خالد ميري يكتب: ما بين الحلم والحقيقة
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
يبدو حديث التهجير حلما غير واقعي وشطحات خيال تتكسر على أرض الواقع، بينما الحقيقة أننا أمام شعب مكافح يرفض أن يترك أرضه، ولن يستطيع أحد أن يجبره على مغادرتها، ودولة مصرية رأيها واضح وقاطع، مساندة للحق الفلسطيني في مواجهة إفك التهجير.
تقود مصر حملة دبلوماسية عربية وعالمية لمساندة الحق الفلسطيني، ورفض أي محاولات للتهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه في غزة أو الضفة الغربية، والتأكيد على أن حل القضية الفلسطينية لا يكون إلا بمنح الحق التاريخي الثابت لأصحابه بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وزير الخارجية النشط بدر عبد العاطي، بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي، تحدث مع كل وزراء الخارجية العرب لتوحيد الموقف العربي في مواجهة الصلف والغرور الإسرائيلي، وربما تشهد القاهرة قريباً قمة عربية طارئة لإعلان موقف موحد ضد التهجير ومساندة الحق الفلسطيني في أرضه ودولته المستقلة.
قادة إسرائيل، بعد حديث «ترامب» عن ترحيل الفلسطينيين من غزة وإعادة بنائها لتحويلها إلى ريفييرا الشرق الأوسط، وجدوا ضالتهم، وخرج الوزراء يتحدثون عن خطط التهجير للفلسطينيين أرضاً وبحراً وجواً، ورغم حديث بعضهم أن كلام «ترامب» أحلام لا يمكن تحويلها لواقع، لكن المتطرفين الإسرائيليين أخرجوا من أدراجهم خطط التهجير الجاهزة منذ عشرات السنوات، فربما يحولونها هذه المرة إلى حقيقة.
و«نتنياهو» لم يتوقف عند الرفض المصري الأردني الواضح القاطع لخطط التهجير، فراح يرمي الكرة على دول أخرى متحدثاً عن إمكانية أن تستضيف السعودية الشقيقة الفلسطينيين، وكان الرد السعودي قاطعاً أيضاً برفض التهجير، وأنه لا علاقات سعودية مع إسرائيل قبل إقامة الدولة الفلسطينية.
الحقيقة أن الموقف المصري، الذى يقوده الزعيم الرئيس عبدالفتاح السيسي، سيسجله التاريخ بحروف من نور، مصر لم ولن تشارك أبداً في ظلم الأشقاء بفلسطين، مصر التي تمارس سياستها بشرف في زمن عز فيه الشرف، تقول في الغرف المغلقة ما تقوله في العلن، وكلامها مسموع.
نحن مع الحق الفلسطيني، وأن الحل الوحيد للقضية هو إقامة الدولة الفلسطينية، ونحن لم ولن نقبل التهجير لا إلى سيناء الغالية ولا إلى أي بلد آخر، المحتل البغيض يجب أن يتوقف عن جرائمه، والمجتمع الدولي يجب أن يتحمل مسئوليته ليتوقف حديث إفك التهجير ويبدأ إعمار غزة وصولاً لإقامة الدولة الفلسطينية.
حديث ريفييرا غزة ليس جديداً، فقد سبق وتحدث عنه «نتنياهو» قبل سنوات، كما تحدث عنه «ترامب» في ولايته الأولى، لكن الواقع يفرض عدم معقوليته، هو تحليق للخيال بعيداً عن الإرث الشعبي والثقافي والديني والتاريخي للمنطقة، وبعيداً عن واقع وجود محتل غاصب يرتكب جرائم إبادة، وشعب مقاوم يرفض التفريط في الأرض والعرض مهما كانت المغريات والخسائر، نفس الحديث حاولته إسرائيل عام 1956 وفشلت في تحويله لواقع بسبب الصمود الفلسطيني والموقف المصري والعربي القاطع والواضح.
ما يحدث في غزة لا ينفصل عن حديث الإفك الذى ردده مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة عن تسليح الجيش المصري، والرد الباتر من مندوبنا بالأمم المتحدة بأن مصر القوية الكبيرة تحتاج جيشاً قوياً للحفاظ على أمنها القومي، وعقيدة الجيش المصري دفاعية، لكنه قادر على رد ودحر أي عدوان، القوة طريق السلام، والغريب أن يأتي الحديث من إسرائيل الدولة الوحيدة بالشرق الأوسط التي تمتلك أسلحة نووية خارج المراقبة والمحاسبة الدولية.
الأيام المقبلة محمّلة بالكثير من الأحداث، وتطوراتها سريعة، وصمام الأمن لمصر ولأمتها العربية هو وحدة الموقف العربي بلا مواربة ولا أنصاف حلول، وفي الداخل المصري تظل وحدتنا وتماسكنا صفاً واحداً خلف قيادتنا أقوى رد وأقوى سلاح نواجه به كل خطط الشر وأحاديث الفتنة.
حزمة اجتماعية:
حديث رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، عن حزمة حماية اجتماعية جديدة سيتم الإعلان عنها قبل رمضان القادم.. أثار ارتياحاً واسعاً في الشارع المصري، الحكومة معنا، وتعلم مثلنا أن الأسعار تكوى جيوب الناس، وأن الناس بحاجة قبل شهر رمضان الكريم لدفعة مادية ومعنوية لمساعدتهم على تجاوز أزمات الغلاء والأسعار، مصر تسير بخطوات ثابتة على طريق الإصلاح، وتجاوزت أصعب الأيام، ووصلنا لمرحلة استقرار الدولار والأسعار، لكنها مرتفعة مقارنة بمدخول الملايين، وهم يحتاجون فعلاً للحماية الاجتماعية ومساعدتهم على مواجهة آثار الأزمة الاقتصادية.
الحكومة تنتمى لهذا الشعب وتشعر بما يشعر به، وخلال أيام ننتظر الإعلان عن الحزمة الجديدة.. أخبار سارة في شهر شعبان المبارك وعلى أبواب شهر رمضان الكريم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: رفض التهجير القضية الفلسطينية شهر شعبان شهر رمضان الكريم
إقرأ أيضاً:
علي الفاتح يكتب: الطريق ممهد نحو شرق أوسط عربي!
سريعا انتقلت الدولة المصرية من مربع الرفض إلى مستوى التصدي لمخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.
لم تتوقف مصر طويلا عند بيانات الرفض الصارمة لمخطط التهجير والاستيطان، لقد سارعت إلى الإعداد لمؤتمر دولي لإعادة الإعمار، وبحسب تقارير صحفية، تعكف مؤسسات الدولة المعنية على إعداد خطط وتصورات لإعمار القطاع وإزالة ملايين الأطنان من الركام، دون إخلاء السكان.
وأمام إعلان حكومة مجرم الحرب نتنياهو إعداد خطط لتهجير الفلسطينيين طوعيا بواسطة جيش الاحتلال تحركت وزارة الخارجية المصرية، ببيان شديد اللهجة حذر من أن مثل هذه الخطط ستؤدي إلى إضعاف مفاوضات الهدنة المؤقتة التي تجري حاليا بهدف الوصول إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
واعتبر البيان تحرك بعض أعضاء الحكومة الصهيونية في هذا الصدد، تحريضا على عودة القتال في غزة، بل وتقويضاً لأسس السلام والاستقرار في المنطقة.
بيان الخارجية المصرية ترجمه المراقبون والمحللون السياسيون والعسكريون، الصهاينة قبل غيرهم، على أنه يحمل تحذيرا من خطوات مصرية على الأرض، قد تُتخذ حال المضي قدماً في تنفيذ تلك الخطة.
وتزامناً مع بيان الخارجية المصرية خرجت تقارير صحفية دولية تؤكد أن مصر قد تحركت خلف الكواليس لدى دوائر صناعة القرار الأمريكية والأوروبية وأبلغتهم بوضوح أن أي تحرك عملي نحو تنفيذ مخطط التهجير يهدد السلام وقد ينتج عنه تحركات أمنية حاسمة.
التحركات المصرية شملت أيضاً مشاورات واسعة النطاق أجراها وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي مع أكثر من 11 وزير خارجية عربي بهدف التنسيق لعقد قمة عربية طارئة نهاية فبراير الجاري.
بحسب تقارير جدول أعمال القمة سيقتصر على مناقشة آليات منع مخطط التهجير، ووضع تصور شامل لإعادة إعمار غزة، وإنشاء صندوق خاص لهذا الغرض.
رغم التعقيدات، التي خلقتها قنبلة التهجير، إن جاز التعبير، فإن الفرصة سانحة لبلورة مشروع عربي يعيد رسم خريطة المنطقة لنرى، ولو على المدى المتوسط، شرق أوسط عربي لا صهيوني كما يريد جنرالات الدولة اليهودية.
هناك إجماع دولي غير مسبوق على رفض التهجير والتمسك بحل الدولتين، وظني أن الفرصة كبيرة لاستثماره في مثل هذه اللحظات الساخنة، فلكل طرف دولي من أستراليا إلى كندا ومن روسيا والصين إلى الاتحاد الأوروبي مصالح حيوية تكمن في استقرار الشرق الأوسط.
أوروبا ستكون أول الداعمين لأي تحرك عربي جماعي، فقد سبق أن رفضت مطالب مجرم الحرب نتنياهو في أكتوبر 2023، بعد أيام من أحداث «طوفان الأقصى» بالضغط على مصر لاستقبال آلاف الغزيين بحجة الحرص على أرواح المدنيين، لتقدير لديها يقضى بأن تهجير الفلسطينيين لمصر من شأنه توسعة رقعة الفوضى الأمنية.
ما قد يسمح للفلسطينيين وغيرهم بالعبور إلى شواطئها عبر البحر المتوسط. لذلك مطلوب من زعماء العالم العربي حشد الكتلة الأوروبية وباقي الأطراف الدولية.
أولاً: لمواصلة الضغط على الكيان الصهيوني لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ومن بينها الخيام والمنازل المتنقلة إلى جانب المساعدات الطبية، التي يرفض الاحتلال حتى الآن إدخالها بشكل كاف.
ثانياً: إشراكها في خطة إعمار عربية لأنها بذلك تدافع عن أمنها القومي قبل أي شيء، وإقناعها بضرورة ممارسة أقصى أشكال الضغط على الكيان الصهيوني لوقف مخططاته الاستيطانية في الضفة الغربية، ووقف عدوانه الغاشم عليها، لأنه بذلك يدفع إلى تفجير الموقف، ما سيسفر عن تداعيات أمنية خطيرة قد تُفضى إلى فوضى عارمة من شأنها الإضرار بالمصالح الأوروبية في الشرق الأوسط، وتهديد شواطئها أيضاً.
ثالثاً: حشد الطرف الأوروبي والروسي لإقناع الإدارة الأمريكية بأن استقرار المنطقة والسلم الدولي لا يتحقق إلا عبر حل الدولتين، وأن استمرار الاستجابة لأطماع اليمين الصهيوني ستعرقل كل الصفقات الاقتصادية الرابحة، وقد تورط الولايات المتحدة في حرب إقليمية شاملة ستشغل إدارة الرئيس ترامب عن خططها الإصلاحية في الداخل الأمريكي، وتقوّض نفوذ بلاده في المنطقة.
رابعاً: لا بد أن تلوح دول اتفاقات إبراهام بورقة التعليق أو الانسحاب منها لتدرك الإدارة الأمريكية أن هناك تصميماً عربياً على حل الدولتين وتفعيل مبادرة السلام مقابل الأرض، التي أقرتها قمة بيروت عام 2002.