لجريدة عمان:
2025-04-11@02:41:32 GMT

العمانيون في القاهرة

تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT

احتفى المصريون والعمانيون معا بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين، وهو أول معرض يقام في العالم العربي (١٩٦٩)، حينما أقيم على أرض المعارض بالجزيرة على نيل القاهرة لأول مرة، وكان الدكتور ثروت عكاشة وزيرًا للثقافة والدكتورة سهير القلماوي رئيسة للهيئة المصرية للكتاب، وقد اقترح الوزير على الرئيس جمال عبد الناصر إقامة معرض للكتاب لأول مرة يشارك فيه الناشرون المصريون والعرب والأجانب من مختلف دول العالم، وأعتقد أن المعرض في هذه الدورة كان يحمل رسائل سياسية، فقد كانت مصر تمر بأزمة كبيرة جراء حرب ٥ يونيو ١٩٦٧، ولعل وجهة نظر وزير الثقافة وقتئذ أن مصر كانت في حاجة إلى الانفتاح الثقافي على محيطها العربي والأجنبي، وكان يستهدف من وراء ذلك تقديم رسالة إلى العالم بأن مصر لم تنكسر، وأنها قادرة على تجاوز محنتها وأنها ماضية نحو القيام بدورها واستعادة مكانتها رغم ما ألم بها من هزيمة ساحقة، لكنها قادرة دوما على أن تعيد الحياة إلى طبيعتها، وفي ذات السياق راح الإعلام المصري في التلفزيون والإذاعة والصحافة جميعهم يمارسون دورهم من خلال إتاحة مختلف البرامج الدرامية والفنية والثقافية كوسيلة لإخراج المصريين من أزمتهم النفسية، لذا جاء قرار إقامة المعرض.

استمر معرض الكتاب منذ دورته الأولى وحتى عامه هذا على الرغم من أن مصر شهدت ظروفا صعبة خلال حرب الاستنزاف مرورا بحرب ١٩٧٣، وما أعقبها من اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، التي قاطع بموجبها العرب مصر باستثناء عُمان ومعها دولتان هما السودان والصومال، ورغم ذلك لم يتوقف المعرض، إلى أن جاءت أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١، حينما خرجت جموع المصريين مطالبين بالتغيير، في نفس توقيت إقامة المعرض الذي كان مقررا افتتاح رئيس الجمهورية له ٢٨ يناير ٢٠١١، وكانت الصين ضيف شرف هذه الدورة، وكنت وقتها رئيسا للهيئة المصرية العامة للكتاب والمسؤول عن المعرض، ونظرًا لما كانت تمر به القاهرة من أوضاع سياسية مضطربة، فقد تقرر إلغاء المعرض في نفس يوم افتتاحه، وقد شعر الناشرون الذين قدموا من مختلف دول العالم بقدر من الألم، وخصوصًا ضيف الشرف (الصين) التي كانت قد استقدمت أكثر من خمسمائة ما بين كُتاب وفنانين ومثقفين، لذا شعر رئيس الوفد الصيني بقدر من الضيق وقد أصر على أن يفتتح الجناح الصيني حتى بدون حضور جمهور، والغريب أنه أصر أيضا على أن يلقي كلمة الافتتاح بحجة أنه إجراء توثيقي، كما طلب مني أن ألقي كلمة بهذه المناسبة، ولا أدري ماذا قلت في هذه الكلمة القصيرة جدا فلقد كان الحزن والألم يخيم على الجميع.

في تلك الدورة (٢٠١١) ، كان من المقرر الإعلان عن نشر كتاب مهم (مذكرات سوزان مبارك) حرم رئيس الجمهورية الأسبق، وقد تولت إحدى دور النشر الأشهر في مصر طبع الكتاب في مطابع الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وكان من المقرر إقامة حفل توقيع لهذا الكتاب، إلا أن أحداث الثورة حالت دون ذلك، واختفى الكتاب الذي عرفت أنه كُتب باللغتين العربية والإنجليزية، وعندما سألت عن مصير هذا الكتاب لم أجد ردًا لا من الناشر ولا من الجامعة الأمريكية، وأعتقد أنه آن الأوان لإتاحة هذا الكتاب لجمهور القراء، فقد انتهت الأزمة وتبين للناس أن الرئيس الأسبق مبارك وحرمه قد قدما خدمات جليلة للدولة المصرية، وكان للسيدة سوزان مبارك الفضل الكبير على الثقافة المصرية حينما كانت تتبنى المشروع الأهم في الثقافة المصرية (مكتبة الأسرة) منذ عام ١٩٩٤ وحتى عام ٢٠١١ ، والذي كان يتيح ما بين ٢٠٠إلى ٣٠٠ عنوان كل عام في مختلف صنوف الثقافة الاجتماعية والثقافية والفكرية والتراثية.

في دورة المعرض لهذا العام ٢٠٢٥ ، وبعد مرور خمس عشرة سنة تحل عُمان ضيف شرف على المعرض، وهو ما يستحق الشكر والتقدير لسلطنة عمان وكل مؤسساتها المعنية بالمعرض خاصة (وزارة الثقافة والرياضة والشباب) وعلى رأسها الوزير الشاب صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم بن طارق الذي بذل جهدًا فائقًا لكي تتبوأ عُمان وثقافتها مكانا بارزًا في عوالم الثقافة الجديدة، ولمعالي وزير الإعلام د. عبدالله الحراصي الذي كان لمشاركته في افتتاح المعرض أكبر الأثر، وخالص التقدير للجهد الكبير الذي بذله سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة، ولسفير عُمان في القاهرة سعادة عبدالله الرحبي للصورة المضيئة التي قدمها الوفد العماني لكي تكون عُمان ضيف شرف حقيقي في معرض القاهرة، وإذا كان المعرض هذا العام يتميز بإضافات جديدة ومبتكرة، فإن من بين ما يتميز به وصول عدد الناشرين المشاركين في المعرض إلى ١٣٤٢ ناشرًا من ٨٠ دولة من مختلف دول العالم، إلا أن الحضور العماني كان متميزًا من خلال عدد الناشرين، سواء من مؤسسات حكومية ممثلة في وزارة الثقافة والرياضة والشباب أو وزارات الإعلام والأوقاف والشؤون الدينية والتراث والسياحة وجامعة السلطان قابوس، فضلاً عن الجمعيات الأهلية إضافة إلى دور النشر الخاصة، وكان أهم ما عرضه الجناح العُماني في هذه الدورة نماذج أصلية مختارة من المخطوطات النادرة، كما شاركت عُمان بعدد كبير من المحاضرات والندوات والجلسات الحوارية التي قدمت تاريخ عُمان وعرَّفت بثقافتها وإسهاماتها في صناعة الحضارة الإنسانية.

لعل من المهم في تلك الندوات المشتركة التي تناولت العلاقات المصرية العمانية، بعضها في التاريخ والكثير منها في الثقافة العامة، لم تغفل الندوات العمانية الحديث عن الخطاب الثقافي وفق متغيرات العصر، وندوات أخرى تناولت عباقرة عُمان من الفراهيدي إلى أحمد بن ماجد وغيرهما، كان من أهم الندوات التي شهدت مشاركة واسعة تجربة المصريين الأُول الذين عملوا في جامعة السلطان قابوس منذ تجربتها الأولى، وقد أفرد المعرض جلسة خاصة عن التراث العماني المخطوط، سواء في عمان أو في غيرها من مختلف مكتبات العالم، وجلسة خاصة عن مشروع وزارة الثقافة والرياضة والشباب عن إدارة التراث القديم الجديد، وشملت الندوات برامج متنوعة عن البحرية العمانية وبعضها عن عُمان ومصر.

الملاحظ أيضا على مشاركة عُمان كضيف شرف أن جمهور المعرض قد استقبل مشاركة عُمان بإصداراتها وأنشطتها الثقافية والفنية بقدر كبير من الاهتمام، تجاوزت المعرض إلى الشارع المصري، وقد لفت نظر الحضور أن مشاركة عُمان هذا العام قد تميزت عن كل مشاركة الدول السابقة، حينما كانت مهمة ضيف الشرف في الدورات السابقة أقرب إلى المشاركة البروتوكولية، بينما جاءت مشاركة عُمان هذا العام بمثابة حضور شعبي تلقاه جمهور المثقفين بقدر كبير من البهجة والسعادة، وهي قضية لافتة للنظر، وكلما تحدثت مع أحد يقول : إنه بلد له تاريخ ونحن نحب العمانيين لأنهم يشتركون معنا في صناعة التاريخ، الذي لم تبدأ علاقاتنا معهم في سبعينيات القرن الماضي بل تمتد امتدادًا سحيقا من العصور القديمة عندما كانت السفن المصرية والعمانية تمخر عباب البحار والمحيطات، ليس لنقل التجارة فقط وإنما لتبادل كل أنماط الحضارة بكل مفرداتها. لذا كان السلطان قابوس - طيب الله ثراه - يخص المصريين بمحبة وعناية كبيرتين، ومن بعده جلالة السلطان هيثم بن طارق الذي كانت أول زيارة له خارج دول مجلس التعاون الخليجي هي مصر، ولهذا دامت المحبة المتبادلة.

لهذا يشترك المصريون والعمانيون معا بوشائج عميقة تستند إلى تاريخ يمتد عبر آلاف السنين وعصور سحيقة. تحية تقدير وامتنان لعُمان وقيادتها وشعبها الطيب الكريم.

د. محمد صابر عرب أكاديمي وكاتب مصري

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وزارة الثقافة والریاضة والشباب هذا العام من مختلف الذی کان ضیف شرف

إقرأ أيضاً:

من القاهرة رسالة جديدة بأمل كبير.. الصحف الأردنية تبرز مخرجات القمة الثلاثية «المصرية الأردنية الفرنسية»

بعد ساعات من القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفرنسية التي عقدت بالقاهرة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أبرزت الصحف والمواقع الأردنية الرسمية والخاصة صباح اليوم الثلاثاء، مخرجات القمة وتأكيداتها على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والانتهاكات في الضفة الغربية المحتلة.

وتحت عنوان من القاهرة رسالة جديدة بأمل كبير، وصف مقال بجريدة الدستور الأردنية، مناقشات القمة ومخرجاتها بأنها القول الحاسم الذي خرج من القاهرة بضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي مازال الفلسطينيون في غزة يعانون من الحرب الإسرائيلية كانت القمة الثلاثية التي دعا إليها الرئيس السيسي بالقاهرة تجمع العاهل الأردني والرئيس الفرنسي.

وأكد المقال الذي نشر صباح اليوم بجريدة الدستور الرسمية الأردنية، أن قمة القاهرة وبدعوة من الرئيس السيسي ناقشت الأوضاع التي وصفتها بالخطيرة في غزة والتي يعيشها السكان هناك منذ قرابة العامين، موضحا أن القمة أكدت ومن خلال البيان المشترك للقادة الثلاث، على ضرورة الوقف الفوري للحرب على غزة وإنفاذ المساعدات.

وأوضح أنه على المجتمع الدولي أن يتعاطى مع مخرجات القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفرنسية بشكل سريع حتى لا تتفاقم الأوضاع أكثر من ذلك، مشيرا إلى تحذيرات الملك عبد الله الثاني خلال القمة والتي أكدها الزعماء المشاركون، من تفاقم الأوضاع وتأثير ذلك على الوضع الإقليمي والدولي في ظل إنعدام الأفق، لافتا إلى أن القمة الثلاثية بالقاهرة تعد رسالة أمل جديدة وكبيرة للأشقاء في غزة وللشارع العربي كافة ضمن مجهودات وقف إطلاق النار بغزة.

كما أبرزت صحيفة الدستور، في صفحتها الرئيسة والثانية والثالثة، كافة مناقشات القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفرنسية فجاء عنوان الصفحة الرئيسية الملك يحذر من انزلاق المنطقة للفوضى، فيما عنونت في الصحفة الثانية قمة أردنية مصرية فرنسية تؤكد ضرورة وقف الحرب على غزة، في حين رصدت في الصفحة الثالثة عنوان بيان أردني مصري فرنسي يؤكد رفض التهجير وضم الأراضي الفلسطينية".

أما جريدة الغد الأردنية الخاصة، فأبرزت القمة الثلاثية المصرية الأردنية الفرنسية في تقرير تحت عنوان القمة الثلاثية في القاهرة تحرك سياسي جريء لإنقاذ المنطقة من ويلات تمدد الصرع)، مشيرا إلى أن القمة عقدت في توقيت هام هو لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفي ظل التصعيد الخطير من قبل الاحتلال في غزة واستمرار معاناة المدنيين الفلسطينيين تحت وطأة العدوان الوحشي.

ورصد التقرير آراء عدد من المراقبين الذين أكدوا أن القمة الثلاثية تعد بمنزلة تحرك سياسي جريء لإنقاذ المنطقة، مؤكدين على أهمية التحرك السياسي لمصر والأردن باعتبارهما أصحاب تواصل مباشر مع القضية الفلسطينية في حضور رئيس أكبر دولة أوروبية فرنسا الرئيس ماكرون.

المراقبون طالبوا، طبقا لتقرير الغد، المجتمع الدولي بالتحرك مع المساعي المصرية الأردنية الفرنسية من خلال هذه القمة لوقف فوري للعدوان، مؤكدين أن القمة الثلاثية تمثل نقطة تحول مهمة في جهود احتواء الأزمة المتصاعدة في غزة وتأثير ذلك على الإقليم والعالم أجمع.

كما أبرزت وكالة الأنباء الأردنية بترا، في تقرير تضمن أراء سياسيين ومحللين ومراقبين تحت عنوان " سياسيون وأكاديميون ونقلته صحف ومواقع أردنية: القمة الثلاثية جددت على الثوابت الأردنية المصرية بقناعة فرنسية، مشيرين إلى أن القمة الثلاثية جاءت في وقت حساس ودقيق وهام للغاية نظرا للمشاركة الفرنسية بالقمة مما يؤكد على الدعم الأوروبي للموقف المصري الأردني.

ونوه المشاركون في التقرير إلى ضرورة الحشد الدولي من أجل دعم إعادة الإعمار في غزة عبر الخطة العربية على أن يكون الإعمار خلال تواجد الفلسطينيين على أرضهم مع التأكيد على الرفض القاطع للتهجير، مؤكدين أن القمة جاءت بعد تحركات مصرية أردنية يقودها الرئيس السيسي والعاهل الأردني في كافة المحافل الدولية.

وكالة مؤاب الإخبارية الأردنية رصدت، القمة تحت عنوان بيان أردني مصري فرنسي مشترك في ختام القمة الثلاثية في القاهرة، حيث أبرزت الوكالة البيان الختامي وتفاصيله والتي أكدت على الموقف المصري الأردني الثابت والراسخ ضد التهجير وضرورة وقف العدوان على غزة.

كما رصدت وكالة مؤاب على مواقعها كافة تفاصيل القمة منذ الانطلاق وحتى إصدار البيان الختامي، فيما كانت القمة المصرية الأردنية بين الرئيس السيسي وأخيه الملك عبد الله والتي عقدت على هامش القمة الثلاثية محل اهتمام وإبراز للوكالة.

اقرأ أيضاًماكرون - السيسي وزيارة الأحلام

شوربة عدس وبابا غنوج.. تفاصيل عشاء السيسي وماكرون في مطعم نجيب محفوظ

على هامش القمة الثلاثية.. الرئيس السيسي يلتقي بالعاهل الأردني

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: الثقافة المصرية (الُمَّنقبْة) الآن!!
  • ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي يحتفي بأربعة أدباء مصريين
  • في حضور ماكرون.. چيهان زكي تبرز دور الثقافة في توطيد العلاقات المصرية الفرنسية |صور
  • تقديرا لدوره البارز في تعزيز الهوية المصرية.. ثقافة الغربية تحتفي بـ نجيب محفوظ
  • الوزير المكلف بالشؤون الداخلية الفرنسي: نثمن الجهود المصرية ونجاح القاهرة بعملية الخرطوم
  • لـ«عزة الهوية المصرية»| محفوظ في القلب.. وزارة الثقافة تحتفي بـ«أديب نوبل» منتصف أبريل.. أدباء ومفكرون ونٌقاد: صاحب الفكر العميق والأدب الرفيع عاشقًا للموسيقى
  • مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن فتح باب المشاركة للعروض المصرية
  • حدث تاريخي بحضور ماكرون.. انعقاد ملتقى الجامعات المصرية والفرنسية بقاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة
  • بحضور "ماكرون".. جامعة القاهرة تشهد حدثًا تاريخيًا بانعقاد ملتقى الجامعات المصرية والفرنسية
  • من القاهرة رسالة جديدة بأمل كبير.. الصحف الأردنية تبرز مخرجات القمة الثلاثية «المصرية الأردنية الفرنسية»