مخاوف إسرائيلية من عدم استكمال صفقة التبادل بسبب مراوغة نتنياهو
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
القدس المحتلة- يحتدم السجال بين الإسرائيليين حيال الأثمان التي دفعتها تل أبيب من أجل إعادة بعض المحتجزين، في وقت تتعزز فيه المخاوف من مغبة عدم استكمال جميع مراحل صفقة التبادل، بسبب مواصلة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نهج المماطلة والمراوغة في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والتهديد باستئناف الحرب.
ووسط حالة السجال والانتقادات الداخلية التي تُوجَّه إلى نتنياهو، يلوح رئيس الوزراء بعدم دفع الحكومة الإسرائيلية كافة استحقاقات اتفاق غزة، ويطالب بتمديدها لتجنب تفكك الائتلاف إذا نفذ رئيس الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش تهديده بالانسحاب من الحكومة في حال عدم استئناف القتال بعد انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة.
ومع تصاعد وتيرة الانتقادات للحكومة الإسرائيلية على أدائها بكل ما يتعلق بتنفيذ وقف إطلاق النار وصفقة التبادل، وفي ظل تضارب تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن خطة غزة، سارع نتنياهو إلى إطلاق تصريحات تحمل في طياتها لغة التهديد والوعيد بأن مفاوضات المرحلة الثانية ستكون في غاية الصعوبة والتعقيدات.
ورغم السجال بشأن أثمان الصفقة وعدم تحقيق أهداف الحرب المعلنة، والانتقادات لأداء حكومة نتنياهو وتعاملها مع اتفاق وقف إطلاق النار، فإن قرارات المحللين تجمع على ضرورة إعادة جميع المحتجزين الإسرائيليين، وعلى أن "النصر المطلق" الذي وعد به نتنياهو يعد وهمًا من وحي الخيال.
إعلان فشل إستراتيجيتشير كثير من الطروحات الإسرائيلية إلى أن صفقة التبادل وإعادة المحتجزين لعائلاتهم تكرس قضية الأمن الشخصي على حساب الأمن القومي الجمعي لإسرائيل، وتعتبر أن ذلك يعزز الاعتقاد لدى فصائل المقاومة الفلسطينية بأن تبادل الأسرى يشير إلى نجاعة العمل العسكري في تحرير الأسرى من السجون الإسرائيلية.
كما ذهبت بعض القراءات الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك، إذ لم تستبعد سيناريو تنفيذ هجوم مفاجئ بالمستقبل على غرار هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كونه بعد مرور عام و5 أشهر على الحرب تبدد وهم "النصر المطلق" الذي وعد به نتنياهو، ولا تزال حركة حماس هي الجسم الحاكم في قطاع غزة، في حين ما زالت كتائب القسام تتمتع بقدرات عسكرية عالية.
وتساءل العقيد احتياط غابي سيبوني، في تقدير موقف صادر عن معهد "يروشاليم" للإستراتيجية والأمن "إلى أين تفضي صفقة الرهائن؟"، في إشارة منه إلى أن غالبية المجتمع الإسرائيلي بات يمنح الأولوية للأمن الشخصي على الأمن القومي الإسرائيلي، مشيرا إلى أن هذا بات يشكل خطرا كبيرا على مواطني إسرائيل، إذ يدفع الفصائل الفلسطينية لتنفيذ عمليات "خطف" من أجل إرغام إسرائيل على تقديم تنازلات إضافية.
ويعتقد الباحث الإسرائيلي أن صفقة التبادل في شكلها الحالي تشكل فشلا إستراتيجيا لإسرائيل، قائلا إن "اتفاق وقف إطلاق النار يسمح لحماس بالتعافي عسكريا وإداريا، ويحكم على المحتجزين الذين لن يتم إطلاق سراحهم في هذه الصفقة بسنوات طويلة من المعاناة، فهم يشكلون رصيدا إستراتيجيا عاليا بالنسبة لحماس".
كما يضيف أن استمرار سيطرة حماس على قطاع غزة "أمر لا يطاق" من وجهة نظر إسرائيل، وقد تكون له ارتدادات على محور المقاومة بأكمله، وزعزعة الاستقرار بالضفة الغربية، ويعرض الأمن الإقليمي للخطر، حسب قوله "وعليه، فإن إسرائيل ستكون مضطرة عاجلا أو آجلا لاستئناف القتال من أجل استكمال أهداف الحرب".
إعلان هروب للأماموتبنت الطرح ذاته الرئيسة السابقة للجنة مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تاليه لانكري، التي وجهت انتقادات شديدة اللهجة إلى نتنياهو، الذي تابع الدفعة الخامسة من الصفقة وإعادة 3 من المحتجزين الإسرائيليين وهو خارج البلاد، علما أنه ما زال هناك 76 إسرائيليا بالأسر ومصيرهم ما زال مبهما.
وتعتقد لانكري أن وجود نتنياهو خارج البلاد خلال إعادة بعض المحتجزين بالأسر لدى حماس في غزة، يعكس نهج المماطلة والمراوغة لدى رئيس الوزراء بشأن استكمال صفقة التبادل، ودعواته لتمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، وحتى تهديده باستئناف القتال.
وأوضحت في حديثها للقناة الـ12 الإسرائيلية أن نهج نتنياهو "الذي يسعى إلى الهروب إلى الأمام وترحيل المرحلة الثانية، مع تبدد وهم النصر المطلق الذي وعد به، يعكس حالة التخبط التي يعيشها، بسبب الأزمات الداخلية في الحكومة، وتهديدات سموتريتش بتفكيك الائتلاف في حال عدم العودة للحرب".
وأمام هذه الوقائع والضبابية التي تلف المشهد السياسي بإسرائيل، تقول لانكري إن "المخاوف لدى الإسرائيليين تتعزز مع إمكانية عدم استكمال صفقة التبادل، والإبقاء على عديد من المحتجزين بالأسر مع استئناف القتال".
كما ترجح لانكري أن حماس معنية باستكمال الصفقة وتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار كافة، "فالحركة تعي جيدا نهج المراوغة الذي يعتمده نتنياهو والذي يراهن على خلط الأوراق، عقب التصريحات المتناقضة لترامب بشأن تهجير أهل غزة" حسب وصفها.
وأشارت إلى أن حماس تتحضر لإمكانية تجدد القتال في غزة، إذ تستغل الوقت لإعادة ترتيب صفوفها للقتال مستقبلا إذا استأنفت إسرائيل الحرب على القطاع، بعد انتهاء سريان وقف إطلاق النار ولربما قبل ذلك، وهو ما يعني إمكانية تنفيذ الفصائل الفلسطينية المسلحة هجوما على غرار السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأيضا عمليات "اختطاف" لجنود إسرائيليين.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات اتفاق وقف إطلاق النار صفقة التبادل إلى أن
إقرأ أيضاً:
حكومة نتنياهو تحاول التنصل من اتفاق وقف إطلاق النار وتلوح بعودة الحرب في غزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
على مدار أيام الاتفاق، لجأت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو إلى مناورات بهدف التنصل من شروط اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس في قطاع غزة، مستندة إلى حجج واهية مع تهديدات مستمرة بالعودة إلى الحرب.
وفي وقت شهدت فيه مفاوضات وقف إطلاق النار تذبذبًا في وتيرتها، أقدمت الإدارة الأميركية على إجراء محادثات مباشرة مع مسؤولين من حركة حماس، وهي خطوة غير مسبوقة وصفت بالإيجابية، مما يشير إلى تحول مفاجئ قد يحمل العديد من الدلالات.
جاء ذلك بعد تهديدات متكررة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض "جحيم" إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى الإسرائيلين في غزة، إضافة إلى عرضه خططًا لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
وفي تفاصيل المحادثات، كشف مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الأسرى أدم بوهلر، أن حماس قدمت عرضًا يتضمن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف إطلاق نار يمتد من خمس إلى عشر سنوات.
كما اقترحت الحركة نزع سلاحها بالكامل، مع ضمانات أمنية من الوسطاء بعدم الانخراط في أي أنشطة عسكرية في غزة، وصولًا إلى انسحابها من المشهد السياسي.
تهديدات باستئناف الحرب وتهجير الفلسطينيين
وقال وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إن إسرائيل أبلغت المبعوث الأمريكي لشؤون الأسرى في غزة، آدم بولر، بعدم التفاوض مع حركة حماس نيابة عنها.
وأضاف سموتريتش، في مقابلة مع إذاعة جيش الاحتلال، أن بولر حاول التفاوض بشأن إطلاق سراح الأسرى الأمريكيين، لكن إسرائيل أكدت أنه لا يمكنه التحدث نيابة عنها.
وأكد سموتريتش، في تصريح للإذاعة الإسرائيلية أن الحرب على قطاع غزة ستستأنف قريبًا.
وأوضح سموتريتش أن رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد، إيال زامير، الذي وصفه بأنه "أكثر صرامة وروحًا مختلفة"، يهدف إلى شن عملية عسكرية مكثفة تهدف إلى احتلال غزة وتدمير حركة حماس بشكل كامل.
وأشار سموتريتش إلى أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على تنفيذ خطة لترحيل سكان غزة إلى دول أخرى، لافتًا إلى "التقدم" الذي تم إحرازه في المفاوضات مع الإدارة الأمريكية لتحديد الدول المستعدة لاستقبال هؤلاء السكان.
وفي تصريحات أدلى بها خلال مشاركته في لوبي "أرض إسرائيل"، أكد سموتريتش أن الحكومة تستعد لإنشاء مديرية هجرة كبيرة داخل وزارة الدفاع لتنسيق وتنفيذ عمليات الترحيل.
وأوضح أن العملية تحتاج إلى تخطيط طويل الأمد وتنسيق دولي معقد، وأن التنفيذ سيكون تدريجيًا وقد يستغرق وقتًا طويلاً.
وأضاف سموتريتش: "إذا تمكنا من ترحيل 10,000 شخص يوميًا، على مدار 7 أيام في الأسبوع، فسيستغرق الأمر حوالي 6 أشهر، مما يعكس مدى تعقيد هذه العملية".
وأشار إلى أن إسرائيل تعمل بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية للبحث عن دول مستعدة لاستقبال الفلسطينيين، لافتًا إلى أن تنفيذ الخطة يتطلب إجراءات دبلوماسية وأمنية مكثفة.
من جهة أخرى، رفضت الفصائل الفلسطينية التصريحات الإسرائيلية، مؤكدة أنها ملتزمة بالهدنة طالما التزمت بها إسرائيل.
وأكدت أن أي محاولة من قبل الحكومة الإسرائيلية لنسف الاتفاق ستؤدي إلى تفجر الوضع من جديد، ما قد يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية في المنطقة.
وتتزايد المخاوف من تصاعد العنف في المنطقة مجدداً، وسط الدعوات الدولية لاستئناف المحادثات والوصول إلى تسوية دائمة تؤدي إلى سلام شامل.
يبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في قطاع غزة في يناير الماضي على وشك الانهيار.
دوافع نتنياهو
أحد الأسباب الرئيسة التي تؤثر على فشل تنفيذ الاتفاق هو المواقف السياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
فقد أشارت التقارير إلى أن نتنياهو يمتلك دوافع سياسية وشخصية قوية لإبقاء إسرائيل في حالة حرب، حيث يحتاج إلى الحفاظ على تحالفه مع اليمين المتطرف داخل حكومته، الذين يطالبون بسياسة تهدف إلى القضاء على الفلسطينيين في قطاع غزة.
نتيجة لذلك، فإن نتنياهو لا يسعى لإنجاح الاتفاق، بل على العكس، لديه حوافز لتخريبه في محاولة لاستبداله بمفاوضات جديدة تتناسب مع تطلعات إسرائيل.
الانتهاكات الإسرائيلية للاتفاق
منذ بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، قامت إسرائيل بعدة انتهاكات، مثل الهجمات الجوية والبرية على قطاع غزة، مما أسفر عن سقوط ضحايا.
ورغم أن حركة حماس لم ترد بشكل واسع النطاق على هذه الانتهاكات، إلا أن الوضع ما زال متأزمًا.
في الوقت ذاته، بدأت إسرائيل في منع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، الأمر الذي يزيد من معاناة السكان المدنيين.
موقف حماس والمقترحات البديلة
من جانبها، رفضت حماس مقترح نتنياهو لوقف إطلاق النار المؤقت، والذي لا يتضمن انسحابًا إسرائيليًا من غزة أو وقفًا دائمًا للأعمال العدائية.
ووصف قادة حماس هذا المقترح بأنه محاولة للتنصل من الاتفاق الأصلي الذي تم التوصل إليه في يناير.
الدور الأمريكي في الأزمة
إحدى العوامل الهامة التي تؤثر على الأزمة في قطاع غزة هي السياسة الأمريكية.
ورغم التأثير الكبير الذي تتمتع به الولايات المتحدة على إسرائيل، بما في ذلك مساعداتها العسكرية الضخمة، فإن إدارة ترامب لم تستخدم هذا النفوذ من أجل ضمان تنفيذ الاتفاقات.
بل على العكس، تشير التقارير إلى أن المقترح الذي طرحه نتنياهو لوقف إطلاق النار المؤقت هو في الأساس صيغته البديلة التي دعمها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.