بغداد اليوم -  بغداد

يُعد الحشد الشعبي أحد أبرز التشكيلات العسكرية في العراق، حيث لعب دورًا حاسمًا في دحر تنظيم "داعش" منذ عام 2014. ومع ذلك، فإن وضعه القانوني، وارتباط بعض فصائله بإيران، والمواقف الأمريكية المتحفظة تجاهه، تجعله محور جدل داخلي وخارجي مستمر. 

في الآونة الأخيرة، انتشرت تقارير إعلامية تتحدث عن طلب أمريكي لحل الحشد الشعبي أو تصنيفه كمنظمة إرهابية، لكن النائب عن الإطار التنسيقي، مختار محمود، نفى صحة هذه الأنباء، مؤكدًا أن العراق لم يتلقَّ أي طلب رسمي أو غير رسمي بهذا الشأن.


نفي لوجود ضغوط أمريكية

في تصريح لـ"بغداد اليوم"، أكد مختار محمود أن "الحديث عن وجود طلب أمريكي للعراق من أجل حل الحشد الشعبي، أو إدراجه على قائمة الإرهاب، غير صحيح"، مشيرًا إلى أن "العراق لم يتلقَّ أي طلب رسمي أو غير رسمي من الولايات المتحدة الأمريكية".

وأضاف محمود أن "ربما يكون حل الحشد الشعبي حلمًا وأمنيةً لبعض الدول، ومنها الولايات المتحدة، لكن هذا الحلم لن يتحقق"، مؤكدًا أن الحشد الشعبي قوة عسكرية رسمية تعمل وفق قانون الدولة العراقية، تمامًا كما هو الحال مع باقي صنوف القوات المسلحة العراقية.


تأسيس الحشد الشعبي ودوره في العراق

تأسس الحشد الشعبي في يونيو 2014، عقب اجتياح تنظيم "داعش" لمساحات واسعة من العراق، ووصوله إلى مشارف بغداد. جاءت ولادة الحشد استجابةً لفتوى "الجهاد الكفائي" التي أطلقها المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، والتي دعت المواطنين إلى التطوع لحماية العراق من الخطر الإرهابي.

تكوّن الحشد من عشرات الفصائل المسلحة، التي كان بعضها ينشط سابقًا، بينما تشكّل بعضها الآخر حديثًا. وقد أثبت الحشد فاعليته خلال معارك تحرير المدن العراقية، خاصة في الموصل والفلوجة وتكريت، مما عزز موقعه كقوة رئيسية في المشهد الأمني العراقي.

في عام 2016، أصدر البرلمان العراقي قانونًا يقنن وضع الحشد الشعبي كجزء من القوات المسلحة العراقية، ما جعله مؤسسة عسكرية رسمية تخضع لإدارة القائد العام للقوات المسلحة. رغم ذلك، فإن بعض فصائله تتمتع بعلاقات وثيقة مع إيران، مما أدى إلى توتر مستمر بينه وبين الولايات المتحدة.


العلاقة بين الحشد الشعبي والولايات المتحدة

منذ تأسيسه، شهدت العلاقة بين الحشد الشعبي والولايات المتحدة العديد من المحطات المتوترة. وبينما يعترف الجانب الأمريكي بالدور الكبير الذي لعبه الحشد في دحر تنظيم "داعش"، فإنه يعرب عن قلقه من تنامي نفوذ بعض الفصائل المدعومة من إيران، والتي تتهمها واشنطن بتنفيذ هجمات ضد مصالحها في العراق.

خلال السنوات الماضية، قامت الولايات المتحدة بعدة ضربات جوية استهدفت مواقع تابعة للحشد الشعبي، خاصة الفصائل القريبة من إيران مثل "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق"، معتبرةً أنها تشكل تهديدًا لقواتها في العراق والمنطقة. في المقابل، يرى قادة الحشد أن هذه الضربات تأتي في إطار الضغوط الأمريكية الرامية إلى إضعاف فصائل المقاومة في العراق.


الموقف الأمريكي: بين الاعتراف والقلق

الولايات المتحدة تميز بين الحشد الشعبي ككيان عسكري رسمي وبين بعض الفصائل التابعة له. في 2019، فرضت واشنطن عقوبات على عدد من قادة الحشد، بمن فيهم فالح الفياض، رئيس الهيئة، بحجة "انتهاكات حقوق الإنسان". كما صنفت بعض الفصائل، مثل "كتائب حزب الله"، كجماعات إرهابية.

من جهة أخرى، تدرك الولايات المتحدة أن الحشد الشعبي أصبح جزءًا لا يتجزأ من المؤسسة الأمنية العراقية، مما يجعل مسألة حله شبه مستحيلة. لهذا، تسعى واشنطن إلى الحد من نفوذه عبر دعم الجيش العراقي والمؤسسات الأمنية الرسمية، إضافة إلى استخدام الضغط السياسي والدبلوماسي.


الحشد الشعبي والحكومة العراقية

الحكومة العراقية تجد نفسها في موقف معقد؛ فمن جهة، تعتبر الحشد الشعبي قوة أساسية في تأمين البلاد ضد تهديدات الإرهاب، ومن جهة أخرى، تتعرض لضغوط خارجية لتقليل نفوذه، خاصة من الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أكد مرارًا أن الحشد الشعبي جزء من القوات المسلحة العراقية، وأنه يخضع للقوانين والأنظمة العسكرية. لكنه في الوقت ذاته يواجه تحدي ضبط بعض الفصائل التي تعمل خارج إطار الدولة، والتي تثير قلقًا داخليًا ودوليًا.


مستقبل الحشد الشعبي: إلى أين؟

مع استمرار الجدل حول دور الحشد الشعبي، يظل مستقبله مرتبطًا بعدة عوامل، أبرزها:

1. التطورات السياسية داخل العراق: حيث يرتبط مستقبل الحشد بموقف الحكومة العراقية والبرلمان، وما إذا كانت هناك نية لإجراء إصلاحات داخل بنيته.

2. التأثيرات الخارجية: الضغوط الأمريكية والإقليمية قد تؤدي إلى محاولات لإعادة هيكلة الحشد، أو دمج بعض فصائله في القوات المسلحة العراقية بشكل أكبر.

3. الوضع الأمني: في حال عودة تهديد الإرهاب، فمن المرجح أن يحتفظ الحشد بدوره العسكري، أما في حالة الاستقرار، فقد تواجه بعض فصائله تحديات في الحفاظ على نفوذها.


رغم النفي الرسمي لوجود أي طلب أمريكي بحل الحشد الشعبي، تبقى هذه المسألة جزءًا من الجدل السياسي والأمني في العراق. وبينما تؤكد الحكومة العراقية أن الحشد قوة رسمية لا يمكن المساس بها، تبقى الضغوط الخارجية والتوترات الإقليمية عاملاً مؤثرًا في مستقبله. ومع استمرار العراق في محاولة تحقيق توازن بين علاقاته مع الولايات المتحدة وإيران، يظل الحشد الشعبي أحد الملفات الأكثر حساسية في المشهد العراقي.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: القوات المسلحة العراقیة الولایات المتحدة الحشد الشعبی بعض الفصائل فی العراق أن الحشد

إقرأ أيضاً:

وزراء وخبراء يرسمون ملامح مستقبل التعليم والعمل من الرياض

شهدت مبادرة تنمية القدرات البشرية HCI 2025 في يومها الأول سلسلة من الجلسات رفيعة المستوى، جمعت وزراء وصناع قرار وخبراء دوليين، ناقشوا خلالها التحولات المتسارعة في سوق العمل والتعليم، تحت شعار “ما بعد الاستعداد”.
واستُهل البرنامج بكلمة لمعالي وزير التعليم ورئيس اللجنة التنفيذية للمبادرة يوسف بن عبدالله البنيان أكد فيها أن العالم يدخل مرحلة تتجاوز مفاهيم الاستعداد التقليدي، وتتطلب نماذج جديدة لبناء القدرات وتمكين الإنسان من التكيّف مع المستقبل.
وقدّم معالي وزير التعليم الكوري الدكتور جو-هو لي، في كلمة وزارية دولية، تجربة بلاده في دمج التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي في التعليم، وأثر ذلك في تحسين الكفاءة وتحقيق النمو المستدام.
وناقش وزراء من المملكة العربية السعودية والإمارات ونيجيريا والمالديف خلال جلسة وزارية رفيعة، سُبل الانتقال من مرحلة الاستعداد إلى الريادة وضرورة تبني سياسات تعليمية واقتصادية أكثر مرونة وابتكارًا لمواكبة التحولات المستقبلية، وشهدت جلسة “إعادة تعريف رأس المال البشري” مشاركة معالي وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح الذي أشار إلى أهمية الاستثمار في المهارات النوعية وربط التعليم بسوق العمل، مشددًا على أن رأس المال البشري هو المحرك الحقيقي للاقتصادات الحديثة.
وفي جلسة “السياسات الاقتصادية المرتكزة على الإنسان”، استعرض معالي وزير الاقتصاد والتخطيط الأستاذ فيصل الإبراهيم توجه المملكة نحو سياسات تُركّز على الإنسان أولًا، وتسعى لتمكينه من أدوات المنافسة العالمية.
واختتمت أعمال اليوم الأول بجلسة “إعادة تصميم خارطة التعلّم مدى الحياة”، التي جمعت ممثلين عن جامعات ومؤسسات تعليمية دولية واستعرضت أبرز النماذج العالمية لتمكين التعلّم المستمر وتطوير المهارات في مختلف المراحل العمرية.

مقالات مشابهة

  • السوداني يبحث مع وفد من الكونغرس تطوير العلاقات العراقية الأمريكية
  • معضلة “الحشد الشعبي”، معضلة تأسيس الدولة
  • الدفاعات الجوية تسقط طائرة أمريكية معادية نوع MQ_9 في محافظة حجة
  • وزراء وخبراء يرسمون ملامح مستقبل التعليم والعمل من الرياض
  • مصدر إطاري: الحشد الشعبي جزء مهم من محور المقاومة الإسلامية بزعامة خامنئي
  • النجباء: أمريكا تمارس ضغوطاً كبيرةً على الحكومة العراقية لتهميش الحشد
  • شركات الطيران تهدّدُ بالمغادرة.. جبهة الإسناد اليمنية تضاعفُ ضغوطَها الاقتصادية على العدو الصهيوني
  • البنوك الخاصة في سوريا.. عقبات ومتطلبات إعادة الهيكلة
  • قائد شرطة ذي قار :ميليشيا الحشد الشعبي من اعتدت على المعلمين في تظاهراتهم
  • وسط ضغوط ومخاوف "عسكرية".. طهران وواشنطن تجريان محادثات نووية مباشرة