ما مستقبل العلاقات بين العراق وسوريا؟
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
وجد العراق نفسه أمام واقع جديد في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد الذي انخرطت القوى العراقية المسيطرة على السلطة في بغداد في دعمه لقرابة 10 سنوات كاملة، في مواجهة المعارضة التي تمكنت أخيرا من الإطاحة بالأسد وتولي إدارة شؤون سوريا.
ويتشارك العراق وسوريا ما يزيد على 600 كيلومتر من الحدود، ورغم هذا، فقد بقيت العلاقات مضطربة بسبب تعارض المصالح، لكن الواقع الراهن والتحديات المشتركة تشكل دافعا للطرفين لمحاولة التنسيق مجددا.
وقد تجلى ذلك في إرسال الحكومة العراقية لرئيس جهاز المخابرات حميد الشطري إلى دمشق بعد نحو 3 أسابيع من سقوط نظام الأسد، في محاولة لاستكشاف سبل التعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك. إلا أنه، حتى الآن، لم تتبع هذه الزيارة أي لقاءات سياسية كما كان متوقعا.
وخلال زيارة الشطري لدمشق في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2024 التي التقى فيها بالرئيس السوري أحمد الشرع، تركز النقاش على موضوع أمن الحدود، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء العراقية، دون الإفصاح عن تفاصيل إضافية.
وأكدت مصادر سورية خاصة لموقع الجزيرة نت أن زيارة الشطري ركزت على شرح مخاوف العراق للجانب السوري من عودة تنظيم الدولة، وضرورة ضبط الحدود لعدم تسلل عناصر من خلايا التنظيم إلى قلب العراق، كما طلب الشطري من الشرع التعاون في عدم امتداد الاضطرابات إلى المناطق الحدودية العراقية التي تقطنها عشائر لها ارتباطات مع الجانب السوري.
إعلانووفق المصادر، فإن الشرع من جهته أوضح للشطري مخاوف دمشق من نشاط الفصائل العراقية التي تعمل خارج نطاق مؤسسة الجيش، وتنتشر على الحدود السورية العراقية، وطالب بإبعادها وتولي قوات الأمن والجيش الرسمية مسألة أمن الحدود واستعداد الجانب السوري التنسيق في هذه المسألة.
في أعقاب زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى أنقرة مطلع فبراير/شباط الجاري، كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن وجود تعاون مبدئي بين وزارات الدفاع والخارجية ووكالات الاستخبارات في تركيا والعراق وسوريا والأردن بهدف محاربة تنظيم الدولة في المنطقة، وأعلن كذلك عن العمل على تنظيم أول اجتماع بين الدول المذكورة في الأردن، دون تحديد موعد دقيق.
تتقاسم تركيا والعراق وسوريا المخاوف بشأن إمكانية هروب عناصر تنظيم الدولة المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الحسكة، وخاصة في سجن غويران، حيث تلوح قسد في كل مرة تتعرض فيها لضغوطات عسكرية تركية لإمكانية هروب السجناء، ولذا تطالب تركيا بشكل متكرر بتمكين الإدارة السورية الجديدة من السيطرة على السجون.
وبالمقابل، كشف أعضاء في مجلس النواب العراقي، ومن بينهم عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، النائب ياسر إسكندر، عن وجود مناقشات بين العراق وتركيا وسوريا حول فكرة نقل سجناء تنظيم الدولة الموجودين في مخيم الهول وسجن غويران بمحافظة الحسكة السورية إلى العراق ومحاكمتهم وفقا للقانون العراقي.
وفي حال تمكنت تركيا من تعزيز التعاون الأمني بين العراق وسوريا ستحقق مكاسب إضافية تتخطى تنظيم الدولة، وتتمثل في التضييق على انتقال عناصر حزب العمال الكردستاني من العراق إلى الأراضي السورية، حيث تعتبر هذه المسألة مهمة للغاية بالنسبة للجانب التركي والحكومة السورية الجديدة، وتطالب أنقرة بإخراج العناصر الأجنبية من سوريا باستمرار.
نوري المالكي :
سوريا تحت الإدارة التركية والاسرائيلية حاليا ويحكمها أرهابيين كانوا في العراق يرتكبون جرائم ارهابية وبعضهم بالسجون فهل من المعقول ان يحكم الارهابيين سوريا . pic.twitter.com/tQ7ITeEQfn
— نمير الكواك (@nm_iq1) February 2, 2025
تباين بشأن إعادة العلاقاترغم التهديدات والمصالح المشتركة بين العراق وسوريا، فإن مسألة عودة العلاقات بين الجانبين لا تحظى بإجماع داخل القوى السياسية العراقية المسيطرة على السلطة.
إعلانوعلم موقع الجزيرة نت من مصادر في الحكومة العراقية بأن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، لديه توجه بالفعل لتطوير العلاقات مع الجانب السوري، ورفعها إلى المستوى السياسي والدبلوماسي، ويعمل على ترتيب زيارة لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بغداد، لكن بعض القوى السياسية المنضوية ضمن الإطار التنسيقي والمقربة من إيران وعلى رأسهم رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي يعارضون تطوير العلاقات.
ويرى هؤلاء ضرورة بقاء العلاقات مع سوريا عند حدود التنسيق الأمني مراعاة لمصالح إيران، ولعدم إظهار التراجع بالموقف أمام القوى السنية العراقية التي قد ترى في التغيير الذي حصل بسوريا فرصة لها للتمرد على المنظومة السياسية في العراق.
وفي بداية فبراير/ شباط الحالي شن المالكي هجوما على القيادة السورية الجديدة، حيث اعتبر أنها غير قادرة على حكم بلد متنوع مثل سوريا، واتهمها باستنساخ تجارب فاشلة حسب وصفه.
ومن المتوقع -وفقا لمصادر عراقية- أن تتصاعد الخلافات في الأوساط السياسية العراقية بخصوص مسألة عودة العلاقات مع سوريا مع اقتراب موعد القمة العربية التي ستستضيفها بغداد في أبريل/ نيسان القادم، في ظل ارتفاع نبرة الرفض لدعوة الحكومة العراقية للقيادة السورية الجديدة لحضور القمة من قبل القوى السياسية المتحالفة مع إيران، بمن فيهم رئيس مجلس النواب العراقي، محمود المشهداني، المرتبط بشكل وثيق بالجانب الإيراني.
ترقب لسياسة ترامب
تؤكد المصادر العراقية أن الولايات المتحدة ومن قبل تولي دونالد ترامب الرئاسة بشكل رسمي، أخطرت العراق بضرورة حل فصائل الحشد الشعبي العراقي، وخاصة تلك المرتبطة بشكل كامل بإيران، ودمجها ضمن المؤسسات الرسمية أو سحب سلاحها.
وفي منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، أطلق النائب الجمهوري جو ويلسون تهديدات ضد الفصائل العراقية، وأكد أن ترامب سيتعامل معهم بطريقة خاصة، وفق قوله.
إعلانكما أكد غابرييل صوما عضو المجلس الاستشاري للرئيس الأميركي بأن الأخير بصدد وضع حد للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن مستشاري ترامب يعرفون العراق "شارعا شارعا"، كما أن ترامب يريد بالفعل ردع التنظيمات المسلحة العراقية.
وفي حال مارست إدارة ترامب بالفعل ضغوطا على العراق من أجل حل الفصائل العراقية غير الرسمية، أو سحب سلاحها، فهذا سيؤدي إلى تحرير الحكومة العراقية من ضغوط هذه الفصائل والقوى السياسية المتحالفة مع إيران التي ترفض استعادة العلاقات مع سوريا، وبالتالي قد تشهد العلاقات بين البلدين تطورا، وعدم بقائها فقط عند حدود التنسيق الأمني الذي يتم حاليا بوساطة من الجانب التركي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحکومة العراقیة السوریة الجدیدة القوى السیاسیة العراق وسوریا تنظیم الدولة العلاقات مع بین العراق
إقرأ أيضاً:
الطب التكميلي: خطوات برلمانية نحو تنظيم قطاع مهدد بالنمو الفوضوي
8 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: يشهد قطاع الطب التكميلي في العراق توسعًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حيث بدأ يشمل العديد من الممارسات التي تعتمد على العلاجات البديلة، مثل العلاج بالأعشاب، الإبر الصينية، الحجامة، العلاج بالطاقة الحيوية، وغيرها من الأساليب التي شهدت رواجًا في مختلف أنحاء العالم.
وأصبحت هذه المهن جزءًا لا يتجزأ من النظام الصحي في العديد من البلدان، وهو ما دفع العاملين في هذا القطاع في العراق إلى المطالبة بتأسيس مرجع مهني رسمي يجمع شتات هذه الممارسات وتوفير إطار قانوني ينظمها.
و استضافت لجنة العمل ومؤسسات المجتمع المدني برئاسة النائب حسين عرب وحضور عدد من اعضاءها، رئيس النقابة العامة للطب التكميلي وفاء الحميدي لمناقشة مقترح قانون نقابة الطب التكميلي.
وتم خلال الاستضافة مناقشة طلب رئيس النقابة لصياغة مقترح قانون لنقابة الطب التكميلي يكون مستقلا عن الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق،
وجرت مشاورات موسعة مع أعضاء النقابة والمتخصصين في الطب التكميلي والعمل على بحث شامل حول القوانين المماثلة في دول أخرى للاستفادة من تجاربها.
وحسب تصريحات رئيسة نقابة الطب التكميلي، وفاء الحميدي، فإن التوسع العلمي الكبير في مجالات الطب التكميلي قد أصبح يفرض ضرورة وضع معايير مهنية واضحة لهذه المهن. في الوقت الذي يتطلب فيه السوق المحلي تنظيمًا خاصًا للحفاظ على معايير مهنية عالية والحد من انتشار الدخلاء الذين يسيئون إلى هذه الممارسات.
وقالت الحميدي في تصريحاتها: “لقد أصبحت مهن الطب التكميلي تشكل جزءًا كبيرًا من حياة الناس اليومية، ويجب أن يكون هناك إطار قانوني ينظم ممارساتنا ويحدد حقوق وواجبات ممارسيها”.
وأفادت تحليلات طبية أن العديد من العراقيين أصبحوا يعتمدون على الطب التكميلي لأغراض علاجية متنوعة، خاصة في ظل زيادة القناعة بأن هذه العلاجات تقدم حلولًا طبيعية وآمنة مقارنة بالأدوية التقليدية. إلا أن هذا التوسع في الممارسات الصحية البديلة قد أدى أيضًا إلى تزايد ظاهرة “الشعوذة” والدجل، وهو ما بات يشكل تحديًا كبيرًا. ووفقًا لتقارير طبية محلية، يكثر في بعض المناطق العراقية حالات من الدجالين الذين يروجون لعلاجات وهمية تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة.
وفي هذا السياق، قال مصدر إن هناك ضرورة لإقرار قانون خاص بنقابة الطب التكميلي بعيدًا عن الاتحاد العام لنقابات العمال، الذي يضمه حاليًا، مشيرًا إلى أن الطب التكميلي يجب أن يُعامل كقطاع مستقل له خصوصيته. وذكر المصدر أن هذه الخطوة مهمة لتحديد ضوابط ممارسة هذه المهن وضمان عدم استغلال الناس من قبل أشخاص غير مؤهلين.
تداولت مصادر في قطاع الطب التكميلي أفكارًا عديدة بشأن أهمية تطوير التشريعات المتعلقة بهذه المهن. في الوقت ذاته، تحدثت مصادر عن مساعي لإعداد مسودة قانون تُعرض على البرلمان قريبًا.
وقد كانت لجنة العمل ومؤسسات المجتمع المدني قد استضافت في وقت سابق، رئيسة نقابة الطب التكميلي، لمناقشة المقترح وتبادل الرؤى حول كيفية تطوير العمل في هذا المجال.
وقالت تغريدة من أحد المتخصصين في الطب البديل على منصة إكس: “من الضروري أن يكون هناك إطار قانوني يحدد ممارسات الطب التكميلي في العراق، خاصة مع وجود تزايد في عدد المتطفلين على هذه المهنة”. ويضاف إلى ذلك التحذيرات المستمرة من الأطباء المتخصصين في الطب التقليدي، الذين يشيرون إلى أن وجود معايير واضحة للممارسين سيمنع التدخلات السلبية من قبل بعض الجهات غير المختصة.
وأفادت دراسة تحليلية صادرة عن باحث اجتماعي في بغداد أن “الطب التكميلي يمثل حلاً للكثير من المشاكل الصحية لدى العراقيين، ولكنه بحاجة إلى إشراف رسمي لتحقيق توازن بين العلاج الطبيعي والطب الحديث”. وذكر الباحث أن غياب الرقابة على هذه الممارسات يجعلها عرضة للمخاطر، خصوصًا في المناطق الريفية التي تفتقر إلى الخدمات الصحية المتقدمة.
وفقًا لمصادر طبية، يتزايد الاعتماد على الطب التكميلي في العراق وسط اهتمامات الناس بالبحث عن بدائل طبيعية للأدوية، وهو ما يساهم في نمو هذا القطاع بشكل ملحوظ.
وقال أحد المواطنين في تغريدة: “أعتقد أن الطب التكميلي يمكن أن يوفر حلولًا للكثير من المشاكل الصحية التي يعاني منها المواطنون في العراق، خاصة وأن الكثير منهم لا يثقون في الأدوية التقليدية”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts