حديث ترامب عن غزة يبدد آمال عودة الشحن للبحر الأحمر
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
أضر حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاستيلاء على قطاع غزة بآمال عودة حركة الشحن إلى البحر الأحمر بعد أكثر من عام من الاضطرابات الناتجة عن حرب إسرائيل على القطاع، حسب ما نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مسؤولين تنفيذيين في قطاع الشحن.
وأثار إعلان ترامب المفاجئ قبل أيام مخاوف من تجديد جماعة الحوثي اليمنية تهديدهم للسفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر، بعد أن أعلنت الشهر الماضي أنها ستتوقف عن استهداف معظم السفن بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن الرئيس التنفيذي لمجموعة "نوردن" للشحن جان ريندبو قوله إن خطة ترامب أضافت "إلى هذه الصورة الاضطرابات والتوتر في الشرق الأوسط، والتي قد تطيل أمد قضية البحر الأحمر"، مشيرا إلى أن الإعلان زاد من "خطر عدم بقاء الحوثيين في وضع ثابت".
وأدى اقتراح ترامب بشأن غزة إلى تفاقم حالة عدم اليقين التي يخلقها نهجه غير المتوقع للتجارة وقطاع الشحن، ففي أيامه الأولى في منصبه، أعادت تهديداته بفرض رسوم جمركية على العديد من الشركاء التجاريين إشعال المخاوف من الحروب التجارية والتراجع الاقتصادي العالمي الذي قد يؤثر على أرباح أصحاب السفن.
إعلانوبعد إعلان الحوثيين في 19 يناير/كانون الثاني رفع العقوبات عن السفن، باستثناء تلك المسجلة في إسرائيل أو المملوكة بالكامل لكيانات إسرائيلية، زادت حركة الشحن التي تمر قبالة اليمن بصورة طفيفة.
ومنذ إطلاق حملتهم لدعم غزة أواخر عام 2023، هدد الحوثيون جميع السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، وكذلك تلك المملوكة للكيانات البريطانية والأميركية (بعد أن أطلق البلدان تحالفا استهدف الجماعة في اليمن).
وزاد عدد عمليات العبور عبر مضيق باب المندب الذي يدخل البحر الأحمر بعد اليمن بنسبة 4% إلى 223 في الأسبوع التالي لإعلان الحوثيين، وفق شركة "لويدز ليست" للأبحاث، ومن بين هذه السفن حوالي 25 تجنبت المنطقة منذ عام 2023، أو لم تبحر تاريخيا عبر المضيق.
وحسب شركة بيانات السلع الأساسية "آي سي آي إس" (ICIS)، من المقرر أن تنقل إحدى ناقلات الغاز الطبيعي المسال التي غادرت سلطنة عُمان مؤخرا أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال غير الروسي عبر البحر الأحمر منذ أكثر من عام.
وتتجه سفينة صلالة للغاز الطبيعي المسال إلى ميناء تركي ومن المتوقع وصولها في 16 فبراير/شباط، مما يشير إلى أنها ستضطر إلى اتخاذ طريق البحر الأحمر للوصول في الوقت المحدد.
دليل الاستقرارونقلت فايننشال تايمز عن محللة المخاطر البحرية في "لويدز ليست" بريدجيت ديكن قولها إنه في حين أن "عددا صغيرا من السفن يعود (إلى البحر الأحمر)"، فإن البعض الآخر لا يزال "ينتظر دليلا على الاستقرار".
وحسب مسؤولين تنفيذيين، يستعد المزيد من مالكي السفن الآن لتصعيد التوترات في الشرق الأوسط وعودة الحوثيين لاستهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة "فسبوتشي ماريتايم" لارس جينسن، التي تقدم خدمات استشارية لأصحاب السفن والتجار، إن الآمال المبكرة في العودة إلى المرور عبر البحر الأحمر قد تبددت، مضيفا أنه "قبل أسبوع كان ثمة ضوء في نهاية النفق"، لكن الآن "احتمال العودة إلى البحر الأحمر تقلص".
إعلانوقال ريندبو إن حركة العبور قد تنتعش بعد نحو شهرين من السلام في البحر الأحمر، لكن إعلان ترامب لم "يساعد في تثبيت الثقة في أن هذه منطقة مستقرة".
جدير بالذكر أن ثمة زعماء في مختلف أنحاء الشرق الأوسط هاجموا اقتراح ترامب بالاستيلاء الأميركي على قطاع غزة.
آمال العودةكان التجار يتوقون للعودة إلى الوضع الطبيعي بعد الاضطراب الذي زاد لأكثر من عام من أوقات الشحن والتكاليف، بعد أن اتخذت السفن التي تسافر بين أوروبا وآسيا الطريق الأطول حول أفريقيا.
وتوقعت مجموعة "ميرسك" الدانماركية للشحن بالحاويات هذا الأسبوع أن تعود التجارة عبر البحر الأحمر إلى طبيعتها في أفضل الأحوال بحلول منتصف عام 2025، وفي أسوأ الأحوال ستظل مقيدة حتى نهاية العام.
وقال الرئيس التنفيذي لميرسك، فينسنت كليرك، لصحيفة فايننشال تايمز "العودة عبر قناة السويس عملية معقدة لدرجة أننا يجب أن نتأكد من أننا لن نعود لبضعة أشهر فقط. لا يريد العملاء الاضطراب (في العمليات)".
وكانت ميرسك حاولت في وقت سابق العودة إلى البحر الأحمر في ديسمبر/كانون الأول 2023، لكن الحوثيين استهدفوا إحدى سفنها وحاولوا الصعود عليها، مما دفع الشركة إلى إعادة توجيه حركة الشحن مجددا.
وقال كليرك "ما دام ثمة شك حول كيف ستبدو الأمور بعد بضعة أسابيع، فسوف ننتظر"، وقال مسؤولون تنفيذيون في مجال الشحن إن اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاستيلاء على غزة أضر بآمال العودة إلى طريق البحر الأحمر بعد أكثر من عام من الاضطراب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إلى البحر الأحمر عبر البحر الأحمر العودة إلى من عام
إقرأ أيضاً:
فدية البحر الأحمر: كيف تمول رسائل البريد الإلكتروني عمليات القرصنة التي يشنها الحوثيون بقيمة 2 مليار دولار (ترجمة خاصة)
لقد أصبح البحر الأحمر، الشريان الحيوي للتجارة العالمية، ساحة معركة للقرصنة الحديثة التي تمزج بين التكنولوجيا والجغرافيا السياسية والتجارة. وقد تبنت جماعة الحوثي في اليمن نهجا جديدا للاستفادة من موقعها الاستراتيجي، حيث طالبت بدفعات من شركات الشحن مقابل المرور الآمن.
ويعيد هذا المخطط، الذي تم تنسيقه من خلال رسائل البريد الإلكتروني وقنوات الدفع في السوق السوداء، تشكيل التجارة البحرية ويفرض تحديات عالمية كبيرة، كما ذكرت مجلة الإيكونوميست.
في مزيج من التشدد والبيروقراطية، قام الحوثيون بإضفاء الطابع المؤسسي على ممارسات الابتزاز من خلال تزويد أصحاب السفن بعنوان بريد إلكتروني "علاقات العملاء" للتفاوض على المدفوعات. وبالنسبة لأولئك الذين يبحرون في المياه الخطرة في البحر الأحمر، فإن الخيارات قاتمة: الدفع، أو المخاطرة بالهجمات، أو اتخاذ طريق أطول وأكثر تكلفة.
وبفضل الصواريخ والطائرات بدون طيار المتقدمة، يمكن للحوثيين استهداف السفن بدقة، مما يخلق جوًا من الحتمية حول هذه المدفوعات. وتقدر مجلة الإيكونوميست أن المجموعة تجمع ما يصل إلى 2 مليار دولار سنويًا من خلال نموذج الابتزاز هذا.
في حين تقاوم العديد من الشركات الغربية دفع هذه الرسوم، وتختار إعادة توجيه السفن حول أفريقيا، فإن التحويلات تأتي بتكاليف باهظة. تزيد الرحلات الأطول من أوقات العبور واستهلاك الوقود، مما يدفع النفقات للشركات والمستهلكين على حد سواء. في المقابل، اتخذت دول مثل الصين موقفًا عمليًا، حيث ورد أنها زادت حصتها من الشحن في البحر الأحمر من خلال الموافقة على دفع الحوثيين مقابل المرور الآمن.
التأثير على التجارة العالمية
إن تداعيات هذا الابتزاز البحري هائلة. فقد انخفضت أحجام الشحن في البحر الأحمر، حيث تشير بعض التقديرات إلى انخفاض بنسبة 70 في المائة. أدى إحجام شركات الشحن الغربية عن الامتثال إلى زيادة في الملاحة عبر رأس الرجاء الصالح، مما أضاف الوقت والتكاليف للشحنات. وأشار التقرير إلى أن هذا التحول أدى إلى تعطيل سلاسل التوريد وخلق فرص للمشغلين تحت أعلام أقل تقييدًا للهيمنة على حركة المرور في البحر الأحمر.
إن التكاليف غير المباشرة لأنشطة الحوثيين أكثر وضوحا. ويقدر التقرير أن النفقات الإضافية الناجمة عن إعادة التوجيه والتأخير واستهلاك الوقود تبلغ 175 مليار دولار سنويا، وهو عبء مالي ينتقل في نهاية المطاف إلى المستهلكين النهائيين.
ما هي أزمة البحر الأحمر؟
منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، نفذت ميليشيات الحوثي اليمنية هجمات متعددة على سفن الشحن في البحر الأحمر. أصبح هذا الممر البحري الحيوي، وهو أسرع رابط بين آسيا وأوروبا عبر قناة السويس، محفوفا بالمخاطر بشكل متزايد. تختار العديد من السفن الآن الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح، مما يزيد من تكاليف الشحن وأوقات التسليم.
تأتي هذه الأزمة في ظل تحديات اقتصادية مستمرة، بما في ذلك عواقب الوباء، والصراع الروسي الأوكراني المستمر، والتباطؤ العالمي.
يواجه البحر الأحمر، الذي يتعامل مع ما يقرب من 30 في المائة من حركة الحاويات العالمية، اضطرابا غير مسبوق. وبحلول مارس/آذار 2024، انخفضت حركة المرور عبر قناة السويس ومضيق باب المندب بنسبة 50%، في حين تضاعفت حركة الملاحة عبر رأس الرجاء الصالح.
الابتزاز كنموذج أعمال مستدام
إن نموذج الابتزاز الذي يتبعه الحوثيون مثير للقلق بشكل خاص بسبب استدامته. إن قدرة المجموعة على توليد الإيرادات من خلال العمليات البحرية تمول قدراتها العسكرية ونفوذها الأوسع في اليمن والمنطقة.
وبينما أثارت أفعالهم انتقادات واسعة النطاق، لا يمكن تجاهل الأسباب الجذرية. لقد وفر الصراع المستمر في اليمن - المدفوع بالفقر والتنافسات الجيوسياسية وسنوات من التدخل الأجنبي - أرضًا خصبة لمثل هذه الأنشطة. وقد أدى الافتقار إلى استجابة عالمية منسقة إلى تفاقم الأزمة.
إن نجاح الحوثيين في استغلال انعدام الأمن البحري يشكل سابقة خطيرة. فمن خلال استغلال نقاط الضعف في التجارة العالمية، ابتكروا نموذجًا يمكن أن يلهم الجماعات المسلحة الأخرى. وحذر التقرير من أن هذا الاتجاه المزعج قد يمتد إلى ما هو أبعد من الشحن إلى صناعات أخرى مثل السفر الجوي، خاصة مع استمرار ارتفاع المخاطر الجيوسياسية.
*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا