الدفاع الأوروبي: حتى جسورنا ليست جاهزة للحرب
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
لو اندلعت حرب غدا على أراضي الاتحاد الأوروبي فليس من المؤكد أن الدبابات والمعدات العسكرية الثقيلة ستكون قادرة على المرور عبر الجسور من بلد لآخر، وفقا لتقرير محكمة الحاسبات الأوروبية نشر في 6 فبراير/شباط الحالي.
وأوضح التقرير، حسب ما جاء بصحيفة لوتان السويسرية، أن نقل المعدات العسكرية الثقيلة من دولة عضوة في الاتحاد الأوروبي إلى قاعدة عسكرية في دولة عضوة أخرى غير ممكن الآن لأن الجسور التي يجب أن تعبرها المعدات لا تستطيع تحَمل سوى المركبات الخفيفة، مما يجعل ناقلات الأسلحة تسلك طرقا التفافية بديلة طويلة.
وأبرزت لوتان أن الثغرات الهائلة في "حركتنا العسكرية" يتم تجاوزها، ولكن بوسائل سخيفة.
وقد بلغ الإنفاق الدفاعي لدول الاتحاد الأوروبي نحو 240 مليار في عام 2022، لكن المحكمة لاحظت أن الاتحاد لم يخصص إلا 1.69 مليار يورو على أمد سبع سنوات لتحديث بنيته التحتية "ذات الاستخدام المزدوج".
ولفتت إلى أن "تكلفة مشروع واحد كبير للبنية الأساسية غالبا ما تكون أعلى من 1.69 مليار يورو أتاحتها الدول الأعضاء الـ27 لمدة سبع سنوات".
وذكرت لوتان أن مدققي المحكمة زاروا، من أجل إعداد تقريرهم، 7 دول أعضاء هي: ألمانيا وإستونيا واليونان وليتوانيا وهولندا وبولندا والبرتغال.
إعلانلكن تحسين القدرة على الحركة العسكرية لا يتطلب فقط تعزيز الطرق، بل يحتاج كذلك إزالة العوائق الإدارية أمام حركة القوات والمعدات، غير أن تقرير المحكمة كشف أن "إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تشترط حاليا إخطارا مسبقا بـ45 يوما للسماح بالحركة عبر حدودها"، رغم أن تلك "الدولة العضوة نفسها منحت تصاريح لنقل معدات عسكرية إلى أوكرانيا في غضون يوم واحد، عندما كانت ثمة حالة طوارئ"، وقد قلصت بعض الدول مدة هذا الإشعار إلى خمسة أيام مقدمًا، وفقا للوتان.
وشددت المحكمة على أن ممثلي الدول التي زاروها تحدثوا عن ترتيبات الحوكمة الخاصة بالتنقل العسكري في الاتحاد الأوروبي، وأشاروا إلى أنها "معقدة وأنه يصعب تحديد من يفعل ماذا".
ويثير التوزيع الجغرافي للاستثمارات تساؤلات أيضا، وفقا للمحكمة، ففي الوقت الذي تستحوذ فيه 4 دول (ألمانيا 16.5% وبولندا 13% وليتوانيا 7.4% ولاتفيا 7.1%) على 44% من الأموال، فإن هناك محاور إستراتيجية مهملة، كما هي حال الطريق الجنوبي الواصل إلى أوكرانيا.
وأشار المدققون أيضًا إلى أن "الاتحاد الأوروبي لم يمول أي مشاريع في اليونان ولم يقدم سوى مساهمة متواضعة لبلغاريا".
وتوجه المحكمة انتقادات خاصة للتقييم العسكري للمشاريع، متهمة السلطات في دول الاتحاد بأنها لم تأخذ في الاعتبار الجوانب الجيوسياسية بشكل كاف.
ولفتت المحكمة، من ناحية أخرى، إلى أن ثمة حاجة إستراتيجية ملحة للاتحاد الأوروبي لأن يكون قادرا على التحرك العسكري "في ضوء الحرب العدوانية التي تشنها روسيا على أوكرانيا".
وأوضح التقرير كذلك أن القدرة على جعل الحركة العسكرية سلسلة ليست سوى جزء من مشكلة كبرى، فإلى جانب الطرق والجسور، فإن ضعف البنية التحتية الحيوية في أوروبا يمتد إلى الكابلات البحرية، وشبكة الكهرباء، والبنية التحتية الرقمية والفضائية.
إعلانوكشف أن معظم البنية التحتية الحيوية مملوكة للقطاع الخاص أو هو الذي يديرها أو يشغلها، وتتمثل الصعوبة الإضافية في أنه لأسباب تتعلق بالقدرة المالية، فإن تعزيز التدابير الأمنية ليس ممكنا دائما، مما يجعل هذه البنى التحتية "أهدافا سهلة" للأعداء المحتملين.
ويخشى خبراء حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي تأثير الدومينو، وفقا للتقرير، إذ إن أي خلل في قطاع واحد، مثل الكهرباء، يمكن أن ينتشر بسرعة إلى خدمات حيوية أخرى، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤثر انقطاع التيار الكهربائي على الخدمات العامة وإمدادات السلع الأساسية في العديد من البلدان بسبب الترابط بين الشبكات، وفقا للتقرير.
ورغم أن الاتحاد الأوروبي يمتلك، فعلا، مركزًا للأمن السيبراني في بوخارست، وأن حلف الناتو له مركز التميز للدفاع السيبراني التعاوني في تالين، ورغم التعاون بين المنظمتين، فإن الدول الغربية "تخوض سباقا ضد الزمن: إذ يعمل الأعداء المحتملون باستمرار على تطوير قدرات متقدمة جديدة لاستهداف البنية التحتية الحيوية في أوروبا" دائما، وفقا للتقرير.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الاتحاد الأوروبی إلى أن
إقرأ أيضاً:
300 مليار يورو حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي والعالم العربي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الدكتور خالد حنفي، أمين عام اتحاد الغرف العربية، خلال كلمته في مؤتمر ترويج الاستثمار بين البلدان العربية، الذي عقد في العاصمة الإيرلندية دبلن، بتنظيم من غرفة التجارة العربية-الإيرلندية واتحاد الغرف العربية، أن العالم يمر بمرحلة حاسمة في مجال التجارة والاستثمار، ما يتطلب تعزيز التعاون وفتح الأسواق المشتركة لتفادي تداعيات الحروب التجارية العالمية.
وشهد المؤتمر حضور وزير التنمية الدولية الإيرلندي Neale Richmond، ومحافظ دبلن، إلى جانب عدد من السياسيين الإيرلنديين، ورؤساء الشركات من إيرلندا والعالم العربي، إضافة إلى أمين عام غرفة التجارة العربية-الإيرلندية أحمد ركان يونس.
وأشار الدكتور خالد حنفي إلى أن “العالم العربي وأوروبا تجمعهما روابط اقتصادية عميقة منذ عقود، لكن الإمكانات المستقبلية أعظم، فمع وجود سوق يضم أكثر من 450 مليون مستهلك، تبرز المنطقة العربية ليس فقط كشريك تجاري رئيسي بل كمركز واعد للاستثمار والابتكار والتنمية المستدامة. وفي هذا السياق، تُعدّ إيرلندا، باعتبارها اقتصادًا أوروبيًا ديناميكيًا ورائدًا في التكنولوجيا والتمويل والطاقة المتجددة، في موقع قوي لتعزيز شراكتها مع الأسواق العربية”.
وأكد الدكتور حنفي أن العالم العربي يتمتع بتنوع اقتصادي واسع يمتد عبر الخليج والشام وشمال إفريقيا، مما يوفر فرصًا استثمارية هائلة للشركات الأوروبية.
كما توقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 5 تريليونات دولار بحلول عام 2030، مما يجعلها واحدة من أكثر المناطق الاقتصادية ديناميكية في العالم. ولفت إلى أن التجارة بين الاتحاد الأوروبي والعالم العربي تجاوزت 300 مليار يورو عام 2023، ما يعكس عمق الروابط الاقتصادية بين الجانبين.
وأضاف أن المنطقة العربية تمتلك 48% من احتياطات النفط العالمية و43% من احتياطات الغاز الطبيعي، وتستثمر بشكل متزايد في مشاريع الطاقة المتجددة، حيث تعهدت الإمارات والسعودية وحدهما بضخ استثمارات تتجاوز 300 مليار دولار في مشاريع الطاقة النظيفة، مما يفتح الأبواب أمام الشراكات مع الشركات الأوروبية المتخصصة في التكنولوجيا الخضراء.
كما أشار إلى أن العالم العربي يعتبر مستورد رئيسي للمنتجات الغذائية والزراعية، ومن المتوقع أن تصل وارداته الغذائية إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2030، مما يجعل التعاون مع إيرلندا، التي تصدر بالفعل أكثر من 300 مليون يورو من منتجات الألبان والأغذية إلى الشرق الأوسط سنويا، فرصة للنمو والتوسع.
وتناول الأمين العام الطفرة الكبرى في مشاريع البنية التحتية بالعالم العربي، والتي تفوق قيمتها 3 تريليونات دولار في قطاعات النقل والإسكان وتطوير المدن الذكية، مما يوفر فرص هائلة لشركات البناء الأوروبية والمستثمرين في الهندسة والتكنولوجيا الذكية.
وفيما يتعلق بالاقتصاد الرقمي، لفت إلى أن حجم الاقتصاد الرقمي في دول مجلس التعاون الخليجي مرشح للوصول إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2030، مع استثمارات كبيرة في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والأمن السيبراني، مما يعزز من فرص الشركات الأوروبية في دخول الأسواق العربية والاستثمار فيها.
وأشار الدكتور حنفي إلى أن أصول صناديق الثروة السيادية الخليجية تتجاوز 3 تريليونات دولار، مع استثمارات متزايدة في العقارات والتكنولوجيا والبنية الأساسية داخل أوروبا، مما يعكس اهتمام المستثمرين العرب بالمشاريع المستدامة والتمويل الأخضر والتحول الرقمي في القارة الأوروبية.
وشدد الأمين العام لاتحاد الغرف العربية على أهمية تعزيز اتفاقيات التجارة والشراكات الاقتصادية بين العالم العربي وأوروبا، موضحا أن هناك حاجة لمزيد من التحرير التجاري وخفض التعريفات الجمركية وتسهيل تدفقات الاستثمار بين الجانبين. كما نوه إلى أن المناطق التجارية الحرة في الإمارات والسعودية ومصر توفر بيئة استثمارية جذابة للشركات الأوروبية الراغبة في التوسع بالأسواق العربية.
وفي هذا السياق، دعا الدكتور حنفي إلى الاستفادة من التجارة الرقمية والتكنولوجيا المالية في تسهيل دخول الشركات الصغيرة والمتوسطة للأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن التعاون في مجال البنية التحتية الرقمية والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي يمكن أن يرفع من كفاءة التجارة بين العالم العربي وأوروبا.
وختم كلمته بالتأكيد على أن “اتحاد الغرف العربية على أتم الاستعداد لدعم الشركات التي تسعى إلى دخول الأسواق العربية والتوسع فيها، ونحن ملتزمون ببناء شراكات اقتصادية أقوى، وتعزيز تدفقات الاستثمار، وفتح آفاق جديدة للتعاون التجاري بين العالم العربي وأوروبا”.
وعلى هامش المؤتمر، عقد مجلس إدارة غرفة التجارة العربية-الإيرلندية اجتماع بحضور رئيس الغرفة Enda Corneille، وأمين عام اتحاد الغرف العربية الدكتور خالد حنفي، وأمين عام غرفة التجارة العربية-الإيرلندية أحمد ركان يونس، إلى جانب أعضاء مجلس الإدارة من الجانبين العربي والإيرلندي.
وتم خلال الاجتماع بحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي، وتنشيط دور الغرفة من خلال تنظيم البعثات وعقد اللقاءات بين رجال الأعمال والمستثمرين العرب والإيرلنديين. كما جرى مناقشة تداعيات الحرب التجارية العالمية، في ضوء القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الإدارة الأمريكية، والتي أثارت المخاوف بشأن تصاعد الحمائية التجارية، مع التأكيد على أهمية تعزيز الانفتاح الاقتصادي وتوسيع الأسواق المشتركة بين الدول العربية وأوروبا، وفي مقدمتها السوق الإيرلندية.