كاتبان إسرائيليان: ترامب يطالب العرب بدفن قضية فلسطين
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
تناول مقالان في صحيفتين إسرائيليتين بالنقد والتحليل خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين في قطاع غزة، واتسم المقالان برؤيتين متناقضتين.
ففي حين تحدث الكاتب ميرون رابوبورت في مقاله بمجلة "+972" الإخبارية اليسارية التوجه عن التهديد المباشر الذي تمثله الخطة على الاستقرار في المنطقة والعالم يرى نظيره دان بيري في مقاله بصحيفة "جيروزاليم بوست" أن اقتراح ترامب ربما نجح في تهيئة الأطراف الفاعلة بالمنطقة لما يجب فعله من خطوات قد تفضي في نهاية المطاف إلى الهجرة الطوعية لسكان القطاع الفلسطيني.
وفي المقال الأول يقول رابوبورت إن احتمال أن يوافق أكثر من مليوني فلسطيني على مغادرته الآن يقترب من الصفر، منبها إلى أن معظم سكان القطاع من اللاجئين أو أحفاد لاجئي نكبة عام 1948 الذين ظلوا 75 عاما في مخيمات اللاجئين بغزة ولم يتركوا وطنهم.
كما أن احتمال أن تقبل دول مثل الأردن أو مصر استضافة ولو كان عددا بسيطا من هؤلاء السكان ضئيل بالقدر نفسه، لأن مثل هذه الخطوة قد تزعزع استقرار أنظمتها الحاكمة، وفق مقال مجلة "+972".
ويعتقد الكاتب أن استحواذ الولايات المتحدة على غزة وحكمها وتطويرها بعيد المنال، لكنه يقول مستدركا إنه حتى لو لم تتقدم هذه الفكرة شبرا واحدا فإنها قد أحدثت تأثيرا عميقا في الخطاب السياسي اليهودي الإسرائيلي.
إعلان
لا مفاجآت
ولم يكن مفاجئا -كما يقول رابوبورت- أن سارع قادة اليمين المتطرف في إسرائيل إلى التعبير عن ابتهاجهم بالمقترح الأميركي رغم أن عواقبه قد تكون ماحقة على المنطقة بأسرها.
ووفقا للمقال، فإن الشعور بأن إسرائيل حصلت بخطة ترامب على فرصة تاريخية لتفريغ قطاع غزة من سكانه من شأنه أن يمنح زخما هائلا لمطالب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير اللذين يحثان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على نسف وقف إطلاق النار قبل أن يصل إلى مرحلته الثانية، واحتلال غزة، وإعادة بناء المستوطنات اليهودية في القطاع.
وكشفت المجلة أن وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق -وهي وكالة تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية- بدأت بالفعل في وضع الخطط اللازمة لوضع فكرة ترامب موضع التنفيذ حتى بدون الحاجة لوجود قوات أميركية على الأرض.
وتشمل الخطط -على سبيل المثال- أنه في حال رفضت مصر السماح باستخدام معبر رفح لتسهيل عملية "التطهير العرقي" في غزة يمكن للجيش الإسرائيلي أن يفتح مسارات أخرى "من البحر أو البر، ومن هناك إلى مطار لنقل الفلسطينيين إلى الوجهات المقصودة".
تشمل الخطط في حال رفضت مصر السماح باستخدام معبر رفح لتسهيل عملية "التطهير العرقي" في غزة أن يفتح الجيش الإسرائيلي مسارات أخرى "من البحر أو البر، ومن هناك إلى مطار لنقل الفلسطينيين إلى الوجهات المقصودة
ويحذر رابوبورت في مقاله من أن خطة ترامب لن تختفي من السياسة اليهودية الإسرائيلية حتى لو انتقل اتفاق وقف إطلاق النار إلى المرحلتين الثانية والثالثة وأُفرج عن جميع الأسرى وانسحب الجيش من غزة وتحقق وقف دائم لإطلاق نار.
وبمجرد أن تتبنى إسرائيل مقترح الرئيس الأميركي حلا للقضية الفلسطينية فإن الكاتب يبين أن الرسالة الموجهة إلى الفلسطينيين واضحة، وهي أنه ليس هناك إمكانية للتوصل إلى تسوية مع إسرائيل وراعيها الأميركي -على الأقل في شكلها الحالي- لأنهما "مصممان على القضاء على الشعب الفلسطيني".
وهذا سيجعل من المستحيل على أي زعيم فلسطيني يحاول التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل أن يحافظ على الدعم الشعبي.
إعلانلكن الكاتب يزعم أن الخطر لا ينتهي عند هذا الحد، فترامب "بجهله التام بالشرق الأوسط" عمد إلى "تجزئة" القضية الفلسطينية، إذ لا يرى حلا لها كمسألة تخص اليهود والفلسطينيين الذين يعيشون بين النهر والبحر، بل يلقي بهذه المسؤولية على الدول المحيطة.
دفن القضية
وأضاف أن الرئيس الأميركي لا يدعو مصر والأردن وغيرهما من الدول العربية إلى الموافقة على قبول مئات الآلاف من الفلسطينيين في أراضيها فحسب، بل يطلب منها فعليا أن توافق على "دفن القضية الفلسطينية".
وفي صحيفة "جيروزاليم بوست" يدّعي الكاتب دان بيري أن تقسيم "الأرض المقدسة" إلى دولتين أو دولة واحدة -سواء أكانت متساوية الحقوق أم لا- هو بدائل حقيقية "وستبقى كذلك".
وبدا الرئيس الأميركي -برأيه- "متخبطا" إزاء الواقع المعقد بتفاصيله السيكولوجية المجتمعية الدقيقة بطرحه خطة "خطيرة وغير مدروسة" لتهجير الغزيين.
وعلى الرغم من أن كاتب المقال يشير إلى أن الخطة المطروحة تواجه بعض العقبات مثل رفض الدول العربية لها وتمسك الفلسطينيين بالأرض وبما يسميها "روحهم الوطنية المميزة" فإنه يعتقد أن الشعب الأميركي لا يرغب بالغوص في مستنقع عسكري آخر بالشرق الأوسط لإرضاء "أوهام" ترامب.
ضغط مقصودومع ذلك، فإن الكاتب يرى أن ترامب ربما نجح في تهيئة الأطراف المعنية بضرورة فعل ما ينبغي عليهم فعله، وأولها -كما يوضح بيري- أن تضغط الدول العربية على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لكي تتنحى، كشرط لتقديم عشرات المليارات من المساعدات لإعادة إعمار غزة بشكل شبه كامل، وهذا يتطلب إقناع الدول العربية المعتدلة بأن "تتوقف عن الاستغراق في تخيلات الفلسطينيين المتطرفة".
وثانيها: أنه يجب تشكيل حكومة مدنية من التكنوقراط في غزة تكون لها ارتباطات بالسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ولكنها مختلفة، بحيث يمكن الوثوق بها حتى يتسنى لها تقديم نموذج "أقل فسادا ولا تكون تعاني اختلالا".
إعلانكما ينبغي على هذه الحكومة أن تعمل بالتنسيق مع مصر ودول الخليج بدعم غربي هادئ لإقامة إدارة سليمة قد توفر طريقا موثوقا للاستقلال في المستقبل.
وثالثها: أن على الدول العربية وربما الغرب أن توافق على إرسال قوات أمنية إلى غزة لمساعدة السلطات الجديدة.
وقال الكاتب إن الأمر قد يقتضي أن يُعرض على قادة حماس وأي مسلحين آخرين "المنفى"، معتبرا أن هذا هو "التهجير السكاني الذي يجب أن يحدث".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الرئیس الأمیرکی الدول العربیة
إقرأ أيضاً:
ممّن يريد شراء غزة؟ ردود فعل الفلسطينيين على تصريحات ترامب
رد نشطاء فلسطينيون على تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التي تحدث فيها عن "شراء أمريكا لقطاع غزة" والاستحواذ عليه بعد تهجير الفلسطينيين أو نقلهم منه.
وخلال تواجده على متن الطائرة الرئاسية "إير فورس وان"، قال ترامب: "نحن ملتزمون بشراء قطاع غزة وامتلاكه. فيما يخص إعادة بنائه، يمكننا منح دول أخرى في المنطقة فرصة للمساهمة في بناء بعض أجزاء منه. قد تقوم بعض الدول بذلك تحت إشرافنا. لكننا ملتزمون بامتلاك غزة وضمان عدم عودة حماس إليها. لن يكون هناك شيء للعودة إليه، فالمكان مدمّر وسنقوم بهدم ما تبقى".
وأضاف ترامب أن الدول العربية ستكون مستعدة لاستقبال الفلسطينيين في حال أُتيحت لهم الفرصة، وأكد أن الفلسطينيين سيغادرون غزة إذا كان لديهم خيار آخر.
وتابع قائلاً: "إنهم لا يرغبون في العودة إلى غزة. إذا تمكنا من توفير منازل لهم في مناطق أكثر أماناً، لن يكون لديهم رغبة في العودة إلى غزة. السبب الوحيد الذي يدفعهم للحديث عن العودة هو أنهم لا يملكون بديلاً، وحينما يحصلون على بديل، لن يودوا العودة".
كما أشار ترامب إلى أنه بدأ يفقد صبره بشأن الاتفاقات، بعدما شاهد حالة الأسرى الإسرائيليين الذين تم إطلاق سراحهم السبت الماضي، واصفاً إياهم بأنهم كانوا في حالة صحية سيئة للغاية.
ردود فعل الفلسطينيين على تصريحات ترامب
التصريحات التي أدلى بها ترامب أثارت موجة من التساؤلات بين النشطاء والمغردين الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تساءل الكثيرون: "ممن يريد شراء غزة؟ وكم سيكون الثمن؟ وهل هو قادر على امتلاكها؟".
أيضا كان هناك نشطاء ومغردين استشهدوا بأبيات شعرية للشاعر أحمد شوقي التي تضمنها خطاب رئيس حركة حماس الراحل يحيى السنوار في آخر ظهور له، حيث قال: "وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق".
وأضاف مغردون أن ترامب يعتقد أن المال يمكن أن يشتري له الأوطان، لكنهم أكدوا أن ما لم يستطيعوا انتزاعه بالقوة، لن يحصلوا عليه بالسياسة أو الأموال.
وفي نفس السياق، وجه البعض انتقادات لترامب، مستنكرين كيف يتحدث عن حماية الفلسطينيين بينما يمدّ المحتل الإسرائيلي بالسلاح ويصمت عن سرقة أراضيهم.
من جانب آخر، دعا ناشطون إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد تصريحات ترامب في المحاكم الدولية، مشيرين إلى أنها تخالف القرارات الدولية وقوانين الأمم المتحدة.
كما لفت البعض إلى أن من دعم الاحتلال في تدمير غزة ليس من حقه الحديث عن إعادة إعمارها، مؤكدين أن إرادة أهل غزة أقوى من أي محاولة لبيع الأرض. وأضافوا أن غزة التي صنعت البطولات ستظل بعيدة عن أحلام الطغاة.
ورأى محللون أن الرد الأمثل على تصريحات ترامب هو دعم صمود غزة وأهلها فعليًا، والضغط على الدول العربية والإسلامية لكسر الحصار عنها.
وأشاروا إلى أن تصريحات ترامب تعكس عقلية تجارية سطحية ترى معاناة الفلسطينيين كصفقة اقتصادية، متجاهلة عمق القضية الفلسطينية.
كما نوه البعض إلى التضحيات التي قدمها أهل غزة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، الذي تدعمه الولايات المتحدة، وإلى فشل المخططات الرامية لتهجيرهم.