مع تصاعد نجاحات أفلام التيار المحافظ.. هل تضطر هوليود لتغيير جلدها؟
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
إذا ادعى البعض أن الفيلم الوثائقي "هل أنا عنصري؟" (?Am I Racist) لم يكن يطمح لمنافسة الإنتاجات التقليدية لهوليود، فإنه بذلك يبتعد عن الواقع.
فهذا الفيلم، الذي يعبر عن توجهات التيار اليميني المحافظ، من إنتاج شركة "ديلي واير" للإعلام، التي تحمل أجندة محافظة. وقد أشرف عليه وشارك في كتابته المعلق السياسي اليميني مات والش، ليشكل ردّا مباشرا على الأفكار التقدمية التي تندد بالعنصرية الممنهجة، وعلى برامج التدريب على التنوع التي يدعمها التيار الليبرالي.
وذكرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" أن الفيلم، رغم عرضه في أكثر من 1500 دار سينما، لم يلقَ اهتماما واسعا من النقاد المتخصصين في السينما الأميركية، كما حظي بتغطية محدودة في وسائل الإعلام التقليدية.
ولكن في ظل حالة الاستقطاب السياسي الحادة في الولايات المتحدة، تمكن "هل أنا عنصري؟" من إثارة الجدل، إذ انتقده كثيرون من المنتمين لليسار ووصفوه بأنه مسيء وغير مرح، ومع ذلك، تمكن من تحقيق حضور قوي عند انطلاق عرضه، حيث دخل قائمة أكثر 5 أفلام مشاهدة في شباك التذاكر، ليجمع لاحقا إيرادات بلغت 12 مليون دولار، مما جعله الفيلم الوثائقي الأعلى ربحا لعام 2024.
سينما المحافظين.. تصاعد الظاهرةنجاح الفيلم لم يكن حدثا استثنائيا، بل يأتي ضمن ظاهرة بدأت بالتطور خلال السنوات الأخيرة، حيث باتت بعض شركات الإنتاج تتجه نحو إنتاج أفلام موجهة للجمهور المحافظ، متجاوزة بذلك الأسلوب التقليدي الذي تتبعه هوليود. هذه الأفلام تخاطب شريحة واسعة تشعر بأن محتوى السينما السائد لا يعكس توجهاتها الفكرية أو قيمها.
إعلانومن أبرز الأمثلة على هذه الظاهرة فيلم "صوت الحرية" (Sound of Freedom)، وهو فيلم تشويق وإثارة بنكهة دينية، من إنتاج شركة "أنجل ستوديوز". يتناول الفيلم قضايا الاتجار بالبشر في كولومبيا، واستطاع أن يتصدر قائمة العشرة الأوائل في شباك التذاكر عام 2023، محققا 250 مليون دولار عالميا، مما جعله أحد أنجح الأفلام المستقلة على الإطلاق.
وفي العام ذاته، حقق فيلم "ريغان" (Reagan)، الذي يتناول السيرة الذاتية للرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، نجاحا كبيرا، حيث بلغت إيراداته 30 مليون دولار، وهو ما يعادل تقريبا ضعف إيرادات فيلم "المتدرب" (The Apprentice)، الذي يحكي عن صعود دونالد ترامب، لكنه فشل في جذب جمهور كبير رغم الترويج المكثف والعروض في المهرجانات.
تحولات في صناعة السينمالإضفاء قدر من التوازن، فإن الإخفاقات لم تقتصر على الأفلام ذات الطابع الليبرالي، إذ فشل الفيلم الوثائقي "الدفاع عن ترامب" (The Defense of Trump)، للمخرج دينيش دي سوزا، في تحقيق نجاح تجاري، حيث لم تتجاوز إيراداته 1.3 مليون دولار، وهو ما يوحي بأن الإرهاق السياسي الذي عانى منه ترامب قبل الانتخابات قد لعب دورا في هذا الفشل.
ويرى المنتج مارك جوزيف، الذي عمل على فيلم "ريغان"، أن نجاح هذه النوعية من الأفلام يمثل رسالة قوية لصناعة السينما، التي لطالما انحازت للأجندة الليبرالية.
وفي تصريح لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، تساءل جوزيف "لماذا يتم تجاهل نصف سكان البلاد هذا النهج غير منطقي؟".
وأضاف، "السؤال الأهم هو: هل نصنع الأفلام من أجل إرضاء المخرجين، أم من أجل الجمهور الذي يشاهدها؟".
"ديلي واير".. منصة المحافظين في السينمابرزت شركة "ديلي واير" كإحدى أهم الجهات المنتجة للأفلام التي تستهدف المحافظين، وقد أسسها عام 2015 كل من المعلق السياسي بن شابيرو والمنتج جيريمي بورينغ.
ومنذ دخولها مجال الإنتاج السينمائي عام 2021، قدمت الشركة عدة أفلام بارزة، مثل "اركض اختبئ قاتل" (Run Hide Fight)، وهو فيلم تشويق وإثارة عن حادث إطلاق نار في مدرسة، واستطاع استقطاب جمهور واسع عبر منصة الشركة للبث المباشر.
إعلانكما أنتجت "ديلي واير" أفلاما أخرى مثل "ما هي المرأة؟" (What Is a Woman?)، وهو فيلم وثائقي يطرح تساؤلات عن الهوية الجندرية، ويتحدى آراء التيار التقدمي حول المتحولين جنسيا.
إلى جانب "ليدي بولرز" (Lady Ballers)، وهو فيلم كوميدي ساخر حول العلاقة بين الرياضة والهوية الجندرية، و"دائرة بندراجون" (The Pendragon Cycle)، وهي سلسلة خيالية جديدة تعكس طموح الشركة في التوسع نحو أفلام القصص الملحمية، بعيدا عن الخطاب السياسي المباشر.
السينما التقليدية تستجيب للمتغيراتومع دخول ترامب فترته الرئاسية الثانية، يبدو أن التيارات الثقافية والسياسية تتحرك لصالح محتوى يخاطب المحافظين، وهو ما دفع أستوديوهات السينما التقليدية ومنصات البث المباشر للبحث عن طرق جديدة لاجتذاب هذه الشريحة من الجمهور، أو على الأقل تجنّب خسارتها.
وفي مقابلة مع "لوس أنجلوس تايمز"، تحدث جورج بورينغ، المدير التنفيذي المشارك في ديلي واير، عن مستقبل الأفلام المحافظة ورد فعل هوليود تجاهها.
وعندما سئل عن نجاح "هل أنا عنصري؟" رغم التجاهل الإعلامي أجاب قائلا "كنا نأمل في مزيد من التغطية الإعلامية، لكن لا يمكنك التقليل من قوة آلة التسويق لدينا".
وأضاف، "استثمرنا ملايين الدولارات في الترويج، بالإضافة إلى الاستفادة من شبكتنا الضخمة عبر الإنترنت. جمهورنا المحافظ يفتقر إلى هذه النوعية من الأفلام، لذا عندما نقدمها لهم، يكون الإقبال كبيرا".
وعن دوافع الشركة لدخول عالم الترفيه، قال بورينغ "منذ البداية، اتفقت مع بن شابيرو على أن الإبداع الثقافي يجب أن يكون جزءا من رؤيتنا".
وأضاف "أعتقد أن أستوديوهات هوليود قد تحاول استعادة الجمهور المحافظ، وأتمنى أن يحدث ذلك. لطالما قلت إن نجاح ديلي واير لا يعني أن تصبح مثل ديزني، بل يجب أن تعود ديزني إلى جذورها وتخدم جميع الجماهير، وليس شريحة واحدة فقط".
إعلانوختم "المنافسة من أجل الجمهور هي التي دفعتنا لدخول هذا المجال، وأتوقع أن تجبر هذه المنافسة الجميع على تقديم محتوى أكثر تنوعا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات سينما ملیون دولار وهو فیلم
إقرأ أيضاً:
رؤى مبهرة من أبوظبي تغـير صناعة السينمـا في هوليوودبـ AI
يوسف العربي وحسونة الطيب (أبوظبي)
بعرض تفاعلي مذهل من قلب أبوظبي، قدم مبتكر عالمي شهير تقنيات متطورة تستخدم الذكاء الاصطناعي، من شأنها تغيير وجه ومستقبل صناعة السينما في هوليوود والعالم، بإمكاناتها الهائلة في مجال المؤثرات البصرية والصوتية، قائلاً: إن ما تقدمه التكنولوجيا الجديدة بالذكاء الاصطناعي يتجاوز بمراحل كل الخيال العلمي الذي أذهل المشاهدين في أفلام ومسلسلات، مثل Avatar أو Star Trek أو Game of Thrones.
لفت جوناثان برونفمان رائد الأعمال الكندي الأنظار خلال اليوم الأول لقمة عالم الذكاء الاصطناعي التي استضافتها أبوظبي مؤخراً، عندما كشف عن تقنياته الجديدة، مثل «LipDub» و«Vanity AI» المستخدمة في أفلام هوليوود الضخمة، مثل «سبايدر مان- نو واي هوم» ومسلسلات شهيرة، مثل «Stranger Thing» و«Squid Game». تحدث برونفمان، الشريك المؤسس لاستوديو المؤثرات البصرية الكندي (MARZ) بحماس بالغ أمام الحضور عن بعض ملامح ما يعتبره ثورة مبهرة يقودها الذكاء الاصطناعي، خلال جلسة عنوانها: «نهاية إعادة التصوير: كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي كتابة تاريخ هوليوود في دقائق». وتنتج شركة (MARZ) المؤثرات البصرية والصوتية الخاصة لصناعة السينما في هوليوود، وتستفيد بتقنياتها المتطورة شركات كبرى، مثل Disney وNetflix وAmazon.
تقنيات جديدة
يقول برونفمان إن شركته نجحت في تطوير تقنيتين تعملان بالذكاء الاصطناعي هما.. «LipDub»، وهي تقنية متطورة جداً تحقق التزامن التام بين حركة شفاه الممثلين وجمل الحوار التي يتم تركيبها على لسانهم بدقة عالية جداً، أما التقنية الثانية «Vanity AI»، فيمكنها تقديم حلول مذهلة لتغيير ملامح الممثلين من الناحية العمرية، بحيث يمكن مثلاً تحويل وجه ممثلة شابة جميلة إلى عجوز في السبعين أو العكس، بتكلفة بسيطة وبسرعة وبسهولة كبيرة من دون استخدام أدوات التجميل التقليدية. وأوضح أن «LipDub» تسهم في خفض تكاليف الإنتاج بدرجة كبيرة، قائلاً: إنه في حال أراد المخرج السينمائي إعادة تصوير لقطة سبق تصويرها، حتى ينطق أحد الممثلين بجملة جديدة فإنه لن يكون بحاجة إلى استدعاء فريق الممثلين مرة أخرى وإعادة بناء كل تفاصيل المشهد، بل يمكن بوساطة تلك التقنية أن يضع على لسان أي ممثل أي جملة مطلوبة في المقطع الذي سبق تصويره دون أن ينطق بها الممثل في الواقع. وأشار إلى أنه بفضل هذه التقنيات يمكن وضع حوارات منطوقة بلغات مختلفة على مقاطع بعينها تم تصويرها لحملات الدعاية لمنتجات يتم ترويجها في دول مختلفة بلغات عدة أو لدبلجة الأفلام بلغات مختلفة على لسان الممثلين أنفسهم بدقة كبيرة.
وبالتالي «يستطيع كل صانع محتوى أن يروج لمحتواه بكل لغات العالم في دقائق معدودة»، بحسب برونفمان. وأضاف: سيكون للذكاء الاصطناعي التوليدي تأثير هائل على هوليوود، فالمشاهد البصرية المبهرة التي اعتدنا رؤيتها في أفلام مثل «المهمة المستحيلة» و«حرب النجوم» و«ستار تريك» تُعد مكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً في الإنتاج، لكن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيجعل عملية إنتاج الأفلام وتطويرها أكثر كفاءة من حيث التكلفة، وهو ما تحتاج إليه الاستوديوهات بشدة. وطمأن برونفمان الحضور بأن العنصر البشري سيظل ضرورياً دائماً، رغم المخاوف المتزايدة بشأن احتمالية تأثير الذكاء الاصطناعي على وظائف الصناعة.
وقال: لا يشكل أي فيلم أو مسلسل يعتمد بالكامل على الذكاء الاصطناعي التوليدي تهديداً لهوليوود، فلا غنى أبداً عن العنصر البشري، لأنه من غير الممكن محاكاة الإبداع والذكاء البشريين بالكامل.