هل انتهى زمن الإيديولوجيا والأحزاب العقائدية؟
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
لا نبالغ إذا قلنا إن السياسة والأحزاب العقائدية قد بدأت تختفي من الساحة السياسية، وخاصة في الغرب منذ القرن الخامس عشر وما بعده، عندما بدأ المجتمع الزراعي يتلاشى، ليحل محله العصر الصناعي، حيث حدث الانقلاب الفعلي على الكنيسة ورجال الدين ليبرز مكانهم طبقة جديدة من رجال الأعمال والصناعيين الذين لم يكن همهم وقتها فقط القضاء على الحكم الديني فحسب بل أيضاً التحضير للمرحلة الاستعمارية الغربية، حيث بدأت الطبقة الجديدة من السياسيين تفكر بعلمنة الحياة سياسياً واجتماعياً تمهيداً لتغيير المجتمعات في الداخل وإطلاق الحملات الاستعمارية إلى أفريقيا وغيرها.
وكلما تطورت الحياة السياسية المادية، كنا نرى ظهور العديد من الأعمال الأدبية من روايات ومسرحيات وخاصة في الأدب البريطاني، وكلها كانت تنتقد وتفضح الجنوح الجنوني في اتجاه المادة والتخلي عن الجوانب الروحية والإنسانية للإنسان. وقد شاهدنا ذلك في روايات أرنولد بَنيت، ودي أتش لورانس، وجين أوستين، وتشارلز ديكنز، وغيرهم. ولا شك أن الاتجاه المادي في الحياة والسياسة الغربية قد أصبح فاقعاً جداً خلال القرن العشرين وما تلاه، وذلك بسبب التقدم الصناعي والتكنولوجي المذهل، بحيث بات الناس في الشرق والغرب مهووسين بالمال والتكنولوجيا، وبدأوا يبتعدون أكثر فأكثر عن الحياة الروحية، فالكل اليوم يريد أن يقتني أحدث المنتوجات التكنولوجية من موبايلات وسيارات وتلفزيونات وألعاب وآلات وأدوات لا يمكن للشعوب أن تعيش من دونها، وبالتالي فإن العقل السياسي لا بد أن يساير هذا التحول التكنولوجي الرهيب ويجاريه سياسياً، خاصة إذا ما علمنا أن الواقع الاقتصادي، كما قال كارل ماركس، هو الذي يحدد ويرسم الواقع الاجتماعي، فالاقتصاد والمال هما اللذان يقودان السياسة والمجتمع وليس العكس.
السياسة تحولت منذ زمن طويل، وخاصة في البلدان المتقدمة، من سياسة عقائدية إلى سياسة اقتصادية وبالضرورة برامجية ووظيفية
وهذا يعني أن السياسة تحولت منذ زمن طويل، وخاصة في البلدان المتقدمة، من سياسة عقائدية إلى سياسة اقتصادية وبالضرورة برامجية ووظيفية، وقد شاهدنا كيف سقطت الأنظمة ذات التوجه العقائدي في الاتحاد السوفياتي والمنظومة الشيوعية الشرقية عموماً، لأنها بالغت في التركيز على العقيدة السياسية بعيداً عن الواقع الاقتصادي والتكنولوجي المتحول بسرعة رهيبة، لهذا مثلاً كنا نرى كيف كان الشعب السوفياتي يتوق لتدخين سيجارة مالبورو أمريكية، أو تناول وجبة ماكدونالد، لأنه كان غارقاً في عالم عقائدي أجوف، سقط كله أخيراً وتوجه في اتجاه الاقتصاد والسياسة الحزبية البرامجية التي تقوم على وضع برامج اقتصادية وتنموية لخدمة المجتمعات بدل الغرق في خزعبلات الأيديولوجيا.
قد يقول قائل: ألا ترى أن المجتمع الأمريكي مثلاً مازال يشارك في الانتخابات على أساس عقائدي؟ ألم يفز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه المرة بأصوات المعارضين للتحول الجنسي والمثلية؟ لا شك أن شرائح كثيرة من كل الأديان في أمريكا صوتت لترامب لأنه يعارض التحول الجنسي، لكن الذين صوتوا له لم يصوتوا على أساس ديني، بل على أساس اجتماعي، لأن ظاهرة التحول الجنسي باتت تشكل خطراً على المجتمع وحتى على الاقتصاد، وبالتالي فالتصويت لترامب لم يكن على أساس عقائدي محض.
ولو نظرنا اليوم الى الأحزاب المتنافسة في الغرب لوجدنا أن الفروقات العقائدية والأيديولوجية بينها قد بدأت تختفي تدريجياً إن لم تكن قد اختفت تماماً في بعض البلدان، لأن الشعوب باتت تريد أحزاباً برامجية ووظيفية وخدمية أكثر منها عقائدية. الشعوب، وخاصة العربية المسحوقة، تريد اليوم تنمية وخدمات وتطوراً ووضعاً معيشياً مقبولاً، ولم تعد تذهب الى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثلها الروحي.
ولو سألت الناخبين في بريطانيا أو أي بلد أوروبي آخر مثلاً ستجد أنهم أدلوا بأصواتهم لصالح هذا الحزب أو ذاك لأنه يقدم خدمات أكثر من غيره، وليس بناء على توجهاته العقدية. ولو قارنت بين حزبي العمال والمحافظين اليوم في بريطانيا ستجد أن خلافاتهما العقائدية قد خفت كثيراً، وصار التنافس على البرامج والتنمية والخدمات أكثر منه على العقيدة السياسية. فإذا كان الوضع هكذا في الغرب المتقدم علينا بأشواط في موضوع الخدمات والتنمية والتطور، فكيف إذاً بمجتمعاتنا العربية المحرومة من أبسط الخدمات؟ الشعوب العربية اليوم تريد تنمية وتطوراً وتحسين أوضاعها المعيشية المزرية، والأحزاب التي تريد أن تنجح في إدارة أي بلد عربي اليوم يجب أن يركز بالدرجة الأولى على برامجها التنموية، فقد فشلت كل الأحزاب العقائدية على الصعيد التنموي، وتحولت إلى عصابات. وقد شاهدنا السقوط المدوي لما يسمى بنظام البعث في سوريا ونظام الإنقاذ في السودان. التنمية ثم التنمية إذاً أولاً وأخيراً. وطوبى للتنمويين الجدد!
المصدر: القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الغرب ترامب بريطانيا بريطانيا الغرب الاحزاب ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وخاصة فی على أساس
إقرأ أيضاً:
حظك اليوم برج الحوت الأحد 9 فبراير 2025.. كن أكثر تسامحا
مواليد برج الحوت، يتسمون بالكرم والعطاء، ويتميز مواليد الحوت بالانفتاح والسعي إلى المثالية، وإصلاح ظروف من حوله، ومن سلبيات الحوت الميل إلى الاكتئاب في بعض الأحيان، والشعور بالظلم بصورة مبالغ فيها، وقد يعيبه الكسل، وتركه الأمور تسير كما هي بدون أي محاولة لتعديلها.
مشاهير برج الحوتمن مشاهير برج الحوت: حمادة هلال وهيفاء وهبي ونجوى كرم وإليزابيث تايلور وحسين فهمي وأحمد السقا، وحنان ترك ودينا الشربيني ويسرا، وريهانا وأول رئيس للولايات المتحدة جورج واشنطن، ورالف نادر وألبرت أنيشتاين.
ونقدم حظك اليوم برج الحوت الأحد 9 فبراير 2025 على الأصعدة المهنية والعاطفية والصحية، وفقا لخبراء الفلك.
حظك اليوم برج الحوت على الصعيد العاطفيحاول تخصيص قليل من الوقت للشريك من أجل الحديث معه يا برج الحوت، وعبر له عن مدى حبك وتقديرك له واعتزازك، ما يساهم في حل الكثير من الأمور العالقة بينكما، وتقريب وجهات النظر.
حظك اليوم برج الحوت على الصعيد المهنيابتعد كل من يحاول إثارة عصبيتك، وتحاشى الانزواء بنفسك للتخلص من متاعبك يا برج الحوت، ودع التفكير جانبا ولا تأخذ أي كلمة موجهة إليك على محمل الجد، وحاول أن تكون متسامحًا أكثر.
حظك اليوم برج الحوت على الصعيد الصحياليوم فرصة جيدة لمزيد من الراحة والإسترخاء، لتجديد نفسيتك وطاقتك، لتستطيع مواصلة عملك وعلاقاتك بالآخرين.