيت حساس، ويحاول إعادة ترتيب المشهد السياسي لصالحه.

إعلان

واعتبر هؤلاء أن من أهم النقاط في الخطاب هي تفكيك الحاضنة السياسية لقوات الدعم السريع، وهي خطوة قد تضعف موقفهم، لكن في الوقت ذاته قد تدفعهم للبحث عن دعم خارجي، مما يعني استمرار الحرب لفترة أطول.

خطاب البرهان الأخير به إشارات جيدة مع انه جاء متاخرا فلو كان البرهان دعم الثورة ولم يقم بالانقلاب وحجم نفوذ الإسلاميين او اوقف الحرب بالتفاوض من اول إسبوعين فكان اصبح بطلا وربما أستحق جائزة نوبل، الان جاءتك الفرصة أوقف الحرب وحجم نفوذ الإسلاميين والأ لن يستقر السودان

— Bakheet Alhassan (@ba90153) February 9, 2025

وعلى الرغم من التفاعلات المختلفة، يعتقد البعض أن المشكلة الحقيقة ليست مجرد صراع سلطة، حيث تعاني البلاد من أزمة إنسانية كارثية تشمل ملايين النازحين وانهيار مؤسسات الدولة. ويرون أن تغيير التحالفات لن يجلب الفائدة إذا استمرت الحرب والمعاناة.

الحقوا نفسكم…

خطاب البرهان اليوم كان واضح وضوح الشمس، رسم ملامح مرحلة ما بعد الحرب وقالها بصريح العبارة: "لا مكان للمؤتمر الوطني في الحكم على أشلاء السودانيين، ولا مجال لقوى الحرية والتغيير ترجع تاني للسلطة"، والفترة الجاية حكومة تكنوقراط.

دي فرصة ما بتتكرر للقوى السياسية… pic.twitter.com/dUioCDaicF

— ذوالكــفـل ® | #مبادرة_طارق (@HkZuk) February 8, 2025

كما أشار عدد من المدونين إلى أن خطاب البرهان كان واضحا في رسم ملامح مرحلة ما بعد الحرب، حيث أعلن صراحة عن عدم وجود مكان للمؤتمر الوطني في الحكم أو لقوى الحرية والتغيير، مع الإشارة إلى تشكيل حكومة تكنوقراط في الفترة القادمة.

واعتبروا هذه فرصة للقوى السياسية المدنية لمراجعة حساباتها والوقوف مع الجيش السوداني الشرعي، معتبرين أن هذا ليس وقت الخلافات أو المصالح الحزبية.

خطاب البرهان كشف أنه معظم ساستنا السياسة بالنسبة لهم مهنة سهلة تجلب المال وتحقق المصالح الشخصية… تمنيت لو اختصرنا واقعنا السياسي على حاكم يمنع الكلام ويوجه كل هذه الطاقات إلى البناء والتعمير.. المواطن البسيط محتاج إلى الأمن ومجانية التعليم والعلاج و مكنات و

— أم محمد (@ythhjg) February 9, 2025

في المقابل، انتقد آخرون خطاب البرهان، واعتبروه غير موفق في هذه الأوقات، حيث يتطلع الشعب السوداني إلى استرداد حقوقه ومحاكمة المجرمين والمحرضين والداعمين للتمرد.

إعلان

كما اعتبر المنتقدون أن العفو عن المجرمين غير مقبول، وأن الدستور يمنح البرهان حق العفو عن الحق العام فقط.

د. مزمل ابوالقاسم:

لسنا إسلاميين ولا علاقة لنا بالمؤتمر الوطني، لكننا لا نفهم أن يتوعد الرئيس من يقاتلون معه ويتودد لمن يدعمون التمرد ويتآمرون عليه وعلى شعبه!!

دي حاجة غريبة وعجيبة والله!!

— ???????? ???????????????????????????? (@YASIR_MOS91) February 8, 2025

 

مهزلة عجيبة وقريبة من يستحق العفو من الشعب يصدر هو قرار العفو !! البرهان يصدر العفو (عفوك ورضاك يا رب) من تلك المحنة التي نعاني منها .. من يقنع البرهان انه ليس رئيس جمهورية بل هو مجرد عسكري قائد لجيش !!

— زهير عبد الماجد (@zuhair196044) February 9, 2025

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات خطاب البرهان

إقرأ أيضاً:

خطاب البرهان الجديد بين الدلالات والمصداقية

الخطاب الذي ألقاه البرهان أمام المؤتمرين من القوى السياسية الوطنية والمجتمعية، وهم غالب أعضاء الكتلة الديمقراطية، يطرح تساؤلات أكثر مما يقدم من إجابات. فهو رغم وضوحه الظاهر إلا أن أحاديث البرهان حمالة أوجه. وتجارب السودانيين معه أنه كثيراً ما ينقض غزله أنكاثاً. ولكن الهدف من كل هذا الأسلوب القيادي هو إبقاء الكرة في رجله دائماً. فالبرهان ماكر، بلا أدنى شك، ومن يستخدم منهج حفر الإبر في السياسة فهذا يعني أنه ماهر في اللعب بالتناقضات ليكون مركزها الصلب.

فالسياسة الرشيدة تعتمد تحديد الأهداف بوضوح وإنجازها عياناً بياناً، غير أن البرهان منذ أن منحته الوثيقة الدستورية منصب رئيس مجلس السيادة – وهو في سدة الجيش – ظل يراوغ ضد رغبة ثوار وقادة ثورة ديسمبر، وحكومتهم حتى انقلب عليهم. وكذلك ناور مع من تعاونوا معه في الانقلاب إلى أن تركهم وعاد لقوى الحرية والتغيير مرة أخرى عبر الاتفاق الإطاري.

والآن مما يتبدى من حديثه لو كان صادقاً فإنه يضرب الفئات السياسية والعسكرية المتحالفة معه في معسكر الحرب بعضها بعضاً. وهذه هي طريقته السياسية على كل حال، ولا نظن أنها جديدة على حلفائه الحاليين. فواضح من ردود الفعل العجلى لداعميه – أشخاصاً وكيانات – أنهم أحسوا بأن البرهان لدغهم أكثر من مرة، وفي أزمان يضعهم كدروع فقط أمام الذين ينازعون سلطته الديكتاتورية.

إن أول تساؤل يطرحه خطاب البرهان يتعلق حول صدقه في ما قال. هل هو يعني ما يقول، وأن ما صدر منه يعبر عن نفسه وحده أم هو تكتيك سياسي مرحلي مع بعض مؤيديه المؤثرين؟. والسؤال الثاني هل تجد أن ردود فعل داعميه نفسها صادقة أم هي تدعم فكرته الماكرة لتجني له تقدماً في حكمه مع قاعدته الصلبة بعد الانقلاب والحرب وهم الإسلاميون؟..وهل نحن هنا أمام مسرح جديد مخرجه كرتي – مثلاً – وممثلوه البرهان، وآخرون، ونقاده الشعب السوداني؟ ربما.

دعنا نتوقع من ناحية آخرى أن البرهان هذه المرة صدق في كل كلمة قالها اليوم، فإذن هل يتغدى ببعض داعميه المؤثرين حتى لا يتغدوا به كما تساءلنا في مقال سابق، نظرا لمخاطر حديثه على مستقبلهم السياسي، ومستقبله هو نفسه؟. فإذا كان البرهان قال ما قال به مجرداً من أي رقيب غير رقابة نفسه فكيف سيتعامل مع الردود السريعة للمؤتمر الوطني تجاه خطاب وردود عدد من القيادات الإسلاموية الذين رأوا في خطابه خيانه توجب الاعتذار.

في حالة صدق البرهان فإن حديثه عن إعفاء المؤيدين للدعم السريع سياسيا فإن هذا سيخلط أوراق الإسلاميين الذين هدد بعضهم بأن الذبح ينتظر كثيرون مثلنا في حال انتصار الجيش. وهل ما تسرب عن تجميد البرهان لأوامر قبض أعضاء تقدم وإعادة منح الجوازات للمعارضين سيسعد الإسلاميين الذين يريدون استمرار التضييق القانوني والسياسي على ألد خصومهم؟، وهل هذا يعني أن البرهان يريد أن يخفف غلواءه السابق ويمهد للتفاهم مع تقدم من جديد، وتتوسط له من أجل تفاوض مع الدعم السريع؟

السوال الأهم من كل هذا هل دعم سلطة بورتسودان للكتلة الديمقراطية لعقد اجتماعها واللقاء به هناك والوعد بتنفيذ توصياتها يمثل قاعدة أنسب للبرهان باعتبار أنها هي الأقرب من كل التكتلات السياسية لأهم دولة حليفة له وهي مصر. ونحن كما نعلم أن نبيل أديب ومولانا الميرغني هم ممثلو مصر في السودان، وأن لا جود سياسي لمصر في أي تحالف سوداني أكبر من وجودها في تحالف الكتلة الديمقراطية التي اجتمعت هذه المرة بلافتة جديدة مع البرهان؟

ولعلكم تتذكرون أن مصراً حاولت من قبل جمع هذه الكتلة مع تقدم في اجتماع محضور ليشكل هذا مخلباً للقاهرة تؤثر به في المشهد السياسي السوداني، والبرهان نفسه أحد مخالب مصر ما دامت تدعمه سياسياً، وعسكرياً، واعلامياً .

المتحالفون مع البرهان في حربه كثر، خصوصا الذين ينطلقون من أفكار مناطقية تريد تحرير السودان من مناطق النزاع. هؤلاء من المؤكد أن خطاب البرهان اليوم – الصادق أو الكاذب – سيجعلهم يتحسسون مواقفهم تجاهه، خصوصاً أنه ما يزال يراهن على معادلات السلطة القومية الجامعة لكل الأطراف الجغرافية، وبالتالي فإن حضور الحركات المسلحة الدارفورية في تحالف الكتلة المبارة يمثل عائقاً أمام مشروعهم الانفصالي.

السؤال الأخير هو هل يأتي خطاب البرهان كجزء من البروبقندا الإعلامية عن نهاية الحرب التي صدعنا بها لايفاتية هنا وهناك ممن يتقاسمون الدور مع الغرف الإعلامية للكيزان لمساعدة الجيش. فنحن نعلم أيضاً أن الحرب ما تزال سارية، وأن القتال يشتد ضراوة في الخرطوم، وأجزاء من الجزيرة بل شاهدنا أن الحرب تمددت شمالا فكانت الضحية الدبة.

إجمالا، لم يترك لنا تاريخ البرهان في المشهد السياسي فرصة لأخذ خطاباته محمل الجد. فهو كذاب، ومنافق، وماكر، خدع ثوار ديسمبر، وفوقاً عن ذلك فقد لعب بكل المتناقضات السياسية، والمجتمعية، في البلاد ليحتفظ بالسلطة لنفسه. وللأسف استجاب للكيزان، وأدخل البلد في حرب لم تبق ولم تزر. وما يزال يراهن بالمكر السياسي حتى يتغدى به حليف واحد ضمن عشرات من حلفاء الحرب.  

مقالات مشابهة

  • خطاب البرهان إستثمار في الركود السياسي السوداني والعربي
  • خطاب البرهان وتجريب المجرب
  • خطاب البرهان.. كؤوس الحسم ومفاتيح المستقبل
  • حزب المؤتمر الوطني المنحل: اتهام البرهان لحزبنا بأنه “يريد أن يحكم أو يعود للحكم على أشلاء السودانيين” يكذبه التاريخ القريب
  • راشد عبد الرحيم: أشلاء السودانيين
  • مزمل أبو القاسم.. قراءة في خطاب البرهان!!!..
  • د. مزمل أبو القاسم: قراءة في خطاب البرهان
  • خطاب البرهان الجديد بين الدلالات والمصداقية
  • البرهان: مشاورات القوى السياسية تمهد للحوار السوداني