الفساد والقصاص ألمزيف
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
فبراير 8, 2025آخر تحديث: فبراير 8, 2025
سلام محمد العبودي
Ssalam599@yahoo.com
يعد الفساد المالي المنتشر في العراق، من أبرز المشكلات، التي تواجهها الحكومات المتتالية، سواء في الوقت الراهن السابق أو مستقبلاً؛ وهو يمثل تهديداً خطيراً لاستقرار الاقتصاد، الوطني والتنمية المستدامة، ما يعيق تقدم البلد ورفاهية المواطنين، وآثاره السلبية في المجتمع.
لقد تم الكشف عن الفساد المالي، منذ الدورة الأولى للبرلمان العراقي، إلا أن الآليات لكبح جماح، لم تكن مكتملة الجوانب، تلك الآفة التي يصعب القضاء عليها، قبل أن تستشري وتغلغل، في كل مفاصل الدولة، ولكن الظروف التي مر بيها العراق، من أمن غير مستقر، جعل بعض الساسة يغضوا النظر، عن تلك الإشكالية.
بالنظر للعملية السياسية المعقدة، وتلكؤ البرلمان في إقرار القوانين، جعل المؤسسات الرقابية ضعيفة، بحيث تغلغل الفاسدون أن يندسوا، في الأجهزة ضعف الأجهزة الرقابية، وقد كان لهم الدور الكبير، كأحد الأسباب الرئيسية لتفشي الفساد، على الرغم من وجود، العديد من الهيئات الرقابية، مثل ديوان الرقابة المالية ومفوضية النزاهة، إلا أنها غالبًا ما تكون غير قادرة، على أداء دورها بشكل فعال، بسبب الضغوط السياسية والموارد المحدودة.
كان الشعب يأمل من البرلمان، أن يكون أكثر اهتماماً ورصانة في عمله؛ من أجل تغيير سياسته، في اتخاذ السبل الدستورية، ونبذ سياسة المحاصصة والانتقائية، في اختيار القوانين التي تخص المواطن، واتخاذ صيغة الأغلبية البرلمانية، والتصويت كل قانون على حدة، كي لا تصبح القوانين للمقايضة والابتزاز السياسي؛ ولعدم الانصياع للتدخلات الخارجية، كي يفتح المجال، للممارسات الفاسدة وتضارب المصالح، في بعض الأحيان لا تلتزم بعض الشركات؛ والجهات الخارجية بالقوانين المحلية، ما يسهم في تفشي الفساد.
اتخاذ الإجراءات غير المعقدة، ونبذ البيروقراطية المفرطة في العراق، التي تحد التلاعب بالأموال العامة، من بعض الموظفين، في بعض المؤسسات الحكومية، الذين قد يستغلون هذه البيروقراطية، لتحقيق مكاسب شخصية، من خلال تعقيد الإجراءات وفرض رشوات، مما يؤدي للفساد المالي، وهدر الأموال العامة، وتوجيهها نحو المشاريع غير الضرورية، أو غير الفعالة، كما يعطل الاستثمارات الأجنبية والمحلية الفعالة، بسبب غياب الثقة في النظام الاقتصادي، ويزيد من البطالة والفقر.
العمل على تعزيز الشفافية، وجعلها من الأولويات في الأولويات، بإدارة الأموال العامة، من خلال نشر التقارير المالية بانتظام، ووضع آليات رقابية فعالة، كما ينبغي تشديد المساءلة على المسؤولين، عن أي اختلاسات أو فساد، وإصلاح النظام القضائي، كون القضاء يلعب دورًا أساسيًا، في محاربة الفساد، لذا يجب جعله أكثر استقلالية، بحيث يكون قادرًا على، محاكمة الفاسدين دون تأثيرات خارجية أو سياسية.
يجب فسح المجال للإعلام، الذي له دور مهم، في كشف الفساد ودعم منظمات، المجتمع المدني غير الحكومية، وأن يكون جزءاً من عملية، الرقابة والمطالبة بالعدالة، وإصلاح النظام الانتخابي وضمان، عدم احتكار بعض الأحزاب السياسية للسلطة، يمكن أن يساهم في تقليل المحاصصة، ويعزز من توجيه الأموال، والمشاريع لصالح المصلحة العامة.
بالرغم من أن الفساد المالي، قضية معقدة في العراق، يَمَسُ جوانب عدة في الحياة الاقتصادية والسياسية؛ إلا أن اتخاذ إجراءات حازمة، قادرة للحد منه بل قد تكون، قادة من القضاء عليه بصورة كاملة، وبالمقابل فإن أي تهاون فيه، فإن العراق سيتشغل، بمواجهة التحديات مما يوقف، عملية التنمية والبقاء في حالة، عدم الاستقرار.
فهل سيكون العراق قادراً على الفساد، والقانون العراقي يضمن الكفالة للفاسدين، مهما كانت الجريمة ليسافر خارج العراق، بعد أن يحول المبالغ، وإن كانت تبلغ مليارات الدولارات، أملاً في إصدار عفوٍ يشمله، ليعود مُعَّزَزاً مُكَرَماً ليحتفل بالعفو عنه، ويعوض ما خره في عقود جيده.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
الضربة الثانية من واشنطن لبغداد بقلب نظامها المالي.. ويلسون: عقوبات على الرافدين
بغداد اليوم - بغداد
أثارت تصريحات النائب الجمهوري الأمريكي جو ويلسون حول فرض عقوبات على مصرف الرافدين، أحد أكبر البنوك الحكومية في العراق، ردود فعل واسعة في الأوساط السياسية والاقتصادية العراقية. حيث أشار ويلسون في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) إلى أن "عقوبات على مصرف الرافدين" وقبلها "ستكون خطوة ضرورية لمواجهة الأنشطة المالية المشبوهة".
هذه التصريحات جاءت في وقت يشهد فيه العراق تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة، مما أثار مخاوف من تداعيات محتملة على الاقتصاد العراقي والمواطنين.
تفاصيل التهديدات الأمريكية
في تغريدته، لم يوضح النائب جو ويلسون التفاصيل الكاملة حول الأسباب التي تدعو إلى فرض عقوبات على مصرف الرافدين، لكنه أشار إلى "أنشطة مالية مشبوهة" دون تقديم أدلة محددة. وتأتي هذه التصريحات في إطار الضغوط الأمريكية المتزايدة على العراق فيما يتعلق بعلاقاته الإقليمية، وخاصة مع إيران، والتي تتهمها واشنطن باستخدام النظام المالي العراقي لتحويل أموال تخترق العقوبات الدولية.
مصرف الرافدين، الذي يُعد أحد أعمدة النظام المالي العراقي، يلعب دورًا محوريًا في إدارة الحسابات الحكومية وتمويل المشاريع التنموية. وفرض عقوبات عليه قد يؤدي إلى شلّ جزء كبير من الاقتصاد العراقي، مما سينعكس سلبًا على المواطنين الذين يعتمدون على الخدمات التي يقدمها البنك.
ردود الفعل العراقية
تصدرت التصريحات الأمريكية عناوين الصحف المحلية وأثارت غضبًا واسعًا بين المسؤولين العراقيين. حيث وصف عضو مجلس النواب أحمد الخزعلي التهديدات الأمريكية بأنها "استهداف مباشر لسيادة العراق واستقراره الاقتصادي".
وأضاف أن "هذه الخطوة لن تؤثر فقط على الحكومة، بل ستطال المواطن العادي الذي يعتمد على مصرف الرافدين في تحويلاتهم ومعاملاتهم اليومية".
من جهته، دعت وزيرة المالية العراقية طيف سامي إلى "ضرورة التصدي لهذه التهديدات من خلال تعزيز الشفافية في النظام المالي العراقي وتوضيح الحقائق للجانب الأمريكي". كما أكد أن "مصرف الرافدين يلتزم بجميع القوانين والمعايير الدولية، وأن أي عقوبات ستكون غير مبررة وستضر بمصالح الشعب العراقي".
تداعيات محتملة على الاقتصاد العراقي
يُعد مصرف الرافدين أحد أبرز البنوك الحكومية في العراق، حيث يدير جزءًا كبيرًا من الحسابات الحكومية ويقدم خدمات مالية لملايين العراقيين. وفرض عقوبات عليه قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، منها:
1. تجميد الحسابات: قد تؤدي العقوبات إلى تجميد الحسابات المرتبطة بمصرف الرافدين في الخارج، مما يعيق تحويلات العملة الأجنبية ويؤثر على استيراد السلع الأساسية.
2. انهيار الثقة: قد يفقد المواطنون الثقة في النظام المصرفي، مما يؤدي إلى سحب الودائع بشكل جماعي وإضعاف القطاع المالي.
3. ارتفاع الأسعار: قد يؤدي شلّ عمل المصرف إلى تعطيل تمويل المشاريع الحكومية وارتفاع أسعار السلع والخدمات بسبب نقص السيولة.
4. تأثيرات اجتماعية: قد تتفاقم الأزمات الاجتماعية بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، خاصة في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر.
خلفية العلاقات العراقية الأمريكية
تأتي هذه التهديدات في إطار علاقات متوترة بين العراق والولايات المتحدة، حيث تتهم واشنطن بغداد بعدم الالتزام بالعقوبات الدولية المفروضة على إيران. وتُعد القضية الإيرانية أحد أبرز نقاط الخلاف بين البلدين، حيث تتهم الولايات المتحدة العراق بكونه معبرًا لتحويل الأموال إلى إيران.
من جهة أخرى، يرى مراقبون أن هذه التهديدات قد تكون جزءًا من ضغوط أمريكية لدفع العراق إلى تبني سياسات أكثر توافقًا مع المصالح الأمريكية في المنطقة.
مستقبل الأزمة
من المتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تحركات دبلوماسية مكثفة بين بغداد وواشنطن لتجنب فرض العقوبات. كما يُتوقع أن تعمل الحكومة العراقية على تعزيز الشفافية في النظام المالي وتقديم ضمانات للجانب الأمريكي بعدم استخدام مصرف الرافدين في أنشطة تخترق العقوبات الدولية.
تُعد التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات على مصرف الرافدين تطورًا خطيرًا قد يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العراقي والمواطنين. وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة العراقية إلى تجنب هذه العقوبات، يبقى المواطنون في حالة ترقب لمعرفة ما ستسفر عنه هذه الأزمة، مع أمل في أن يتم حلها دون الإضرار بمصالح البلاد.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات + منصة "إكس"