ترامب وتهجير أهل غزة: نظرية اللعبة في العلاقات الدولية

بقلم الكاتبة هبة عمران طوالبة

عند العودة إلى عالم السياسة وأصول المطبخ العارم بالقوانين والفرضيات التي يمكن أن تتغير بين ليلة وضحاها حسب الأسماء والمصالح المشتركة، يمكن القول إن ما يفعله ترامب حاليًا فيما يتعلق بتهجير أهل غزة إلى الأردن ليس مجرد موقف سياسي عابر، بل هو جزء من استراتيجية محسوبة تقوم على نظرية اللعبة في العلاقات الدولية.

فالتعامل مع قضية التهجير القسري بهذه الطريقة يعكس فهماً واضحًا للعبة المصالح، حيث يُستخدم الضغط السياسي والاقتصادي لإجبار الأطراف المختلفة على القبول بواقع جديد يخدم أجندات معينة.

كيف تنطبق نظرية اللعبة على سياسة ترامب تجاه تهجير أهل غزة؟

مقالات ذات صلة معارك من ورق 2025/02/08 التهجير كأداة ضغط:

السياسات التي تدفع نحو تهجير الفلسطينيين ليست مجرد خيارات عشوائية، بل هي ورقة ضغط تهدف إلى دفع الدول العربية، خصوصًا الأردن، إلى القبول بمخططات التوطين. منطق هذه اللعبة يعتمد على مواجهة الأطراف ببعضها في سباق تصعيدي، حيث يكون الخيار الوحيد المتبقي هو الانسحاب أو مواجهة سيناريو كارثي. في هذه الحالة، الرسالة واضحة: إما أن تقبل الأردن والدول العربية بتهجير الفلسطينيين، أو تواجه أزمات أمنية وسياسية أكبر.

فرض وقائع جديدة: “لعبة السجين” )

في هذه اللعبة، يعمل كل طرف وفقًا لمصلحته الخاصة دون التعاون مع الآخرين، مما يؤدي في النهاية إلى نتائج أسوأ للجميع.

إسرائيل تسعى لفرض واقع جديد يمنع قيام دولة فلسطينية، وترى أن التهجير سيخدم هذا الهدف.

الأردن يرفض استقبال اللاجئين لأنه يدرك أن ذلك يعني نهاية القضية الفلسطينية وتحويله إلى وطن بديل، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقراره.

الفلسطينيون يرفضون مغادرة أرضهم، لكنهم محاصرون بواقع عسكري وإنساني قاسٍ.

النتيجة؟ كل طرف يحاول تجنب الأسوأ، لكن عدم وجود استراتيجية مشتركة يجعل الوضع أكثر تعقيدًا، ويخلق أزمة لا رابح فيها سوى إسرائيل ومن يدعمها.

تحويل القضية إلى صفقة: “اللعبة الصفرية” (Zero-Sum Game)

ترامب يتعامل مع القضية الفلسطينية وكأنها صفقة تجارية وليست قضية حقوقية، وهذا يتماشى مع فلسفة “اللعبة الصفرية”، حيث يكون فوز طرف مرهونًا بخسارة الطرف الآخر. من هذا المنطلق، فإن نجاح مخطط التهجير يعني انتصار إسرائيل والولايات المتحدة، لكنه يأتي على حساب الفلسطينيين والدول المجاورة التي ستتحمل تبعات هذا السيناريو.

الضغط على الدول العربية: “لعبة التهديد والمساومة” (Bargaining Game)

لم تقتصر سياسة ترامب على فرض الوقائع، بل تضمنت أيضًا الضغط السياسي والاقتصادي على الدول العربية لإجبارها على القبول بحل يخدم إسرائيل. الأردن، باعتباره المتأثر الرئيسي بهذه الخطة، يواجه معادلة معقدة:

رفض التوطين يعني الدخول في مواجهة سياسية مع واشنطن وحلفائها، وربما خسارة دعم اقتصادي ضروري.

قبوله يعني التضحية بسيادته الوطنية واستقرار مجتمعه.

ترامب يدرك هذه المعادلة، ولهذا يعتمد على سياسة العصا والجزرة، مستخدمًا الضغوط الاقتصادية والمساعدات كأوراق مساومة.

إلى أين تتجه اللعبة؟

نظرية اللعبة تفترض أن كل طرف يتخذ قراراته بناءً على حسابات المكاسب والخسائر، لكن في القضايا المصيرية مثل التهجير، قد لا يكون هناك مجال للمساومة. الأردن يراهن على عامل الوقت، وعلى رفض فلسطيني داخلي لأي مشروع تهجير قسري، بينما ترامب وحلفاؤه يضغطون لفرض الحل كأمر واقع.

لكن هناك نقطة حاسمة: الألعاب السياسية لا تسير دائمًا كما هو مخطط لها.

قد يؤدي الضغط المفرط إلى انفجار إقليمي بدلاً من استسلام الأطراف المعنية.

الدول العربية قد تجد نفسها مضطرة لتوحيد موقفها بدلًا من الخضوع للضغوط.

الفلسطينيون، رغم كل المعاناة، أظهروا تاريخيًا قدرة على الصمود أمام محاولات التصفية.

خاتمة: هل سينجح ترامب في فرض قانونه على اللعبة؟

ترامب قد يعتقد أنه يتحكم بالقواعد، لكن التاريخ أثبت أن القضايا الكبرى لا تُحسم فقط بالضغوط والتهديدات، بل تتشكل بفعل المقاومة والحقائق على الأرض. وفي هذه الحالة، فإن رهان التهجير القسري قد يتحول من ورقة رابحة إلى خطأ استراتيجي يعيد تشكيل الموازين بطريقة غير متوقعة.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الدول العربیة أهل غزة

إقرأ أيضاً:

حسام زكي: تحركات الجامعة العربية تهدف لتأكيد مبدأ حل الدولتين ومجابهة مزاعم إسرائيل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، اليوم السبت، ان مسألة تجهير السكان الفلسطينيين هى مسألة تصفية للقضية الفلسطينية.

وأضاف زكي، خلال تصريحات اليوم، لقناة القاهرة الإخبارية، أن رفض تهجير الفلسطينيين أمر واضح ومستقر في عقيدة جامعة الدول العربية، مشيرًا إلى أن، هناك اتصالات حالية لعقد قمة عربية لبحث القضية الفلسطينية لكن الميعاد لم يتحدد بعد.

وأوضح أن جامعة الدول العربية تقوم بتعبئة موقف عربي ودولي لقيام الدولة الفلسطينية.
وأشار الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، إلى أن الموقف العربي متماسك والكل يقف وراء الفلسطينيين ومصر والأردن في مسألة التهجير.

وأكد أن تحركات جامعة الدول العربية تهدف لمجابهة مزاعم إسرائيل وتأكيد مبدأ حل الدولتين.
 

مقالات مشابهة

  • مدير العلاقات الدولية بنادي الأسير الفلسطيني: الرئيس السيسي أول من تصدى لمخطط التهجير
  • الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية: تحركات تهدف لمجابهة مزاعم إسرائيل
  • جامعة الدول العربية: مسألة التهجير هي تصفية للقضية الفلسطينية
  • حسام زكي: تحركات الجامعة العربية تهدف لتأكيد مبدأ حل الدولتين ومجابهة مزاعم إسرائيل
  • حماس: عقوبات ترامب على الجنائية الدولية تخدم إسرائيل
  • تظاهرات في عمّان رفضا لتصريحات ترامب.. الأردن ضد التهجير (شاهد)
  • "الدوما": تعاون روسيا مع الدول العربية أولوية في السياسة الخارجية
  • برلماني يدعو لتحرك عربي موحد تقوده جامعة الدول العربية لوقف مخطط التهجير
  • اللواء محمد الغُباري يطالب الدول العربية والإسلامية بالتكاتف لمواجهة إسرائيل