انتخابات تشريعية في كوسوفو: اقتصاد متعثر وتوترات عرقية
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
مهما كانت نتيجة الانتخابات الكوسوفية يوم الأحد، سيتعين على الحكومة المقبلة معالجة الفقر المتزايد ومواجهة تهديدات تجدد العنف العرقي في شمال البلاد.
يستعد مواطنو كوسوفو للتوجه إلى صناديق الاقتراع في ظل اقتصاد متعثر وتوترات عرقية متجددة بين الألبان والصرب، وذلك مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة يوم الأحد.
التوقعات تشير إلى احتمال فوز رئيس الوزراء ألبين كورتي بأغلبية ضئيلة، ما قد يضطره إلى تشكيل ائتلاف مع منافسيه الرئيسيين من العرقية الألبانية.
ولكن أياً كانت النتيجة، فإن الحكومة المقبلة ستواجه تحديات جسيمة، تبدأ من مكافحة الفقر المتزايد ولا تنتهي عند مواجهة شبح العنف العرقي المستمر في شمال كوسوفو، حيث تعيش أغلبية صربية.
وكشف تقرير حديث للبنك الدولي أن كوسوفو تعد الدولة الأوروبية التي يشهد فيها معدل الفقر أبطأ وتيرة انخفاض. وتُعد فجوة الرخاء، التي تعكس الفارق بين مستويات الدخل، الأعلى في منطقة غرب البلقان. ويشير التقرير إلى أن متوسط الأجور في كوسوفو بحاجة إلى أن يتضاعف ثلاث مرات على الأقل كي يقترب من مستوى الرخاء العالمي.
"وفقاً للحكومة، حققنا نمواً اقتصادياً جيداً من حيث الميزانية، وقد يكون هذا صحيحاً"، يقول إيرالدين فازليو، المحرر السياسي في قناة Kohavision(KTV)، وهي إحدى وسائل الإعلام البارزة في كوسوفو، خلال حديثه إلى يورونيوز.
"لكن عندما ننظر إلى واقع حياة الناس، نجد أن التضخم والبطالة جعلا السنوات الأربع الماضية بالغة الصعوبة." ويضيف فازليو: "ما أخفق كورتي في تحقيقه حتى الآن، هو إقناع سكان الشمال بتبني سياساته، وهو ما يمثل التحدي الأصعب. فكما نعلم، لا يخضع هؤلاء السكان فقط لنفوذ بلغراد، بل إن نظامهم الصحي والتعليمي تموله صربيا."
من جانبه، يرى أجيم شاهيني، رئيس جمعية رجال الأعمال في كوسوفو، وهو رجل أعمال ألباني ذو علاقات متينة في واشنطن، أن العائق الحقيقي بين سكان كوسوفو ليس العرق، بل الاقتصاد ومستويات المعيشة.
"لا يوجد صراع عرقي في كوسوفو. المشكلة الحقيقية تكمن في الاقتصاد الذي يجب أن يوفر حلولاً لجميع المكونات: الألبان والصرب والبوشناق والأتراك، لرفع مستوى معيشتهم. السؤال الأهم هو: كيف يمكن تحقيق ذلك؟"
ويشير شاهيني إلى أن إدارة ترامب السابقة سلكت النهج الصحيح عندما قررت إرجاء القضايا العرقية والسياسية، والتركيز على إنعاش اقتصاد البلاد.
"الناس يعيشون حياتهم"لكن هناك أيضاً أزمة هجرة العقول. فوفقاً لموجز البنك الدولي حول الفقر والعدالة الاجتماعية في كوسوفو، الصادر في أكتوبر الماضي، فإن "الهجرة إلى الخارج تثير مخاوف بشأن فقدان رأس المال البشري."
ويعلق ألفونسو جيوردانو، أستاذ السكان والبيئة والاستدامة بجامعة لويس في روما، قائلاً: "هجرة الشباب تعرقل قدرة البلاد على الإنتاج والابتكار، وهو أمر بالغ الأهمية لتحسين مستويات المعيشة، وتعزيز الأداء الاقتصادي، وتحقيق التنمية الاجتماعية، وهي كلها عوامل تُفضي إلى نتائج إيجابية على مستوى مؤشر التنمية البشرية."
ويشير جيوردانو إلى أن معالجة هذه المشاكل الهيكلية تزداد تعقيداً بفعل خصوصية كوسوفو، التي لا تزال، بعد نحو ثلاثة عقود من انتهاء الحرب، ترزح تحت وطأة إدارة مدعومة دولياً وتعاني من صراعات اجتماعية وعرقية مستمرة.
وفي ظل هذا الواقع، وصل تدخل الاتحاد الأوروبي والصناديق الدولية متأخراً، بعدما كان الخلل الديموغرافي قد أصبح أمراً واقعاً.
أما على الأرض، فيكافح المواطنون العاديون ضد التضخم وتردي الأوضاع الاقتصادية، كما يوضح الناشط الصربي في المنظمات غير الحكومية، ستيفان كالابا، الذي ينحدر من ميتروفيتسا.
تُعد هذه المدينة الواقعة شمال كوسوفو، والتي يشطرها نهر إيبار، بؤرة دائمة للتوترات العرقية بين الصرب والأغلبية الألبانية. ومن السهل ملاحظة المركبات المدرعة التابعة للوحدة الأمنية متعددة الجنسيات (MSU)، وهي جزء من بعثة حفظ السلام التي يقودهاالناتو في كوسوفو.
وجود هذه القوات يعكس حقيقة أن الصراع العرقي في كوسوفو، وبعد مرور نحو 26 عاماً على انتهاء الحرب، لا يزال بعيداً عن الحل. ويبدو أن شعب كوسوفو عالق في حالة من الانتقال الأبدي، إذ لا تزال تداعيات الحرب تلقي بظلالها على المشهد، متمثلة في أزمة اقتصادية هيكلية تدفع الشباب المتعلم إلى الهجرة بحثاً عن مستقبل أفضل في أوروبا.
"على المستوى السياسي، نجد أن صناع القرار في بريشتينا وبلغراد في حالة من الجمود. أما على المستوى الشعبي، فالناس يحاولون ببساطة العيش"، يقول كالابا.
"عدم الاستقرار السياسي يضع ضغطاً هائلاً على السوق. الناس لا يبحثون حتى عن وظائف في كوسوفو. بمجرد إنهائهم الدراسة الثانوية، يهاجر الشباب مباشرة إلى ألمانيا وسويسرا وسائر دول الاتحاد الأوروبي."
وفي ظل هذا الواقع، يواجه رئيس وزراء كوسوفو، ألبين كورتي، ورئيس صربيا، ألكسندر فوتشيتش، انتقادات دولية بسبب عدم تنفيذ الاتفاقات التي توسط فيها الاتحاد الأوروبي لتطبيع العلاقات بين البلدين، ما أدى إلى تصاعد التوترات.
حالياً، تعتمد كوسوفو بشكل كبير على التبرعات الدولية. ويؤكد بيتر دورديفيتش، رئيس جمعية شباب غراكانيتشا النشطين، قائلاً: "بدون هذه التبرعات، لن تكون كوسوفو قادرة على البقاء. إنها واحدة من أفقر الاقتصادات في أوروبا."
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية كوسوفو تتهم صربيا بالضلوع في انفجار قطع إمدادات المياه والكهرباء.. وبلغراد ترد كوسوفو على شفير التوتر: محاكمة صرب متهمين بتهديد الأمن والاستقرار كوسوفو تجري تعدادًا سكانيًا يشمل الأقلية الصربية كوسوفوسياسة كوسوفوصربيا- سياسةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: قطاع غزة حركة حماس إسرائيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إطلاق سراح دونالد ترامب قطاع غزة حركة حماس إسرائيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إطلاق سراح دونالد ترامب كوسوفو كوسوفو صربيا سياسة قطاع غزة حركة حماس إسرائيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إطلاق سراح دونالد ترامب روسيا شرطة الحرب في أوكرانيا القانون سوريا فلاديمير بوتين الاتحاد الأوروبی یعرض الآنNext فی کوسوفو إلى أن
إقرأ أيضاً:
الدفاع الأوروبي: حتى جسورنا ليست جاهزة للحرب
لو اندلعت حرب غدا على أراضي الاتحاد الأوروبي فليس من المؤكد أن الدبابات والمعدات العسكرية الثقيلة ستكون قادرة على المرور عبر الجسور من بلد لآخر، وفقا لتقرير محكمة الحاسبات الأوروبية نشر في 6 فبراير/شباط الحالي.
وأوضح التقرير، حسب ما جاء بصحيفة لوتان السويسرية، أن نقل المعدات العسكرية الثقيلة من دولة عضوة في الاتحاد الأوروبي إلى قاعدة عسكرية في دولة عضوة أخرى غير ممكن الآن لأن الجسور التي يجب أن تعبرها المعدات لا تستطيع تحَمل سوى المركبات الخفيفة، مما يجعل ناقلات الأسلحة تسلك طرقا التفافية بديلة طويلة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وول ستريت جورنال: هذا ما يتطلبه الأمر لإعادة بناء غزةlist 2 of 2ميديا بارت: دول أفريقية تتجه لاستعادة السيطرة على ثرواتهاend of listوأبرزت لوتان أن الثغرات الهائلة في "حركتنا العسكرية" يتم تجاوزها، ولكن بوسائل سخيفة.
وقد بلغ الإنفاق الدفاعي لدول الاتحاد الأوروبي نحو 240 مليار في عام 2022، لكن المحكمة لاحظت أن الاتحاد لم يخصص إلا 1.69 مليار يورو على أمد سبع سنوات لتحديث بنيته التحتية "ذات الاستخدام المزدوج".
ولفتت إلى أن "تكلفة مشروع واحد كبير للبنية الأساسية غالبا ما تكون أعلى من 1.69 مليار يورو أتاحتها الدول الأعضاء الـ27 لمدة سبع سنوات".
وذكرت لوتان أن مدققي المحكمة زاروا، من أجل إعداد تقريرهم، 7 دول أعضاء هي: ألمانيا وإستونيا واليونان وليتوانيا وهولندا وبولندا والبرتغال.
إعلانلكن تحسين القدرة على الحركة العسكرية لا يتطلب فقط تعزيز الطرق، بل يحتاج كذلك إزالة العوائق الإدارية أمام حركة القوات والمعدات، غير أن تقرير المحكمة كشف أن "إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تشترط حاليا إخطارا مسبقا بـ45 يوما للسماح بالحركة عبر حدودها"، رغم أن تلك "الدولة العضوة نفسها منحت تصاريح لنقل معدات عسكرية إلى أوكرانيا في غضون يوم واحد، عندما كانت ثمة حالة طوارئ"، وقد قلصت بعض الدول مدة هذا الإشعار إلى خمسة أيام مقدمًا، وفقا للوتان.
وشددت المحكمة على أن ممثلي الدول التي زاروها تحدثوا عن ترتيبات الحوكمة الخاصة بالتنقل العسكري في الاتحاد الأوروبي، وأشاروا إلى أنها "معقدة وأنه يصعب تحديد من يفعل ماذا".
ويثير التوزيع الجغرافي للاستثمارات تساؤلات أيضا، وفقا للمحكمة، ففي الوقت الذي تستحوذ فيه 4 دول (ألمانيا 16.5% وبولندا 13% وليتوانيا 7.4% ولاتفيا 7.1%) على 44% من الأموال، فإن هناك محاور إستراتيجية مهملة، كما هي حال الطريق الجنوبي الواصل إلى أوكرانيا.
وأشار المدققون أيضًا إلى أن "الاتحاد الأوروبي لم يمول أي مشاريع في اليونان ولم يقدم سوى مساهمة متواضعة لبلغاريا".
وتوجه المحكمة انتقادات خاصة للتقييم العسكري للمشاريع، متهمة السلطات في دول الاتحاد بأنها لم تأخذ في الاعتبار الجوانب الجيوسياسية بشكل كاف.
ولفتت المحكمة، من ناحية أخرى، إلى أن ثمة حاجة إستراتيجية ملحة للاتحاد الأوروبي لأن يكون قادرا على التحرك العسكري "في ضوء الحرب العدوانية التي تشنها روسيا على أوكرانيا".
وأوضح التقرير كذلك أن القدرة على جعل الحركة العسكرية سلسلة ليست سوى جزء من مشكلة كبرى، فإلى جانب الطرق والجسور، فإن ضعف البنية التحتية الحيوية في أوروبا يمتد إلى الكابلات البحرية، وشبكة الكهرباء، والبنية التحتية الرقمية والفضائية.
إعلانوكشف أن معظم البنية التحتية الحيوية مملوكة للقطاع الخاص أو هو الذي يديرها أو يشغلها، وتتمثل الصعوبة الإضافية في أنه لأسباب تتعلق بالقدرة المالية، فإن تعزيز التدابير الأمنية ليس ممكنا دائما، مما يجعل هذه البنى التحتية "أهدافا سهلة" للأعداء المحتملين.
ويخشى خبراء حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي تأثير الدومينو، وفقا للتقرير، إذ إن أي خلل في قطاع واحد، مثل الكهرباء، يمكن أن ينتشر بسرعة إلى خدمات حيوية أخرى، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤثر انقطاع التيار الكهربائي على الخدمات العامة وإمدادات السلع الأساسية في العديد من البلدان بسبب الترابط بين الشبكات، وفقا للتقرير.
ورغم أن الاتحاد الأوروبي يمتلك، فعلا، مركزًا للأمن السيبراني في بوخارست، وأن حلف الناتو له مركز التميز للدفاع السيبراني التعاوني في تالين، ورغم التعاون بين المنظمتين، فإن الدول الغربية "تخوض سباقا ضد الزمن: إذ يعمل الأعداء المحتملون باستمرار على تطوير قدرات متقدمة جديدة لاستهداف البنية التحتية الحيوية في أوروبا" دائما، وفقا للتقرير.