بوابة الوفد:
2025-02-08@19:46:35 GMT

«المثالية».. مصدر التفكير الدينى

تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT

يُعرف المثالى بأنه وصف لكل ما هو كامل فى بابه، كالخلق المثالى واللوحة المثالية... إلخ. إنها تطلع إلى المستقبل المأمول من فوق قمة الواقع المعاش، أو قل إنها تخطيط لما ينبغى أن يكون بحساب دقيق لما هو كائن بالفعل، وليست، كما يزعم أعداؤها الماديون، مجرد أحلام طائرة فى الفراغ بغير قرار. و«المثالية» بوجه عام اتجاه قوامه رد كل وجود إلى الفكر بأوسع معانى هذه اللفظ، فوجود الأشياء مرهون بقوى الإدراك.

فمن يكون ذلك الاتجاه المُسمى بالمثالية وما علاقته بالفلسفة؟
عزيزى القارئ اشتقت كلمة مثالية Idealism من كلمة مثال Ideal، والمثال عادة ما يكون صورة فى منتهى الكمال للشىء أو الفعل. وهى اتجاه فلسفى يبدأ من المبدأ القائل بأن الروحى أى اللامادى أولى، وأن المادى ثانوى، وهو ما يجعلها أقرب إلى الأفكار الدينية حول تناهى العالم فى الزمان والمكان وحول خلق الله له. فالمثالية كفلسفة، قديمة قدم التفكير الدينى وهى مصدره، إن لم تكن نابعة عنه. ارتباطها بالأفكار الدينية والأسطورية وهذا طابع مميز لمثالية افلاطون الموضوعية، وللمثالية القديمة بوجه عام، وأمتد هذا الارتباط حتى عصرنا هذا. فعن أى شىء تبحث المثالية؟
صديقى القارئ استخدم مصطلح المثالية لأول مرة فى القرن السابع عشر الفيلسوف الألمانى لايبنتز عندما أطلقه على فلسفة أفلاطون تميزًا لها عن الفلسفة المادية، والمثال عند أفلاطون هو الأصل الذى خُلِقَتَ الكائنات على صورته. والفلسفة المثالية هى الفلسفة العقلية الكلية التى ترى أن الواقع إن لم يكن منبثقًا عن الفكر ومعتمدًا عليه فى وجوده فهو على أقل تقدير مرتبط به. وتنظر المثالية إلى الوعى منعزلًا عن الطبيعة، كما أنها اتجاه فلسفى يبحث عن مسألة الوجود (الأنطولوجيا)، حيث إنها تعطى الأولوية فى الوجود للروح على أن يكون وجود المادة ثانويًا، فى حين أن المادة تعطى الأولوية فى الوجود للمادة على أن تكون الروح انعكاسًا للمادة وظلًا لها.
هذا بالإضافة إلى اختلاف المذاهب المثالية بين متطرف ومحافظ فى هذا الشأن، ومن المتطرفين نذكر على سبيل المثال، فلسفة باركلى المثالية الذاتية التى أنكرت الوجود المادى خارج الذات، الأمر الذى جعلها تقلب بالمثالية الذاتية Subjectivism أو اللامادية Immaterialism، وهنا نلمح وصف باركلى المثالية بأنها المذهب الذى يقول إن الروحى أو اللامادى هو الأولى، وأن المادى هو الثانوى. أما المذاهب المثالية المحافظة فيمكن أن نجدها عند أفلاطون الذى أقر بوجود عالم الحس وإن كان يراه فى درجة أدنى من درجة عالم المثل. ثم عند إيمانويل كانط الذى اعترف بوجود العالم الخارجى كشريك لعالم الفكر فى مجال المعرفة.
نستطيع القول إن المثالية الأفلاطونية مثالية «مطلقة» تتجه إلى ما هو بذاته، لأنها ترى فى الفكرة أو المثال موجودًا متميزًا متعاليًا، هو عنصر المعرفة المطلقة التى هى الموجود المطلق ذاته، ذلك الموجود الذى لا يتغير، والذى بفضله تجى الأشياء كلها إلى الوجود. أما المثالية الكانطية فهى مثالية «نسبية»، تنظر إلى العالم كما هو عندنا: فهى مثالية تقد العالم على قد الإنسان إن صح هذا القول. وهذا هو المعنى الذى قصد إليه كانط حين أعلن ما سماه باسم الثور الكوبرنيقية.
وختامًا، كانت المثالية ولا تزال فكرًا معارضًا لكل نظام – قديمًا كان أو حديث – يعتدى على كرامة الإنسان وحقوقه، فكرًا يدافع عن العدل والمساواة بينهم وعن حريتهم. فهى ذلك التوجه الفكرى الذى يقول بتعالى القيم والمثل فى الحياة العملية، بل هى تكشف العلل وتعطى حلولا للواقع، فيما يحتاج إليه الناس. كما أن المثالية تعنى بشكل مهم ذلك الاتجاه الذى يُقدم عالم الأفكار على غيره من الاتجاهات الفكرية. وفى جملة واحدة، الفلسفة المثالية هى الفلسفة التى تؤمن بأن الكل هو نقطة البداية والنهاية.
[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: محمد جاد الله كرامة الإنسان

إقرأ أيضاً:

17 فيلمًا يتنافسون على جوائز «النجوم الجديدة» بمهرجان الإسماعيلية السينمائي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يتنافس 17 فيلمًا في مسابقة «النجوم الجديدة» بالدورة 26 من مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة برئاسة المخرجة هالة جلال، والمقرر انطلاقها في الفترة من 5 إلى 11 فبراير المقبل، والذي ينظمه المركز القومى للسينما.

قال المخرج أحمد نبيل: “يشرفنى ويسعدنى، بصفتى مدير مسابقة «النجوم الجديدة»، أن أقدم هذا الاحتفاء بالمواهب الصاعدة، وإن مشاهدة الشغف والإبداع في مشهد التعليم السينمائي بمصر ليذكرنى كيف غيرت دراسة السينما حياتى، وأسهمت فى استقرار ممارستى الإبداعية، أود أن أهدى هذا البرنامج إلى كل من بذل الجهد لتطوير منصات تعليمية للمهتمين بدراسة السينما من الشباب فى مصر، وبصفتى صانع أفلام ومعلم سينما، أؤمن بأن هذه المنصات تلعب دورا محوريا فى تشكيل المشهد السينمائي في بلدنا، وهي تمنح المبدعين الصاعدين الأدوات اللازمة لصياغة قصصهم واستكشاف لغتهم السينمائية الخاصة، وأيضا عملية تتطلب توفير مزيجا دقيقا من الانضباط والحرية”.

وتابع: “لقد حظيت أنا وزميلتى حبيبة الفقى بشرف مراجعة 129 فيلما من مدارس سينما وبرامج تعليمية مختلفة، وقد تم اختيار 17 فيلما تمثل مدارس وأساليب متنوعة، احتفاء بإبداع وتفانى هذه الأصوات السينمائية الواعدة”.

أما عن الأفلام المشاركة في هذه المسابقة ومنها: «رحيل» للمخرج هشام متولى، وتدور أحداثه حول «عبد ربه» الذى يجد نفسه متورطا فى قضية اختلاس تدفعه إلى ارتكاب جريمة قتل بحق السارق الحقيقى، ويعود إلى منزله محاولا اختلاس لحظات أخيرة من السكينة قبل أن تنقلب حياته رأسا على عقب، فيجد مفاجأة غير متوقعة فى انتظاره هناك تحول دون تحقيق رغبته فى السلام الأخير.

كما يشارك فيلم «أربعين» للمخرج محمد آدم، وتدور قصته حول «هادى» الذى يعود إلى وطنه لحضور قداس الأربعين لوالدته التى رحلت مؤخرا، ليواجه صدمة رفض والده المشاركة فى المراسم، ويتحول هذا الرفض إلى شرارة صراع عميق بين الأب والابن، وتحت وطأة المواجهة تبدأ الأسرار المدفونة فى طيات الماضى بالظهور تدريجيا، لتكشف عن حقائق مخبأة ظلت صامتة لسنوات طويلة.

وفيلم «داجن» للمخرج يوسف إمام، ففى ليلة استثنائية تنشأ محادثة عميقة بين رجل وبائع فى كشك متواضع، وخلال ساعات الليل المتأخرة، تتكشف تفاصيل حياة الرجل وحنينه العميق لعودة ابنته الغائبة، وبينما تتدفق أحاديثهما، فيراقب الاثنان مشاهدة الحياة الليلية التى تتكشف لهم فى الشارع.

ويعرض فيلم «عوء» للمخرج أحمد عصام، والذى تدور أحداثه فى قلب حى شعبى نابض بالحياة، تتداخل قصص شريحة واسعة من الناس، وأطفال يلعبون كرة القدم فى الشوارع، بينما كبار السن يستمتعون بلعبة الطاولة فى المقهى، وشباب يبحثون عن ملاذ فى المخدرات، وآخرون يحلمون بالشهرة من خلال الموسيقى، وعشاق يختبئون عن أعين الناس بحثا عن لحظات من السعادة.

أما فيلم «البر التانى» للمخرج محمود رمضان، فتدور أحداثه حول «محمود» حارس الأمن الذى يتلقى مكالمة غامضة من الماضي في بداية نوبته الليلية الهادئة، وتقلب هذه المكالمة غير المتوقعة ليلته رأسا على عقب، وتجبره على مواجهة ثقل قرارات الماضى واحتمالات المستقبل المجهولة.

وينافس أيضا فيلم «أبى لم يحب أبدا لعبى» للمخرجة ميسون عبدالغنى، هذا الفيلم القصير التجريبى يتتبع طفلة شغوفة وهى تمر بمواقف مختلفة غير مريحة، تلجأ إلى دميتها المفضلة كوسيلة للتأقلم، مستخدمة خيالها لخلق عالم مألوف ومثالى يعكس مشاعرها وتطلعاتها، ويمزج الفيلم بين لقطات أرشيفية من طفولة المخرجة ومشاهد متحركة ليظهر العالم من خلال عينى طفلة.

بينما فيلم «أربعة أيام» للمخرج إسماعيل محمد جميعى، تدور أحداثه وسط صراعاته الصامتة مع الاكتئاب، فيقرر «شريف» الشاب الانطوائي في منتصف العشرينات، إنهاء حياته فى يوم ميلاده، وبينما يعد خطته لإنهاء كل شىء، يحدث تواصل غير متوقع مع زميل فى العمل، مما يشكل تواصلا ونورا ساطعا فى وجوده المظلم.

وينافس فيلم «أنا الشمس» من إخراج جومانة لبيب وكارمن غالى، وهو رحلة سينمائية تتبع مخرجتين تسعيان لتحقيق شغفهما الفنى فى شوارع وسط البلد بالقاهرة، حيث تواجهان صعوبات بيئية ونظامية تحاول عرقلة مسيرتهما الإبداعية، وأما فيلم «هل أنت أرنب» للمخرج حاتم إمام، ففى مواجهة قاسية مع الواقع يجد معلم فنون نفسه مفصولا من وظيفته، فالصدمة تدفعه إلى حوار عميق مع ابنه حول معنى الحياة والبقاء فى تحول مأساوى، يقرر الأب ذبح أرانب اشتراها لتوفير الغذاء، مما يدفعه إلى مواجهة سؤال وجودى عميق هل حياته، بعد فقدان وظيفته وهويته، لا تختلف عن حياة الأرانب التى يعتزم ذبحها؟

ويعرض فيلم «باسم الابن» للمخرج فارس التابعى، والذى تدور أحداثه حول شاب يعانى من الوحدة والاغتراب تجاه والده، حيث يدفعه قبوله فى منحة لدراسة السينما لاكتشاف فردوس الأب المفقود، وفيلم «الحلقة الزمنية» إخراج إسلام قطب، والذى تدور أحداثه تحت وطأة ضغوط الحياة، حيث تلجأ فتاة إلى المخدرات هربا من واقعها المرير، وبينما تتكشف العواقب المؤلمة لاختياراتها، يبقى السؤال معلقا: هل ستتمكن من تغيير مسار حياتها؟.

وفيلم «ماما» للمخرجة سمر الفقى، والذى تدور أحداثه عبر أرشيف عائلتها، فتحاول سمر التقاط الأصوات السامة التى تنتقل عبر الأجيال من الأم إلى ابنتها بدافع الحب، وفيلم «السعودية رايح بس» للمخرجة سلمى سطوحى، والذى تدور أحداثه حول «نشوى» فتاة شابة من الريف، تختار أن تبدأ حياتها الزوجية بطريقة غير تقليدية بدلا من حفل زفاف تقليدى، وتسافر بمفردها إلى بلد بعيد للقاء عريسها الذى لم تره إلا مرة واحدة.

وكذلك فيلم «نهايات متشابكة» للمخرجة عايدة الكردانى، والذى تدور أحداثه حول «عايدة الكردانى» رسامة كاراتون ومحركة مصرية مقيمة فى القاهرة، ونشأت «آية» فى السويد، ورغم عدم إجادتها للسويدية أو الإنجليزية فى ذلك الوقت، فقد أمضت ساعات طويلة أمام التلفاز تشاهد الرسوم المتحركة دون فهم كلمة واحدة، ومع ذلك، أُسرت «عايدة» بسحر الرسوم المتحركة والقصص التي كانت تحكيها، مما أرسى جذورا عميقة لعشقها لهذا الفن.

فيما يشارك فيلم «زى النهاردة من سنة» للمخرجة سلمى أيمن، والذى تدور أحداثه حول «سلمى»، امرأة تستعيد ذكريات الأيام المصيرية من عامها الماضى، وفى رحلة عاطفية عميقة، نتتبع لحظات التحول الجذرية التى غيرت مسار حياتها إلى الأبد، وفيلم «القطار 118» للمخرج ماجد الدميرى، وبعد أن انتشر العفن واجتاح فيروس الغباء العالم، يقرر «يحيى» وحبيبته الاختباء داخل منزلهما المحصن، لكن فى ظل ظروف غامضة يتسلل الوباء إلى المنزل.

وأخيرا فيلم «قصير شفاف» للمخرجة مريم ناصر، و يستكشف هذا الفيلم الوثائقى الروايات الشخصية العميقة المتشابكة فى فعل شراء الملابس الداخلية الأولى الذى يبدو روتينيا.

فى حين تضم لجنة تحكيم مسابقة «النجوم الجديدة» التى تترأسها الباحثة السينمائية التونسية إنصاف وهبى، وعضوية كل من المخرج والمصور السينمائى المصرى إسلام كمال، و المنتج والمخرج المصرى بسام مرتضى.

 

مقالات مشابهة

  • 50 مليار دولار تُسرق من أجور العاملين في أمريكا سنويا (الحلقة الثالثة)
  • قلم رصاص
  • «لا»
  • 17 فيلمًا يتنافسون على جوائز «النجوم الجديدة» بمهرجان الإسماعيلية السينمائي
  • ونحن فى انتظار شهر الرحمات.. انتى فين يا حكومه؟!
  • أنها الرحلة الأعظم فى الوجود
  • «فتاة وبحيرتان».. رواية تُبحر فى أعماق النفس والقدر
  • فى الحركة بركة
  • ترامب المظلوم.. وكلوديا الثائرة!