الصناعة العُمانية نحو التميُّز
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
إنجازات نوعية وتطورات متسارعة يشهدها القطاع الصناعي خلال السنوات الأخيرة، في ظل ما حققه من نمو ملحوظ زاد من إسهاماته في الناتج المحلي الإجمالي، وعزَّز من جهود التنويع الاقتصادي الذي تسعى حكومتنا الرشيدة إلى تحقيق أهدافه.
واليوم، وفي ظل الاحتفال بيوم الصناعة العُمانية، تتجسَّد الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص لدعم المصانع وتوفير الحلول التي تسهم في استدامتها، وتعزيز مكانة المنتج العُماني في السوق المحلي والعالمي، إلى جانب العمل على جذب مزيد من الاستثمارات عبر توفير بيئة صناعية مناسبة ومواكبة الثورة الصناعية الرابعة وصناعات المستقبل.
ولقد حققت مساهمة الأنشطة الصناعية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية نموًا ملحوظًا؛ حيث بلغت 6.09 مليار ريال عماني بنهاية سبتمبر 2024، مُسجِّلةً زيادة بنسبة 5.4% عن الفترة المماثلة من العام السابق، وهذا النمو يُعزى إلى ارتفاع ناتج قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 8.5% ليبلغ 2.686 مليار ريال عُماني بنهاية سبتمبر 2024.
والقطاع الصناعي قادر على القيام بأدوار اقتصادية فاعلة فيما يتعلق بالتوظيف، لا سيما وأن شبابنا اليوم باتوا أكثر دراية وخبرة بمتطلبات الثورة الصناعية الرابعة، فهناك الآلاف من خريجي تخصصات الهندسة وعلوم الحاسب الآلي والبرمجة، مؤهلون للعمل في وظائف ذات صلة بالذكاء الاصطناعي والأتمتة وغيرها.
إنَّ عُمان تسعى لبناء مستقبل صناعي قوي يتماشى مع تطلعاتها المستقبلية، مع التركيز على زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي وتوفير فرص العمل للمواطنين، من خلال إطلاق عدد من المبادرات بما يضمن تعزيز دوره في التنمية الاقتصادية المُستدامة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الصناعة العمانية تراهن على تعزيز المحتوى المحلي
يؤكد شعار يوم الصناعة العمانية هذا العام «سلاسل الإمداد» على رؤية سلطنة عُمان الطموحة في تعزيز قدراتها الصناعية وتحقيق التكامل الاقتصادي. وهذه الرؤية تعي تماما أن الصناعة لم تعُد مجرد إنتاج سلع، بل أصبحت شبكة معقدة من الأنشطة التي تعتمد على كفاءة سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية المتطورة، ما يجعل تحسين هذه المنظومة ركيزة أساسية لتحقيق الاستدامة والنمو.
لقد أصبح توجُّه سلطنة عُمان نحو تعزيز المحتوى المحلي وتوطين سلاسل التوريد استراتيجية اقتصادية تحمل أبعادا متعددة وتدور حولها المشروعات الاقتصادية في البلاد. ومعروف أنه كلما ازدادت نسبة المدخلات المحلية في العمليات الصناعية، قلّ الاعتماد على الاستيراد، ما يسهم في تقليل العجز التجاري، ويعزز من استقرار الاقتصاد الوطني. وأظهرت البيانات الرسمية أن الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات التحويلية بلغ 2.13 مليار ريال عماني بنهاية الربع الثالث من 2024، محققا نموا بنسبة 51.9% مقارنة بالعام السابق، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين في البيئة الصناعية العمانية.
لكن التحديات لا تزال قائمة، خاصة في ظل التحولات العالمية التي فرضتها سلاسل الإمداد المضطربة والتغيرات الاقتصادية الدولية. وهنا يأتي دور التخطيط الاستراتيجي لضمان مرونة سلاسل التوريد العمانية في مواجهة الأزمات الاقتصادية والاضطرابات الجيوسياسية. فإدارة سلاسل الإمداد بشكل فعّال، من خلال تحسين التخزين، وتقليل الفاقد، وزيادة كفاءة الخدمات اللوجستية، ستؤدي إلى رفع القدرة التنافسية للصناعات المحلية، وتوفر بيئة استثمارية جاذبة.
علاوة على ذلك، فإن تبنّي تقنيات الثورة الصناعية الرابعة مثل الأتمتة والذكاء الاصطناعي في العمليات الصناعية يعزز الإنتاجية، ويقلل من التكاليف التشغيلية، وهو ما يتماشى مع رؤية عُمان 2040 التي تركز على التحوّل نحو اقتصاد قائم على المعرفة والتقنيات المتقدمة. وقد شهد العام الماضي تدشين عدة مبادرات لدعم التحول الرقمي في القطاع الصناعي، منها «تصنيع» لتعزيز المحتوى المحلي و«إتقان» لتأهيل الكفاءات الوطنية، ما يعكس رغبة الحكومة في تطوير بيئة صناعية متكاملة ومتطورة.
في المقابل، يتطلب تحقيق هذه الطموحات تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وزيادة الدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تشكّل حوالي 90% من المنشآت الصناعية، حيث يمكن لهذه المؤسسات أن تؤدي دورًا محوريًّا في تعزيز المحتوى المحلي وتنويع القاعدة الإنتاجية.
إن الصناعة العمانية أمام فرصة تاريخية لتوسيع قاعدة الإنتاج، وزيادة الاعتماد على الموارد المحلية، وتعزيز تنافسية المنتجات العمانية في الأسواق العالمية. ويوم الصناعة محطة لمراجعة الإنجازات، وتقييم التحديات، ووضع استراتيجيات فعالة لضمان استدامة القطاع الصناعي، الذي يعَد إحدى الركائز الأساسية لتنويع مصادر الدخل الوطني وتحقيق التنمية المستدامة.