بين الضغوط والعقوبات.. هل ينجح العراق في النجاة من العاصفة؟
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
8 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران يضع العراق في معادلة معقدة، حيث يحاول تجنب الانجرار إلى مواجهة مباشرة بين الطرفين مع الحفاظ على مصالحه الاستراتيجية.
يأتي هذا التوتر المتجدد في ظل تصعيد الضغوط الأمريكية على طهران، الأمر الذي ينعكس بشكل واضح على المشهد العراقي سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا.
وأكد باحثون أن بغداد تعيش حالة من القلق الدائم بسبب هذا التوتر، حيث تعتمد على واشنطن لدعم مؤسساتها الأمنية والمالية، وفي الوقت ذاته لا يمكنها تجاهل التأثير الإيراني الواسع داخل أراضيها. فإيران ليست مجرد جار، بل هي شريك اقتصادي وسياسي وأمني، مما يجعل أي تصعيد أمريكي ضدها يترك تداعيات مباشرة على الداخل العراقي.
وذكر مصدر سياسي أن حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تحاول تحقيق توازن صعب بين الضغوط الأمريكية والمطالب الإيرانية، فواشنطن تسعى إلى تقليص النفوذ الإيراني في العراق، بينما تريد طهران ضمان استمرار نفوذها عبر القوى السياسية والفصائل المسلحة المرتبطة بها.
تجعل هذه المعادلة موقف الحكومة العراقية شديد الحساسية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، والتي قد تتفاقم في حال فرضت واشنطن قيودًا إضافية على التعاملات المالية العراقية أو صادرات النفط.
واعتبر مراقبون أن العراق ليس مجرد طرف متأثر بالصراع، بل أصبح لاعبًا يحاول القيام بدور الوسيط بين واشنطن وطهران. فرئيس الوزراء العراقي يدرك أن استمرار التوتر سيؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد، ولهذا تسعى بغداد إلى إقناع إيران بالتهدئة من جهة، ومحاولة الحصول على استثناءات من العقوبات الأمريكية من جهة أخرى.
وأشار تقرير اقتصادي إلى أن العراق يعتمد بشكل كبير على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، ما يعني أن أي تشديد للعقوبات الأمريكية على إيران سيؤثر على إمدادات الطاقة للعراق، ويزيد من الأزمات التي تعاني منها البلاد.
في هذا السياق، تعمل الحكومة العراقية على تسريع مشاريع الربط الكهربائي مع دول الخليج، وتوسيع مشاريع الطاقة المتجددة، في محاولة لتقليل الاعتماد على الغاز الإيراني، لكن هذه المشاريع تحتاج إلى وقت قبل أن تعطي نتائج ملموسة.
وأكد محللون أن القوى السياسية العراقية المدعومة من إيران لن تبقى مكتوفة الأيدي إذا شعرت بأن الضغوط الأمريكية تهدد نفوذها. فقد تستخدم هذه القوى أدواتها السياسية وحتى العسكرية لممارسة ضغوط داخلية على الحكومة، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد داخلي جديد، خاصة في ظل الانقسامات السياسية التي تشهدها البلاد بعد انسحاب التيار الصدري من المشهد السياسي.
وتشير المعلومات إلى أن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لمسار الأزمة. الأول، نجاح العراق في لعب دور الوسيط وتقريب وجهات النظر بين واشنطن وطهران، مما قد يخفف من حدة التصعيد.
الثاني، تصاعد الضغوط الأمريكية على العراق، ما قد يدفع الحكومة إلى تقليص تعاونها الاقتصادي مع إيران رغم صعوبة ذلك.
أما السيناريو الثالث، فهو أن يتحول العراق إلى ساحة صراع مباشر بين الطرفين، وهو ما قد يؤدي إلى موجة جديدة من العنف وعدم الاستقرار.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الضغوط الأمریکیة
إقرأ أيضاً:
العقوبات تضيق الخناق على إيران.. هل تُفسح الطريق أمام الخليج وتركيا في العراق؟- عاجل
بغداد اليوم – بغداد
يرى الخبير الاقتصادي، أبي ياسر الحسيني، أن الضغوط الأمريكية المفروضة على الشركات الإيرانية قد تمهد الطريق أمام الشركات الخليجية والتركية لتعزيز حضورها في الأسواق العراقية، مما قد يؤدي إلى تغييرات كبيرة في المشهد الاقتصادي خلال الأشهر المقبلة.
وقال الحسيني، في حديث لـ”بغداد اليوم”، اليوم الاثنين (10 آذار 2025)، إن "الشرق الأوسط يشهد منذ سنوات حروبا اقتصادية شرسة"، لافتا إلى أن “واشنطن تعتمد سياسة التجويع والهيمنة لتحقيق أجنداتها في المنطقة، وهو ما ينعكس على العراق بشكل مباشر”.
وأشار إلى أن "العراق قد يتأثر سلبا بهذه السياسات، لا سيما في قطاع الخدمات، وعلى رأسها الكهرباء، حيث يُتوقع أن تؤدي العقوبات الأمريكية إلى تعقيد الأزمة مع حلول الصيف".
وأوضح، أن "تشديد العقوبات على الشركات الإيرانية وعرقلة حصولها على مستحقاتها من التجارة مع العراق، خاصة في قطاع الوقود، سيفتح الباب أمام الشركات السعودية والتركية، المدعومة أميركيا، لتعزيز وجودها في السوق العراقية".
وأضاف، أن "إيران تفتقر حاليا إلى الأدوات الكافية لوقف هذا التراجع في حصتها بالسوق العراقية، رغم المزايا التي تتمتع بها بضائعها من حيث القرب الجغرافي وقلة تكاليف النقل وملاءمتها للسوق المحلية".
وأكد أن "العراق سيشهد تحولات اقتصادية واضحة خلال الفترة المقبلة، مع دخول لاعبين جدد إلى الساحة التجارية".
كان ولايزال العراق ساحة مفتوحة لتنافس القوى الإقليمية والدولية، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي. فمنذ عام 2003، شهدت الأسواق العراقية تدفقا للمنتجات والشركات من دول عدة، أبرزها إيران وتركيا ودول الخليج، وذلك وفقا لمتغيرات سياسية واقتصادية مرتبطة بتوجهات الحكومات المتعاقبة والعلاقات الخارجية للبلاد.
الضغوط الأمريكية وتأثيرها على الشركات الإيرانية
في السنوات الأخيرة، شددت واشنطن ضغوطها الاقتصادية على إيران عبر فرض عقوبات متتالية، كان لها تأثير مباشر على الشركات الإيرانية العاملة في العراق.
وتشمل هذه الضغوط تقييد التعاملات المالية ومنع بغداد من تسديد مستحقات الغاز والطاقة لطهران بالدولار، مما أدى إلى أزمة في ملف الكهرباء العراقي، حيث تعتمد البلاد بشكل كبير على الغاز الإيراني.
تغيرات متوقعة في المشهد الاقتصادي العراقي
ومع استمرار الضغوط الأمريكية على إيران، وتنامي الحضور التركي والخليجي، يتوقع مراقبون أن يشهد الاقتصاد العراقي تحولا ملحوظا خلال الأشهر المقبلة.
فإما أن تتجه بغداد نحو شراكات جديدة تعزز التنافس بين اللاعبين الإقليميين، أو أن تجد نفسها أمام تحديات اقتصادية معقدة نتيجة فقدانها مصادر طاقة حيوية كانت تعتمد عليها بشكل كبير.