«الأشجار تتحاشى ملامسة بعضها».. ما هي ظاهرة «خجل التاج» الغريبة؟
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
قد تكون الأشجار طويلة وقوية، لكنها لا تزال خجولة بعض الشيء، فلا تقترب شجرة من أخرى ولا تلامسها، في ظاهرة تعرف باسم «خجل التاج»، أو انسحاب أوراق الشجرة من أوراق الأشجار الأخرى، وينتج عن ذلك شبكات جميلة من مظلات الأشجار التي تكاد تلامس بعضها البعض، لكن لماذا تفعل الأشجار ذلك؟.
ما هي ظاهرة خجل التاج؟تسلل عالم الأحياء فرانسيس جاك بوتز، إلى مجموعة من أشجار المانجروف السوداء بحثا عن الراحة من حرارة الظهيرة، وعقب تناول وجبة الظهيرة وساعات العمل الميداني في متنزه جواناكاستي الوطني بكوستاريكا، قرر الاستلقاء لقيلولة قصيرة، وبينما كان ينظر إلى السماء، حرّكت الرياح قمم أشجار المانجروف فوق رأسه، ما تسبب في احتكاك أغصان الأشجار المجاورة ببعضها البعض وكسر بعض أوراقها وأغصانها الخارجية، لكنه لاحظ أن هذا التقليم المتبادل قد ترك آثارا من الفراغات التي تمر عبر مظلة الأشجار.
جرى توثيق هذه الشبكة من الشقوق في قمم الأشجار، والتي تسمى «خجل التاج» في الغابات بجميع أنحاء العالم، فمن أشجار المانجروف في كوستاريكا إلى أشجار الكافور الشاهقة في بورنيو بماليزيا، تنتشر الشقوق في المساحات الخضراء، لكن العلماء لا يزالون لا يفهمون تماما سبب رفض قمم الأشجار في كثير من الأحيان التلامس، وفقا لما ذكره موقع «ناشيونال جيوغرافيك».
تقول ميج لومان، عالمة الأحياء المتخصصة في أشجار الغابات، مديرة مؤسسة TREE Foundation، إن خجل التاج هو في بعض النواحي، النسخة الشجرية من التباعد الاجتماعي، موضحة: «في اللحظة التي تبدأ فيها في منع النباتات من ملامسة بعضها البعض جسديا، يمكنك زيادة الإنتاجية، هذا هو جمال العزلة فالشجرة تحمي صحتها حقًا».
وعلى الرغم من ظهور أوصاف خجل التاج في الأدبيات العلمية منذ عشرينيات القرن العشرين، فقد مرت عدة عقود قبل أن يبدأ الباحثون في البحث بشكل منهجي عن سبب الظاهرة، وقد سعى بعض العلماء في البداية إلى فرضية مفادها أن الأشجار كانت ببساطة تفشل في ملء المساحات بين مظلاتها، بسبب نقص الضوء، وهو مورد أساسي لعملية التمثيل الضوئي؛ إذ تتداخل أوراقها.
لكن فريق «بوتز» نشر بحثا في عام 1984، أظهر أنّ «خجل التاج» في بعض الحالات قد يكون ببساطة نتاجا لمعركة بين الأشجار التي تهبها الرياح؛ إذ تتسابق كل منها لإنبات فروع جديدة وصد ضربات جيرانها، وكلما زاد تأرجح أشجار المانجروف في الرياح، كلما اتسعت المسافة بين مظلاتها ومظلات جيرانها، وهي بعض النتائج الأولى التي تدعم ما يسمى بفرضية التآكل لتفسير أنماط قمم الأشجار.
قياس القوى المندفعة بين أشجار الصنوبروبعد عقدين من الزمن تقريبا، قاس فريق بقيادة مارك رودينكي، عالم الأحياء بجامعة ميشيغان للتكنولوجيا، القوى التي تتدافع بين أشجار الصنوبر في ألبرتا بكندا، ووجدوا أن الغابات العاصفة المليئة بجذوع طويلة ونحيلة ذات ارتفاع مماثل، كانت عرضة بشكل خاص لخجل التاج، وعندما استخدم رودينكي وفريقه حبالا من النايلون لمنع أشجار الصنوبر المجاورة من الاصطدام، تشابكت النباتات مع مظلاتها، وملأت الفجوات بين التيجان المجاورة.
وقد وجد علماء آخرون، أدلة تشير إلى وجود عدة طرق تؤدي إلى خجل التاج، وربما تكون بعضها أقل عدوانية من هذه الصراعات العاصفة، على سبيل المثال، يقول رودينكي إن بعض الأشجار ربما تعلمت التوقف عن النمو عند أطرافها تماما، بعد أن أدركت حقيقة مفادها أن أي أوراق جديدة سوف يجري نزعها.
فوائد ظاهرة خجل التاجوتقول إينيس إيبانيز، عالمة البيئة الحرجية بجامعة ميشيغان، إنّ الأشجار قد تتجنب بذلك الأضرار غير الضرورية، موضحة أن «زراعة أنسجة جديدة مكلفة للغاية بالنسبة للنباتات، فالأمر أشبه بأن الأشجار تتخذ موقفاً استباقيًا».
وبغض النظر عن كيفية حدوث خجل التاج، فمن المرجح أن يكون الانفصال مصحوبا بفوائد، يقول الباحث لومان: «الأوراق تشبه الماس الأكثر تكلفة في الشجرة، فأنت تريد حمايتها بأي ثمن، إذا جرى إسقاط مجموعة كاملة، فهذه كارثة رهيبة للشجرة».
ومن فوائد ظاهرة خجل التاج أيضا، أنّ أوراق الشجر المتناثرة قد تساعد أشعة الشمس على الوصول إلى أرضيات الغابات، ما يغذي النباتات والحيوانات التي تعيش على الأرض، والتي تدعم بدورها الحياة الشجرية، ويعتقد بوتز أنّ الفجوات قد تساعد الأشجار أيضا على تجنب الكروم الخشبية الغازية التي تسمى ليانا، والتي تنتشر في الغابات الاستوائية والمعتدلة في جميع أنحاء العالم، أو حماية النباتات من الميكروبات المسببة للأمراض والحشرات غير القادرة على الطيران، والتي تستخدم مظلات الأشجار كقنوات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: شجرة أشجار أشجار المانجروف
إقرأ أيضاً:
غرس أشجار «الغاف والسدر» في المنطقة التراثية بعجمان
زار عدد من أعضاء جمعية التراث العمراني ضمن فعاليات عام المجتمع 2025 المنطقة التراثية في عجمان، حيث تم غرس مجموعة من الأشجار المحلية منها شجرتا الغاف والسدر ضمن مبادرة «ازرع الإمارات» في إطار الجهود المستمرة لتعزيز القيم التراثية والمحافظة على الرموز البيئية التي تمثل الهوية الوطنية.
شارك في غرس الأشجار المهندس رشاد بوخش رئيس الجمعية، وأعضاء مجلس الإدارة، وعدد من أعضاء الجمعية.
وأوضح أحمد سيف المهيري، عضو مجلس إدارة الجمعية، أن اختيار شجرتي الغاف والسدر جاء لما لهما من قيمة بيئية وتراثية كبيرة، حيث تعتبران رمزاً للصمود والكرم في البيئة الصحراوية الإماراتية.
وأعرب المهندس رشاد بوخش عن فخر أعضاء الجمعية بالمشاركة في هذه المبادرة، مؤكداً أهمية الحفاظ على المواقع التاريخية والطبيعية في الدولة وربط الأجيال القادمة بجذورها الثقافية والبيئية.
وزار أعضاء الجمعية متحف عجمان الوطني، الذي يُعتبر من أبرز المعالم الثقافية في الإمارة، ويضم مجموعة متنوعة من المعروضات التي تعكس نمط الحياة في الإمارات عبر العصور كما زاروا متحف الشاعر راشد الخضر، الذي يعكس العمارة التقليدية ويقدم لمحة عن الحياة اليومية والثقافة الإماراتية.
كما شملت الزيارة الحي التراثي في عجمان الذي يعكس التراث الإماراتي الأصيل ويحتوي على مبان تقليدية تحكي قصة الحياة اليومية في الماضي. (وام)