كشف الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن معنى الرؤية في موضع الإحسان، فعندما سُئِلَ النبي: ما الإحسان ؟ قال: ( أن تعبد الله كأنك تراه ). 

وتابع على جمعة، في منشور له: فانظر إلي الدقة (كأنك) أى من شأنك أن تراه، فالكاف هنا يسمونها (كاف التشبيه)، إذاً هذه ليست رؤية حقيقية، إنما هي رؤية تمثيلية، يعني: كأنك ترى, فهذا يشبه الرؤية لكنه ليس برؤية؛ لأن الله لا يُرى في الدنيا بالأبصار، إنما تقبل عليه القلوب.

 

وأضاف أن العيون ليست هي العيون التي لها مقلة وطرف ومآق, بل العيون تكون في البصيرة، فتكون أعلى مما هي عليه في البصر، فقلوب العارفين لها عيون أي بصيرة، وتوسم، ونظر بنور الله، فترى بذلك ما لا يراه البشر، الذين اعتادوا الرؤية الحسية بعيونهم هذه؛ لأن الله تعالى { لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ } فالإله لا يحيط به حد، ولا تنظر إليه مقلة.

وذكر على جمعة، أن سيدنا موسى كليم الله قال: { رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ولكن انظُر إلَى الجَبَلِ فَإنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكاً وخَرَّ مُوسَى صَعِقاً} منوها أن هذا شيء فوق طاقة البشر، وفوق طاقة الأكوان، ولا يري بالعيون المجردة هذه، ولذلك لما أخبر عن حال المؤمنين في الآخرة قال: { وجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } فذكر الوجه وليس العين.

ويقرأ بعض العارفين بالله الحديث ( اعبد الله كأنك تراه ) يعني راقب نفسك المراقبة التامة المستمرة، لدرجة أن سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يراقب نفسه بالأنفاس، فلا يدخل نفس إلا وهو يتأمل، ويتدبر، ويستحضر عظمة الله، ولا يؤمل أن يخرج، أي أنه ينتظر الموت دائماً، وبصفة مستمرة، ولا يخرج نفس ويأمل أن يدخل، فهل مثل هذا الإنسان تصدر منه المعصية ؟ هل مثل هذا الاستحضار يصدر معه التقصير؟ هل مثل هذه الحالة يصدر منها الظلم؟ دائما سيكون مع الله، مع هذه الفكرة الدائمة، يقول: ( اعبد الله كأنك تراه ) ويعني بها مقام المراقبة.

ثم تأتي مرحلة أخرى: ( فإن لم تكن تراه فهو يراك ) هذه مرتبة أقل من المرتبة الأولى، فإنك لا تستطيع أن تكون دائم الذكر له على هذه المرتبة العالية، التي وصل إليها عمر رضي الله عنه وأولياء الله الصالحون رضي الله تعالى عن الجميع ، فاعلم أنه سبحانه يراك، ويعلم سرك ونجواك، فاتق وخف.

وأوضح أن معنى: ( اعبد الله كأنك تراه ) أنك لا تنسى أبداً، وليستمر ذلك معك طوال يومك حتى تصل إلى درجة الفناء، فإذا فنيت عن نفسك، وعرفت أن وجودك يحتاج إليه - سبحانه وتعالى - وهو لا يحتاج إليك، ووجدت أن الوجود الحقيقي إنما هو وجوده - سبحانه وتعالى - ووجودنا إنما هو وجود عارض، وحادث، وفانٍ، وله نهاية، فإنك تصل إلي مرحلة الرؤية، فالفضل من قبل ومن بعد لله وحده.
 

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

أهمية المواظبة على قراءة سورة الكهف كل جمعة

سورة الكهف.. حثت السنة النبوية المطهرة على أهمية المواظبة على قراءة  سورة الكهف كل يوم جمعة، إذ أنها تعصم العبد المسلم من المسيح الدجال وفتنته، وهو الأمر الذي نبهنا عنه أكثر من نبي عليهم جميعًا السلام.

سورة الكهف 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنها: "مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ".

سورة الكهف

وقال صلى الله عليه وسلّم-: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء».

كما ورد أنه قال رسول الله - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ قَرَأَ الْعَشْر الْأَوَاخِر مِنْ سُورَة الْكَهْف عُصِمَ مِنْ فِتْنَة الدَّجَّال».

وورد عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: مَن قَرَأَ سورةَ الكَهفِ يومَ الجُمُعةِ أضاءَ له من النورِ ما بَينَ الجُمُعتينِ.

كيف تعصم سورة الكهف المسلم من الدجال وفتنته

وحدثتنا الأحاديث في السنة النبوية عن فضل قراءة سورة الكهف، مؤكدة أنها تعصم المسلم من المسيح الدجال، وقيل إنّ العصمة تتحقّق بقراءة أوائل آيات سورة الكهف دون تحديدٍ، وقيل إنّها بأول ثلاث آياتٍ، وقيل تتحقّق بآخر عشرة آيات، وقيل بأول عشرة.

فضل قراءة سورة الكهف 
ورد عن أبي سعيد الخدري، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ في يَوْمَ جُمُعَةٍ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ.
وجاء عن البَرَاءِ بنِ عازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ، وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُه يَنْفِرُ مِنْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أتَى النَّبيَّ- صلى اللَّه عليه وسلم- فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلقُرْآنِ».

وعن البراء بن عازب قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين فتغشته سحابة فجعلت تدنو وتدنو وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: تلك السكينة تنزلت بالقرآن.

وروى الحاكم في المستدرك مرفوعا إن من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين.

وفي حديث نبوي آخر، عن سورة الكهف يوم الجمعة، «من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة فهو معصوم ثمانية أيام من كل فتنة تكون فإن خرج الدجال عصم منه».

مقالات مشابهة

  • التقوى.. سر مفتاح الخير ومغاليق الشر
  • علي جمعة: التقوى مفتاح كل خير ومغلاق كل شر
  • علي جمعة: الصدق الذي نستهين به هو أمر عظيم
  • كيف نثبت على الحق في زمن الاختلاط وندعو للسلام؟
  • في بطن الحوت: كيف قلب يونس عليه السلام المحنة إلى منحة؟
  • الإفتاء توضح معنى "المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة" في سورة المائدة
  • أبيات شعر جميلة عن يوم الجمعة
  • علي جمعة: يجب على كل عبد محاسبة نفسه والتحلي بالصبر في مواجهة الابتلاءات
  • أهمية المواظبة على قراءة سورة الكهف كل جمعة
  • خواطر يوم الجمعة للزوج