الجزيرة:
2025-03-12@13:55:00 GMT

لماذا الحاجة إلى قمة عربية طارئة الآن؟

تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT

لماذا الحاجة إلى قمة عربية طارئة الآن؟

التطوُّرات التي عرفها العالم العربي في غضون الشهرين المنصرمين مفصلية؛ منها أولًا سقوط نظام بشار في سوريا، وتوقف الحرب على غزة، والعودة إلى الطبيعة الاعتيادية في لبنان بانتخاب رئيس، وهي تحولات تشرع أبواب الأمل، ولكن تظل غيوم مطلة، في الوقت ذاته، يمكن أن تُعطّل الأمل، وتُدخل المنطقة في دوامة من الاهتزازات والتخبط، ومنها تصريح الرئيس الأميركي ترامب الذي لوّح فيه "بتنظيف" غزة، أي إجلاء الفلسطينيين منها.

وهو تصريح ينبغي أن يُحمل محمل الجِد، وقد كرره بمناسبة زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض، من أجل أن تضع الولايات المتحدة يدها على القطاع، لزمن طويل الأمد.

قبل هذا التصريح بدا أن للعالم العربي فرصة ذهبية، لكي يرسي نظامًا عربيًا جديدًا، يكون فيه مالكًا لأمره، يقف على الحد الأدنى من قواعد التعاون البيني والجماعي والتضامن وتدبير الاختلافات.

والحال، أن العالم العربي لم يعد يتحدث لغة واحدة منذ 1979، تحت تأثير حدثين مفصلَين:

الأول: هو اتفاقية كامب ديفيد، وما تمخض عنها من شرخ في "الصف العربي"، وقيام جبهة الصمود والتصدي وعزل مصر.

والثاني: هو الثورة الإيرانية، وما استتبعها من حرب ما بين العراق وإيران، أثرت بشكل سلبي على العالم العربي، وتوزَّع حولها، وضاعف من الأمر وفاقمه اجتياح جيوش صدام للكويت، مما أنهى عمليًا النظام العربي.

إعلان

لم ينهض النظام العربي منذ ذلك الحين، والتنظيمات الإقليمية التي تأسست قبل ذلك لم تثبت؛ منها مجلس التعاون العربي، ما بين مصر، والعراق، والأردن، واليمن، وانتهى عمليًا مع اجتياح الكويت سنة 1990.

وقام "اتحاد المغرب العربي"، الذي انتهي عمليًا، مع فرض المغرب التأشيرة على المواطنين الجزائريين سنة 1994، وإغلاق الحدود البرية من قِبل الجزائر.

السياق الجديد يفتح فرصًا جديدة، مع ما عرفته سوريا من انتقال سلس، وآفاق مصالحة داخلية ومع محيطها. من شأن سوريا، أن تكون بوابة نظام عربي جديد من غير تدخل أطراف إقليمية، أو من دون أن يُحجَب الدور العربي في تدبير المنطقة.

ولكن الخطورة تظل قائمة ألا يقوم نظام عربي بديل، ويبقى التشرذم جاثمًا، مع ما لوّح به الرئيس الأميركي بشأن تفريغ قطاع غزة من ساكنته، أو "تطهيره"، والضغط على مصر والأردن كي يقبلا "استقبال" الفلسطينيين من غزة، بدعوى أن الولايات المتحدة ساعدت هذين البلدين، وينبغي أن يقبلا العرض الأميركي. وبالمقابل، يمكن أن يفهم إمكانية التضييق عليهما، من خلال توقيف المساعدات المالية والعسكرية، والتعاون الأمني، وشتى صنوف الضغوط.

ليس "التنظيف"، إلا صورة محينة لفكرة قديمة وهي الترانسفير، وهي تعود إلى أوليات الصهيونية، منذ بن غوريون، كشف عنها من يسمون بالمؤرخين الجدد، وتم التراجع عنها، في ظل المتغيرات الدولية، وانبعثت في خطاب اليمين المتطرف الإسرائيلي، ويعتبر قانون القومية لسنة 2018، أحد عناصرها، وفق قاعدة "شعب واحد، دولة واحدة، لغة واحدة، ولا مكان لأقلية".

ولم يُخفِ اليمين مراميه فيما يخصّ الضفة الغربية، من خلال تكثيف المستوطنات، ووسمها بيهودا والسامرة، واستغل وضع الحرب على غزة ليتحلل علنًا من الالتزامات التي أبرمها منذ أوسلو التي من شأنها أن تنتهي إلى حل الدولتين، وظهر في خضم الحرب، ما سُمي بخطة الجنرالات، أي إخلاء غزة، وأعلن جاريد كوشنر صهر الرئيس في محاضرة له بهارفارد في ربيع السنة الماضية، أن الواجهة البحرية لغزة، لها مؤهلات جمة، من شأنها أن تجعل منها دبي أو سنغافورة ثانية، بإخلائها وإعادة إعمارها.

إعلان

خيار إفراغ غزة من ساكنته صورة جديدة لنكبة جديدة، ستقضي على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، والالتفاف على حقوقه، بصفة نهائية، إذ كيف يمكن الحديث عن شعب، من غير أرض.

سينسف الإفراغ إمكانية قيام عربي، وسُيدخل المنطقة برمتها في دوامة اهتزازات، لن تؤثر على سكينة مجتمعاتها فحسب، بل من شأنها أن تنقل التوتر خارج المنطقة، في فصول مروعة لصدام الحضارات والإرهاب، والعداء.

نعلم أن النكبة الأولى غيرت من الثقافة السياسية في المنطقة، إذ كانت أحد الأسباب التي دفعت الجيش إلى الواجهة في كثير من البلدان، وتمت تصفية الخصوم جسديًا، أي أنها شرّعت للإرهاب، وأجهضت مد الليبرالية العربية، سياسيًا، من خلال وقف تجارب تمثيلية (مصر، العراق، سوريا)، وثقافيًا من خلال الدفع باتجاهات انكفائية وتقويض التوجه الكوني الذي كانت الثقافة العربية تقدمه حينها.

ويمكن تصور الانعكاسات المحتلمة لنكبة جديدة. سيكون من العبث بناء نظام عربي جديد، مع الترانسفير، أو مصالحة مع الذات، أو مع الآخر.

من غير المجدي، أمام تلويح الولايات المتحدة بضغوطات أن تقف الدول الحليفة لها، وحدها. ولذلك لا بد من قمة عربية طارئة، للحديث بلسان واحد، حول النازلة، وحول الوضع الإقليمي بصفة عامة.

ومثلما نهضت دول الاتحاد الأوروبي، بشكل جماعي ضد رغبة الرئيس الأميركي وضع اليد على غرينلاند، فينبغي للعالم العربي، أن يتحدث بلسان واحد، حول قرار مصيري، من شأنه أن يدخل العالم العربي في دوامة اهتزازات، لن تقف تأثيراتها على المنطقة.

لقد عبرت الدول الوازنة والمؤثرة في العالم العربي عن شجبها قرار "التنظيف"، على مستوى وزراء الخارجية، وهي المملكة العربية السعودية، ومصر، وقطر، والإمارات، ويتوجب قمة عربية طارئة، لتدارس المستجدات الإقليمية والدولية، والتنسيق على مستوى دول الطوق، والدولة المعنية، للحديث بلسان واحد. لم تفتأ الإدارة الأميركية، اللعب على ما تنسبه من تصريحات للمسؤولين العرب، مما من شأنه أن يثير البلبلة، وينسف إمكانية موقف موحد.

إعلان

ومن جهة أخرى، على الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، أن تخرج عن صمتها، لما هو استفراد بالقرار الدولي، والتحلل من القانون الدولي، وإضفاء الشرعية على منطق القوة.

نعم هناك حاجة ملحة لإعمار غزة، ويتوجب انعقاد مؤتمر دولي لهذا الغرض، وأن يقترن إعادة الإعمار مع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

فتاريخ المنطقة هو تاريخ الفرص الضائعة، ولا ينبغي أن تفلت الفرصة السانحة، بوضع حد لـ"حلم"، من شأنه أن يُحوِّل المنطقة إلى كابوس.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العالم العربی من خلال

إقرأ أيضاً:

عاجل الآن: تشابكات إلكترونية في مضيق هرمز

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

تلقت المحطات الساحلية بلاغات كثيرة من السفن المتحركة في مضيق هرمز وخليج عمان. تحدثت كلها عن تعطل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS). .
وتلقت المحطات تقارير متعددة عن وجود تشويش على رادارات السفن ومنظوماتها الإلكترونية. وعلى الرغم من أن التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) ليس متكررا كما هو الحال في بحر البلطيق، لكنه حدث في مضيق هرمز من قبل، وتم ربطه سابقا بالصراع الإيراني الأمريكي. .
وقد أعلن مكتب عمليات التجارة البحرية في المملكة المتحدة يوم الاثنين الموافق 10 / 3 / 2025 أنه تلقى تقارير من عدة سفن واجهت تداخلاً في نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في مضيق هرمز. واستمرت الاضطرابات لعدة ساعات، وأثرت على أنظمة الملاحة، وأجبرت السفن على الاعتماد على طرق الملاحة التقليدية. .
في حين تلقت السفن برقيات عاجلة تحذرها من احتمال تعطل وظائف أنظمة الملاحة الإلكترونية (GPS)، و (AIS)، و (PNT)، وقد يحدث التعطيل في أي مكان داخل منطقة الإبلاغ الطوعي (VRA) التابعة لـ UKMTO مع ضرورة الاتصال بمراقبي UKMTO. .
وسبق للمحطات الساحلية ان تلقت التحذيرات نفسها في أغسطس / آب 2019 في خضم التوترات الإقليمية المتصاعدة، وقتذاك. حيث حذرت إدارة الملاحة البحرية الأميركية من أن السفن قد تواجه تداخلا في نظام تحديد المواقع العالمي، وتضليل الاتصالات داخل برج قيادة كل سفينة، أو تشويش الاتصالات الأخرى دون سابق إنذار. وفي ذلك الوقت، حذرت الوكالة أيضا من احتمال تعطل اتصالات VHF بسبب التشويش الذي تفتعله سفن حربية أميركية أو السفن التابعة للتحالف. .
وقد تم الإبلاغ أيضاً وفي الوقت نفسه عن حدوث تشويش على أنظمة تحديد المواقع العالمية (GPS) قبالة سواحل بورسعيد في مصر وعند مقتربات قناة السويس وخليج العقبة. .
تجدر الاشارة إن حادثة التشويش التي وقعت عام 2019 كانت مرتبطة بمواقع الحرب الإلكترونية الإيرانية في جزيرة أبو موسى الواقعة عند المدخل الشرقي للمضيق. .

user

مقالات مشابهة

  • صدمة مناخية تضرب كبرى مدن العالم بينها عواصم عربية
  • القمر الدموي يوم 14 مارس.. أين يرى الخسوف في العالم العربي؟
  • 4 دول عربية تتصدر مستوردي السلاح في العالم
  • عاجل الآن: تشابكات إلكترونية في مضيق هرمز
  • 4 دول عربية ضمن أكبر 10 مستوردي الأسلحة في العالم
  • لماذا تستميت إسرائيل للدفاع عن دروز سوريا؟!
  • الجزيرة .. أكثر من نقطة نظام ..!!
  • الجزيرة نت تكشف تفاصيل مشاركة قسد في هجمات فلول الأسد
  • ‏اليمن يكتب فصلًا جديدًا في التضامن العربي
  • الدويش: لماذا لم تذكر المادة التي تثبت صحة مشاركة الرويلي