هشام مهنا: حياد الصليب الأحمر لا يعني الصمت عن الانتهاكات
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
شدد الدكتور هشام مهنا، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، على أن حياد اللجنة الدولية للصليب الأحمر لا يعني الصمت عن الانتهاكات، بل يعني انتهاج قنوات الحوار المباشر التي قد تكون أكثر فعالية من التصريحات الإعلامية.
وقال مهنا: "دورنا كوسيط إنساني محايد لا يعني أننا نتجاهل ما يحدث، بل نعمل بجد خلف الكواليس لضمان احترام حقوق المعتقلين وتوفير الرعاية اللازمة لهم".
وأشار خلال مداخلة مع الإعلامية داليا أبو عميرة، على قناة "القاهرة الإخبارية"، على أن الصليب الأحمر مستمر في جهوده لضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتحسين الأوضاع الإنسانية، مشددًا على أن "المسؤوليات واضحة، ونحن لا نتخلى عن أي جهد يمكن أن يسهم في تحسين هذه الأوضاع".
وعن العقبات التي تواجه عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الإغاثية الأخرى، أوضح مهنا أن الطلب الإنساني الهائل من قبل مئات الآلاف من الأسر يمثل تحديًا كبيرًا، حيث تسعى اللجنة لتلبية الاحتياجات العاجلة من خلال إدخال الخيام، الأغطية، والمستلزمات الأساسية، إضافة إلى توفير المحركات وقطع الغيار والزيوت اللازمة لتشغيل المستشفيات القليلة المتبقية في غزة.
وأكد أن قدرة المنظمات الإنسانية على تلبية الاحتياجات تتوقف على استمرار تدفق الدعم الدولي وضمان وصوله بأمان إلى المناطق المتضررة، مشيرًا إلى ضرورة تحويل الدعم الإغاثي إلى تدفق مستمر يلبي الاحتياجات المتزايدة في ظل استمرار الأزمة الإنسانية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اخبار التوك شو غزة صدى البلد المزيد
إقرأ أيضاً:
دعوى السودان ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية: كسر الصمت أم مواجهة سياسية؟
في تحول لافت في مشهد النزاعات الإقليمية، رفعت الحكومة السودانية دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية في مارس 2025 ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، متهمةً إياها بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948.
وتستند السودان في هذه الدعوى إلى اتهامات بتقديم الإمارات دعمًا عسكريًا وماليًا لقوات الدعم السريع، المتهمة بارتكاب فظائع واسعة النطاق ذات طابع عرقي في دارفور، ولا سيما ضد قبيلة المساليت.
الدعوى التي وُصفت بأنها جريئة وصادمة في السياق العربي، تجاوزت البعد القانوني لتفتح أبوابًا من الجدل حول الأدوار الإقليمية، والتدخلات الخارجية، وحدود المسؤولية الدولية. فهل هي خطوة قانونية ناجعة أم ورقة ضغط سياسي في معركة أوسع؟
مشروعية الدعوى وحدودها القانونية
السودان استند في دعواه إلى المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية، التي تمنح محكمة العدل الدولية اختصاصًا للنظر في النزاعات المتعلقة بتفسير أو تطبيق الاتفاقية. غير أن الإمارات، منذ انضمامها إلى الاتفاقية، أبدت تحفظًا واضحًا على هذه المادة، ما يعني أنها لا تقبل اختصاص المحكمة تلقائيًا.
ورغم أن هذا التحفظ يمثل عقبة قانونية كبرى، إلا أن السودان قد يراهن على مبدأ “القواعد الآمرة” في القانون الدولي، والتي تنص على أن بعض الانتهاكات، كالإبادة الجماعية، لا يمكن التهرب من مساءلتها بتحفظات شكلية.
لكن الاحتمال الأكبر، استنادًا إلى السوابق القضائية، هو أن ترفض المحكمة الدعوى من حيث الاختصاص، كما فعلت سابقًا في قضايا مشابهة (مثل قضية يوغوسلافيا). ومع ذلك، فإن الأثر القانوني ليس كل شيء.
الرسائل السياسية والدلالات الرمزية
ترسل هذه الدعوى رسائل متعددة تتجاوز النصوص القانونية:
أولًا، هي محاولة جريئة لتحميل دولة إقليمية مسؤولية مباشرة عن جرائم ارتُكبت عبر وكلاء محليين، وهي سابقة نادرة في العلاقات العربية. ثانيًا، تمثل الدعوى توثيقًا رسميًا لسردية جديدة حول الحرب في السودان، وتعيد تشكيل فهم المجتمع الدولي لما يحدث في دارفور بوصفه ليس نزاعًا داخليًا فقط، بل نزاعًا مدعومًا خارجيًا. ثالثًا، تُوظَّف الدعوى كأداة لإعادة تدويل الأزمة السودانية، وإعادة التوازن في الخطاب الدبلوماسي، بعد أشهر من هيمنة قوات الدعم السريع على الأرض إعلاميًا ودبلوماسيًا.ضربة لصورة الإمارات ونفوذها الإقليمي
اللافت أن الدعوى، حتى وإن لم تُقبل، قد تُحدث أثرا ملموسا في صورة الإمارات على أكثر من صعيد:
فهي تزعزع سردية “القوة الناعمة” التي روّجت لها الإمارات خلال العقد الأخير، عبر مشاريع التسامح والحوار والتنمية. كما تفتح الباب أمام ملاحقة قانونية أو رمزية لدورها في ملفات أخرى كاليمن وليبيا، خاصة أن الكثير من المنظمات الحقوقية سبق وأن وثّقت تدخلات مباشرة أو غير مباشرة في تلك البلدان. وقد تُسهم هذه الدعوى في كبح سياسة التمدد في “الفراغات الأمنية”، حيث دأبت أبو ظبي على استغلال هشاشة الدولة لبناء تحالفات مع قوى محلية مسلحة.وربما يكون الأثر الأخطر هو ما تحمله الدعوى من إشارات لدول أخرى في الإقليم، بأن زمن الحصانة المطلقة في التدخلات الخارجية قد يشارف على النهاية، وأن القانون الدولي لم يعد محايدًا في وجه الجرائم الجماعية متى توفرت الإرادة السياسية لمواجهتها.
خاتمة
في النهاية، قد لا تفضي دعوى السودان إلى إدانة مباشرة للإمارات، وقد تُرفض لأسباب إجرائية، لكنها نجحت فعليًا في فتح نقاش واسع حول الأدوار الإقليمية في الحروب الأهلية، وأعادت تسليط الضوء على الفظائع المرتكبة في دارفور، وعلى التحالفات التي سهّلت حدوثها.
إنها دعوى تضع القانون في مواجهة السياسة، وتضع الحضور الإماراتي في إفريقيا أمام مرآة لا تعكس فقط المصالح، بل أيضًا التبعات.