لجريدة عمان:
2025-02-10@14:03:39 GMT

مصير واحد يجمع شخصيات مغامرة عابرة للزمن

تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT

مصير واحد يجمع شخصيات مغامرة عابرة للزمن

لعل مسألة الانتقال عبر الزمن كانت تحديًا جديًا واجهه البشر وتم تجسيده من خلال الميثولوجيا والأنواع الأدبية على مرِّ التاريخ، واستمر هذا الاهتمام إلى يومنا هذا، إذ ظلَّت مسألة عبور الزمن واحدة من القصص التي تقدِّم شخصيات استثنائية قادرة على تجاوز الزمن الذي يحيط بها إلى أزمنة وأماكن أخرى مفتوحة.

من هذا، وجدنا أن هذا النوع من السرد الفيلمي قدَّم نوعًا من المغامرات الاستثنائية التي من خلالها كانت الشخصيات تسعى لتحقيق أهدافها عبر تجاوز حاجز الزمن، وهو ما كنا قد شاهدناه في أفلام مثل القضاء والقدر، والتالي، والحلقي، وآلة الزمن، ومكان ما في الزمن، وحافة الغد، والوصول، وكوكب القرود، والفاني، وآلة الزمن، وأفلام أخرى كثيرة.

في هذا الفيلم للمخرج جيمس بامفورد، هناك أسلوب إخراجي قائم على متواليات سردية من خلال تمركز بضعة شخصيات في محور السرد مع تغيير في الزمان والمكان، بمعنى أنه تم اعتماد الشخصيات نفسها وهي تخوض تجارب مختلفة في أزمنة متعددة.

هذا الأسلوب ربما كان مشوقًا بما فيه الكفاية من حيث التنويع في الأحداث والأماكن، لكنه في ذات الوقت قد يقود إلى نوع من التشتت وصعوبة المتابعة بين أزمنة متداخلة وشخصيات تتنقل عبر الزمن.

مع بداية الفيلم، سنكون أمام مشاهد حربية تتعلق بالحرب العالمية الثانية، حيث يحقِّق النازيون مع عدد من العائلات الفرنسية حول انتمائهم إلى المقاومة، ويقود الضباط النازيون الجنرال سانبورن – يؤدي دوره الممثل جون فويت – بينما تساعده عصابة شديدة الخطورة والعدوانية، سواء في ملاحقة المقاومة الفرنسية إبَّان الحرب العالمية الثانية أو لاحقًا في الزمن الراهن، في انتقالة استثنائية ملفتة للنظر، حيث يتحول سانبورن إلى مطور عقاري جشع يسعى للاستحواذ على أراضي المدينة لبناء مدينة جديدة عليها، وتسانده العصابة نفسها التي شاهدناها إبَّان الحرب العالمية الثانية.

في مقابل هذه الشخصيات العابرة للأزمنة، هناك رايدر – الممثل آدم وودوارد – وهو شخصية استثنائية تقود خطًا دراميًا متصاعدًا في مواجهة عصابة سانبورن، وهم سوش – يؤدي دوره مارتون كسوكاس – وجاك – الممثل فيليب وينجستر – اللذان تختلط عليهما ملامح بعضهما، إذ يظن كل منهما أنه سبق والتقى الآخر في زمن ما، وهي مقاربة طريفة تنطوي على جدلية سردية مختلفة في مسألة الخروج على نمطية الزمن السائد إلى أزمنة متشظية ومتعددة.

في قراءته للفيلم، يذهب الناقد جيم مورازيني في موقع فويس فروم باكوني إلى القول: "إننا شاهدنا فيلمًا يقع في إطار تشويقي يجمع بين عدة أنواع من الحكايات، ويحاول دمج السفر عبر الزمن والتأملات الفلسفية والمشاهد المليئة بالإثارة في مشهدية سينمائية سردية واحدة.

وفي حين أن مفهوم السفر عبر الزمن والتناسخ ليس جديدًا على عالم السينما، إلا أن السيناريو يتعثر بسبب الحوارات الثقيلة حول الأرواح والمصير وغيرها من الأسئلة الفلسفية، فضلًا عن شخصية رايدر الغريبة والغامضة ذات الماضي المضطرب، وكأنها كليشيه، فهو صورة كاريكاتورية لنموذج رجل القانون المتعب".

على الجانب الآخر، فإن شخصية رايدر، علاوة على نزعته الانتقامية من الأشرار، يديم علاقته مع مورغان –الممثلة شارلوت فيغا– تلك الفتاة التي سوف تتنقل معه عبر الأزمنة وصولًا إلى عهد الرومان. فهو البطل المنقذ الاستثنائي الغامض الذي سيتصدى للنازيين، ثم لعصابة سانبورن، وصولًا إلى روما القديمة، وفي كل تلك الأزمنة يجسد شخصية الفارس القادر على قهر خصومه. فهو شخصية متنوعة ومتعددة الأبعاد، وينتصر للخير، لكنه في المقابل لا يقنعنا في الإجابة عن سؤال: من هو؟ وإلى أين هو يسير؟ لا سيما في المشاهد الأخيرة، وبعد مواجهة دامية، إذ يكون قد مات، بينما تراه حبيبته مورغان حيًا من جديد.

يحاول الفيلم زجَّ منظومة فلسفية يرتقي من خلالها بأحداثه وشخصياته إلى مستوى يخرجها من النمطية والتكرار، وذلك عبر العديد من التفاصيل التي حفِل بها الفيلم، كقوله فيما يتعلق بالأزمنة الراهنة: "هذا ليس ذلك العالم الذي نشأنا فيه، هذه التكنولوجيا والتدفق الرقمي أصبحا مثل بحار هائجة تبتلع كل ما في طريقها، بينما نحن نكاد نغرق في وسط ذلك".

هذا نموذج من نماذج متعددة تطلقها الشخصيات للتعبير عن أزمتها الزمانية الأكثر خصوصية، والمتعلقة بالذات وهي تحاول التمرد على الواقع من خلال الخروج على الزمن بأي شكل من الأشكال.

في هذا الصدد، يذهب الناقد سيباستيان زافالا في موقع لاود أند كلير إلى أنه "من الممكن أن يكون هذا فيلم إثارة بسيطًا عن رجل بلا ماضٍ، إلا أنه يتبين أنه أكثر طموحًا، إذ يدخل في قصة تتشابك فيها الصراعات، وبالتالي ننتهي إلى رؤية حول الزمن والمصير، وأننا جميعًا نتجسد من جديد عبر الزمن، وأن العديد من صراعاتنا تتكرر مرارًا، مما يجعلنا نقاتل ضد الأشخاص أنفسهم في سياقات مختلفة".

وعلى هذا، يمكننا رسم مسارات السرد الفيلمي من خلال هذا التنوع في الشخصيات والأزمنة، وهي تعيش ما يمكن أن نسميه عملية التناسخ المرتبطة بالشخصيات. لكن الإشكالية تتعدى شخصية رايدر الاستثنائية والغامضة إلى ما هو أبعد، في إشكالية الزمن الحاضر والمستقبلي، ولماذا انبثق كل ذلك الاندفاع في تيار الزمن ليشتمل على شخصيات متعددة قادرة على التنقل ببراعة ومهارة. وفي كل الأحوال، فإنها مصنفة بحسب علاقتها بالشخصية الرئيسية التي تقود كل تلك الغزارة التعبيرية المرتبطة بعالم الزمن.

من جانب آخر، ولتأكيد أن رايدر شخص عابر للزمن، فإن مسؤول شرطة المدينة يبقى متمسكًا بمسألة الكشف عن هويته، حتى إنه يعجز عن إثباتها، فلا يوجد سجل أو تعريف بتلك الشخصية، وكأن المخرج أراد من خلال تلك المشاهد التي جمعت رايدر بقائد الشرطة أن يقول إنه بالفعل شخص بلا ماضٍ ولا جذور. وإذا كان الأمر كذلك، فماذا عن الشخصيات الأخرى؟ هل هي الأخرى لا منتمية، ولا علاقة لها بالعالم الواقعي الذي وجدت نفسها فيه، وأنها ليست إلا شخصيات عابرة للزمن مشغولة بإثبات الذات، كلٌّ على طريقته؟

أما إذا انتقلنا إلى الحصيلة الفكرية التي حملها السرد الفيلمي، فإن الفيلم كان بحاجة إلى مزيد من التعمق في تلك الإشكالية المرتبطة بحاجز الزمن، لا سيما أنها ذات أبعاد فكرية وفلسفية عميقة، وأن جدلية الإنسان/ الزمن تعود إلى بدايات خلق البشر والتفكر في دورة الزمن وما تؤول إليه.

...........................................

- إخراج: جيمس بامفورد

- سيناريو: ستيفن باول

- تمثيل: جون فويت – في دور سانبورن، آدم وودوارد – في دور رايدر، مارتون كسوكاس – في دور سوش، شارلوت فيغا – في دور مورغان، فيليب وينجستر – في دور جاك

- موسيقى: لورين أكويوم

- مدير التصوير: فرانك ماير

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: عبر الزمن من خلال فی دور

إقرأ أيضاً:

بهدف رفع «الكفاءة القتالية».. تخريج دفعة من دورة «حماية الشخصيات»

في إطار الجهود التي تبذلها رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي للرفع من الكفاءة القتالية، والتأهيل من خلال الدورات التدريبية التي من شأنها ترفع من قدرات منتسيبي المؤسسة العسكرية، أقيم الأحد، بمقر القوات الخاصة، حفل تخريج دورة حماية الشخصيات التي عقدت خلال الفترة من 15 يناير الى 09 فبراير 2025م، بحضور آمر القوات الخاصة، وضباط من شعبة تدريب القوات بإدارة التدريب.

حيث اطلعوا على سير التدريب والاستماع إلى ملاحظات طاقم التدريب المكلف بالاشراف على هذه الدورة، وقد تم تقديم عرض من قبل الخريجين ( تدريب عملي على كيفية حماية الشخصيات)، وفي ختام الحفل تم توزيع شهادات إتمام الدورة على الخريجين.

و كان لآمر القوات الخاصة كلمة حث فيها الخريجين بالالتزام بالضبط والربط العسكري، والاستفادة من المعلومات التي تلقوها، كما أكدت إدارة التدريب برئاسة الأركان العامة للجيش الليبي دعم هذه الدورات، والعمل على استمرارها، لما لها من فائدة في الرفع من مستوى الكفاءة القتالية لمنتسبي المؤسسة العسكرية.

مقالات مشابهة

  • شخصيات جديدة ومهن غير تقليدية في مسلسلات رمضان 2025.. مفاجآت بالجملة
  • بهدف رفع «الكفاءة القتالية».. تخريج دفعة من دورة «حماية الشخصيات»
  • على عكس الشائع.. مسلسل ولاد الشمس يستعرض صداقات بين شخصيات متناقضة
  • رمضان 2025 | أول مرة أعمل شخصية واحد اسمه سيد .. عمرو وهبة يروج لمسلسل شباب امرأة على طريقته الخاصة
  • السويح: اللجنة المشكلة من قبل البعثة الأممية تضم شخصيات لا يُشك في نزاهتهم
  • “الدنيا كما هي.. لكننا تغيّرنا”
  • مهرجان عسل جازان يجمع الأطفال في فعاليات ترفيهية مميزة
  • أول صلاة جمعة بعد حادثة أوربرو في السويد: الحزن يجمع القلوب والمجتمع يتكاتف
  • مناقشة تحديات العناصر النسائية في حماية الشخصيات