هل أحرج ترامب نتنياهو؟
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
علي بن سالم كفيتان
نظر الكثيرون لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أنها منحت الضوء الأخضر لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لفتحٍ مبينٍ في غزة، ومهَّدت لترحيل الفلسطينيين إلى دول أخرى، لكن بالنظر لها من زاوية أخرى نرى أنها أحرجت نتنياهو، وأوعزت إليه بأن يستمر في وحل غزة الذي خرج منه صاغرًا يتفاوض على استعادة الأسرى، وأنه عندما يُسيطر عليها عسكريًا، فإن الولايات المتحدة الأمريكية جاهزة لاستلامها وتطويرها!
هذا العرض نوع من المُعاجَزة العسكرية والسياسية؛ فالحقيقة أن نتنياهو هُزم ميدانيًا وانتصر تدميريًا، ولا يستطيع فرض سيطرته على القطاع، ولو حارب هناك لعقود من الزمن، بل سيجلب له ذلك المزيد من النكسات والهزائم.
الرئيس ترامب تراجع عن معظم قراراته التنفيذية التي أصدرها في اليوم الأول، سواء عبر مراجعة العقلاء له من فريقه الرئاسي أو من خلال المحاكم؛ حيث تم تأجيل رفع الرسوم الجمركية على المكسيك وكندا لمدة شهر، ونتوقع أنها لن تُطبَّق، والأمر ذاته سينصب على حصة الشرق الأوسط من تصريحاته الارتجالية، وما سببته من حرج كبير لحلفاء أمريكا الرئيسيين في المنطقة كمصر والأردن والمملكة العربية السعودية، عبر الدفع بمقترح الوطن البديل للفلسطينيين في أراضيهم. وهنا تبرُز مفارقة لا بُد من الإشارة لها، وهي: ماذا سيكون الموقف لو دعَّمت تلك الدول المقاومة الفلسطينية كما كانت تفعل في السابق؟ بلا شك سيكون موقفها أفضل بكثير من اليوم، ولهذا نعتقد أن الحياد السلبي للدول العربية في الصراع، باستثناء بعضها، كان سببًا مباشرًا لما آلت إليه الأمور اليوم، وعليهم تحمُّل تبعات ذلك الحياد.
لقد أظهرت المملكة العربية السعودية موقفًا قويًا من خلال التعامل مع ملفات المنطقة مؤخرًا، من خلال مهادنة إيران والانخراط في ملف سوريا الجديدة، كما ظلَّت المملكة مُمسكةً بثوابتها في أنه لا سلام ولا تطبيع ولا اتفاقية إبراهيمية مع إسرائيل إلّا عبر إنشاء دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس، والكل يعلم ثقل المملكة العربية السعودية الاقتصادي والسياسي في العالم، وقيادتها لدفة العالم العربي والإسلامي، من خلال مكانتها الوازِنة في المنطقة. صحيحٌ أن المملكة مُنشغلة حاليًا بشأنها الداخلي ومواصلة البناء والتطوير؛ فالزائر للمملكة يرى القدر الكبير من الضخ في مشاريع عملاقة داخل السعودية، بينما يهتم البعض بقشور تلك النهضة، مُسلِّطين أقلامهم وعدساتهم على اللَمَم، ومُضخِّمين من أحداثٍ هامشيةٍ للنيل من حجم الإنجاز الهائل على أرض الواقع. وتظل المملكة العربية السعودية هي التي تستطيع كبح جماح ترامب، والقول لا للكيان الصهيوني، وأنه لا توجد هدايا مجانية لارتهان الشرق الأوسط. ومن هنا يجب على دول مجلس التعاون الخليجي أن تعضد موقف المملكة؛ فهي القلعة الأخيرة الباقية، وهي الكعكة التي يسيل لعاب نتنياهو لتذوُّقها. ونتوقع زيارة ترامب إلى المملكة وأن يرقص بالسيف في الثمامة مع "إخوان نورة"، كما فعل سابقًا هو وغيره من رؤساء أمريكا، وستعود الأمور إلى نصابها.
ويتوقع المتابعون لقاءً بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أبوظبي؛ لحسم حرب أوكرانيا، عبر صُلح تاريخي بين الرجلين، يمنح روسيا ما قضمته من أوكرانيا، مقابل عقود نفط وغاز سخيَّة للشركات الأمريكية، ورفع الحصار والحظر الاقتصادي عن روسيا، وإعادة أموالها المُحتجَزة في البنوك الأمريكية. ولا شك أن مرونة الرئيس الأمريكي وتصريحاته الأخيرة لإمكانية التفاوض مع إيران ستكون من خلال بوابة مسقط، التي استضافت المفاوضات السابقة. وهذا سيقود لحسم تاريخي في اليمن، وعودة الدولة اليمنية الموحدة.
كل تلك الخطوات تجعلنا لا ننظر بتشاؤمٍ لفترة حكم ترامب؛ بل يُمكن التعويل عليها؛ كون الرجل يسعى لإطفاء الحروب على حساب بناء الازدهار الاقتصادي في العالم.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الخارجية المصرية تدين بأشد العبارات التصريحات الإسرائيلية تجاه المملكة العربية السعودية
أدانت وزارة الخارجية المصرية بأشد العبارات التصريحات الإسرائيلية الأخيرة التي تستهدف المملكة العربية السعودية، والتي حملت تحريضًا ضد المملكة العربية السعودية.
وأكدت مصر، في بيان رسمي لها، استنكارها الشديد لهذه التصريحات غير المسئولة، التي تروج لمفاهيم تضر بالأمن والاستقرار الإقليمي.