اهتم الإعلام الدولي عموماً والغربي على وجه الخصوص كثيراً بالانتصارات الكبيرة والمتلاحقة التي حققتها القوات المسلحة السودانية والقوات العسكرية المساندة لها خلال الأيام القليلة الماضية بشكل خاص.

ففي تقرير نشره موقع هيئة الإذاعة البريطانية مساء (الجمعة) جاء أن الجيش السوداني “يحقق مكاسب ضخمة في سعيه لاستعادة العاصمة التي مزقتها الحرب مسجلاً بذلك أكبر انتصار له منذ عام”.

وأشار التقرير إلى تصريحات الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة “قريبًا جدًا لن يكون هناك متمردون في الخرطوم” . كما أشار التقرير إلى “فرحة العديد من سكان المناطق التي استعادها الجيش مؤخرًا ، حيث اتُهمت قوات الدعم السريع على نطاق واسع بقتل واغتصاب المدنيين في الخرطوم، فضلاً عن نهب منازل العديد من السكان الذين فروا من المدينة”.

أما فيما يخص موقف مليشيا آل دقلوا فقد أبان التقرير أن قوات الدعم السريع رفضت التقارير عن تقدم الجيش ووصفتها بأنها “أكاذيب وشائعات”. كما نفت ذلك بنفس الطريقة قبل كل انسحاب في الأسابيع الأخيرة. كما أشار التقرير إلى “مخاوف المتعاونين مع الدعم السريع الذين قاد بعضهم مقاتلي المليشيا إلى منازل الناس. وانضم بعضهم إلى قوات المليشيا وسرقوا الممتلكات، وأرعبوا الناس – حتى احتجزوا النساء ضد إرادتهن [كرقيق جنس]. لقد فعلوا أشياء مروعة”.

ألمانيا

وبدأت منصات الإعلام الغربي في التركيز مع أخبار الانتصارات منذ يوم الثلاثاء الماضي مع تضييق الجيش الخناق على الخرطوم إذ جاء في عنوان خبر نشره موقع إذاعة صوت ألمانيا (دوتش فيللي) السؤال التالي : السودان: هل تتجه الحرب الدامية نحو نهايتها؟ وأورد الخبر أن أحدث الإنجازات التي حققتها القوات المسلحة السودانية ضد مليشيا الدعم السريع في الخرطوم ومدينة أم درمان “تشير إلى تغيير في الجمود المرير والدموي الذي هيمن على الأشهر الماضية من الحرب. وبعودة النقاط الاستراتيجية الرئيسية إلى القوات المسلحة السودانية”، مضيفاً أن المراقبين يرون أن دارفور ستصبح ساحة المعركة الرئيسية الأخيرة. وأشار الخبر إلى فك حصار القيادة العامة في الخرطوم وعودة البرهان لها لأول مرة منذ ما يقرب من عامين.

ونقلت “صوت ألمانيا” عن إحدى الباحثات في المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية، أن سقوط ود مدني في أيدي قوات الدعم السريع في ديسمبر 2023، تسبب في صدمة البلاد بأكملها خاصة وقد تبع ذلك حرق قوات الدعم السريع للمحاصيل، ودمرت الحقول، ودمرت المعدات الزراعية. كما استخدموا الجوع كسلاح ضد شعب السودان من أجل فرض السيطرة، مضيفة أن تلك كانت اللحظة التي تفاقم فيها انعدام الأمن الغذائي بمقدار مائة ضعف، فقد تم تدمير الأهمية الاستراتيجية لود مدني باعتبارها سلة غذاء السودان من خلال تكتيكات الأرض المحروقة لقوات الدعم السريع المتمردة، ونقلت عن الصحفي عثمان ميرغني قوله أن العد التنازلي لنهاية الحرب قد بدأ وانتقل ميدان الحرب إلى الفاشر، عاصمة شمال دارفور التي ظلت تخضع لحصار مليشيا آل دقلو منذ مايو 2024.

الولايات المتحدة

وتطرق موقع “صوت أمريكا” إلى هجوم المليشيا الثلاثاء الماضي على مستشفى “النو” بأم درمان تحت العنوان “خمسة قتلى في قصف مستشفى بالسودان” نقلاً عن تصريحات مصدر طبي لوكالة فرانس برس، وبحسب المصدر فإن مليشيا الدعم السريع التي تخوض حرباً ضد الجيش منذ أبريل 2023، أطلقت قذائف “سقطت في الحديقة المجاورة لمبنى المستشفى” ، كما أوردت خبر الهجوم الذي شنه متمردون ينتمون إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال بقيادة عبد العزيز الحلو وإطلاقهم قذائف على كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان التي تسيطر عليها القوات السودانية. وأشارت إلى أن القصف أدى إلى مقتل 40 شخصا وإصابة 70 آخرين. ونقلت عن والي جنوب كردفان محمد إبراهيم قوله إن هجوم الحلو استهدف سوقا في كادوقلي، وذلك بهدف زعزعة استقرار المنطقة، وأضاف بأن هذه الحركة المتمردة المتمركزة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق تقاتل الجيش الوطني والقوات شبه العسكرية التابعة لجمهورية السودان منذ بداية الحرب.

ومن جهتها أبانت (وكالة فيدس) الأمريكية (الخميس) إلى أن جنود القوات المسلحة السودانية يواصلون تقدمهم لاستعادة السيطرة على الخرطوم، وتتساءل ما إذا كان ذلك بمثابة نقطة تحول في الصراع السوداني؟ ، فهذه الانتصارات الأخيرة بوسط الخرطوم جعلت الجيش يقترب كثيراً من معقل ومركز قيادة مليشيا محمد حمدان “حميدتي” دقلو.

كندا

كما نقلت صحيفة ” لابرس ” الكندية (الحميس) نقلاً عن منظمة أطباء بلا حدود في بيان إن فرقها تعالج تدفقاً هائلاً من جرحى الحرب في الخرطوم وولايتي شمال دارفور وجنوب دارفور، وقد حدثت مشاهد مماثلة في مستشفى النو في أم درمان، الذي تعرض للقصف عدة مرات هذا الأسبوع من قبل مليشيا الدعم السريع ، وكذلك في المستشفى الميداني في مخيم زمزم للنازحين بشمال دارفور. وألقت قوات المليشيا القبض، على مدير مستشفى البشائر – آخر مستشفى يعمل جزئيا في المنطقة – ومدير المطبخ الأهلي ومتطوع محلي، بحسب غرفة الطوارئ في حي الحزام الجنوبي بالخرطوم. وأشارت الصحيفة إلى دراسة أجرتها كلية لندن للصحة والطب الاستوائي أظهرت نتائجها أن 26 ألف شخص قتلوا في العاصمة وحدها بين أبريل 2023 ويونيو 2024.

فرنسا

من جانبها نقلت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية (الجمعة) قلق الأمم المتحدة إزاء ارتفاع عدد القتلى بسرعة حيث أشارت أن الجيش السوداني شن هجوماً على عدة محاور في الأسابيع الأخيرة لاستعادة السيطرة الكاملة على العاصمة الخرطوم. وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إنها وثقت ما لا يقل عن 275 حالة وفاة بين المدنيين في الفترة من 31 يناير إلى 5 فبراير ، في أعقاب قصف مدفعي وهجمات بطائرات بدون طيار في الخرطوم، وكذلك في شمال دارفور وجنوب دارفور وشمال كردفان وجنوب كردفان. وأكدت أن هذه الأرقام أعلى بأكثر من ثلاثة أضعاف من “العدد المرتفع بالفعل” البالغ 89 حالة وفاة والذي تم تسجيله في الأسبوع السابق. وشددت المنظمة على أن أعداد القتلى الحقيقية ربما تكون أعلى بكثير من الأرقام التي تمكنت من التحقق منها.

ونشر موقع القناة الخامسة – العالمية “تي في 5/العالم”، (الخميس) نقلا عن تصريحات مصدر عسكري إن الجيش السوداني تقدم باتجاه وسط الخرطوم على عدة محاور ويقترب من القصر الرئاسي. مضيفاً أن تقدم الجيش نحو العاصمة يشكل أكبر انتصار له منذ عام، أي منذ استعادته مدينة أم درمان.

أفريقيا

على الصعيد الأفريقي، نشر موقع “أوول آفريكا” أمس (الجمعة) ما اعتبره “مكابرة قيادات الدعم السريع” وإنكارها لانتصارات الجيش، ونقل الموقع عن القيادي المك أبو شوتال، ما نشره على مواقع التواصل الاجتماعي نافياً فرار عدد كبير من قوات الدعم السريع من الخرطوم، وأفاد باستمرار القتال.

وأورد الموقع أن لجان مقاومة الكلاكلة القبة اتهمت قوات الدعم السريع بقتل أربعة رجال في الحي يوم الأربعاء الماضي. وقالوا في بيان على صفحتهم على الفيسبوك إنه عندما قصف الجيش كبري جبل أولياء، فر عدد كبير من أفراد المليشيا الغاضبين من جبل أولياء إلى الكلاكلة المجاورة فهاجموا المواطنين وقتلوا ثلاثة أشقاء وابن عمهم ونهبوا المنازل.

رغم كل هذ المستجدات على أرض الواقع من تراجع وانحسار المليشيا التي شارفت على الزوال ، ورغم التصريحات الكثيرة وتأكيدات المواطنين ومن عدة منظمات أممية ودولية بارتكاب المليشيا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إلا أن هذه المنظمات والمؤسسات الإعلاميية غير قادرين على امتلاك الجرأة اللازمة للمطالبة بتصنيف قوات الدعم السريع بأنها مجموعة إرهابية، في حين أن صفة الإرهاب يطلقها المجتمع الدولي على جماعات ارتكبت جرائم أقل من ذلك بكثير من حيث حجم الضرر ومن حيث مرات التكرار.

المحقق – عثمان صديق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القوات المسلحة السودانیة ملیشیا الدعم السریع قوات الدعم السریع شمال دارفور فی الخرطوم

إقرأ أيضاً:

هل تنجح الفاشر في التصدي لتكتيكات الدعم السريع؟

الفاشرـ يستعد أحمد سليمان وعائلته، المكوّنة من 6 أفراد، لاحتمال هجوم جديد من قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر غربي السودان، في ظل معاناة السكان من نقص حاد في الغذاء وفقدان المأوى الآمن، وسط تصاعد الهجمات على المدينة المكتظة بالمدنيين.

فقبل نحو شهرين، اضطر 8 من أقارب سليمان إلى الفرار إلى قرية قرب مدينة دار السلام المجاورة، لكن القرية نفسها تعرّضت لاحقًا لهجوم من قوات الدعم السريع وتحولت إلى أنقاض.

وقال سليمان (34 عامًا) في حديث للجزيرة نت "لا يمكننا الذهاب إلى أي مكان، ولن نغادر الفاشر، سنبقى صامدين في هذه المدينة، مضيفا "عشنا نحو 200 هجوم من المليشيا، فقدنا خلالها العديد من الأحبة الأبرياء، لم يتبق لنا شيء في هذه الدنيا".

وتابع "كل ليلة ننام على أصوات القصف والانفجارات، لقد اعتدنا هذا الرعب، وأطفالنا يعيشون في قلق دائم، نريد لهم أن يشعروا بالأمان، لكننا لا نملك القدرة على تحقيق ذلك، ورغم التحديات، سنبقى هنا".

تهديدات متزايدة

في الأيام الأخيرة، أطلقت قيادة قوات الدعم السريع تهديدات جديدة بشن هجمات على مدينة الفاشر المحاصرة، وجاء ذلك بالتزامن مع دعوات من بعض الفصائل المسلحة المنضوية تحت تحالف "تأسيس" تحثّ المدنيين على مغادرة المدينة والتوجه نحو مناطق تعدّها أكثر أمانا.

إعلان

وفي 5 أبريل/نيسان الجاري، دعت كل من حركة تحرير السودان -المجلس الانتقالي، وتجمع قوى تحرير السودان بقيادة الهادي إدريس والطاهر حجر، المواطنين إلى الخروج من الفاشر نحو المناطق الخاضعة لسيطرتهم، مؤكدين استعدادهم لتأمين ممرات آمنة تسهّل مغادرة المدنيين من المدينة ومخيمي زمزم وأبو شوك.

لكن المتحدث باسم "القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح"، العقيد أحمد حسين مصطفى، اعتبر تلك الدعوات محاولة للتغطية على الهزائم المتتالية التي منيت بها قوات الدعم السريع في الخرطوم والمناطق المجاورة.

وقال للجزيرة نت إن "القوة المشتركة حققت انتصارات مهمة، وتمكّنت من هزيمة قوات الدعم السريع في نحو 200 مواجهة، مما أضعف قدرتهم على التقدم نحو الفاشر"، مؤكدا مقتل عدد من قادة المليشيا خلال هذه المعارك.

وأشار إلى استمرار قوات الدعم السريع في ارتكاب "جرائم بشعة"، شملت قصف المدنيين، وحرق القرى، وتهجير السكان قسرا، مؤكدا أن "إرادة القوة المشتركة، مدعومة بالمقاومة الشعبية، ستبقى صامدة حتى القضاء على المليشيات واستعادة حقوق الشعب".

مشهد متناقض

وفي مشهد متناقض، أظهرت صور ومقاطع فيديو تداولها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عناصر من حركتي الهادي إدريس والطاهر حجر وهم يستقبلون مدنيين نازحين من الفاشر في مناطق نائية، ضمن عمليات إجلاء من المدينة ومخيمات زمزم وأبو شوك، التي تواجه تهديدات بالقصف.

لكن الناشط السياسي محمد الحاج اعتبر، في تصريح للجزيرة نت، أن هذه المشاهد "ليست سوى دعاية إعلامية"، مشددًا على أن "الوضع الإنساني في الفاشر مقلق للغاية بفعل الحصار المفروض من قوات الدعم السريع، مما أدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء".

وأضاف "دورنا كناشطين هو تسليط الضوء على معاناة المدنيين والمطالبة بدعم إنساني عاجل لهم".

وفي السياق ذاته، كشف مصدر من منطقة كورما غربي الفاشر -فضل عدم الكشف عن هويته- أن قافلة تابعة لقوات محايدة من تحالف "تأسيس" كانت في طريقها لاستقبال مدنيين وتوفير المياه لهم تعرّضت لكمين مسلح في قرية كويم غرب الفاشر من قبل مجموعة موالية لقوات الدعم السريع.

إعلان

وأوضح المصدر أن الكمين أسفر عن مقتل جنديين وإصابة آخرين، مشيرا إلى أن التوتر يتصاعد بين الأطراف، في حين يبدي المدنيون قلقًا متزايدًا حيال نوايا الجهات التي تدعو إلى إجلائهم.

تحركات عسكرية

وتفيد التقارير الميدانية بأن قوات الدعم السريع عززت وجودها في ولايتي جنوب ووسط دارفور، مع رصد عمليات تجنيد جديدة وتحركات عسكرية في محيط مدينتي نيالا وزالنجي. كذلك تنشط مجموعات مسلحة محدودة داخل الأحياء الشرقية والجنوبية من مدينة الفاشر، في حين يتواصل القصف المدفعي على المدينة من الخارج.

وفي المقابل، أعلنت قيادة الفرقة السادسة مشاة تنفيذ عمليات نوعية خلال اليومين الماضيين داخل مدينة الفاشر، أسفرت عن إسقاط 7 طائرات مسيّرة، وتدمير عدد من المركبات القتالية، ومقتل عناصر من الدعم السريع، بحسب بيان صحفي صدر عن القيادة.

 

كارثة إنسانية في الأفق

وقال المتحدث الرسمي باسم حكومة ولاية شمال دارفور، خالد يوسف أبو ورقة، في تصريح للجزيرة نت، إن قوات الدعم السريع تستخدم "سلاح التجويع" لتركيع سكان مدينة الفاشر، مشيرا إلى أن الوضع الإنساني المتدهور يزداد سوءا منذ أكثر من عام.

وأضاف "الحصار المفروض على المدينة يتعارض مع الأعراف والمواثيق الدولية ويشكّل جريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان، وذلك ما يستدعي تدخلا عاجلا من المجتمع الدولي للضغط على هذه المليشيات لفك الحصار".

وأكد أبو ورقة أن حكومة الولاية تبذل جهودا لتخفيف المعاناة من خلال دعم مباشر للأسر وتقديم المساعدات عبر التكايا، لكنه شدد على أن هذه الجهود لا تكفي لمواجهة حجم التحديات، مطالبا بتكثيف الدعم المحلي والدولي لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان المحاصرين.

مقالات مشابهة

  • شاهد عيان يروي لـ “تاق برس” حقيقة الأوضاع في الخرطوم بعد خروج الدعم السريع  “فيديو”
  • مليشيا الدعم السريع تهاجم معسكر زمزم للنازحين للمرة الثالثة وتصفية 9 أطباء
  • مناوي: مليشيا الدعم السريع المتمردة تهاجم معسكر زمزم للنازحين
  • موجات هجوم عنيفة من الدعم السريع على معسكر زمزم ومدفعية الجيش السوداني ترد
  • 25 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على مخيم للنازحين في الفاشر  
  • محافظة ابو كرشولا تعلن الاستتفار لمواجهة تحالف مليشيا الدعم السريع وحركة الحلو
  • الجيش السوداني يستعيد السيطرة على الهلبة بعد ساعات من اقتحامها بواسطة الدعم السريع
  • هل تنجح الفاشر في التصدي لتكتيكات الدعم السريع؟
  • مليشيا الدعم السريع تعلن سيطرتها على أم كدادة وتواصل هجماتها في دارفور
  • المسؤولية السياسِية والأخلاقية والجنائية للحركة الشعبية شمال بعد تحالفها مع مليشيا الدعم السريع