الجزيرة:
2025-02-10@15:08:44 GMT

كيف أصبحت إيران أقرب صديق لطالبان؟

تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT

كيف أصبحت إيران أقرب صديق لطالبان؟

كابل- جاءت زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى كابل، أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، لتعبّر عن نقطة تحول في العلاقات الثنائية بين طهران وحكومة طالبان. وكان عراقجي أبرز مسؤول إيراني يزور أفغانستان، معلنا أن "فصلا جديدا في العلاقات" معها قد فُتح.

واعتبر مراقبون الزيارة بمثابة اعتراف إيراني غير مباشر بحكومة طالبان.

وبعد عودته إلى إيران، انتقد عراقجي ما أسماه "رُهاب طالبان" في بلاده، وأكد أنه لا ينبغي النظر إلى الحركة كعدو.

وحسب مصادر في الخارجية الأفغانية، فإن الجانب الإيراني قال إن الملف الأفغاني في طهران نُقل من قنوات أمنية واستخباراتية إلى الدبلوماسية.

وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي (يسار) يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في الخارجية الأفغانية في كابل (الخارجية الأفغانية) مؤشرات مختلفة

في السنوات الماضية، ومع تزايد التقارب بين حكومة طالبان وإيران، كان التصور السائد هو أن العلاقات بين الطرفين ستكون تكتيكية ومؤقتة، وبعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان ستتبنى طهران نهجا مختلفا تجاه حركة طالبان في أفغانستان.

وبعد 3 سنوات من حكم طالبان، توسعت العلاقات بين الجانبين بشكل كبير، مع مؤشرات على أن علاقات إستراتيجية يتم تشكيلها بين البلدين.

كانت إيران رغم إدراكها لحساسية الأمر لدى طالبان، تدعو باستمرار إلى تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان، لكن حكومة مسعود بزشكيان أزالت هذا الاشتراط من جدول أعمال محادثاتها مع طالبان. ثم، وعلى عكس التوقعات، اتخذت الحكومة الإيرانية الجديدة خطوات جادة في العلاقات مع حركة طالبان تمثلت بزيارة وزير خارجيتها إلى كابل.

إعلان

وفي هذا السياق، يقول رئيس دائرة الشؤون السياسية بالخارجية الأفغانية ذاكر جلالي، إن الهدف من زيارة عراقجي هو إيصال رسالة واضحة أن العلاقات ستكون طبيعية بين البلدين، وستُدار من قبل القنوات الدبلوماسية.

وأوضح جلالي، للجزيرة نت، أن الوفد الإيراني ناقش كافة المواضيع المهمة مع الجانب الافغاني مثل التجارة، والمياه، وقضية اللاجئين؛ حيث طالبت الحكومة الأفغانية من الإيرانيين التريث في إعادتهم، لأن الأمر يحتاج إلى وقت لترتيب استقبالهم في أفغانستان.

علاقات جوهرية

شهدت العلاقة بين إيران وحركة طالبان توترا شديدا في الماضي، حتى أن إيران عزمت شن غزو عام 1998على أفغانستان بسبب مقتل دبلوماسيين إيرانيين في مدينة مزار شريف شمال أفغانستان.

ورغم مشكلة طالبان الأساسية مع إيران بشأن أهدافها الإستراتيجية في المنطقة، تشير التطورات الأخيرة إلى تحول جوهري في العلاقات بين كابل وطهران، حيث وصلت العلاقات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والأمنية بين الجانبين إلى مرحلة يمكن أن نسميها "إستراتيجية"، وفق محللين.

ونشأت العلاقة بين طالبان وإيران أثناء الوجود الأميركي في أفغانستان، وقدمت لطالبان الأسلحة والدعم الاستخباراتي، وأقامت علاقات قوية مع بعض القادة. والآن، رغم التباين الأيديولوجي مع إيران، فإن الحركة تحتاج إلى طهران بسبب عزلتها الدولية وطرق التجارة المحدودة.

يقول الباحث السياسي نجيب كريمي للجزيرة نت "نظرا للعلاقات المتوترة بين طالبان وباكستان، فإن إيران أصبحت تتمتع بأكبر قدر من النفوذ على حكومة طالبان، ولديها علاقات قوية مع دائرة قيادة طالبان والقادة العسكريين البارزين، ويحتاج كل واحد الآخر، والقاسم المشترك بينهما هو شكل علاقتهما بالولايات المتحدة".

الشراكة الاقتصادية

وصل حجم التجارة الرسمية لطالبان مع إيران إلى أكثر من 4 مليارات دولار أميركي في العام الأخير. ولم تتجاوز هذه العلاقة خلال عقدين ماضيين بين طهران وكابل ملياري دولار، بسبب تأثّر العلاقات الاقتصادية بين أفغانستان وإيران بالعقوبات الأميركية، وبما أن إيران كانت تخضع لعقوبات اقتصادية دولية شديدة، فقد كانت أفغانستان حذرة في علاقاتها مع طهران.

إعلان

وقال المتحدث باسم وزارة التجارة الأفغانية عبد السلام جواد للجزيرة نت، إن صادرات إيران غير النفطية إلى أفغانستان وصلت العام الماضي إلى أكثر من 3 مليارات دولار، وهو ما يمثل نموا بنسبة 80% عن العام السابق. وتشير المحادثات الجارية بين الجانبين إلى أن توسيع العلاقات التجارية سيستمر.

على العكس من ذلك، يقول جواد إن العلاقات التجارية بين طالبان وباكستان تراجعت إلى ما دون 700 مليون دولار، بعد أن بلغت بين أفغانستان وباكستان خلال الحكومة السابقة أكثر من 2.2 مليار دولار بين 2017 و2018.

ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن إيران لعبت دورا مهما في تقليل اعتماد طالبان على الموانئ الباكستانية عبر خط السكك الحديدية وميناء تشابهار الإيراني، لأن علاقات طالبان مع باكستان تدهورت، وتحاول كابل توسيع علاقتها التجارية مع الهند، لذا تهتم بميناء تشابهار.

جنود أفغان في مدينة هرات القريبة من الحدود مع إيران قبيل سيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان صيف 2021 (الأوروبية) العلاقات الاستخباراتية

إلى جانب التعاون الوثيق مؤخرا بين المستشارين العسكريين للحرس الثوري الإيراني وكبار شخصيات طالبان، تم تعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الجانبين.

ويركز هذا التعاون بشكل أساسي على مكافحة تنظيم الدولة والمخدرات وعصابات التهريب. وأكد وزير الدفاع الأفغاني الملا يعقوب مجاهد، في تصريح صحفي، أهمية العلاقات الاستخباراتية وتبادل المعلومات خلال لقاء مع وزير الخارجية الإيراني.

بينما يقول مصدر -فضّل عدم ذكر اسمه- في الداخلية الأفغانية للجزيرة نت، "إن طالبان وإيران تواجهان بشكل مشترك النفوذ والتدخل الغربي".

ويقول الباحث السياسي رحيم اندر للجزيرة نت "تشعر إيران بالقلق إزاء التهديد الذي تشكله الجماعات المسلحة في سيستان وبلوشستان؛ وتعتقد أنها تحظى بدعم طالبان، ويبدو أن الحركة تحاول ضبطها إلى حد ما".

إعلان اختلافات صعبة

رغم توسع العلاقات بين طالبان وإيران، فإن هناك تحديات في العلاقة بين الجانبين، أهمها مشكلتا المياه واللاجئين، وحق إيران في نهر هلمند.

وتتهم السلطات الإيرانية طالبان بعرقلة تدفق المياه إلى إيران، وتعتقد أنها بموجب اتفاق 1972 لها الحق في 820 مليون متر مكعب سنويا من نهر هلمند، إلا أن بناء أفغانستان للعديد من السدود أدى إلى خفض تدفق المياه إلى إيران. وأدى إلى تفاقم أزمة نقص المياه في سيستان وبلوشستان.

وانتقلت العلاقات بين طالبان وإيران من المرحلة التكتيكية إلى المرحلة الإستراتيجية. وتُعد زيادة التبادل الاقتصادي والتعاون الاستخباراتي وانخفاض التوترات السياسية علامات على هذا التحول.

ورغم ذلك، لا تزال التحديات مثل قضية المياه واللاجئين وبناء الجدار مع أفغانستان أيضا قائمة ويمكن أن تؤثر مستقبلا على العلاقات بين البلدين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الخارجیة الأفغانیة الخارجیة الأفغانی العلاقات بین حکومة طالبان بین الجانبین فی أفغانستان فی العلاقات للجزیرة نت بین طالبان مع إیران

إقرأ أيضاً:

ورحل يوسف محمد صديق خادم السُنّة النبوية

تلقيت في ساعة متأخرة من ليلة البارحة الجمعة 7 فبراير 2025م نعي أخينا الأستاذ الدكتور يوسف محمد صديق خادم السنة النبوية وعلومها الذي توفي في القاهرة ودفن بها. رحم الله الأخ الشيخ يوسف صاحب الأدب الجم والعطاء الثري في التعليم الجامعي والبحث العلمي والدعوة إلى الله تعالى.

يوسف غير معروف وغير مشهور في بلده السودان، لأنه عاش كل سنوات دراسته العليا وطوال خدمته خارج السودان. مرة واحدة تهيأت أسباب عودته إلى أرض الوطن لكن حالت إجراءات إدارية دون ذلك، فقد رشحته المنحة السعودية ضمن الأساتذة المنتدبين للتدريس في جامعة أم درمان الإسلامية في الثمانينيات، غير أن إدارة الجامعة رأت عدم الموافقة. وزارة التعليم العالي في السعودية آنئذ منحت جامعة أم درمان الإسلامية ثلاثين وظيفة أستاذ بمخصصاتهم ورواتبهم حسب الجامعات السعودية، وكلهم من غير السودانيين. واعتذرت جامعة أم درمان الإسلامية بأسباب قدَّرتها للشيخ يوسف عن صعوبة الاستثناء لأستاذ سوداني، وتفهم يوسف ورجع للتدريس في السعودية.

الشيخ الدكتور يوسف صديق مولود في ود رملي شمالي الخرطوم بحري عام 1952م. درس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ثم في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض لينال فيها الماجستير والدكتوراة في الحديث وعلومه.

في أثناء الدراسة بالجامعة الإسلامية بالمدينة درس الكتب الستة على يد الشيخ محمد المختار الشنقيطي وحصل منه على السند المتصل في الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وحصل على سند آخر في القراءات متصل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام.
التحق الشيخ يوسف صديق بعضوية هيئة التدريس بجامعة الإمام في فرعها بجنوب المملكة، ثم انتقل إلى جامعة الكويت ودرَّس فيها سنوات، ليعود بعدها إلى جامعة أم القرى بمكة المكرمة ليقضي بها جلَّ سنوات خدمته في كلية التربية.

وكان غالب تدريسه في قسم الطالبات حيث يكون التدريس عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة، وعلى الرغم من أن طالباته لم يحصل لهن لقاء مباشر مع أستاذهن، فإن الأستاذ حظي باحترام كبير وتقدير زائد، لاحظ كاتب هذه السطور ذلك يوم جرى تكريم الشيخ يوسف في إثنينية عبد المقصود خوجه بمدينة جدة، وفي تلك الأمسية أيضًا كانت متابعة الطالبات لأستاذهن عبر دائرة تلفزيونية.

وكانت تلك الأمسية دليلا على ما يحظى به الشيخ يوسف من مكانة علمية وأدبية. لا أنسى تلك الإثنينية في أمسية الاثنين السادس من أكتوبر 2009م، التي جاءت بمناسبة تقاعده وعودته النهائية للسودان.
جلس الشيخ يوسف وعن يمينه الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي الشيخ عبد السلام العبادي وعن يساره الشيخ عبد المقصود خوجه صاحب الإثنينية المشهورة في جدة.
تألق الشيخ يوسف في تلك الليلة إذ بدأ حديثه إلى الحاضرين بمثل ما اعتاد أن يفتتح أحاديثه بالآية الكريمة: “فتبسم ضاحكا من قولها وقال أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين”.

وتبين خلال خطابه في تلك الأمسية منهجه في الحياة بالبعد عن الأضواء وطلب الشهرة، وإلا فإن أمثاله مثل النجوم الزواهر في سماء العلم والمعرفة.
استهل الشيخ يوسف كلامه بإشارة لطيفة إلى آداب طالب الحديث وأولها ألا يحدِّث في حضرة من هو أهل منه بالحديث، وقال إنني أعتذر إذ أحدِّث في حضرة الشيخ محمد علي الصابوني والشيخ عبد الوهاب أبو سليمان وكانا حضورًا في ذلك المجلس.

وروى الشيخ يوسف قصة أن شيخهم في المسجد النبوي محمد المختار الشنقيطي كان يوقف حلقة العلم، عندما يحضر إلى المسجد النبوي الشيخ المشاط من مكة فيلتحق به، يقول: وكنا نعلم بحضوره عندما نأتي للحلقة ولا نجد الشيخ الشنقيطي.

لقد أضحكني الشيخ يوسف حين طلب مني خطابًا لجامعة إفريقيا العالمية أقدم فضيلته إليهم ليواصل التدريس الجامعي، مع أن الشيخ كان غنيًا عن ذلك إذ أنشأ قبل عودته مع آخرين كلية جامعية. قلت لشيخ يوسف: أأنا أقدمك لهم، والله هذا من أكبر المفارقات. ولما ذهب إلى الجامعة قبلوه على الفور، فاتصل بي بالهاتف من الجامعة مسرورًا، لكن المرض عاجله فانقطع عن التدريس، وإن لم ينقطع عن التأليف فقد أرسل لي آخر مؤلفاته.

ومؤلفاته بلغت الأربعين كتابًا ما بين تأليف وتحقيق في صنوف شتى من مجالات العلم الشرعي والثقافة الإسلامية، منها: تحقيق كتاب مختصر نصيحة أهل الحديث للخطيب البغدادي، والأحاديث القدسية لابن الدبيِّع الشيباني (تحقيق)، وكتاب مرتكزات الثقافة الإسلامية، وموعظة الأوزاعي، وموطأ الإمام مالك، وتحديات العولمة الأخلاقية، والرشد في فقه الدعوة وغيرها من الكتب النافعة.

وهناك كتاب طريف من تحقيقه هو كتاب المصريون وتحامل السيوطي وقد سئل عنه في إثنينية خوجه وأنقل جوابه الذي ينصف المصريين: “في القرن العاشر وقع خلاف بين العلماء وبالذات بين السيوطي والسخاوي، فوقعت بينهما مشادة شديدة مما أدت إلى الإساءة وبالذات إلى إخواننا المصريين وإلى السيوطي، حتى كتب كتاباً عن السخاوي. السيوطي متوفى عام 911هـ علماء القرن العاشر، وهو من خيرة من كتب في السنة والرقائق رحمه الله، فكتب كتابه “الكاوي في دماغ السخاوي” فالمشاكل هذه من قديم موجودة، وكتب في “شذور الذهب”: المصريون أذلاء يحملون الضيم، هذا الباب، فنحن أخذناه وعلقنا عليه، وذكرنا الأحاديث المبينة كذلك، وهذه الأمة هي أمة معطاء، والكل في العالم العربي إلى يومنا هذا مدين لإخواننا المصريين بالمعرفة وبالعلم، فهم أساس وجودنا شرقاً وغرباً، فكان الكتاب محاولة بيان مراد السيوطي في عباراته، وهو كتاب مخطوط في الأصل، ولكن جر علينا مسائل كثيرة”.
الشيخ يوسف؛ هذه القامة التي شرفها الله بخدمة الحديث النبوي، لا أذكر أنه نال تكريمًا رسميًا في حياته يليق به، غير تلك الأمسية الفريدة في إثنينية عبد المقصود خوجه، غير أن التكريم الكبير هو ما ناله في أفئدة الطلاب والطالبات، وهذا ما يذكره راعي تلك الأمسية حين وصفه بالتربوي من طراز خاص الحفي بطلابه الباذل لهم وكل من يلوذ به من علمه وجذوة فكره الوقاد. وكذلك التقدير والتكريم الذي وجده عند زملائه من أساتذة الجامعة الذين ظلوا يحتفون به ويكرمونه غاية الإكرام عندما يحل معتمرًا في شهر رمضان خلال سنوات إقامته الأخيرة بالسودان.

وأختم بتعليق لطيف له عن مكثه سنوات طويلة في تعليم البنات، وقد سألته إحدى طالباته عن ذلك، فأجاب الدكتور يوسف صديق: أنا درَّست في كلية البنات للتربية، وكنت كذلك في كلية البنات في جدة، وناقشت قرابة خمسين رسالة خلال هذه العشرين سنة، من دكتوراة إلى ماجستير، وفي جامعات السودان وفي أم القرى كذلك، الطالبات تدريسهن في الحقيقة لطيف، ويحصل الإنسان لطف كثير من معاشرتهن، أخونا الدكتور حسن يوسف موجود معنا الآن كان أستاذاً في مدرسة ثانوية للبنات في السودان، كان دائماً يأتي لابساً بنطالاً، وفي يوم ما لبس جلابية وعمامة، فلما جاء عند الباب البنات رأينه وركضن، كل واحدة اختفت، في واحدة التصقت على عمود، فقالت “هذا ترى مو راجل هذا حسن يوسف”، فقدم استقالته، فقال لا أدرِّس في مدارس البنات.
درَّست في الكويت ـ كما يقولون ـ فيس تو فيس (face to face)، وأحسن طريقة لتعليمهم هي الموجودة في المملكة العربية السعودية عن طريق شبكات التلفزيون المغلقة، فالطالبة تحتاج كثيراً جداً إلى هذا المعنى الذي ذكرتيه يا أم كلثوم، وهي قريبة جداً أكثر من الولد، تستطيع أن تعطيها بعض الأحاديث التي هي في الترهيب، أنا أذكر طالبة دخلت عندي في جامعة الكويت، أخذت الشهادة الإعدادية نجحت، يعني درست وهي كبيرة عمرها أربعون سنة، فالنظام في الكويت يعطيها فرصة تدرس في الجامعة، فدخلت في الجامعة وأول يوم من حظها السيئ حصل أن المسكين هذا كان جالساً في القاعة، فدخلت، والطالبات اللواتي كنّ من سنة أولى، ما يقارب 259، هؤلاء الطالبات هي جلست معهن، فلما دخلت ضحكن، أنا كنت أحسبها إدارية، جاءت تأخذ شيئاً، فجاءت لابسة قصيراً، ومتعطرة، فقلت لها أنت من؟ فقالت لي أنا طالبة، فضحكت الطالبات، طالبة وعمرها أربعون سنة في سنة أولى، فحدثتني أنها مدرِّسة، فقلت لها لا بد من عباءة أو كذا فغضبت غضباً شديداً، فخرجت إلى العميد، هذا العميد تخرج من عندنا من السودان وكان لاعب كرة عندما كان في السودان وكان حارس مرمى، فقال لها، لو جئتني عارية إلى الجامعة ما فيها حسن سلوك، اذهبي واحضري خطاباً من الجامعة، قال لها أحسن لك أنك تنسحبين، الطالبة انسحبت، ثم جاءتني بعد فترة، قالت أنا أمي أصلها ألمانية، وحاولت تعتذر بسبب الملابس، فقلت يمكن الله سبحانه وتعالى ما قال يحبسك في النار لو قال يحبسك في هذا الحمام، يغلق عليك من الصباح إلى الليل، ما يحبسك في النار التي وقودها الناس والحجارة، ترضين يحبسونك في الحمام هذا؟ قالت: لا والله ما أرضى، قلت لها لماذا تلبسين هكذا؟ هذه الطالبة والله سافرت للعمرة، وارتدت الحجاب وتحجبت، وبعد كم شهر جاءت وقالت أنا فلانة، ولكن لن أسجل عندك أبداً حتى لا تقول نجحتني عشان الحجاب، والله ما رأيتها بعد هذا الكلام، وما أدري من تلك الساعة كيف قلت لها يحبسك الله في هذا الحمام من الصبح للمساء، ترضين؟ قالت: لا، طيب كيف لو سجنوك في نار جهنم؟ المرأة قريبة جداً جداً في الوعظ أكثر من الرجل.

رحم الله شيخنا الدكتور يوسف صديق وأحسن إليه وبارك في أهله وولده… نفتقد ظرفه وتحنانه ولطفه، وتوقيعه في ذيل مكاتباته من فرط التواضع والأدب: ” يوسف صديق ترابُ قدح العلماء”.

بقلم: عثمان أبوزيد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الرئيس الإيراني: ترامب يخطط للمؤامرات ضد إيران ولن نقع في فخ العدو
  • خامنئي يوجه بتعزيز علاقات بلاده مع أفغانستان
  • باكستان تعلن القضاء على 7 مسلحين في اشتباكات
  • الإسماعيلية في أفغانستان.. أهل الضيافة على طريق الحرير
  • ورحل يوسف محمد صديق خادم السُنّة النبوية
  • كيف تصبح أقرب صديق لطفلك؟ نصائح مجربة لبناء علاقة قوية
  • بين الضغوط القصوى والعزوف عن التفاوض.. مسار العلاقات بين إيران وأميركا إلی أين؟
  • المشهداني للقوى السنّية :يجب حماية العملية السياسية وتعزيز العلاقات مع إيران
  • تطوير نوع جديد من البلاستيك صديق للبيئة