غيث العبيدي
حكاية ترامب المذهلة مع الشرق الأوسط، كانت ولا تزال تبرز طفرة الأنظمة السياسية العربية نحو الاستسلام، وخدر وعجز ويأس وتواكل وسلبية وفشل الشعوب العربية «أجيال حليب النيدو» والتي التهبت بواطن أيديهم من حرارة التصفيق له خلال فترة حملته الانتخابية، وفرحهم الحاد عندما رأوه يعبر إلى كرسي الرئاسة، وكأن الشرق الأوسط أصبح كالكابيتول من تحت قُبتيهما ينشد الجميع النشيد الوطني الأمريكي، والذي فهمه الأصوليون الأمريكيون لاحقًا، على أنه المكان الذي يستطيع ترامب ممارسة سياساته المعقدة فيه.
دائرة المستشارين المقربين من ترامب، ومن خلال معالجة تصرفاته ودراسة قراراته، توصلوا إلى أن الرجل يمثل وجه أمريكا الحقيقي، ودائمًا ما يخوضُ تلك المغامرات، لحل قضايا وأمور إقليمية قد تمت معالجتُها سابقًا وانتهى الأمر، إلا أنه يُخصخَص في حلحلتها، لإيجاد مخارجَ جديدة لها ببصمة ترامبية، أما بالتهديد والوعيد والزعيق والقوة، أَو بإغراء المعنيين ومنح الحماية الأمريكية لهم، وإعطائهم كتبهم في يمينهم، ليكونوا من الناجين، في حالة الاستنارة العربية والاستجابة والاستنفار، ضد المؤثرات الخارجية. فمن المؤكّـد أن قضيةَ تقسيم الشرق الأوسط قد تمت معالجتها باتّفاقية ”سايكس بيكو“ عام 1916، والنظر لمستقبل فلسطين أمرٌ قد تم حسمه ”بوعد بلفور“ عام 1917، إلَّا أنه يريد تقسيم المقسم وفق استراتيجية إسرائيلية، وخدمة لأمن الكيان الصهيوني، بينما قراراته المتعلقة بالحروب التجارية، والقضايا الاقتصادية، والتعويضات المالية، وإتخام الخزينة الأمريكية العامرة بالمال العربي، ومنح ما لا يملكون ”الرؤساء العرب“ لمن لا يستحقون ”الأمريكان“ قد تمت معالجتها باتّفاقية ”بريتون وودز“ عام 1944، لفرض تدفق السيولة الكافية للسياسات الأمريكية الداخلية والخارجية على حد سواء، مع أن المعلن عنها هو لتحقيق الاستقرار والثبات في السياسات النقدية العالمية، إلَّا أنها أكبر عملية ”نصب واحتيال“ في العالم، حَيثُ تم بموجبها جعل الدولار والذي تبين لاحقًا بأنه غير مغطَّىً بالذهب، المعيار النقدي الأوحد لكل التعاملات التجارية في العالم.
مما تقدم أعلاه نلاحظ أن ترامب لا يملك أيديولوجيا معينة، وأنه حاول سابقًا ويحاول الآن على مزج ودمج وتركيب عدة أيدولوجيات قديمة، ليستخلص منها مجموعة قرارات، يهذي بها ليلًا ونهار، ومركزًا فيها على قوة الدولة الأمريكية، وأن لا شيء مجانيًّا بعد الآن، ليجترها من بعده المعجبون به من العرب، فيصوِّرونه على أنه شكلٌ آخر من أشكال الرؤساء، حتى أنستهم مظاهرُ التقدير والإعجاب التي يملكونها له، أنه متراجِعٌ ومتقلب، ويحسب ألفَ حساب للأقوياء؛ لذلك يرون أنه مختلف الحضور والحديث، حتى الإهانة التي يمنحُها لهم مختلفة.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
إسرائيليون يسخرون من خطة "ريفييرا الشرق الأوسط"
سخر إسرائيليون من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي كشف من خلالها عن خطته للسيطرة قطاع غزة وجعلها "ريفييرا الشرق الأوسط"، ووصفوها بغير المنطقية.
وقالت إحدى سكان تل أبيب ليور مامان، لشبكة سي إن إن "لا أعتقد أن هذا سيحدث حقاً، لقد كان مفاجئاً للغاية، ولم أكن أعتقد أنه جاء بمثل هذا الرأي، إنه أمر صادم للغاية، ولم يقبله أحد، يمكنني أن أؤكد لك ذلك".
فيما قالت أليسا، وهي مقيمة أخرى في تل أبيب، إنه من الصعب شرح ما قاله ترامب لأنه من الصعب أيضاً فهمه، وأضافت: "بالنسبة لي يبدو الأمر مثل ما قاله عن كندا وجزيرة غرينلاند وأن أمريكا تريد غزة لنفسها فقط.
وقالت إن السياسيين الإسرائيليين اليمينيين المتشددين الذين اقترحوا فكرة إخلاء غزة من السكان لا يمثلون جميع الإسرائيليين.
وأضافت: "لقد سمع ترامب كل ما قاله الوزير السابق إيتمار بن غفير وقرر أن يفعل نفس الشيء تماماً، إنه أمر غريب"هل يؤثر تصريح ترامب عن غزة على اتفاق وقف إطلاق النار؟.. مسؤول عربي يجيب CNNhttps://t.co/TNJBbozXqV
— CNN بالعربية (@cnnarabic) February 6, 2025 يذكر أن ترامب أعلن، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في البيت الأبيض: "الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة، وسنكون مسؤولين عن تفكيك جميع القنابل غير المنفجرة الخطيرة والأسلحة الأخرى الموجودة هناك.